Skip to main content

طعن أحوال شخصية رقم 44/ 52 ق

نشر في

طعن أحوال شخصية رقم 44/ 52 ق

خلاصة المبدأ

  1. وجوب بيان عناصر الضرر التي تدخل في تقدير التعويض أساس ذلك.
  2. عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية، في مسألة بقاء غير الحاضنة في بيت الزوجية – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 1050 لسنة 2003 أمام محكمة شمال بنغازي الجزئية على المطعون ضدها قائلا في بيانها: إنه تزوج بها منذ عام 1975 ولم يثمر زواجهما بالأولاد فرضى بقدره، وصبر، ومع ذلك فإن الحياة الزوجية بينهما لم تستقم مما أفقدها مشاعر الرحمة، والمودة… و خلص إلى طلب الحكم بثبوت طلاقه لها… وأثناء نظر الدعوى قدمت المدعى عليها دعوى مقابلة طالبة الحكم لها على المدعى عليه فيها بأن يدفع لها متعة طلاق ونفقتي عدتها، وإهمالها منذ شهر التمور – أكتوبر 2003 م، وتعويضا عما لحقها من ضرر جراء طلاقها، وبأن يسلم لها أدباشها، وحاجياتها، وبأن يهيئ لها بيت الزوجية لتسكن فيه باعتبارها معدومة الولي… وقضت المحكمة في الدعوى الأصلية بثبوت طلاق المدعى لزوجته المدعى عليها وفي الدعوى المقابلة بإلزام المدعى عليه فيها بأن يدفع للمدعية نفقة عدتها التي قدرتها بمبلغ مائة دينار، ومثلها متعة طلاق، ومبلغ خمسمائة دينار تعويضا عن الأضرار التي أصابتها جراء الطلاق، ومبلغ خمسة وعشرين ديناراً شهريا نفقة إهمالها بداية من شهر التمور أكتوبر 2003م وحتى تاريخ الحكم… وبإلزامه بتمكينها من البقاء في بيت الزوجية باعتبارها معدومة الولي و رفضت ما عدا ذلك من طلبات… فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 273 لسنة 2004 أمام محكمة شمال بنغازي الابتدائية، كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 280 لسنة 2004 أمام ذات المحكمة التي قضت بتعديل الحكم المستأنف فيما قضي به بالنسبة للطلبين المتعلقين بالتعويض، وبالبقاء في بيت الزوجية، وبإلزام المستأنف عليه في الاستئناف المضموم رقم 280 لسنة 2004 م ” الطاعن ” بأن يدفع للمستأنفة ” المطعون ضدها ” مبلغ عشرة آلاف دينار تعويضا عن الضرر الذي لحقها جراء الطلاق، وبأن يسلم لها الدور الأرضي من بيت الزوجية خاليا من الشواغل لتبقي فيه بصورة دائمة باعتبارها معدومة الولي… وبرفض الاستئنافين فيما عدا ذلك، وتأييد الحكم المستأنف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه 

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005.1.4، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وبتاريخ 2005.4.24 قرر محامى الطاعن الطعن فيه بطريق النقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم، مودعا الكفالة، والوكالة ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الجزئي، وبتاريخ 2005.4.27 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدها في اليوم السابق، وبتاريخ 2005.5.13م أودع محامى المطعون ضدها مذكرة بدفاعها مشفوعة پسند توكيلها له.. وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى الرأي:

أولاً / بعدم جواز الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه بالنسبة لبقاء المطعون ضدها في بيت الزوجية.

ثانيا/ بقبول الطعن شكلا فيما عدا ذلك، وفي الموضوع برفضه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.

الأسباب

حيث إن نيابة النقض أسست رأيها بعدم جواز الطعن فيما يتعلق بالبند الأول على أن مدة بقاء غير الحاضنة في بيت الزوجية ليست من المواد التي يجوز للخصوم الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة بشأنها من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية.. وحيث إن هذا الرأي سديد، ذلك أن المادة 337 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 18 لسنة 1989 م قد حددت على سبيل الحصر المسائل التي يجوز للخصوم أن يطعنوا بالنقض في الأحكام الصادرة فيها من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية، ولم يكن من بينها ما إذا كان الحكم صادراً في مسألة بقاء غير الحاضنة في بيت الزوجية.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة شمال بنغازي الابتدائية في قضية استئناف حكم من محكمة شمال بنغازي الجزئية، وكان من بين ما قضى به بقاء المطعون ضدها في بيت الزوجية باعتبارها معدومة الولي، وقد تناولت أسباب الطعن المنازعة في هذه المسألة، ومن ثم فإن الطعن لا يكون جائزاً من هذا الجانب.

وحيث إنه فيما عدا ذلك، وقد استوفى الطعن أوضاعه القانونية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.

وحيث إن باقي ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون بما حاصله أنه قضى للمطعون ضدها بتعويض إجمالي قدره عشرة آلاف دينار عن الضررين المادي والمعنوي اللذين لحقا بها جراء طلاق الطاعن لها دون أن يبين عناصر الضرر التي تصلح أن تكون مبرراً للتعويض.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن التعويض يقدر بقدر الضرر، وهذا التقدير من الأمور الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن تعيين عناصر التقدير المكونة للضرر المادي التي يمكن تدخل في حساب التعويض هي من المسائل التي تخضع لرقابة محكمة النقض، لأن هذا التعيين هو المعيار في بيان مدى التناسب بين التعويض والضرر، وعلى ذلك فإذا ما قضى الحكم بالتعويض عن ضرر مادي دون بيان لعناصر هذا الضرر، فإنه يكون قاصراً في التسبيب.

لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها أورد بشأن تقدير التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالمطعون ضدها جراء طلاق الطاعن لها أنه هدم زواجاً دام تسعة وعشرين عاماً وترتب عليه ضرر جسيم بالمطعون ضدها التي بلغت سن اليأس، ولم يعد في مقدورها إنجابا، وتكوين أسرة، وقد أصبحت بعد هذا الطلاق بدون عائل أو سند في هذا المجتمع، كما سبب لها حزناً وأسى، وشعوراً بالقلق من المستقبل، وكان ما ساقه الحكم على هذا النحو لا يصلح الحمل قضائه بالتعويض عن الضرر المادي، إذ لم يعن ببيان عناصره بياناً كافياً، فإنه من ثم يكون معيباً بالقصور في التسبيب.

وحيث إنه يبين مما ورد في مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بالتعويض عن الضررين المادي والمعنوي بمبلغ واحد دون بيان نصیب کل منهما في التقدير، وكان تقديره للتعويض عن الضرر المادي معيباً طبقاً لما تقدم، فإن هذا العيب ينصرف إلى التقدير بكامله لعدم إمكانية التجزئة بين التقديرين، وهو ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه في هذا الشق من قضائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم جواز الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه بالنسبة لبقاء المطعون ضدها في بيت الزوجية باعتبارها معدومة الولي، وبقبول الطعن شكلاً فيما عدا ذلك، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى بـه بالنسبة للتعويض عـن الضررين المادي والمعنوي، وبإحالة القضية إلى محكمة شمال بنغازي الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة استئنافية أخرى، وبإلزام المطعون ضدها بالمصروفات المناسبة.