طعن جنائي رقم 1078/ 44 ق
- التصنيف: الجنائي
- ذات الصلة: دعوى مدنیة
- رقم الطعن: 1078
- السنة القضائية: 44
- تاريخ الجلسة: 1 مايو 2003
طعن جنائي رقم 1078/ 44 ق
خلاصة المبدأ
اختصاص المحكمة الجنائية بالدعوى المدنية – شرطه.
الحكم
الوقائع
اختصم الطاعن بتاريخ 10 / 01 / 1990 المطعون ضده بموجب جنحة مباشرة أمام محكمة غريان الجزئية مدعيا أن:
- المعلن إليه بوصفه أمينا للجنة الشعبية لمحلة البراشيش تعمد مخالفة القوانين واللوائح، إذ حضر وأدار جلسات اللجنة الشعبية بوصفه أمينها حالة كون أطراف النزاع أقاربه، كما أن لهم مصلحة شخصية في النزاع المعروض، وهو شق الطريق بأرض المعلن الأمر المخالف للمادة 58 من القانون رقم 13 لسنة 1981 بشأن اللجان الشعبية، 507 عقوبات.
- المعلن إليه الأول بوصفه موظفا عموميا امتنع بدون وجه حق عن أداء عمل من أعمال وظيفته وأهمله وعطله، وذلك بأن رفض يوم 10/ 01 / 1990 قبول طلب عرض على اللجنة الشعبية للمحلة، ثم أشر على الورقة دون عرضها بإحالتها إلى الأوقاف رغم عدم جواز ذلك الأمر المعاقب عليه بالمادة 237 عقوبات.
- بوصفه السابق أساء استعمال وظيفته لنفع نفسه وأقاربه والإساءة للمعلن، وذلك بأن قدم أوراقاً للجنة الشعبية للمحلة غير رسمية وغير ثابتة التاريخ وغير مسجلة رسميا ومجهولة في مجملها ومحتملة التزوير، وحرر على موجبها خطابات عدة إلى كل من الأوقاف والزراعة والمواصلات طالبا شق طريق لأهله، كما طالب المواصلات بجرار، واتصل بالتسجيل العقاري وحاول عرقلة التسجيل الذي يجريه المعلن وابن ابنه طبقا للتسجيل الاشتراكي الجديد، الأمر المعاقب عليه بموجب المادة 1 من القانون رقم 22 لسنة 1985 بشأن محاربة إساءة استعمال الوظيفة والانحراف بأعمال التصعيد الشعبي والمادة 233 عقوبات
- أساء استعمال سلطات وظيفته، إذ حرر عدة مستندات قرر فيها وجود طريق بأرض المعلن وأرض الوقف من الناحية الجنوبية ليتمكن من إثباتها كطريق لدى الجهات الرسمية، رغم أن الطريق محدد في المخطط العام ومعتمد من الدولة وبخرائط دقيقة، ولا وجود لأي طريق في هذا المحل الأمر المعاقب عليه بالمادة 235 عقوبات.
- هدد المعلن بإنزال ضرر غير مشروع به وأمام مجموعة من الناس مهددا إياه بعبارة (توه بيان لك وتوه تشوف شنه اللي يصير للزيتونة)، الأمر المعاقب عليه بالمادة 430 عقوبات، وبالنظر لما أصاب المعلن من أضرار مادية وأدبية كنتيجة لما ارتكبه المعلن إليه من مخالفات، وحيث لم تجد المحاولات الودية لوقف المعلن إليه عن ممارساته ضد المعلن، فإن المعلن لا يجد بدا من الالتجاء إلى القضاء لمعاقبة المعلن إليه للمطالبة بحقه الجنائي والمدني المتمثل في التعويض عملا بالمادة 166 مدني، وانتهى إلى طلب الحكم:
أولا: بمعاقبة المعلن إليه وفقا للمواد الواردة آنفا كلا تحت البند الخاص بوصفها.
ثانيا: إلزام المعلن إليه بتعويض المعلن مبدئيا بمبلغ قدره (1) دينار ليبي مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل والاتعاب والمصاريف وبلا كفالة.
ومحكمة غريان الجزئية تداولت الدعوى، وأدخل أمين اللجنة الشعبية العامة بصفته مدعى عليه قضت بتاريخ 1995/04/06 حضوريا:
أولا – في الشق الجنائي ببراءة المتهم المعلن إليه مما أسند إليه.
