أدوات الوصول

Skip to main content

ميثاق الوفاء المقدم للأخ قائد ثورة الفاتح العظيمة

نشر في

ميثاق الوفاء المقدم للأخ قائد ثورة الفاتح العظيمة

من فعاليات الشعب الليبي المجتمعين في مدينة الرباط الأمامي سرت للاحتفال بعيد الوفاء السادس عشر في الثلاثين من شهر الفاتح 1372 و. ر.

ميثاق الوفاء

حين لم تكن ليبيا بمقاييس السياسة دولة .. ولا بحسابات الاقتصاد قيمة ولا بمصطلحات الاجتماع نظاماً .. ولا في مجال الفعل شيئا مذكورا .. كانت ليبيا نسيا منسيا … شعب تطحنه العازه .. وتقهره الحاجة وينهشه المرض ويجثم عليه ظلام الجهل .. يستوطن المستعمرون أرضه، وتتحكم الشركات .. الاستعمارية الاستغلالية في مصدر رزقه الوحيد .. تهيمن عليه القواعد العسكرية … ويحكمه نظام رجعي عميل .. ولا سلاح له في مواجهة ذلك إلا الصبر والإيمان بالله.

كانت ليبيا تحتاج إلى معجزة تحررها من معتقلات البؤس، واسارات التخلف وعذابات الحرمان .. معجزة تظهرها من دنس القواعد الأمريكية والبريطانية المحتلة المنتشرة في كل مكان، وتخلصها من الاستيطان الإيطالي البغيض الذي سخر البشر واستنزف الأرض … وفي وقت يهيمن اليأس على الجميع حتى المتفائلين، وظن الناس أن لا مناص، وبلغت القلوب الحناجر وعجزة النماذج الحزبية القزمية الرثة .. وكانت الأمة في شتات .. والشعوب الأفريقية شبه موات .. والمستعمرون يصدرون للعالم الثالث أساطيل الخراب وجحافل الدمار.

كان معمر القذافي .. ذلك الطالب الفقير .. ينسج في صمت بدايات الثورة العظيمة ، ويخطط للعمل التاريخي الجبار .. وقد استمد من الصحراء القيم العظيمة .. و من جهاد الأجداد والآباء التصميم والإرادة ومن شظف الحياة وقسوة العيش الصبر والبصيرة .. واستنتج من شواهد التاريخ ومشاهده أن العمل الفردي يأس وانتحار، وأن الجماعية هي الأداة المناسبة للنصر… فنظم رفاقاً له في حركة ثورية جماهيرية .. حلل لها الواقع الظالم، وشرح لها الأبعاد والمحاذير، ورفع لديها درجة الوعي والاستعداد واستشرف لها المستقبل البعيد ورسم لها الخطط السوقية والبرامج، واختراق بها القوات المسلحة بدقة وتنظيم .. عشر سنوات كاملة تحت الأرض .. من العمل المضني والمعاناة .. والخطر المحدق من كل صوب .. فكانت الثورة فعلا تجاوبت معه .. أرجاء المعمورة وأعلنت بيان الحرية إيذانا بانبلاج فجر جديد .. فهب أبناء البادية والمدن العريقة والقرى والواحات والأرياف الطاهرة، وقد نسوا أحقادهم وفتحوا، ومدوا أيديهم ليلتفوا حول الصوت المسكون بالأمل والبشرى قلوبهم، ومدو وليحتضنوا معمر القذافي صبيحة الفاتح العظيم من عام 1969… وليعانقوا البيان الأول استرداداً لحق اغتصب، وكرامة أهينت .. من حكم الأتراك، إلى جور الطليان إلى عهد الرشوة والوساطة والمحسوبية والخيانة والغدر وليبشر بمجتمع جديد وسعيد.. لا سيد فيه ومسود بل أخوة أحرار، ولتصبح ليبيا جمهورية حرة ذات سيادة.

