Skip to main content

طعن مدني رقم 405/ 44ق

نشر في

طعن مدني رقم 405/ 44ق

خلاصة المبدأ

  1. بحث أدلة ومستندات الدعوى من سلطة محكمة الموضوع – شرطه.
  2. وجوب تحديد الدفوع التي رأى الطاعن أن محكمة الموضوع التفتت عنها أساس ذلك.
  3. المدعي هو المطالب بإقامة الدليل على دعواه – أساس ذلك.
  4. لا يكفي الخصم أن يثبت أنه وارث لكي يحكم له بنصيبه في التركة ما لم يثبت أن مورثه كان مالكة للأعيان محل التركة – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام مورث المطعون ضدهم الدعوى رقم 90/307 مدني كلي الزاوية ضد الطاعنين، طالباً الحكم بفسخ وثيقة المقاسمة المؤرخة 1990.8.21 ف بينه وبين المدعى عليهما، واعتبارها كأن لم تكن، وبثبوت حق الانتفاع له الكامل 1008 سهما من التجزئة البالغة 8074 سهما شراكة مع المدعى عليهما وآخرين في كامل العقارات الأربعة الموضحة بصحيفة الدعوى، مع إلزام المدعى عليهما بالمصاريف، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، وجاء في شرح دعواه أن المدعى عليهما طلبا منه قسمة أحد العقارات المبينة بصحيفة دعواه، وأنه قبل ذلك بشرط إتمام إجراءات القسمة في باقي العقارات، وأنه عندما اتضح له وجود – إجحاف بحقه في القسمة طلب العدول عنها وإعادة القسمة في كامل العقارات موضوع الدعوى، إلا أن المدعى عليهما رفضاً مطلبه ؛ مما حدا به إلى إقامة دعواه تلك بالطلبات المبينة فيما تقدم. وأثناء نظر الدعوى تدخلت كل من (…) و (…) ومحكمة أول درجة قضت أولاً: بقبول تدخلهما تدخلاً انضمامياً للمدعى عليهما، وبفسخ وثيقة المقاسمة العرفية المحررة بين المدعي والمدعى عليهما: الأول، والثاني، في 1990.8.21ف، وبثبوت حق انتفاع المدعي في القطعة الثانية الواردة بصحيفة الدعوى، والمعروفة بسانية المعصرة، والبيت القديم المعروف بحوش الطين القديم، انتفاعاً مشاعاً، ويقدر نصيبه وفق الفريضة الشرعية، وبرفض ما زاد عن ذلك من طلبات، وألزمت المدعى عليهما والمتدخلين بالمصاريف بالتساوي بينهم.

فقام المطعون ضده عن نفسه وبصفته باستئناف هذا الحكم لدى محكمة استئناف طرابلس، التي قضت في موضوع الاستئناف أولاً:- بالغاء الحكم المستأنف فيما يتعلق بالقطعة الأولى الموضحة الحدود والمعالم سانية القرود )، وبتثبيت حق المستأنف في الانتفاع بنصيبه فيها طبقا للتجزئة المذكورة بتلك الصحيفة، وثانيا:- بتعديل الحكم المستأنف فيما يتعلق بالقطعة الثانية الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى سانية الرواجح، إلى رفض الدعوى بحالتها، وثالثاً: – برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وألزمت الطرفين بالمصاريف مناصفة بينهما. بصحيفة الدعوي.

” وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997.4.14ف، وأعلن بتاريخ 1997.7.7ف، فقرر محامي الطاعنين في 1997.8.7ف الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم، ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة طبق الأصل من الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 1997.8.25 ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في 1997.8.16ف، كما أودع صورة طبق الأصل من الحكم الابتدائي، ومذكرة شارحة، وحافظة مستندات ذكرت محتوياتها على غلافها.

وبتاريخ 1997.9.16ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند التوكيل، وبمحافظة مستندات ذكرت محتوياتها على غلافها.

وقدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وبالجلسة صممت النيابة على رأيها.

الأسباب

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة فهو مقبول شكلاً.

ومن وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه الخطأ تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيـ والإخلال بحق الدفاع، من وجوه:-

  1. أن الحكم المطعون فيه استند في تثبيت ملكية المطعون ضده في العقار المسمى (( سانية القرود )) علىعقد قسمة عرفي بين طرفي النزاع، طلب المطعون ضده نفسه من المحكمة فسخه – في حين أن أسباب كسب الملكية محددة في القانون، وليس من بينها عقد قسمة مطلوب فسخه، وهو ما يجعل الحكم معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.