ثانيا – في الشق المدني بعدم اختصاص المحكمة بنظره، وألزمت رافعه بالمصاريف، استأنفت النيابة العامة والمعلن هذا الحكم، ومحكمة غريان الابتدائية دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة قضت بتاريخ 19 / 05 / 1425 ميلادية حضوريا للمتهم والمدخل في الدعوى بصفته وحضوريا اعتباريا للمدعي بالحق المدني:
أولا: في الشق الجنائي:
- أ. بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للتهمتين الثالثة والرابعة وبعدم اختصاص محكمة البداية بنظر الدعوى.
- ب. برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.
ثانيا: في الشق المدني:
برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت رافع الدعوى بالمصاريف عن الدرجتين.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1425/05/19 ميلادية وبتاريخ 1996/06/01 ف تحصل محامي الطاعن على شهادة سلبية بعدم إيداع الحكم، وبتاريخ 1997/05/14 أعلن بإيداع الأسباب وبتاريخ 1426/06/02 ميلادية قرر المحامي بالطعن على الحكم بطريق النقض بموجب توكيل يحوله ذلك كما أودع بذات التاريخ مذكرة بأسباب الطعن لدى قلم المحكمة مصدرة الحكم، وسدد الطاعن مبلغ كفالة الطعن وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني انتهت فيها إلى القول بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم فيما قضت بالنسبة للشق الجنائي وسقوط الجريمة المسندة للمطعون ضده بمضي المدة.
وبالنسبة للشق المدني إعادتها إلى محكمة غريان الابتدائية لنظرها من هيئة أخرى حدد لنظر الطعن جلسة 2003/03/20 وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها ونظر الطعن على النحو المبين بالمحضر ثم حجز للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
وحيث تضمن تقرير الطعن الموقع من الطاعن، الاعتراض على الحكم المطعون فيه في شقية الجنائي والمدني، وكان من المقرر أنه متى حركت الدعوى العمومية من قبل المدعي بالحق المدني، طبقاً للفقرة الأولى من المادة 205 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه يترتب على ذلك انقطاع الصلة بين المدعي المدني، وبين الدعوى الجنائية إثر رفعها، وأصبح استعمال تلك الدعوى من اختصاص النيابة دون غيرها، فهي التي تطلب معاقبة المتهم، وتطعن في الحكم الصادر في الدعوى العمومية. أما المدعي المدني فلا شأن له بالدعوى العمومية بعد تحريكها، وإنما تقتصر خصومته على الدعوى المدنية، وينصرف طعنه إلى الحكم الصادر في الدعوى المدنية وحدها. ومن ثم فإنه يتعين القضاء بعدم جواز طعن المدعي بالحق المدني على الحكم الصادر في الدعوى الجنائية.
وحيث إن الطعن على الحكم الصادر في الدعوى المدنية قد استوفى أوضاعه القانونية، ومن ثم فهو مقبول شكلا.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من عدة وجوه:
الأول: لقد أغفل الحكم المطعون فيه اسم المدعي بالحق المدني في ديباجته، باعتباره خصما في الدعوى، رغم أن ذلك يعتبر من البيانات الجوهرية، مما يصم الحكم بالبطلان، بما يوجب نقضه.
وحيث إن قانون الإجراءات الجنائية قد خلا من نص مماثل لما أوردته المادة 273 من قانون المرافعات المدنية، التي تنص على وجوب ذكر أسماء الخصوم، والقابهم، وصفاتهم. ولذلك يجب الرجوع إلى نص قانون المرافعات في هذا الشأن، لأنه القانون العام، وكل ما لم يرد ذكر أسماء فيه نص في قانون الإجراءات يرجع فيه إلى القانون العام، والقاعدة المقررة في فقه المرافعات أن النقص أو الخطأ في هذا البيان لا يرتب البطلان إلا إذا كان من شأنه أن يشكك أو يجهل بحقيقة الخصم واتصاله بالدعوى, لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تضمنت أسبابه ذكر أسماء جميع الخصوم في الدعوى المدنية وذكر ألقابهم بما ينفي عنه الجهالة، كما تضمن الحكم الجزئي المؤيد بالحكم المطعون فيه بيان أسماء الخصوم في الدعوى المدنية بديباجته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالبطلان في هذا الشأن يكون في غير محله.
الثاني: أن المحكمة المطعون في حكمها قد أخطأت في تطبيق القانون، وخالفت أحكام المحكمة العليا، عندما شايعت المحكمة الجزئية في حكمها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية كنتيجة لانتفاء الجريمة عن الأفعال التي ارتكبها المطعون ضده، ذلك أن المحكمة كان عليها وهي تقضي بالبراءة لانعدام القصد الجنائي، أن تناقش عناصر الضرر وتمكن المعلن (الطاعن) من إثباته والقضاء له بالتعويض، وهي إذ لم تفعل ذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، وخالفت أحكام المحكمة العليا، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.
