طعن مدني رقم 257/ 45ق
طعن مدني رقم 257/ 45ق
خلاصة المبدأ
مفهوم حق الانتفاع الجديد – أثره.
الحكم
الوقائع/ تخلص الواقعة في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 92/2070 أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية بصحيفة أعلنت إلى الطاعن، قائلا فيها: إنه يملك العقار المبين بالصحيفة بطريق الشراء والمناقلة، إلا أن المذكور استولى على جزء منه مدعيا ملكيته، وانتهى إلى طلب الحكم بتثبيت ملكيته للعقار وإلزام المدعى عليه بإخلائه وتسليمه إليه خاليا من الشواغل والأشخاص، وأن يدفع له تعويضا قدره عشرون ألف دينار عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة، وقد قضت المحكمة برفض الدعوى، وقضت محكمة استئناف طرابلس في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وتثبيت انتفاع ملكية المستأنف للعقار موضوع الدعوى وتقرير الخبرة المرفقين وإلزام المستأنف عليه المصاريف.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه”
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.3.21، وأعلن بتاريخ 1998.4.28وقرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1998.5.27، مسددا الرسم، ومودعا الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن وصورة من الحكم المطعون فيه، ومن الحكم الابتدائي ضمن حافظة مستندات، وبتاريخ 1998.5.31 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق، وبتاريخ 1998.6.22 أودع محامي المذكور مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته عنه، وأعدت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب، والفساد في.الاستدلال، وبيان ذلك:-
1- إن الثابت بأوراق الدعوى وما أثبته الخبير بتقريره أن المطعون ضده يملك قطعة أرض بها مسكن يقيم فيه وأسرته، بما لا يجوز له معه تملك قطعة أرض أخرى صالحة للبناء عملا بأحكام القانون رقم 4 لسنة 1978، ولما كان عقار الدعوى ضمن مخطط المدينة فهو مخصص وصالح للبناء، وإذ لم يقم المذكور بتسجيله منذ العمل بالقانون المعني فإنه يخضع لأحكامه، كما أن المطعون ضده حاز حصته بالكامل في العقار منذ عام 1978، وقد ذكر الخبير خطأ أن والد المعني اشترى نصيب المدعوة (…) والصحيح أن والد الطاعن هو المشتري، وقد اعتمد الحكم على ما ورد بتقرير الخبرة وانتهى إلى ما انتهى إليه من قضاء، مما يصمه بالقصور.
2- إنه قضى للمطعون ضده بتثبيت حق الانتفاع في الجزء المتنازع عليه رغم إرفاق مقاسمة رضائية موقعة من والد المطعون ضده، وقد تضمن نصيبه – وفقا للمقاسمة – ما اشتراه، ولو كانت له أرض خارج المقاسمة لم تحتسب ضمن نصيبه المفرز لما وقع عليها، مما يجعل دعواه في غير محلها، وإذا انتهى إلى غير ذلك، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذين النعيين في غير محلهما، ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد النعي الأول، ورد عليه بأن المطعون ضده صحح طلبه إلى إثبات حق انتفاعه بالعقار موضوع الدعوى، وأن حق الانتفاع بالمفهوم الجديد – وفقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة العليا، يخول صاحبه رهن العقار المنتفع به، ونقل ملكيته للغير بالبيع والهبة، واستغلاله شغلا وزراعة ورعيا، ولا ينتهي بموته بل يؤول إلى ورثته من بعده، وأقام قضاءه بإثبات حق الانتفاع للمطعون ضده على ما هو وارد بمستنداته التي أثبت الخبير أنها تنطبق على أرض النزاع وهي تثبت ملكيته لها وأن مستندي الطاعن لا ينطبقان على العقار، واستدل في ترجيح مستندات المطعون ضده بأن الطاعن هو نفسه الذي حرر المقاسمة بين الورثة بخط يده ولو كان العقار موضوعها – وهو محل النزاع – ملكاً له لما حرر سندات انتقاله للمطعون ضده، وبقول الشاهد (…) إنه تولى إجراء القسمة بين الورثة وقام الطاعن بتحرير المقاسمة بخط يده، وكان ما أقام عليه الحكم قضاءه على النحو المتقدم محمولاً على استخلاص سائغ مما له أصل ثابت بأوراق الدعوى، مما يجعل النعى عليه في هذا المقام مجادلة موضوعية فيما اطمأنت إليه المحكمة المطعون في قضائها من ادلة في حدود السلطة التقديرية الموكولة القاضي الموضوع في الموازنة بين أدلة الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه، والاستناد إلى تقرير الخبرة المودع في الدعوى رغم ما يوجه إليه من مطاعن، وهو ما لا يقبل أمام هذه المحكمة، يضاف إلى ذلك أن العقار محل الدعوى وفق ما هو ثابت بالحكم المطعون فيه – أرض زراعية مشجرة – وليس أرض بناء أو مخصصاً له، ولا يخضع من ثم لأحكام القانون رقم 4 لسنة 1978ف، ويضحى ما رتبه الطاعن على القول بخضوعه لأحكام القانون المعني غير سديد، كما أن الدفع بأن سندات المطعون ضده لم يجر تسجيلها بالسجل العقاري ولا تنقل الملكية من قبل الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ويكون محله محكمة الموضوع، وإذ خلا الحكمان الابتدائي، والمطعون فيه، وسائر أوراق الطعن، مما يفيد سبق إبدائه أمامها، فلا تقبل إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا لما يقتضيه الفصل فيه من تحقيق موضوعي ينأى بها عن وظيفتها كمحكمة قانون.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن الطعن برمته، يكون غير قائم على أساس، بما يتعين معه رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصاريف.