طعن جنائي رقم 151/ 52ق
طعن جنائي رقم 151/ 52ق
خلاصة المبدأ
المقصود بالدلائل الكافية لإجرائه.
الحكم
الوقائع/ اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بتاريخ 2004.2.15 بدائرة قسم مكافحة المخدرات سرت: حاز وأحرز في غير الأحوال المرخص بها قانوناً المادة المخدرة حشيش المبيئة نوعاً وعدداً،ووصفاً، وكان ذلك بقصد الاتجار، وذلك بأن ضبطت بحوزته قطعة المخدر من قبل رجال المكافحة الأمر المعاقب عليه بالمواد: 1، 1/1 مكرر، 2، 1/35 بند 1 من القانون رقم 7 لسنة 1990 بشأن المخدرات، 42 من القانون رقم 23 لسنة 1369 بشأن تعديل وإضافة بعض الأحكام إلى القانون سالف الذكر.
وطلبت من غرفة الاتهام إحالة الطاعن إلى دائرة الجنايات لمعاقبته، والغرفة قررت ذلك.
ودائرة الجنايات بعد أن نظرت الدعوى أصدرت حكمها الذي يقضي بمعاقبة الطاعن بالسجن مدة ست سنوات، وتغريمه ثلاثة آلاف دينار عما نسب إليه.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم بتاريخ 2004.10.9، وبتاريخ 2004.10.24 قرر المحكوم عليه الطعن على الحكم بطريق النقض على النموذج المعد لذلك أمام ضابط السجن، وبتاريخ 2004.12.2 قرر الأستاذ (…)، الطعن على الحكم بطريق النقض أمام قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم وذلك بموجب توكيل يعطيه هذا الحق كما أودع بذات التاريخ ولدى نفس القلم مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه.
وحيث قدمت نيابة الطعن مذكرة برأيها القانوني انتهت فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
وحيث حدد لنظر الطعن جلسة 2006.3.13 وتلا المستشار المقرر تقريره ثم حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم.
أسباب الطعن
وحيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، والقصور في التصبيب، والفساد في الاستدلال، ويتبين ذلك أن دفاع المتهم دفع ببطلان القبض على الطاعن، لانه لم يكن في حالة تلبس، ولم تكن هناك دلائل كافية على اتهامه حسبما تقضي بذلك المادة
24 إجراءات جنائية،وبتطبيق نص هذه المادة على واقعة الدعوى وفقاً للثابت بأوراقها اتضح جليا أن الإجراءات التي اتخذت في حق الطاعن والمتعلقة بتفتيشه والقبض عليه مخالفة لنص المادة 24 إجراءات جنائية المشار إليها لعدم توافر حالة التلبس في حقه.
وحيث إنه من المتفق عليه أنه حتى يكون التلبس صحيحاً منتجاً لآثاره ينبغي أن تتوفر فيه الشروط التالية
- أن يكون سابقاً على إجراءات التحقيق التي تمت مباشرتها وليس لاحقاً لها.
- أن يتم اكتشاف التلبس عن طريق قانوني مشروع، بمعنى أن يكون سلوك مأمور الضبط في كشف التلبس مطابقا للقانون، بحيث لا يعد كذلك إذا كان كشف حالة التلبس ناجماً عن تفتيش باطل.
وخلص الطاعن إلى قبول طعنه شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف مصراتة – دائرة جنایات سرت – لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.
المحكمة
حيث إن الطعن حاز أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا، وحيث يبيين من مطالعة الأوراق أن الحكم المطعون فيه لخص واقعة الدعوى بقوله: ” وحيث إن وقائع الدعوى توجز حسب الثابت من أوراقها وما تم بشأنها من تحقيقات أنه بتاريخ 2004.7.12 فتح المحضر بناء على المعلومات الواردة إلى رئيس قسم مكافحة المخدرات سرت، عن طريق أحد مصادره، والتي مفادها وجود شخص في منطقة رأس لانوف يدعى (….)، يتاجر في المخدرات على نطاق واسع داخل المنطقة، وقد كلف رئيس القسم الملازم (…)، وثلاثة بمتابعة الموضوع والتأكد من صحة المعلومات، وبتاريخ 2004.4.15 أفاد الملازم المذكور تأكد صحة المعلومات، وأن المشتبه فيه يدعى (…)، يملك سيارة نوع سوزوكي حمراء اللون، ويبلغ من العمر حوالي أربعين سنة تابع لشركة رأس لانوف، لذا انتقل رفقة زملائه إلى منطقة رأس لانوف للتأكد من هذه المعلومات وضبط المدعو (…)، حيث اتفق المصدر مع المذكور سلفاً على شراء قطعة المخدرات (قرصة)، وسوف يقوم بإحضارها بعد نصف ساعة في المكان المتفق عليه، وقام بتوزيع زملائه حول المكان، وبدأوا في مراقبة المصدر حتى حضر المدعو (…)، على متن سيارته ونزل منها واتجه نحو المصدر، وقبل وصوله قاموا بإيقافه فقام بالفرار فقاموا بملاحقته حتى تم ضبطه وبتفتيشه وجد بجيب بنطلونه الأيمن قطعة مخدرات فأحضروه إلى القسم.