الثالث: شاب الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، لأنه لا يحمل ما تطلبه القانون بشأن الأسباب، فقد سردت المحكمة وقائع التقاضي سردا طويلا دون إشارة إلى أركان وعناصر الجريمة أو أركان التعويض المدني، وأشارت المحكمة إلى مستندات الطاعن المؤيدة لدعواه، ودون أن تبين كنهها وحقيقتها، وقصرت في إيراد الأسباب الموضوعية قصورا يعجز محكمة النقض عن مراقبة الحكم، وهو ما يجعل حكمها غير قادر على حمل النتيجة التي انتهى إليها بما يوجب نقضه وحيث يبين من الحكم الجزئي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أسس عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية على قوله: ( وحيث إنه في الشق المدني فإنه يشترط لانعقاد اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية، أن يكون الضرر المطالب بالتعويض عنه ناتجا عن جريمة، إذ تنص المادة 224 / 1 إجراءات جنائية على أنه: – لمن لحقه ضرر.. ولا يمكن القول بأن الفعل يشكل جريمة، إلا إذا توافرت له الأركان التي نص عليها القانون، ولو كان ذلك الفعل غير مشروع من الناحية المدنية أو الإدارية، ومن ثم فإنه إذا لم يكن مصدر الضرر جريمة على النحو المشار إليه، فلا اختصاص للمحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية أو الادعاء المدني، ويكون الاختصاص في هذه الحالة للمحكمة المدنية، أو للسلطة التأديبية إداريا. كما أورد الحكم المطعون فيه قوله: ” وحيث إنه ولما كان يشترط لانعقاد اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية أن يكون الضرر ناشئا عن جريمة، سواء كانت جناية أو جنحة أو مخالفة م 224 / 1 إجراءات جنائية. وحيث إنه ولما كانت الجريمة قد تخلفت بالنسبة لواقعة الحال في الشق الجنائي، حيث إن كل التهم منتفية عنها صفة الجريمة، وحيث إنه ولما تقدم وبما أنه قد تبين للمحكمة عدم وجود ضرر ناشئ عن جريمة لانتفاء الأخيرة، الأمر الذي يتعين معه رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، لما كان ذلك، وكانت المادة 224 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية، ومفاد هذا النص أن القضاء بالتعويض في الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية لا يكفي فيه وقوع خطأ وترتب ضرر، وإنما يلزم فضلا عن ذلك أن يكون هذا الخطأ جريمة في الوقت عينه، فإذا انتفى هذا الشرط وجب على المحكمة الجنائية ان تقضى بالبراءة في الدعوى الجنائية، وبعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية، وليس للمحكمة الجنائية أن تستكمل عناصر البحث لتتمكن من الفصل في الدعوى المدنية رغم تيقنها من الفعل لا يعد جريمة، لأن ذلك يتعارض مع القواعد التي تحدد ولاية المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية، وهي ولاية ضيقة واستثنائية ولا يحتج في ذلك بما نصت عليه المادة 282 إجراءات من أن كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطالبها المدعي بالحقوق المدنية، لأن هذا النص عام ينصرف حكمه إلى دعاوى التعويض التي يختص القاضي بنظرها والفصل فيها، وتلك هي الدعاوى التي يكون الضرر الذي يطلب التعويض عنه ناشئا عن جريمة، فإن انتفى هذا الشرط زال اختصاص القاضي الجنائي بنظرها، وامتنع عليه الفصل في موضوعها ومن ثم إذا كان مبنى البراءة عدم مسؤولية المتهم أو امتناع عقابه حق للقاضي الجنائي أن يفصل في موضوع الدعوى المدنية إذا كان مبنى البراءة أن الفعل لا يكون جريمة كما في واقعة الحال فإنه يتعين على المحكمة الجنائية عند الحكم بالبراءة أن تحكم كذلك بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية، وهذا ما التزمه قضاء الحكم المطعون فيه، وطابق فيه حكم القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن وإلزام الطاعن بمصاريف طعنه، مع الغرامة طبقا للمادة 388 إجراءات جنائية
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا: بعدم جواز الطعن على الحكم الصادر في الدعوى الجنائية.
ثانيا: بقبول الطعن في الحكم الصادر في الدعوى المدنية شكلا، وفي الموضوع برفضه، وإلزام الطاعن المصاريف، وتغريمه خمسة دنانير.