Skip to main content

طعن جنائي رقم 42/138ق

نشر في

طعن جنائي رقم 42/138ق

خلاصة المبدأ 

  1. سقوط الجريمة لأي سبب من أسباب السقوط لا يؤثر على الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية. 
  2. يكفي لتوافرها بين الخطأ والضرر أن تستخلص المحكمة أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر. 

الحكم 

الوقائع 

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر لأنهما بتاريخ 1991.3.11ف بدائرة مركز سوق الجمعة. 

المتهمان معا: 

تسببا خطأ دون قصد ولا تعمد في إصابة المجني عليه (…) بإصابات نتج عنها عاهة مستديمة بواقع 25% على النحو المبين بالأوراق. 

المتهم الأول (الطاعن): 

قاد المركبة الآلية المبينة نوعا ورقما بالأوراق، ولم يكيف سرعتها حسب الظروف المحيطة، على النحو المبين بالأوراق. 

المتهم الثاني: 

قاد العربة التي يجرها حيوان ودخل بها الطريق العام، ولم يتأكد من خلوها من المركبات، على النحو المبين بالأوراق. 

وقدمتهما إلى محكمة مرور الجمعة الجزئية طالبة معاقبتهما بالمواد 3/60 من قانون المرور على الطرق العامة، و14، 58 من القرار 72/67 بشأن آداب المرور. 

والمحكمة المذكورة بعد أن نظرت الدعوى قضت فيها حضوريا: 

أولا: بمعاقبة كل واحد من المتهمين بحبسه مدة شهرين عما نسب إليه، وسحب ترخيص قيادة المتهم الأول مدة ستة أشهر، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها مدة خمس سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائيا، وبلا مصاريف جنائية. 

ثانيا: بإلزام المدعى عليه (المتهم الأول) بأن يدفع للمدعي مبلغا قدره خمسة آلاف دينار تعويضا شاملا عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق المدعي وإلزام المدعى عليه بالمصاريف. 

استأنف المحكوم عليه (الطاعن) والمدعي بالحق المدني الحكم، وفي الميعاد أمام دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة بمحكمة زليتن الابتدائية. 

والمحكمة المذكورة بعد أن نظرت الدعوى قضت فيها حضوريا للمدعي بالحق المدني، وحضوريا اعتباريا للمتهم بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في تقدير التعويض، والحكم بإلزام المدعي عليه المستأنف ضده بمبلغ مالي قدره عشرة آلاف دينار تعويضا شاملا عما لحقه من ضرر مع إلزامه بالمصاريف، ورفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وبلا مصاريف جنائية. 

وهذا هو الحكم المطعون فيه 

الإجراءات 

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1423.11.16 م، وتحصل محامي الطاعن على شهادة سلبية بعدم إبداع أصل الحكم من قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم بتاريخ 1994.11:26م، وأخطر بإيداع الحكم بتاريخ 1994.12.8 ف فقرر عليه الطعن بالنقض لدى ذات القلم، وأودع الأسباب موقعة منه لدى ذات القلم وبذات التاريخ. 

وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن خلصت فيها إلى القول بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، والحكم بسقوط الجريمة المدان بها الطاعن بمضي المدة. 

وبعد أن أودع المستشار المقرر تقريره عن الطعن حددت جلسة 2002:12:17 ف لنظره، وفيها تلي تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم، وقضت فيها المحكمة بالحكم الآتي. 

الأسباب 

من حيث إن الطعن مقبول شكلا. 

وحيث إنه يبين من الأوراق أن الجريمة المدان بها الطاعن هي من جرائم الجنح، وأن القاعدة في مواد الجنح أنها تسقط بعضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوعها إذا لم يتخذ إجراء صحيح فيها، أو اتخاذ إجراء صحيح أثناء سريان هذه المدة من شأنه أن يقطع سريانها، وذلك عملا بالمادتين 107 108 من قانون العقوبات. 

