Skip to main content

طعن جنائي رقم 379-49 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 379
  • السنة القضائية: 49
  • تاريخ الجلسة: 27 يونيو 2004

طعن جنائي رقم 379-49 ق

خلاصة المبدأ

عقوبة تأديبية (لفت نظر) عدم اعتبارها من الأمور السرية التي يتعين على الموظف كتمانها وعدم نشرها – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع

تخلص في أن النيابة العامة اتهمت الطاعن لأنه بتاريخ 9/4/2000 وما قبله بدائرة مركز شرطة مسلاته:

باعتباره موظفا عموميا أساء واجبات الوظيفة بأن أفشى معلومات يلزم بقاؤها سرية، وذلك بأن مكن المدعو…. من الاطلاع واخذ صورة من التقرير الذي أعده المجني عليه…. والذي يلزم أن يكون سريا وعلى النحو المبين بالأوراق الأمر المنطبق على المادة 236 ع.

واحالته الى محكمة مسلاته الجزئية – دائرة الجنح والمخالفات – لمعاقبته طبقا لقيدها ووصفها وادعى أمامها المجني عليه مدنيا وطلب إلزام المتهم بدفع عشرة آلاف دينار جبرا للضررين المادي والمعنوي اللذين لحقا به نتيجة فعل المتهم غير المشروع وإلزامه المصروفات، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا اعتباريا فى الدعويين بتاريخ 2/5/1431:

  • اولا في الدعوى الجنائية بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة ستة أشهر عما نسب إليه وأمرت بوقف نفاذ العقوبة المقضي بها المدة القانونية وبلا مصاريف جنائية.
  • ثانيا في الدعوى المدنية التبعية بإلزام المدعى عليه بدفع خمسمائة دينار تعويضا للمدعى عما لحقه من ضرر وبإلزام المدعى عليه والمدعى بما دفعه كل منهما من مصاريف، ولم يجد هذا الحكم قبولا من الطرفين فقررا عليه الطعن بطريق الاستئناف أمام محكمة الخمس الابتدائية – دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة – وهذه قضت حضوريا بتاريخ 1/12/2001:
  • اولا بقبول الاستئنافين شكلا.
  • ثانيا وفى الموضوع.
  • أ. فى الدعوى الجنائية بتخفيف العقوبة الموقعة على المتهم بقدر نصفها فقط ثلاثة أشهر عما نسب إليه. وبلا مصاريف جنائية والرفض والتأييد فيما عدا ذلك.
  • ب وفى الدعوى المدنية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المدعى والمدعى عليه بالمصاريف مناصفة.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم حضوريا بتاريخ 1/12/2001 – قرر محامي المحكوم عليه  الطعن بطريق النقض لدى قلم كتاب محكمة الخمس الابتدائية بتوكيل خاص ووقع نموذج التقرير بالطعن، كما أودع مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لدى ذات القلم وذلك بتاريخ 27/12/2001 ف.

اودعت نيابة النقض مذكرة بالرأي خلصت فيها الى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه.

تم تحديد جلسة بتاريخ 19/5/2004 لنظر الطعن حيث تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو الوارد فى محضر الجلسة وحجزت للحكم بجلسة اليوم الأحد الموافق 27/6/2004.

الأسباب

وحيث إن الطعن قد حاز أوضاعه المقررة فى القانون، فهو مقبول شكلا.

وحيث انه مما ينعى به الطاعن على الحكم الخطأ فى تطبيق القانون موضحا انه دانه عن فعل غير مجرم، اذ انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ذلك أن الطاعن قد منح ولي أمر الطالبة – الذى تقدم بشكوى ضد المدرس الشاكى- صورة من رسالة لفت النظر التي وجهها إليه عندما تبين أن الخطأ فى جانب المدرس وأن مضمون هذه الرسالة وهو لفت النظر لا يعد سرا يجب الاحتفاظ به ولا أثر لإذاعته أو انشائه على سمعة الشاكى، اضافة الى ان من طلب صورة رسالة لفت النظر وهو والد الطالبة كان طرفا فى الموضوع، ومن حقه أن يعلم بالإجراء الذي اتخذ حيال المدرس، واضاف انه لو امتنع عن اعلام ولي أمر الطالبة المذكور كان متهما بإساءة استعمال سلطته، مما يكون منه الحكم قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يوجب نقضه والقضاء ببراءة الطاعن.

وحيث أن الواقعة كما تبين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن كافة أوراق الدعوى ان الطاعن هو مدير مدرسة العكاريت بمسلاته، وكان الشاكي المدعى بالحق المدنى المدعو…. مدرسا بها وقد اشتكى ضده أحد اولياء الطالبات المدعو…. بناء على شكوى ابنته الطالبة…. من مضايقات يقوم بها المدرس المذكور، وحقق الطاعن موضوع الشكوى فتبين له ان الخطأ كان فى جانب المدرس، وكان العضو المصعد عن التعليم قد علم بالواقعة فطلب من الطاعن تقريرا حول الواقعة فأعد هذا الأخير تقريرا بين فيه تصرفات المدرس التي أساءت بسمعة المدرسة مما نجم عنها أن بعض الطلاب طلبوا الانتقال منها الى مدارس اخرى وبناء على طلب والد الطالبة لتقديم شكوى منحه صورة من التقرير، وبرر الطاعن سبب منحه الصورة لولي أمر الطالبة انه مدير المدرسة وهو مسئول عن المدرسين وعن التلاميذ أمام الإدارة وأولياء الأمور لبحث ما يحدث من مشاكل وإيجاد الحلول لها، وإيضاح الحقيقة حتى لا يظلم احد وان ما قام به من إعطاء صورة من التقرير ليس من الاسرار التى يلزم الاحتفاظ بها، فهي امور ادارية عادية وان ولي امر الطالبة طرف فى الموضوع فمن حقه أن يعرف ما تم فى الموضوع ولا يستطيع اخفاء الامر عنه وإلا سيكون فى نظره محل شك.

