أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 370-40 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 370-40 ق  

خلاصة المبدأ 

  1. عدم قيام مأمور الضبط القضائي بتحرير محضر بكل ما يجريه فى الدعوى وعدم حضور الخصوم أو دعوتهم عند تحريز الأشياء المضبوطة وفض إحرازها – أثره.
  2. يتعين أن تكون أسباب الطعن بالنقض مفصلة – مخالفة ذلك – أثره.
  3. يكفي لصحة الحكم أن يورد فى أسبابه مضمون الأدلة من أحد أجزائه ويحيل عليها فى الأجزاء الأخرى من أسبابه.
  4. متى لا تلتزم المحكمة بالرد على الدفع.
  5. القصد الجنائي في جريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار، استخلاصه من سلطة محكمة الموضوع – أثره.

الحكم 

الوقائع 

اتهمت النيابة العامة المتهمان لأنهما بتاريخ 11/8/92 بدائرة مكتب مكافحة عدل طرابلس: 

الأول وحده: حاز المادة المخدرة المبينة الوصف والوزن والنوع بتقرير خبير التحاليل الكيماوية المرفق وفى غير الأحوال المرخص بها قانونا وذلك بأن ضبطت بحوزته داخل منزله فى حجرة الاستقبال المادة المخدرة المبينة بالتقرير وكان ذلك بقصد التعاطى والاستعمال الشخصي وكما هو موضح تفصيلاً بالأوراق. 

الثاني وحده: تعامل فى المادة المخدرة المبينة الوصف والوزن والنوع بتقرير خبير التحاليل الكيماوية المرفق فى غير الأحوال المرخص بها قانوناً وذلك بأن باع للمتهم الأول المادة المخدرة التي ضبطت معه وكان ذلك بقصد الاتجار فيها وكما هو مبين بالأوراق. 

الثاني وحده: حاز المادة المخدرة المبينة الوصف والوزن والنوع بتقرير خبير التحاليل الكيماوية المرفق فى غير الأحوال المرخص بها قانوناً وذلك بأن ضبطت مواد مخدرة بمنزله عند القيام بتفتيشه وكان ذلك بقصد الاتجار فيها وكما هو مبين بالأوراق. 

الثاني وحده: قاوم بالقوة والعنف أحد الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ هذا القانون وذلك بأن قاوم رجال الأمن أثناء تفتيشهم لمنزله وذلك بأن أطلق الكلاب على رجال الأمن لمنعهم من إجراء التفتيش وكما هو موضح تفصيلاً بالأوراق الأمر المعاقب عليه بنصوص المواد: 1، 2، 35 بند أ ف 1، 37/1، 40/1، 42، 46 من القانون رقم 7/1990 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية. 

وإحالتهما إلى غرفة الاتهام بمحكمة طرابلس الابتدائية وطلبت منها إحالتهما الى محكمة جنايات طرابلس لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف سالف الذكر والغرفة قررت تعديل قرار النيابة العامة على النحو التالى: 

  • أولا: المتهمان معاً: حازا بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي مخدرات فى غير الأحوال المرخص بها قانوناً، بأن ضبط بحوزتهما فى منزل الأول مخدرات للتعاطي.
  • ثانيا: المتهم الثاني وحده: حاز بقصد الاتجار مخدرات فى غير الأحوال المرخص بها قانوناً، بأن ضبطت فى منزله وباع منها للأول.
  • ثالثا: المتهم الثاني وحده: قاوم بالعنف رجال الأمن المكلفين بتنفيذ قانون المخدرات لدى القيام بتفتيش منزله. 

الأمر المعاقب عليه بالمواد 1، 2،35/1 بند 1، 37/1، 40، 42، 46 من قانون المخدرات رقم 7/90. 