وحيث إن الثابت عدم اتخاذ أي من الإجراءين المذكورين ما بين آخر إجراء في الدعوى وهو إيداع الأسباب بتاريخ 1994.12.15 ف وحتى تاريخ تحديد ميعاد نظرها أمام المحكمة العليا بجلسة 2002.12.17 ف مما تكون معه مدة التقادم المسقط للجريمة قد تم سريانها كاملة دون انقطاع، ومن ثم تكون الجريمة المدان بها الطاعن قد سقطت بعضي المدة 

ولما كان من المستقر ومما جرى به قضاء هذه المحكمة أن سقوط الجرائم بمضي المدة هو أمر يتعلق بالنظام العام وتثيره المحكمة من تلقاء ذاتها، ومن ثم يتعين الحكم بنقض الحكم المطعون فيه، والقضاء بسقوط الجريمة المدان بها الطاعن بمضي المدة. 

ومن حيث إن سقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة لاي سبب من أسباب سقوطها الخاصة ليس من شان ذاته أن يؤثر على الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية لها عملا بنص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على إنه (إذا سقطت الدعوى الجنائية بعد رفعها لأي سبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة 

معها). 

وحيث إنه تتحصل مناعي الطاعن على الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية الساقطة بمضي المدة في القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والخطأ في فهم القانون. 

وعن الوجه الأول: قال الطاعن إن المحكمة المطعون في حكمها قد أيدت حكم محكمة أول درجة الذي شابه القصور، ذلك أن محامي الطاعن قد دفع أمام محكمة أول درجة بانقطاع العلاقة السببية بين الخطأ والنتيجة وقد ردت محكمة أول درجة إلا أن ردها على هذا الدفع كان قاصرا ومحافيا للعقل والمنطق، حيث ذكرت أن المتهم ((الطاعن)) لم يكيف سرعته حسب الظروف والأحوال المحيطة به، وهما حالة الطريق المحفوفة بالأشجار المتفرعة منها طرق ترابية إلخ والواقع أن الطاعن كان يسير بسرعة 30 كيلو متر في الساعة، وكان يسير في طريق معبد له فيه أولوية السير، وأن خروج العربة التى يجرها الحصان من الطريق الترابي كان فجأة، وما كان في استطاعة الطاعن توقعه، ولا يمكن لرجل عادي أو مرتفع الذكاء توقعه في ذات الظروف، ومن ثم يكون الخطأ في جانب المتهم الثاني الذي عبر الطريق العام فجأة دون أن يتأكد من خلوها من المركبات، ورد محكمة أول درجة على الدفع بانقطاع علاقة السببية بين خطأ الطاعن والنتيجة كان قاصرا على النحو سالف البيان، مما يجعل حكم محكمة أول درجة والمحكمة المطعون في حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب. 

وأضاف الطاعن في منعاه أن حكم محكمة الدرجة الأولى والمؤيد بالحكم المطعون فيه لم يبين الإصابات التي لحقت بالمطعون ضده الثاني بسبب الحادث مما يجعل الحكم المطعون فيه قاصرا لتأييده لحكم قاصر، الأمر الذي يتعين معه نقضه. 

كما أن المحكمة قد عدلت في حكم محكمة الدرجة الأولى في التعويض، حيث حكمت للمطعون ضده الثاني بمبلغ عشرة آلاف دينار، ولم تورد أسبابا لهذا التعديل، ولم تبين الأسس والعناصر التي على أساسها قضت بزيادة التعويض، ولا مقدار كل من التعويض المادي والتعويض المعنوي، مما يجعل التقدير جزافيا، ويكون الحكم المطعون والمؤيد لحكم محكمة البداية معيبا بالقصور. 