وتنطلق الرحلة المباركة على جسر من الإنجازات المادية والمعنوية وقد استرد الشعب حريته وأجلى القواعد الجاثمة، وطرد بقايا الاستيطان الغاشم واعتذرت إيطاليا للشعب الليبي على الحقبة الاستعمارية، واعترفت بتعويضه عما لحق ليبيا من خراب ودمار، وأنشأ آلاف المزارع التي وزعت على المواطنين .. الأصحاب الحقيقيين للأرض، وشقت الطرق الحديثة لتصبح ليبيا عاشر دولة في العالم في هذا المجال وأقيمت السدود الضخمة، وبنيت المدن الجديدة والموانئ الدولية والمطارات العالمية، وأسست المدارس والمعاهد والجامعات ليكون التعليم متاحاً للجميع وليستوعب ثلثي السكان من مختلف الأعمار وفي كل المجالات، وأوفد الآف الطلاب للدراسة في الخارج، وتم بناء أكثر من نصف مليون وحدة سكنية حلت محل الخيام وأكواخ الصفيح البائسة التي كانت منتشرة في كل مكان من بلادنا الحبيبة، وأقيمت سلسلة من والمركبات الصناعية الضخمة، وانتشرت المستشفيات في كل قرية المجمعات ومدينة، وتمت حملات التطعيم المنظم، وتأسست الرعاية الصحية الأولية وفق المعايير الدولية وعرف الليبيون نظام الضمان الاجتماعي لأول مرة في تاريخهم، وتوجت هذه الإنجازات المادية الضخمة بالنهر الصناعي العظيم.. شريان الحياة، ومعجزة العصر.

كان الاهتمام بالأسرة وحمايتها، وتحرير المرأة من القيود الاجتماعية البالية .. ففتحت آفاق التعليم والعمل أمام المرأة، وكفلت القوانين لها حق المساواة، وأعلنت الوثيقة التاريخية لحقوق المرأة في المجتمع الجماهيري.

وانطلاقاً من أن الوضع الطبيعي هو انطباق البناء السياسي على العامل الاجتماعي .. اتخذت الثورة العظيمة المواقف المبدئية الثانية من قضايا الأمة الإستراتيجية .. وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني، الذي مدته بالمال والسلاح بدون حساب حتى ألقت منظمة التحرير الفلسطينية سلاحها، ودخل عرفات الضفة الغربية المحتلة .. وقدمت الدعم الكامل لحركات التحرر في أفريقيا والعالم والتي أصبحت اليوم بفضل ثورة الفاتح العظيم دولا وحكومات شرعية معترف بها، بعد أن كانت حركات سرية مطاردة توصف بالعنف وتوسم بالإرهاب .. ووقفت صامدة ضد الاستغلال والهيمنة السياسية وفرض التجزئة، فكانت المحاولات الوحدوية المستمرة بدءاً من ميثاق بنغازي الوحدوي بين ليبيا ومصر والسودان، وميثاق طرابلس الوحدوي بين ليبيا ومصر وسوريا، وإعلان الوحدة العربية الاندماجية بين ليبيا وسوريا، وميثاق حاسي مسعود الوحدوي بين ليبيا والجزائر، بيان جربة الوحدوي بين ليبيا وتونس، واتفاقية وجدة الوحدوية بين ليبيا ومغرب، وتأسيس اتحاد المغرب العربي .. وأخيرا تم تقديم مشروع الاتحاد العربي لكل الأقطار العربية، الذي أسقطته الجامعة العربية من جدول أعمالها في اجتماعها الأخير.

ولأن الدساتير التقليدية هي إضفاء للشرعية على أدوات الحكم … ولما كانت “شريعة المجتمع ليست محل صياغة وتأليف، وتكمن الشريعة في كونها هي الفيصل في معرفة الحق والباطل، وحقوق الأفراد وواجباتهم” .. كان اعتماد القرآن شريعة للمجتمع في بلادنا.

وعندما كان أقصى ما يطمح له مثقفو الصالونات الوثيرة، ومنتسبو الأحزاب الهشة هو أن تدار ليبيا بنظام نيابي تمثيلي .. كان خطاب زوارة التاريخي الذي أدى إلى ثورة المنتجين، وقدم لثورة الطلاب، التي مهدت لقيام سلطة الشعب، رداً قوياً على قصيري النظر، وأصحاب المطامع الشخصية وطلاب المناصب الخاصة … وانتقالاً فكريا وموضوعياً ونوعيا تتعزز فيه الحرية بشكل نهائي .. غير قابل للتجزئة والابتسار .. لتنتصر الجماهير مباشرة على كل أدوات العسف والتسلط، وتدمر بنية المجتمع القديم .. ولتؤسس على أنقاضه مجتمعا جماهيريا جديدا .. تكون السلطة فيه والثروة والسلاح بيد الشعب.