وحيث إنه بضبط أقوال المتهم بمحضر جمع الاستدلالات أفاد أنه محتاج إلى مبلغ مالي فذهب إلى شخص يدعى (…)، لأجل ذلك فقام بإعطائه قطعة مخدرات التي ضبطت معه لبيعها فأخذها وحاول بيعها إلا ذلك أنه لم يتمكن من
ذلك.
وبالتحقيق معه من قبل النيابة العامة أنكر ما نسب إليه، وقال إن القطعة أعطاها له (…)، وقد ضبطت معه عندما كان ذاهباً لتسليمها إلى صاحبها.
وحيث إن الشاهد الملازم (…)، ذكر في شهادته بمحضر تحقيق النيابة أنه بناء على المعلومات الواردة إليهم من أحد مصادرهم ويدعى (…)، أن المتهم يتاجر في المخدرات، واتفقوا على أن يقوم المصدر بشراء مخدرات منه، وفي الموعد المحدد حضر المتهم على متن مركبته نوع ” سوزوكي ” ونزل منها وسأل عن اسمه ففر هارباً فلحق به وضبطه وشاهد أن ملابسه منتفخة فأدخل يده في جيبه وأخرج منه قطعة مخدرات “
وبعد أن استعرضت المحكمة وقائع الدعوى تعرضت لثبوت الاتهام قبل الطاعن بقولها: ” مما تقدم تكون التهمة المسندة للمتهم ثابتة في حقه على سبيل الجزم واليقين أخذاً من اعترافه بمحضر تحقيق النيابة أن القطعة ضبطت معه وكان يريد بيعها، وقد تسلمها من (…)، وذلك لحاجته لمبلغ من المال، وأخذا بما ورد بتقرير الخبرة رقم 2004/559 الذي جاء فيه أن المادة التي ضبطت مع المتهم هي لمخدر الحشيش، لذلك يكون ما نسب إليه ثابت في حقه بكامل الأركان والشروط القانونية ” وحيث إن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن ببطلان القبض بقوله: ” وحيث إن ما دفع به دفاع المتهم من بطلان القبض في غير محله، ذلك أن المتهم وضع نفسه في محل شك وريبة بعدم وقوفه و امتثاله لأوامر مأمور الضبط مما يجعله يشك في أمره”.
لما كان ذلك، وكان نص المادة 24 إجراءات جنائية يجيز القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بفعل يعتبر جناية، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن المقصود بالدلائل الكافية أن تقوم شبهات مستمدة من الوقائع والقرائن وظروف الدعوى تؤدي عقلاً ومنطقاً إلى إسناد الجريمة لشخص معين، وتقدير هذه الدلائل و مبلغ كفايتها يكون بداية لرجل الضبط القضائي، ثم لمحكمة الموضوع، كما أنه من المقرر أن الدفع ببطلان القبض هو من الدفوع الجوهرية التي يجب على الحكم في حالة عدم قبولها الرد عليها بأسباب سائغة واعتبار كونه كان قاصرا.
وكان يبين مما سلف أن مأمور الضبط القضائي رأى عدم كفاية المعلومات الواردة إليه، والتي مؤداها أن الطاعن يتاجر في المواد المخدرة، وأعد كميناً لضبط المذكور متلبساً ببيع المواد المخدرة، واستعان في ذلك بأحد مرشديه، ولكن مأمور الضبط القضائي قام بمحاولة القبض على الطاعن قبل إتمام الكمين، واستوقفه بمجرد حضوره إلى المكان المتفق عليه، وقام بالقبض عليه بعد فراره من المكان وتفتيشه، حيث عثر على المواد المخدرة معه، وقد ردت المحكمة المطعون في حكمها على الدفع ببطلان القبض بأن الطاعن قد وضع نفسه موضع الشك والريبة بعدم وقوفه وامتثاله لمأمور الضبط مما يجعله يشك في أمره.. وهذا الذي رد به الحكم المطعون فيه على الدفع المذكور رد غير سائغ ذلك أن هروب الطاعن لا يعتبر في حد ذاته دليلا كافيا لارتكابه جريمة ما، ولما كان الحكم المطعون فيه، وإن كان قد استبعد في التدليل على قيام الاتهام ضد الطاعن اعترافاته الواردة بمحضر ضبط الواقعة، إلا أنه استند في ذلك إلى أقواله لدى النيابة العامة، ولما ورد بتقرير الخبرة المتعلق بنتيجة فحص المادة التي تم ضبطهما مع الطاعن دون أن يدلل على عدم حيدة هذه الأدلة واستقلالها عن القبض الباطل، مما يجعل النعي على الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال في محله،، نقضه، دون حاجة إلى مناقشة المناعي الأخرى مما يستوجب.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف مصراتة – دائرة الجنايات – لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.