Skip to main content

طعن جنائي رقم 231-43 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 231-43 ق

خلاصة المبدأ

  1. جريمة الافتراء- تحققها- أركانها- تخلف ذلك – أثره.
  2. يشترط للحكم بالتعويض للمضرور أن يتوافر ركن الخطأ الذي يعد أساس المسؤولية – تخلف ذلك أثره.
  3. مناقشة الدعوى المدنية باستقلال عن الدعوى الجنائية من سلطة محكمة الموضوع.

الحكم

الوقائع

بصحيفة معلنة إلى المطعون ضده، والنيابة العامة في 13/12/92 ف و 14/12/92 ف، أقام الطاعنان دعوى جنحة مباشرة رقم 881/92 مركز شرطة قرقارش أمام محكمة باب بن غشير الجزئية – دائرة الجنح والمخالفات –طالبا فيها معاقبة المطعون ضده طبقا للمادتين 261 و 262 من قانون العقوبات قولا منهما أنه بتاريخ 2/11/1989 ف أبلغ المطعون ضده الشرطة والنيابة العامة متهما الطاعن الأول بأنه اصطنع ورقة رسمية مزورة بأن حرر ورقتين بعلم وخبر لصالح الطاعن الثاني ، وأن هذا الأخير استعمل تلك الوثائق مع علمه بأنها مزورة بقصد تحقيق منفعة لنفسه، وقد قررت عدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضدهما لعدم الجريمة، وقد طعنت النيابة العامة على قرار غرفة الاتهام، ومحكمة الجنح والمخالفات المستأنفة بمحكمة طرابلس الابتدائية قضت بقبول استئناف النيابة العامة شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف، وهو ما يعني عدم صحة الواقعة المدعى بها من قبل المطعون ضده، ومما يقطع بكذب البلاغ الذي صدر عنه بسوء قصد، وبغية الكيد والنيل بالطاعنين. وقد أدي كل ذلك إلى الإضرار بالطاعن الأول أدبيا حيث نال من سمعته ومكانته باعتباره أمين اللجنة الشعبية لمحلة أولاد مرغم الجنوبية ،كما أدى إلى الإضرار بالطاعن الثاني ماديا وأدبيا نتيجة حرمانه من الانتفاع بالعين موضوع دعوى التزوير طوال مدة المحاكمة وحتى تاريخ رفع الدعوى المباشرة، ويقدر الطاعنين التعويض الجابر لتلك الإضرار بمبلغ قدره مائة ألف دينار. ومحكمة باب بن غشير الجزئية بعد أن نظرت الدعوى، قضت ببراءة المطعون ضده مما نسب إليه وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعيها بالمصاريف، ولما لم يقبل الطاعنان بذلك الحكم فقد طعنا عليه بطريق الأستئناف ومحكمة طرابلس الابتدائية – دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة – قضت بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفين بالمصاريف.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 22 /10/1995 ف، وبتاريخ 20/11/1995 ف قام المحامى رمضان محمد أبو جناح الطعن فيه بطريق النقض بموجب تقرير أودع لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم وذلك بناء على توكيلات صادرة إليه من المدعين بالحق المدني في 16/11/1995 ف، وبذات التاريخ المذكور، ولدى نفس القلم أودع محامى الطاعنين مذكرة بأسباب الطعن ، كما قام الطاعنان بسداد مبلغ كفالة الطعن بموجب الإيصال رقم 20/3565753.

وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت فيها قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وحددت جلسة 2/5/2001 ف لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقريره، وصممت نيابة النقض على رأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم.  

الأسباب

من حيث أن الطعن قد استوفى شكله المقرر في القانون.

وحيث ينعى الطاعنان على الحكم الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله بمقولة أن المطعون ضده أبلغ كذبا أن الطاعن الأول حرر علم وخبر مزور ،وبأن الطاعن الثاني قام باستعمال ذلك المحرر المزور، في حين أن الطاعن الأول حرر العلم والخبر بناء على معلومات أدلى بها شهود بصفته أمين لجنة شعبية، الأمر الذي يؤكد وجود خطأ في جانب المطعون ضده، وان كانت محكمة أول درجة ، ومحكمة ثاني درجة لم تقتنع بتكوينه لجريمة قانونا استنادا إلى حكم المادة 69 من قانون العقوبات ،إلا أن ذلك الخطأ ألحق ضررا بالمدعين بالحق المدني. والمستقر عليه أن الخطأ المدني أكبر وهو يجب الخطأ الجنائي، وأنه إذا صدر حكم ببراءة المتهم من الناحية الجنائية، فقد يحكم عليه بالتعويض من الناحية المدنية، ولذا فإن البلاغ الذي تقدم به المطعون ضده وإن لم يشكل الجريمة المنصوص عليها في المواد 1 ،2،262 عقوبات. فإن هذا الفعل شكل خطئا قانونيا، وهذا الخطأ سبب ضررا للطاعنين، الأمر الذي يجعل أركان المسئولية عن الأعمال غير المشروعة متوفرة في حق المطعون ضده حسب نص المادة 66/ مدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون حريا بالنقض مع الإعادة.