وأحالته الى محكمة جنايات طرابلس وهذه قضت حضوريا بتاريخ 19/1/93 بمعاقبة المتهم عزالدين محمد رمضان الدويبى بسجنه ثلاث سنوات وتغريمه ألف دينار عما نسب إليه عن تهمة التعاطي وبمعاقبة المتهم (…) بسجنه أربع سنوات وتغريمه خمسة الآف دينار عما نسب إليه وبمصادرة المادة المضبوطة موضوع الجريمة وبنشر ملخص الحكم مرتين متتاليتين على نفقة المحكوم عليهما في جريدة الميزان والمنتجين والفجر الجديد وبلا مصاريف جنائية وببراءة المتهم محمد سليمان المذكور من التهمة الثالثة. 

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الاجراءات

صدر الحكم بتاريخ 19/1/1993 م قرر عليه المحكوم عليهما الطعن بطريق النقض فى اليوم التالى من داخل السجن الرئيس وبتاريخ 16/2/1993 ف ولدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم أودع محامي كل منهما مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه. 

أودعت نيابة النقض مذكرة بالرأي خلصت فيها الى طلب الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع برفضهما. تم تحديد جلسة يوم الثلاثاء الموافق 22/10/2002 لنظر الطعن وفى فيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو المفصل فى محضر الجلسة ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم 15/12/2002 ف. 

الأسباب

وحيث أن طعنى الطاعنين قد حاز أوضاعهما المقررة فى القانون ومن ثم يتعين قبولهما شكلاً. 

وحيث أن الطاعن الأول ينعى على الحكم القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد موضحاً أن دفاعه قد دفع بانعدام إجراءات ضبط المخدر والقبض لعدم تدوينها في محضر مكتوب وبشكل معاصر لمباشرة الإجراء بالمخالفة للمادتين 14، 57 إ ج و ببطلان فض الأختام دون حضور المتهم، وبأن ما تم تحليله من مخدرات ليس هو ما تم ضبطه اختلاف الوصف والعدد والنوع مع ما جاء فى تقرير خبير التحليل إلا أن المحكمة المطعون فى حكمها لم تتناول بالرد على هذه الدفوع الجوهرية، مما يجعل حكمها مشوباً بعيب الاخلال بحق الدفاع، كما أن الحكم المطعون فيه نسب الى الطاعن اعترافاً بالتهمة المنسوبة إليه أمام الشرطة والنيابة وقاضى مد الحبس الاحتياطي مما جعل الحكم يقع فى عيب الخطأ فى الإسناد، كما أن الحكم لم يبين مضمون الاعترافات مما يعيبه بالقصور فى التسبيب ومن كل ذلك يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه. 

وحيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عدم قيام مأمور الضبط القضائي بتحرير محضر بكل ما يجريه فى الدعوى وعدم حضور الخصوم أو دعوتهم عند تحريز الأشياء المضبوطة وفض إحرازها لا يرتب البطلان، وأن الوجوب الذى نصت عليه المواد 14، 44، 45 إ ج ورد على سبيل تنظيم العمل والإرشاد والمحافظة على الدليل بعدم توهين قوته، وترك الأمر فى ذلك الى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الإحراز لم يصل إليها العبث، ولها أن تستند الى الدليل المستمد من الضبط متى استبانت أن الشئ الموجود هو الذي وقع الضبط عليه، لما كان ذلك. وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد عولت فى قضائها بإدانة الطاعن على اعترافه استدلالا وتحقيقاً واطمأنت الى ثبوت الواقعة المسندة إليه دون أن يساورها الشك في سلامة الإجراءات التي قام بها مأمور الضبط وما أسفرت عنه من ضبط المادة المخدرة التي كان يحوزها وما ترتب على ذلك من إحالتها الى النيابة العامة ومباشرة التحقيق بشأنها فإنه لا تثريب على المحكمة فى عدم الرد صراحة على دفاع الطاعن ببطلان الإجراءات وفض الأختام دون حضوره والذي يعد من الدفوع الموضوعية التى لا تستوجب رداً خاصا من محكمة الموضوع طالما كان الطاعن لم يجادل أمام المحكمة مصدرة الحكم بأن المادة المخدرة محل الواقعة المسندة إليه ليست هى التى جرى تحريزها وإحالتها إلى الخبرة، أو أنها قد تم العبث بها مما يجعل المحكمة مصدرة الحكم فى حل من تناول هذا الدفع برد صريح، ويعد قضاؤها بالادانة رفضا ضمنيا له، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يعدو فى غير محله و يتعين رفضه. 