ومن جهة أخرى فإن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى بحالتها في خصوص العقار المسمى (( سانية الرواجح ))، وذلك بالرغم من أن مورث المطعون ضده لم ينكر قيامه بالبيع الذي تم بينه وبين إخوته في خصوص العقار المذكور، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.

  1. أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى بحالتها في خصوص العقار المسمى ( سانية الرواجح )، وذلك بالرغم من أن مورث المطعون ضده لم ينكر قيامه بالبيع الذي تم بينه وبين إخوته في خصوص العقار المذكور، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
  2. أن الحكم استند في إثبات ملكية مورث المطعون ضده إلى عقد قسمة عرفي، وإلى تقرير الخبرة، وقضى بإثبات حق المطعون ضده في الانتفاع بنصيبه في العقار المسمى ” سانية القرود ” وفقاً للحدود الموضحة بصحيفة الدعوى، وهذا فساد في الاستدلال، إذ أن عقد القسمة لا يخص إلا جزءاً صغيراً من العقار المذكور في طرفه الشرقي، وحدوده تتشابه مع حدود كامل العقار، إلا فيما يخص الحد الغربي – ثم إن المطعون ضده قد أقر في صحيفة دعواه أن الاتفاق الذي تم كان في ثلث الأرض فقط، وهو الجزء الذي يقيم فيه مورث المطعون ضده، ولم يشمل ذلك بقية الأرض ؛ بما يكون معه الحكم المطعون فيه – وقد صدر وفقا لما جاء بصحيفة الدعوى على خلاف المستندات المقدمة – فاسد الاستدلال وبلا أساس.
  3. أن الحكم استند على وثيقة القسمة التي أعطت النصف لمورث المطعون ضده بينما لا يزيد نصيبه عن الثمن وفقا للفريضة الشرعية، فإذا كانت القسمة تشمل كامل العقار المعروف ( بسانية القرود، فإنه ليس من المتصور أن يطلب المطعون ضده فسخ العقد لينقص نصيبه من النصف إلى الثمن، مما يدل على أن طلب المطعون ضده فسخ العقد كان حيلة، وهو ما لم تفطن له المحكمة بما يجعل حكمها معيباً بالفساد في الاستدلال.
  4. لم يأت الحكم على ذكر المستندات المقدمة في الدعوى، كما أنه لم يناقش عقد المغارسة الذي يستند إليها الطاعنان في اكتساب حق الانتفاع في العقار المسمى سانية القرود،، واستند بدلاً من ذلك على وثيقة قسمة طلب المطعون ضده فسخها، وتقرير خبرة، وكلا المستندين لم يتناولا إلا جزءاً محدوداً من العقار يقدر بالثلث، بينما صدر الحكم متعلقاً بكامل العقار المذكور، بما يجعله قاصر التسبيب ومخالفاً للثابت بالأوراق.
  5. أورد الطاعنان دفوعاً جوهرية أمام المحكمة المطعون في حكمها ولكنها التفتت عنها مكتفية بالقول: إن ما أورده دفاع الطاعنين لا يتفق والواقع، وهو ما يوصم الحكم بعيب الإخلال بحق الدفاع، ولكل ذلك يكون الحكم جديراً بالإلغاء.

وحيث إن جميع وجوه النعي لا تقوم على أساس، ففيما يخص أوجه الطعن: الأول، والثالث، والرابع، فإنه لئن كان الأصل أن المدعي هو المكلف بإقامة الدليل على دعواه، وكان لا يكفي الخصم أن يثبت أنه وارثاً لكي يحكم له بنصيبه في أعيان التركة التي يدعي أن مورثه قد تركها، ما لم يثبت بداية أن مورثه كان مالكاً لهذه الأعيان، إلا أنه إذا أقر خصومه من باقي الورثة بالواقعة التي يدعيها أو ببعضها ؛ فإن هذا الإقرار يعفيه من إقامة الدليل على الواقعة المعترف بها، ويكون حجة قاطعة على المقر في إثبات ما اعترف به. وإذ كان الواقع في الدعوى أنها أقيمت من طرف المطعون ضده عن نفسه وبصفته وكيلاً عن والدته وإخوته، بطلب تثبيت حق انتفاعه لمقدار 1008 سهماً من أصل تجزئة التركة البالغة 8074 سهماً شراكة مع الطاعنين وآخرين في العقارات الأربعة المبينة بصحيفة الدعوى، وبفسخ عقد القسمة المبرم بينه وبين الطاعنين الوارد على العقار المسمى ” سانية القرود )، وأن محكمة أول درجة قضت له بطلبه بفسخ عقد القسمة، وبإثبات نصيبه في حق الانتفاع في عفارين من عقارات الدعوى حسب الفريضة الشرعية، ورفضت دعواه في خصوص باقي الطلبات، وقام المطعون ضده باستئناف هذا الحكم طالباً تثبيت حقه في الانتفاع بالنصيب الشرعي له ولموكليه في العقارين اللذين قضى حكم محكمة أول درجة برفض طلبه بخصوصهما، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضده بأحقيته في النصيب الشرعي العائد له ولموكليه في العقار المسمى ” بسانية القرود ” تأسيساً على أن المطعون ضده قدم عقد قسمة رضائية مبرم بينه وبين الطاعنين بخصوص العقار المذكور، موقع من الطرفين ومحرر بتاريخ 1990.8.21 ف يقر فيه الطاعنان بحق المطعون ضده في الانتفاع بنصيبه في ذلك العقار، وهو ما أثبته الخبير المنتدب في الدعوى في تقريره المؤرخ 1995.5.13 ف، الذي أكد أن العقار المذكور كان تحت حيازة وتصرف المطعون ضده، وانتهى الحكم المطعون فيه من ذلك إلى رفض ما أبداه الطاعنان في مذكرة دفاعهما.