وحيث يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد قوله: وحيث انه ومن خلال سرد الوقائع السابقة ومن حيث أن الاتهام المسند للمتهم وهو إفشاء معلومات يلزم بقاؤها سرية مما أساء بواجبات وظيفته كونه موظفا عموميا وفقا للمادة 236 ع.. فان التهمة المسندة للمتهم تكون ثابتة فى حقه.. وقائمة على أدلة كافية تطمئن إليها المحكمة.. لتوافر الأركان المادية والمعنوية للجريمة وذلك باعترافه الصريح بمحضر ضبط الواقعة بانه قدم صورة من التقرير للمدعو…).

وحيث ان المادة 76 من القانون رقم 55/1976 بشأن الخدمة المدنية أشارت إلى بيان واجبات الموظف فى تنفيذ جميع أحكام القوانين واللوائح والتعليمات المنظمة لقيامه بمهام وظيفته أو تتصل بها. وحددت المادة حالات من بينها ما جاء في الفقرة “ز”:

أن يكتم الأمور التي يطلع عليها بحكم وظيفته إذا كانت سرية بطبيعتها أو بموجب تعليمات تقضى بذلك ويظل هذا الواجب قائما ولو بعد ترك الخدمة.

وحيث أن المعلومات تعد سرية بطبيعتها عندما تكون متعلقة بأمور خاصة بالشخص، واذاعتها تؤذيه وتسبب له ولعقبه ضررا اجتماعيا.

أو تكون هذه المعلومات متعلقة بأمور امنية يترتب على نشرها وإذاعتها خلخلة فى المجتمع وبث روح الهزيمة فيه.

أما العقوبات التأديبية – كواقعة الحال – فقد خلا قانون الخدمة المدنية المذكور ولائحته التنفيذية من جعلها سرية، بل أجاز للموظف حق التظلم والطعن على القرارات الصادرة بتوقيع العقوبات التأديبية، وأعطاه حق الدفاع عن نفسه ومناقشة الشهود وله حق توكيل محام للدفاع عنه، وقد تكون الأعمال المنسوبة الى الموظف جريمة جنائية فأوجب القانون المذكور على الوحدة الإدارية التابع لها إبلاغ النيابة العامة كما أوجب ذلك على مجلس التأديب.

لما كان ذلك، وكان من حق الموظف التظلم والطعن على القرارات الصادرة بشأن العقوبات التأديبية، وقد يتطلب الامر احالة الموظف الى النيابة العامة إذا ما تبين أن هناك جريمة جنائية مما تنتفي معه صفة السرية عن المعلومات المتعلقة بتوقيع العقوبات التأديبية.

لما كان ذلك وكان قانون الخدمة المدنية – على النحو السالف بيانه – قد خلا من النص على ما يفيد إضفاء صفة السرية على ما يتخذ من عقوبات تأديبية ضد الموظف العام، الأمر الذي يجعل الفعل الذي أتاه الطاعن بأعلام ولى أمر الطالبة عن عقوبة لفت النظر الموقعة على المجني عليه غير معاقب عليه و تنتفي عنه صفة التجريم مما يتعين معه القضاء ببراءته مما أسند إليه عملا بنص المادة 393/2 إ.ج.

لما كان ذلك وكان المناط فى اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية هو أن يكون الفعل المنشئ للضرر المطالب بالتعويض عنه جريمة فى القانون، وكان قد انتفى عن فعل الطاعن هذا الشرط لعدم توافر الركن المادي للجريمة المسندة إليه فإن المحكمة المطعون فى حكمها لا تكون مختصة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة ضد الطاعن وهو مما يتعين القضاء به مع إلزام المطعون ضده المصروفات.

لما كان ذلك وكانت الدعوى جاهزة للفصل فيها عملا بالمادة 25 من القانون رقم 6/1982 م بشأن المحكمة العليا، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه فى شقيه الجنائي والمدني بتصحيحه والقضاء فى الدعوى الجنائية بالبراءة على نحو ما سلف، وفى الدعوى المدنية التابعة بعدم اختصاص المحكمة الجزئية بنظرها وفقا لما هو وارد بالمنطوق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف رقم 85/2001 محكمة الخمس الابتدائية بإلغاء الحكم الصادر من محكمة مسلاته الجزئية فى الدعوى رقم 117/2000 وبراءة المتهم مما اسند اليه وبعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية والزام رافعها المصروفات.