وحيث يبين من مطالعة الحكم الجزئي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أسس براءة المطعون ضده مما نسب إليه ،وأيضا رفض الدعوى المدنية على قوله :- ” أن المتهم المدعى عليه قد أستعمل حقا مشروعا، ذلك أنه تقدم بشكوى إلى الجهات المختصة باعتباره مجنياً عليه بأن المدعى الأول زور نماذج علم وخبر أثبت فيهما على خلاف الحقيقة، ولصالح المدعى الثاني بأنه يملك أحد عشر هكتارا بالمزرعة رقم 81 بالمرحلة الثانية بمشروع وادى الهيرة في حين أن مساحة المزرعة المذكورة لا تزيد عن عشرة هكتارات ،وقد أعترف المدعى الأول بأنه فعلا حرر العلمين والخبرين وبشكل مخالف للواقع وخارج عن دائرة اختصاصه، وكان ذلك عن سهو وخطأ منه، وقد قرر المدعى الثاني بأنه فعلا تحصل على علم وخبر من شيخ المحلة المختص بالأرض التي استولى عليها مشروع وادى الهيرة، وأنه كان يملكها في السابق، وأن قرار غرفة الاتهام الصادر في الدعوى موضوع شكوى المتهم – المدعى عليه في واقعة الحال – والمؤيد استئنافيا قد بني على أن الذي حرر العلم والخبر هو المدعى الأول لم يكن موظفا عاما وأن نسبة تغيير الحقيقة كانت واحدة في المائة، ولم يكن قرار الغرفة مبنيا على عدم صحة الواقعة حتى يمكن معه القول أن المتهم المدعى عليه قد أرتكب جريمة الافتراء في حق المدعيين، ولما كان من ضمن أركان جريمة الافتراء علم المتهم بأن الذي أتهمه برئ بما أتهم به، فانه لم يثبت لدى هذه المحكمة بأوراق الدعوى أن المتهم يعلم ببراءة المدعيين بما شكاه ضدهما، خاصة وأنهما قد أرتكب الأفعال المادية لجريمة التزوير والاستعمال، ولكن لتخلف ركن من أركانها كما جاء في أسباب قرار غرفة الاتهام لا يعد دليلا أن المتهم يعلم ببراءتهما عند تقديم شكواه ولا يوجد في الأوراق من أنه كان عن سوء قصد وبالتالي فإن البلاغ الذي تقدم به كان جديا ولم يكن تعسفيا وقد مارس حقا من حقوقه طبقا لنص المادة 69 عقوبات.

لما كان ذلك وتأسيسا على ما سلف بيانه، فإنه يتعين القضاء ببراءة المتهم مما نسب إليه عملا بنص المادة 277/1 إجراءات جنائية، وعن الدعوى المدنية فإنه لم يثبت لدى هذه المحكمة أن المتهم المدعى عليه قد ارتكب خطأ يستوجب معه تعويض المدعيين وترى المحكمة أن ما قام به المتهم كان استعمالا لحقه المشروع ولا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر إعمالا لنص المادة 4 من القانون المدني، ولما كان ذلك فإنه يتعين رفض الدعوى المدنية. “.

لما كان ذلك، وكان يبين مما سلف أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه برفض الدعوى المدنية على مجرد حكم البراءة الصادر في الدعوى الجنائية، وإنما تناول الدعوى المدنية على استقلال، وعرض لمناقشة عناصرها وعندما تبين له عدم وجود أي خطأ مدني يمكن نسبته للمطعون ضده قضى برفض الدعوى المدنية، وهذا من حق قاضي الموضوع، ولا يعني القول بأن الخطأ المدني هو أوسع وأشمل من الخطأ الجنائي، أن القاضي ملزم في جميع الأحوال بإجابة المدعى بالحق المدني إلى طلباته، وطالما أن المحكمة قد عرضت لعناصر المسؤولية المدنية وانتهت إلى عدم قيامها استنادا إلى أسباب سائغة – وهو ما حصل في الدعوى الراهنة – فلا تترتب على القاضي متى أنتهي إلى رفض الدعوى المدنية – ومتى كان ذلك فإنه يتعين القضاء في موضوع الطعن برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.