وعن الوجه الثاني والثالث قال الدفاع: إن حكم محكمة ثاني درجة المؤيد للحكم المطعون فيه قد جاء قاصرا في الاستدلال، حيث أورد في صلب حيثيات أسبابه (( بأن ركن الخطأ قد توافر في جانب المدعى عليه (الطاعن) من الحكم الجنائي السالف بيانه والحائز لقوة الأمر المقضي به عملا بالمادة 417 إجراءات جنائية )) في حين أن ذلك لا يتفق وصحيح القانون، فالحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به هو الحكم البات الذي لا يقبل الطعن بأي وجه من الوجوه ولم يزل الحكم المطعون فيه العيب الذي شاب حكم محكمة البداية، مما يكون معه الحكمان قد شابهما الفساد في الاستدلال والخطأ في فهم القانون. 

وحيث إنه عن الوجه الأول من الطعن والذي مبناه القول بانتفاء خطأ الطاعن “المدعى عليه” والأضرار الناجمة عنه فإنه قول غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه والمؤيد لأسباب محكمة البداية قد أورد في صلب أسبابه واقعة الدعوى، وبين سبب الحادث، وعلاقة السببية بينه وبين الإصابات اللاحقة بالمدعي، بقوله:….. وبعد سردنا لوقائع هذه الدعوى نقول عن الشق الجنائي بأن علاقة السببية بين التهمتين المسندتين لكل واحد من المتهمين متوافرة العناصر والأركان من فعل مادي يتمثل في قيادة المتهم مركبته بإهمال، ولم يكيف سرعتها حسب الظروف المحيطة به، وقيادة المتهم الثاني لعربة الجر، ودخوله بها الطريق، ولم يقف حتى اصطدما ببعضهما وسبب، للمجني عليه الإصابات المبينة بالتقرير الطبي، وقد توافر الخطأ في جانبهما من قيادة المتهم لمركبته في طريق محجوبة فيه الرؤية بالأشجار على جانبيه، ولم يكيف سرعة مركبته بالشكل الذي يمكنه من وقفها عند حدوث أي طارئ، أما وقد خالف بذلك المادة 14 من القرار رقم 72/67، وهذا ما يشكل ركن الخطأ في جانبه ذلك أن المتهم الأول لو سلك سلوك الشخص العادي الواقع في نفس ظروفه لكيف سرعته حسب الظروف المحيطة وهي حالة الطريق المحفوفة بالأشجار والمتفرعة منها طرقا ترابية يتوقع منها في أي وقت خروج إنسان أو حيوان ليقطع الطريق، ولسار بمركبته بالشكل الذي يمكنه من وقفها عند حدوث أي طارئ أمامه، وخطأ المتهم الثاني لا يجب خطأ المتهم الأول لأنه مألوف ومتوقع والقانون الليبي، لا يعرف المقاصة بين الأخطاء )). 

ولما كان من المقرر أنه يكفي لتوافر علاقة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر، فإن ما ساقه الحكم المؤيد والمعدل بالحكم المطعون فيه من خطأ الطاعن، وتوافر رابطة السببية بينه وبين إصابات المجني عليه ” المدعي ” من انطلاقه بالسيارة، وعدم ملاحظته للطريق. وتكييف سرعته مع الظروف المحيطة، مما يقتضيه سلوك السائق العادي في مثل تلك الظروف التي وجد فيها الأمر الذي أدى إلى مداهمة عربة المجني عليه وألحق به الإصابات التي أوردها الحكم في صلب أسبابه بسرعة مقبولة لأمكنه الوقوف في الوقت وأن الطاعن لو كان يسير بسرع المناسب قبل اصطدامه بعربة المجني عليه، الأمر الذي يتوافر به الخطأ في حق الطاعن، وتتحقق به رابطة السبية بين الخطأ والنتيجة، وهي إصابة المجني عليه، ويكون النعي عليه بالقصور في هذا غير سديد. 

وحيث إنه عن بقية أوجه نعي الطاعن، والتي قال فيها: إن الحكم المطعون فيه قد عدل في مبلغ التعويض بجعله عشرة ألاف دينارا بدلا من خمسة آلاف مما يجعل التقدير جزافيا، كما أن المحكمة المطعون في حكمها قد اعتبرت الحكم الصادر في الشق الجنائي حكما حائراً لقوة الشيء المقضي به، وهو ما يعتبر خطأ في فهم القانون فإنها مناع غير سديدة. 