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب على الطاعن أن يفصل أسباب طعنه بحيث يتيسر للمطلع عليها أن يدرك لأول وهلة موطن مخالفة الحكم للقانون وخطأه في تطبيقه وتأويله أو موطن البطلان الجوهري الذى وقع فيه أو ما يراه من بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم، ومن ثم فإنه لا يكفي الطاعن مجرد قوله أن هناك اختلافا بين ما تم ضبطه من مخدرات وبين ما تم عرضه على الخبرة لتحليله من حيث الوصف والعدد والنوع، طالما أنه لم يذكر أوصافها وعددها ونوعها فى مذكرة أسباب الطعن وإنما أوردها فى عبارة مرسلة. يمكن أن تكتب فى كل طعن وإنما يجب بيان ذلك وتوضيحه لأنه ليس من شأن محكمة النقض مراجعة الحكم المطعون فيه للتحقق من سلامته من جميع الوجوه بمجرد استيفاء الطعن للشكل المقرر فى القانون، وإنما سبيلها في ذلك هو أسباب الطعن التي ينبغي أن تجسم عيوباً محددة فى الحكم وتبين هذه العيوب على نحو لا يشوبه غموض، وكان الطاعن على نحو ما سلف يبين الجوانب القاصرة التي يدعيها، مما لا يتسنى معه لهذه المحكمة مراقبة ذلك وتبيان صحته من فساده، الأمر الذي يكون معه نعى الطاعن فى هذا الشق غير مقبول. 

وحيث أنه عن نعى الطاعن الاول على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى الإسناد، ذلك أنه نسب إليه اعترافاً فى محاضر الشرطة والنيابة وأمام قاضى مد الحبس فى حين أنها قد خلت من ذلك وحيث أنه بالرجوع الى محاضر الاستدلال وتحقيق النيابة ومد الحبس تبين أن الطاعن الأول قد اعتراف فيها بأنه اشترى المخدرات من المتهم الثاني بقصد تعاطيها، وقد تعاطاها معه بقصد التأكد من صلاحيتها. 

ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى أسبابه أدلة إدانة الطاعن الأول فى قوله: ( …. الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم الأول اعترف بما أسند إليه بمحضر الشرطة والنيابة وأمام قاضى التمديد من أنه تحصل على قطعة المخدر من المتهم الثاني وأنه تعاطي المخدرات …) وبالتالي فإن ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو سالف البيان من أن الطاعن قد اعترف استدلالا وتحقيقاً وأمام مد الحبس يكون صحيحاً لاستناده الى ما له معينة من الاوراق. 

ومن ثم فإن النعي عليه بعيب الخطأ في الإسناد يكون فى غير محله، متعين الرفض. 

