طعن مدني رقم 236/ 44ق
طعن مدني رقم 236/ 44ق
خلاصة المبدأ
ذمة المصرف المسحوب عليه لا تبرأ قبل عميله الذي عهد إليه بأمواله، إذا كان في المصرف بقيمة صك مذيل بتوقيع مزور على العميل، أو بناء على توكيل غير صادر منه – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 899 لسنة 1994ف أمام محكمة بنغازي الابتدائية على المصرف المطعون ضده طالباً الحكم بإلزامه بدفع السبعة آلاف دينار التي أودعها في حسابه ودفعت لغيره، مع التعويض المناسب عما لحقه من ضرر مادي و معنوي، وقال شرحا لدعواه: إن لديه حساباً جارياً بالمصرف المدعى عليه يودع فيه مدخراته وتحال إليه مرتباته، وبتاريخ 1991.7.10ف وجد أن رصيده يقل بمبلغ سبعة آلاف دينار، وعندما استفسر عن ذلك أخطر بأن هذا المبلغ صرف لشخص يحمل توكيلا منه وهو لا يعلم عن هذا التوكيل شيئاً، وليس في حاجة إلى توكيل غيره، وقضت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يرد للمدعي قيمة الوديعة المصرفية لحسابه رقم 7/51614 بقيمة سبعة آلاف دينار، وبان يدفع للمدعي مبلغ ألفي دينار مقابل التعويض عن الضرر المادي والمعنوي، فاستأنف المصرف المحكوم عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف بنغازي التي قضت في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1996.12.26ف، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر محامي الطاعن الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1997.4.22ف، مسدداً الرسم والكفالة، ومودعاً مذكرة بأسباب الطعن وسند وكالته، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ثم أودع بتاريخ 1997.4.26ف أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المصرف المطعون ضده بذات التاريخ، وبتاريخ 1997.5.26ف أودع أحد أعضاء إدارة القضايا مذكرة رادة بدفاع المصرف المطعون ضده، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب إذا انتهى إلى أن الطاعن هو الذي قام بصرف المبلغ مع أن الثابت بأوراق الدعوى وبإقرار المطعون ضده أن من استلم المبلغ هو وكيل مزعوم، فضلاً عن أنه قضى بالغاء الحكم المستأنف دون أن يرد على أسبابه المؤيدة بالوثائق.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن ذمة المصرف المسحوب عليه لا تبرأ قبل عميله الذي عهد إليه بأمواله إذا أوفى المصرف بقيمة صك مذيل بتوقيع مزور عليه أو بناء على توكيل غير صادر منه، ذلك أن تزوير التوقيع يجرد الورقة من قيمتها في الإثبات، فلا يصح الاحتجاج بها، ويعتبر وفاء المصرف بقيمة الصك في هذه الحالة وفاء غير صحيح لحصوله لمن لا صفة له في تلقيه، والاستثناء الوحيد الذي يعفي المصرف من تبعة الوفاء لغير العميل هو أن يثبت المصرف حصول خطأ من العميل لولاه لما تم صرف قيمة الصك على غير مقتضى القانون، ولا يغني عن ذلك مجرد نفي المصرف لحصول أي خطأ من جانبه إلا إذا كان دفتر الإيداع لحامله، وقام المصرف بالوفاء قبل من كان الدفتر في حيازته، ولو لم يكن المودع على النحو المنصوص عليه في المادة 225 من القانون التجاري
ولما كان الواقع الثابت في الدعوى بغير منازعة من المصرف المطعون ضده أن قيمة الصك موضوع الدعوى التي صرفت من حساب المودع (الطاعن) لم تصرف له، وإنما صرفت لشخص قدم نفسه إلى المصرف على أنه وكيل عنه، وأن الصك الذي تم الصرف بموجبه لم يكن من دفتر الصكوك المسلم إلى الطاعن، بل كان من دفتر صكوك قام المصرف بتسليمه إلى الشخص الذي قام بصرف المبلغ، فإنه لا مجال لنفي مسئولية المصرف استناداً إلى انتفاء الخطأ في جانبه أو قيامه ببذل العناية المطلوبة من الشخص المعتاد.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأسس قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى على أن المصرف بذل عناية الشخص المعتاد الذي ليس هو بشديد الذكاء ولا بشديد الغباء، وهو ملزم في تنفيذ الالتزام ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة، وخلص من ذلك إلى أن المصرف لم يرتكب أي خطأ عقدي يؤدي إلى مسئوليته المدنية، وأن
هذه المسئولية – إن وجدت – فهي بفعل المستأنف، واستدل الحكم على ذلك بواقعتين تخالفان الثابت بأوراق الدعوى وهما: أن المستأنف ضده ( الطاعن ) هو الذي قام بصرف المبلغ المزعوم فقدانه، وأن الصك صادر من دفتر صكوكه، في حين أن الثابت من الحكم ان المصرف لم يضمن، بما أسباب استئنافه للحكم الابتدائي نسبة أي خطأ في جانب عميله يكون معه الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، بما يوجب نقضه ولما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه، فإن هذه المحكمة تقضي فيه عملا بنص المادة 358 من قانون المرافعات.
ولما كان الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بإلزام المصرف المطعون ضده برد المبلغ المسحوب من حساب الطاعن تأسيساً على أن تابعي المصرف أهملوا ولم يتحروا الدقة، ولم يتخذوا الإجراءات اللازمة للمحافظة على أموال المودعين، ولم يتأكدوا من شخصية مستلم المبلغ وفقاً للإجراءات المتبعة في الخصوص، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يفيد دحض الأسباب التي بني عليها الحكم الابتدائي، وخلا من إثبات أي خطأ في جانب الطاعن ترتب عليه صرف المبلغ لغيره، فإن هذه المحكمة تقضي بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الاستئناف رقم 48 لسنة 1995ف ( بنغازي ) برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وبإلزام المصرف المطعون ضده بالمصروفات عن جميع مراحل التقاضي.