أن المسيرة الظافرة التي قادها الأخ معمر القذافي طيلة أربعة عقود من الزمن ونيف .. دون كلل أو ملل .. وجهوده المتواصلة الدؤوبة المخلصة لتحرير الشعب الليبي من ظلم ران عليه دهر من الزمن .. لكي يحكم نفسه دون نيابة أو وصاية أو تمثيل.. وإداراته الذكية والشجاعة لصراع مرير غير متكافئ مع قوى معادية متغطرسة .. في ظروف بالغة الصعوبة والحساسية والتعقيد .. وفي وقت يهيمن فيه على العالم أحادية قطبية متجبرة .. مما مكن الليبيين من تجاوز هذه المصاعب بأقل الخسائر .. وجنبهم المخاطر الجمة .. وحمى الجماهيرية من أضرار فادحة.

أن الليبيين يعترفون بفخر بالدور التاريخي المتميز للأخ معمر القذافي في قيادة الثورة العالمية، وقيادة الجماهيرية العظمى .. وأنهم عندما يكرمونه في شخصه أنما يكرمونة رمزاً للثورة العظيمة .. ورمزا للكرامة والعزة والشهامة والآباء .. ويكرمون المبادئ التي كافح من أجلها. والقضايا التي وهب حياته لها .. والقيم النبيلة التي اعتنقها وبشر بها.

ونحن نقف اليوم هنا في مدينة سرت الرباط التاريخي الأمامي .. منطلق الاتحاد الأفريقي العظيم … نقف أجلالا وتقديرا واعترافا بالدور التاريخي الرائد الذي اضطلع به الأخ معمر القذافي قائدا ومناضلا وثائرا ومفكرا ومعلما رمزا للثورة العظيمة .. و عرفانا منا لهذا الدور التاريخي .. وتثمينا التضحيات الجمة التي قام بها من أجل الشعب الليبي، وفي سبيل قضايا الشعوب التي تتطلع للحرية، وتناضل من أجلها في مختلف الساحات الدولية .. وقد انتصرنا بالثورة .. واهتدينا بفكر قائدها .. نقرر في يوم الوفاء .. تكريم قائد الوفاء الاخ معمر القذافي، ونعاهده أمام الله وأمام العالم بما يلي:-

أولاً: إيماننا المطلق بثورة الفاتح العظيمة، واستعدادنا الدائم للتبشير باطروحاتها الخالدة، وحمايتها والدفاع عنها، وتمسكنا الأبدي بالأخ معمر القذافي قائدا ومعلما و مرشدا، ونضع أنفسنا تحت قيادته الحكيمة، ورهن اشارته دائما.

ثانياً: إن سلطة الشعب خيار تاريخي صنعته الثورة العظيمة .. وأطروحة مميزة صاغها معمر القذافي .. فـ “المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية هي الثمرة النهائية لكفاح الشعوب من أجل الديمقراطية ” .. دونها الموت .. ولا مجال للتراجع عنها .. ونعلن تمسكنا بها، والعمل على ترسيخها .. لتكون نموذجا تهتدي به الشعوب المتطلعة للحرية، ويقتدي به المكافحون من أجلها و استعدادنا الدائم لتسفيه دعاوى الردة، ومقاومة المرجفين، ودعاة العودة إلى الأدوات النيابية والحزبية المتخلفة.

ثالثاً: إن الاشتراكية الشعبية هي الحل الاقتصادي الأنجع وهي الخيار الذي يضمن العدل ويحقق المساواة، ونتعهد بالعمل على إقامة المجتمع الاشتراكي الجديد “ملكية خاصة لإشباع الحاجات دون استخدام الغير، وملكية اشتراكية المنتجون فيها شركاء في إنتاجها … تحل محل الملكية الخاصة التي تقوم على إنتاج الأجراء دون حق لهم في الإنتاج الذي ينتجونه فيها” فإننا نؤكد رفضنا لرأسمالية الدولة وتجاوزنا للرأسمالية المستغلة .. والترهات التي تقوم عليها والأدوات التي تحاول الترويج لها. 

رابعاً: إن الثورة إعلان الحرية .. ولكي يكون الإنسان سعيدا لابد أن يكون حرا سياسيا واقتصاديا واجتماعياً .. ونتعهد بتأسيس مجتمع يكون الفرد فيه حرا من كل قيد .. والأسرة حرة من كل عسف .. وتكون المرأة فيه حرة ومتساوية مع الرجل إنسانيا .. ونعلن تجاوزنا للعلاقات الاجتماعية الظالمة التي تجعل من المراة سلعة .. أو تعاملها شينا دونيا.

خامساً: إن الشعب المسلح غير قابل للهزيمة .. ونتعهد اليوم بترسيخ نظرية الشعب المسلح، ونجاوز فكرة الجيوش التقليدية .. ونعلن استعدادنا للمشاركة في إقامة نظام عالمي جديد خال من الرعب والخوف يتحقق فيه السلم العالمي وينتهي فيه شبح الأسلحة الكيماوية والجرثومية والذرية، وخلق بيئة نقية خالية من التلوث والدمار لتعيش جميع الشعوب فيها بأمن واستقرار.

سادساً: إن الاتحاد الأفريقي نتاج الدور التاريخي للأخ معمر القذافي فهو المؤسس له، والمحرض عليه، ونعلن اليوم استعدادنا غير المحدود للمحافظة عليه وتفعيل مؤسساته، وتحريض أمتنا العربية لبناء الفضاء العربي الأفريقي الواحد، ونتعهد بالدعوة إلى تكوين فضاءات جديدة في آسيا وأمريكا اللاتينية – تسند الفضاء الأفريقي، وتحول دون تغول القطبية الواحدة، وندعو إلى حوار يصون إنسانية الإنسان، ويحافظ على هوية الأمم، ويحمي ثقافاتها الخاصة سلمى بين الأمم المختلفة، والشعوب المتعددة لصياغة نظام عالمي جديد

الاندثار.

سابعاً: إن الإسلام دين التسامح والاعتدال والوسطية .. ونتعهد اليوم بالدعوة للإسلام الحقيقي كما أراده الله دينا للعدل والمساواة والتآخي بين البشر ونسفه حركات الزندقة التي أساءت للإسلام وشوهت صورته .. ونعلن تبرئة الإسلام من الإرهاب .. وندين الحملات الاستعمارية المغرضة التي تحارب الدين الإسلامي الحنيف بدعوى مكافحة الإرهاب.

ثامناً: إن الإنسان هو الجوهر .. وهو الأساس .. وأننا نتعهد اليوم بالالتزام بالوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير .. وندعو العالم أن يمتنع عن إهانة الإنسان .. والحط من كرامته .. وتعذيبة .. وسجنه بدون حق وبلا ضمانات قانونية .. وأن يتوقف عن عقوبة الإعدام والقتل الذي يمارس بدون أحكام قضائية، مثلما يتم الآن في العراق وفلسطين .. وأن يتجاوز المفهوم التقليدي لحقوق الإنسان .. بحيث يكون للإنسان في أي مكان من العالم بصرف النظر عن لونه، وجنسه، ودينه، وسنه، وحقه في تقرير مصيره دون وساطة أو نيابة، وحقه في التعليم، وحقه في العمل، وحقه في التمتع بجهده دون أن يجبر على التنازل عنه لصالح الغير، وحقه في التنقل والإقامة، وحقه في الملكية المقدسة، وحقه في التعبير والحكم لكي يكون حرا سياسيا، واقتصاديا، واجتماعياً.

إن فعاليات الشعب الليبي المجتمعة في مدينة الرباط الأمامي سرت في يوم الوفاء لكم .. تعتز بقيادتكم الحكيمة، وتتشرف بحضوركم الكريم .. وتتعهد، والمطلق بما عاهدتكم به ميثاقاً أبديا .. وتؤكد إيمانها الدائم بكم قائدا تاريخيا للثورة العظيمة .. ومرجعية ثورية المؤسسات النظام الجماهيري البديع .. وتلتزم بالعمل بفكركم الجماهيري منهجا ودليلا وهاديا للمكافحين من أجل الانتصار التاريخي للحرية في العالم، وتتعهد بطرح ما تقدم على جماهير المؤتمرات الشعبية الأساسية صاحبة السلطة والسيادة في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى ليكون ميثاقا أبديا للوفاء وعهداً ملزما للجميع، وبرنامجاً واجب التنفيذ.

وإلى الأمام،، والفاتح أبداً

فعاليات الشعب الليبي المجتمعة في مدينة سرت الرباط الأمامي

  • في يوم الوفاء
  • 30 الفاتح 1372 و. ر
  • 2004/9/30 ف