وحيث أنه عن نعى الطاعن الاول أيضا على الحكم بالقصور فى التسبيب لعدم إيراده مضمون اعترافاته فإنه لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى فى قوله ( وحيث أن وقائع الدعوى تخلص أنه بتاريخ …. فتح محضر جمع استدلالات بمركز شرطة عين زارة على أثر حضور والد المتهم الأول الى المركز والافاده بأن ابنه المدعو عزالدين موجود بداخل المنزل حيث أنه مطلوب على ذمة القضية … وبانتقال مأمور الضبط رفقة والد المتهم إلى منزله للقبض عليه والسماح له بالدخول، فقد وجد المتهم الأول نائماً وبجانبه قطعة طولها 10 سم وعرضها 2 سم … ومع القطعة مبلغ مالى وفضلات سجاير ” فلاتر ” وعلبة دخان … وطفاية بها فضلات السجائر وقد تم تحريز هذه الحاجيات حيث اشتبه فى كونها مواد مخدرة وتم إحالتها مع المتهم إلى مكتب المكافحة …. تم التحقيق مع المتهم حيث أفاد أنه صبيحة هذا اليوم بينما كان نائماً فى مربوعة منزل والده حتى تم إيقاظه … فوجد والده مع ضابطين من الشرطة حيث تم القبض عليه وبجانبه قطعة المخدرات وبعض الأشياء الأخرى التي استعملت في عملية التعاطي … وبسؤاله عن المصدر الذي تحصل منه على القطعة التي وجدت بحوزته أفاد أنه تحصل عليها من المتهم الثاني مقابل مبلغ وقدره ثلاثمائة وخمسون ديناراً وذلك بقصد التعاطى وقال : إنه تعاطى مع المتهم الثاني بعضها على سبيل التجربة ) 

ثم أورد الحكم قوله: ( … الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم الأول اعترف بما أسند إليه بمحضر الشرطة والنيابة وأما قاضى التمديد من أنه تحصل على قطعة المخدر من المتهم الثاني …. ) ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه فى سرده لوقائع الدعوى وبنى عليه قضاءه على النحو السالف بيانه يفيد أنه قد عرض لاعترافات الطاعن الأول بالجريمة التى أدانه بها ولفحوى ومضمون هذه الاعترافات، وكان يكفي لصحة الحكم أن يورد فى أسبابه مضمون الأدلة من أحد أجزائه ويحيل عليها في الأجزاء الأخرى من أسبابه كما هو الشأن بالنسبة للحكم المطعون فيه بما يكون معه نعى الطاعن الأول عليه بالقصور فى التسبيب فى غير محله. 

وحيث لما تقدم فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس، مما يتعين معه رفضه. 

وحيث أن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه الاخلال بحق الدفاع، ذلك بأن تعرض للضرب من قبل الشرطة وقد أثبت النيابة العامة ذلك فى محضرها، وقد أثار دفاعه ذلك أمام المحكمة المطعون في حكمها إلا أنها ردت عليه بعدم وجود أساس لذلك فى الأوراق، كما نعى على الحكم القصور فى التسبيب لعدم استظهار قصد الاتجار فى المخدرات لديه. 

وحيث يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع وإن كان قد دفع بتعرض الطاعن الثاني للضرب من قبل الشرطة، إلا أنه قد ساق هذا الدفع على نحو مرسل دون أن يقدم دليلاً عليه أو أن يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأنه الأمر الذى يجعله دفعاً غير جدي، ومن المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن الرد على دفع غير جدي، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عن الرد عليه، مما يجعل النعى على حكمها بالإخلال بحق الدفاع فى غير محله. 

ولما كان ذلك، وكان إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها ما دام يقيهما على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الاتجار لدى الطاعن الثاني من اعترافه تفصيلاً بمحضر الاستدلال من أنه باع المتهم الأول قطعة المخدر بمبلغ 350 ديناراً وما أسفر عنه تفتيش منزله بالعثور على كمية من المخدرات وقد أثبت الخبرة أنها مخدر ومن اعتراف المتهم الأول من أنه اشترى منه مخدرات بمبلغ 350 ديناراً، ومن ثم فإن هذا الذى عول عليه الحكم المطعون فيه من أدلة الدعوى فى استظهار قصد الاتجار لدى الطاعن الثاني يبرر قضاءه وينأى به عن القصور فى التسبيب ويجعل ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن فى غير محله. 

وحيث متى كان ذلك فإن الطعن برمته يكون قائما على غير أساس من الواقع والقانون ومن ثم يتعين القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول طعنى الطاعنين شكلا وفى الموضوع برفضهما.