ولما كان ببين مما حصله الحكم من عقد القسمة العرفي المقدم في الدعوى أن الطاعنين قد أقرا بأحقية المطعون ضده في الانتفاع بنصيبه في العقار المسمى ( سانية القرود » ؛ وكان الإقرار إخباراً بأمر وليس إنشاء لحق، بما لا يمكن معه أن ترد عليه أحكام الفسخ ؛ فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأن عقد القسمة – رغم فسخه – ينطوي على إقرار من الطاعنين بحق المطعون ضده في عقار النزاع، لم يعد التطبيق الصحيح للقانون، ولا ينال من ذلك ما يجادل به الطاعنان من أن حدود العقار الوارد بعقد القسمة لا تخص إلا جزءاً صغيراً من العقار المسمى سانية القرود، بينما قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضده في العقار المذكور طبقاً للحدود المبينة بصحيفة الدعوى، فإن هذا النعي جدل موضوعي جديد لم تسبق إثارته أمام المحكمة المطعون في حكمها ؛ بما لا يجوز معه طرحه لأول مرة أمام هذه المحكمة.

و من حيث إنه عن الوجه الثاني للنعي فهو في غير محله لأنه لا يحقق مصلحة للطاعنين طالما أن الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى المطعون ضده في خصوص العقار المسمى سانية الرواجح، إلى أن يثبت بالدليل عدم صحة بيع مورثه للعقار المذكور، الأمر الذي يكون معه تعييب الحكم بأن مورث المطعون ضده لم ينكر البيع، أمر الا طائل من ورائه

وحيث إنه عن الوجه الخامس من الطعن، فإنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة الكاملة في بحث الأدلة والمستندات المقدمة في الدعوى والموازنة بينها، وترجيح ما تطمئن نفسه

إلى ترجيحه منها، واستخلاص ما يرى أنه متفق مع واقعة الدعوى، دون أن يكون للمحكمة العليا أية رقابة في ذلك، طالما أن ما انتهى إليه له أصل ثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان الثابت من تقرير الخبير المرفق بأوراق الطعن أن المستندات الدالة على المغارسة غير واضحة المعالم، كما أنه لا يوجد ما يدل على قسمة العقار بين الطاعنين وبين من دفع إليهم الأرض بالمغارسة، حتى يمكن القول باختصاصهم بجزء منها، بما لا يكون معه من تثريب على المحكمة المطعون في حكمها إن هي أعرضت عما يسمى بسند المغارسة الذي يتمسك به الطاعنان.

وحيث إنه عن الوجه السادس والأخير من أوجه الطعن، فإنه لما كان الطاعنان لم يبينا الدفوع التي يقولان أن المحكمة المطعون في حكمها التفتت عنها، وكان لا يغني في هذا الصدد الإشارة إلى إيراد هذه الدفوع في مذكرة دفاعهما أمام المحكمة المطعون في حكمها، دون تحديدها في أسباب الطعن ؛ بما يتعذر معه الوقوف عليها حتى يتسنى معرفة مدى تأثير إغفال الرد عليها في الحكم المطعون فيه ؛ الأمر الذي يتعين معه الالتفات عن هذا الوجه من النعي، ويكون الطعن بجميع وجوهه خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين المصروفات.