وحيث إن الثابت من محضر الجلسة ومذكرة دفاع المدعي بالحق المدني أمام المحكمة المطعون في حكمها مطالبته الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يدفع له مبلغ ثلاثين ألف دينار تعويضا له عما لحقه من أضرار، وأن الثابت من محضر الجلسة ومذكرة دفاع الطاعن عدم إثارة أي دفع بهذا الشأن. 

ولما كان من المستقر أن تقدير قيمة التعويض من المحكمة الاستئنافية بالزيادة أو النقص إنما هو أمر موضوعي يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية، فضلا عن عدم إثارته أمام محكمة الموضوع مما لا تجوز المناقشة فيه لأول مرة أمام محكمة النقض. 

أما عن القول بأن المحكمة المطعون في حكمها لم تبين الإصابات اللاحقة بالمطعون الثاني فإنه قول من الطاعن يخالف الثابت في الأوراق ذلك أن حكم محكمة البداية والمؤيد بالحكم المطعون فيه قد بين الإصابات اللاحقة بالمجني عليه (المدعي حيث جاء في أسبابه قوله: ((.. كما أرفق بالأوراق تقريراً من مستشفى زليتن غير مترجم، وورقة خروج من مستشفى طرابلس المركزي، ورد فيها بأن المجني عليه السالف بيانه دخل المستشفى بتاريخ.. 1991.3.12 ف وخرج بتاريخ 1991.5.15 ف، إصابة بالرأس والذراع الأيمن، كسر أجريت له عملية 1991.4.29 ف، يوم والجرح مغلق، وحولت الغرز، وخرج في حالة جيدة مع المتابعة للعيادة الخارجية)) كما أثبت الحكم في مقطع آخر هذه الإصابات بقوله.. ((وأرفق بالأوراق تقريراً مبدئياً من مستشفى زليتن عن المجني عليه ورد فيه بأنه أصيب بجرح تهتكي عميق في الجمجمة من جهة اليمين، وكسر في الذراع 

الشرعي الأيمن، اشتباه حالة ارتجاج… كما أرفق بالأوراق تقرير الطبيب للمصاب السالف بيانه والذي انتهى فيه الطبيب الشرعي إلى الرأي بأن إصابة المجني عليه من حادث سيارة، وشفيت إصابة المذكور بالطرف العلوي الأيمن، وتخلف لديه من جراء الكسر غير الملتئم والذي لم ينتظر التئامه نظرا لعدم مرور مدة كافية، ووجود الأجسام المعدنية، وكذلك الإعاقات بحركة المفاصل، والضعف الموصوف والذي يعتبر عاهة مستديمة تقدر بحوالي.. 25%). 

ولما كان ذلك، وأن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أبان بيانا ضافيا كافة الإصابات اللاحقة بالمجني عليه من جراء الحادث فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. 

أما عن دفع الطاعن بأن حكم محكمة الدرجة الثانية قد أخطأت في فهم القانون بقولها: إن حكم محكمة البداية قد حاز قوة الشيء المقضي، فهو دفع لا أساس له من الواقع والقانون، فضلا عن مخالفته لما هو ثابت في الأوراق لعدم ورود هذا المصطلح في صلب أسباب الحكم المطعون فيه. 

ولما كان الحكم المطعون فيه على النحو السالف البيانات، قد أحاط بالدعوى المدنية عن بصر وبصيرة، وكانت أسبابه سائغة ومن شأنها أن تحمل النتيجة التي انتهى إليها، مما يكون معه الحكم قد صادف صحيح القانون، ومن ثم يكون بمنأى عن مناعي الطاعن، ويكون الطعن قد بني على غير أساس سليم من الواقع والقانون، ومتعين الرفض. 

فلهذه الأسباب 

حكمت المحكمة: – 

بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه في الشق الجنائي، وبسقوط الجريمتين المدان بهما الطاعن بمضي المدة. وبرفض الطعن فيما عدا ذلك.