Skip to main content

طعن إداري رقم 59/ 46ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 59
  • السنة القضائية: 46
  • تاريخ الجلسة: 25 يونيو 2000

طعن إداري رقم 59/ 46ق

خلاصة المبدأ

  1. تحويل النقد من وإلى الجماهيرية لا يتم إلا عن طريق المصارف وفق الشروط والأوضاع المحددة من مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي – أساس ذلك.
  2. مصرف ليبيا المركزي له سلطة واسعة في تحديد شروط وأوضاع تحويل النقد – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ تتحصل واقعات الموضوع – كما تبين من أوراق الطعن – في أن بعض الأشخاص استحوذوا على مبالغ مالية من الطاعن في الداخل وفي الخارج، بدعوى إنهم قادرون على حل بعض مشاكله في بولندا، وبناء على شكوى الطاعن، تم التحقيق معهم وقدموا لمحكمة الزاوية الجزئية بتهمة النصب مع تهم أخرى، كما تدخل الطاعن في الدعوى الجنائية مدعياً بالحق المدني مع التعويض والمحكمة بعد أن دانت المتهمين عما نسب إليهم قضت في الشق المدني من الدعوى بإلزام المدعى عليهم بالتضامن بدفع مبلغ قدره ستة وتسعون ألف دينار للمدعى تعويضاً له عن ممتلكاته التي تحصلوا عليها، ومبلغ ثلاثون ألف دينار كتعويض لـه عن الضرر الأدبي، وتأيد من دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة بمحكمة الزاوية الابتدائية بحكمها الصادر بتاريخ 1995/1424/3/11 – محل الطعن بالنقض في الطعن الجنائي رقم 42/567 – والذي قررت فيه دائرة النقض الجنائي رفض طلب وقف تنفيذه بتاريخ 95/3/11 -، واستنادا إلى ما حكم به للطاعن في الشق المدني من الحكم الجنائي فقد طالب مصرف ليبيا المركزي تحويل المبالغ المحكوم له بها إلى حسابه بالخارج بالعملة الأجنبية، وعندما رفضت إدارة الرقابة على النقد طلبه أقام دعوى مدنية ضد مصرف ليبيا المركزي أمام محكمة بنغازي الابتدائية التي قضت برفض دعواه، وباستئنافه قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى، مما دفعه إلى إقامة دعوى إدارية أمام دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف بنغازي بصحيفتها المودعة قلم كتابها تحت رقم 27/87 طلب فيها إلغاء ما وصفه بقرار المصرف برفض التحويل، والمحكمة بجلسة 99/4/27 قضت برفض دعواه.

وهذا هو الحكم محل الطعن بالنقض

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 99/4/27 فقرر أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية بفرع بنغازي الطعن في الحكم بالنقض نيابة عن الطاعن بالتقرير به لدى قلم تسجيل المحكمة العليا ببنغازي في 99/6/20 أرفق به مذكرة بأسباب طعنه، كما أودع بذات التاريخ سند الإنابة، وصورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله، ومذكرة شارحة ضمن حافظة مستندات، مع أوراق أخرى أشار إليها على غلافها، مسدداً الرسم والكفالة.

وبتاريخ 99/6/21 أعلن الطعن للمطعون ضده لدى إدارة القضايا فرع بنغازي، وأودع أصل ورقة إعلانه بذات التاريخ.

وبتاريخ 99/7/23 أو دعت إدارة القضايا مذكرة بدفاع المطعون ضده، وحافظة مستندات أشارت إلى محتوياتها على غلافها.

وبتاريخ 99/8/11 أو دعت إدارة المحاماة الشعبية ببنغازي مذكرة رادة على مذكرة دفاع المطعون ضده مع بعض الأوراق دون قرز، كما أودعت بتاريخ 99/8/14 حافظة مستندات أشارت إلى محتوياتها على غلافها.

قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت الرأي فيها بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه تأسيساً على انتفاء السند التشريعي للتحويل بالنسبة لحالة الطاعن، ولا وجه للقياس على ما صدرت بشأنه أحكام قضائية تم التحويل بموجبها، ولا أساس لما ذهب إليه الطاعن من اللجوء للمصادر الاحتياطية للتشريع لوجود النصوص القانونية المنظمة لعمليات تحويل النقد إلى الخارج. حددت جلسة 2000/6/18/ لنظر الطعن، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وسمعت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا. وحيث إن مبنى طعن الطاعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه، وفي تفسيره من وجوه حاصلها : أن الحكم المطعون فيه أغفل بيان النص التشريعي المتضمن للقاعدة التي لا تجيز تحويل المبالغ التي يطالب الطاعن بتحويلها لكونها غير ناتجة عن عقد عمل أو اعتماد مستندي أو تصدير أو استيراد بضاعة أو علاج بالخارج، لأن أحكام القانون رقم 93/1 لا تتضمن الحالات التي يلزم المصرف بتحويلها إلى الخارج.

كما أن الطاعن دائن غير مقيم للمحكوم عليهم، والدين المطالب بتحويله ثابت بحكم قضائي نهائي وبات، ونص المادة 81 من القانون رقم 93/1 تضمنت القاعدة القانونية المنطبقة على واقع الدعوى، والحكم المطعون فيه ذهب إلى خلاف ذلك، وحتى على فرض عدم اندراج واقعة الدعوى تحت أي نص تشريعي يتعين تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وعدم تحويل المبالغ المستحقة له تلحق به أضراراً بليغة وتحرمه من ملكه خلافاً لأحكام الشريعة الإسلامية، والطاعن ممنوع من التصرف في ماله و استغلاله و الانتفاع به، لأن المادة 77 من القانون رقم 93/1 تحرم على غير المقيم التعامل بالنقد الليبى، وأضاف أن ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الطاعن سلم المبالغ للمتهمين بالعملة (الصعبة) على أن تدفع له بالعملة المحلية، وقد استجابت له المحكمة وقضت له بما طلب و بتعويضه يخالف الثابت من الأوراق وما جاء بالحكم الجنائي الذي قدر التعويض المقضي به على أساس سعر الدولار مما يحق معه تحويل المبلغ المحكوم به طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة، وبالقياس على ما يقوم به المطعون ضده من تحويل مبالغ محكوم بها قضائيا لصالح أجانب، وكان على المحكمة أن تجتهد لتضع حلا لمثل هذه الحالة لعدم وجود نص قانوني يقيدها، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.

وحيث إن المادة 77 من القانون رقم 93/1 بشأن المصارف والنقد والائتمان قد نصت في البند الأول منها على أن تحويل النقد من وإلى الجماهيرية محظور، ولا يتم إلا وفق الشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، وعن طريق المصارف والجهات الأخرى المرخص لها من المصرف المركزي بذلك.

ومؤدى ذلك، وبحسب الأصل – أن تحويل النقد من وإلى الجماهيرية – والذي لا يتم إلا عن طريق المصارف، محظور عليها القيام به إلا وفق الشروط والأوضاع المحددة من مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي – وله في سبيل ذلك أن يقرر ما يراه من التدابير التي تكفل تنظيم عمليات تحويل النقد، وسلطته في هذا الشأن واسعة حتى يتسنى له مواجهة الظروف المتغيرة من وقت إلى آخر باتخاذ ما يراه ملائما ويتمشى مع كل تغيير يطرأ على الحالة الاقتصادية والمالية، ذلك أنه من المتعذر على المشرع أن يتنبأ بما قد يحدث مستقبلا حتى يتولى تضمين القانون جميع التفصيلات اللازمة لتطبيقه، مما حدا به إلى تخويل السلطة النقدية صلاحية منع أو منح تحويل النقد دون وجود حد معروف وظاهر للحكم على مدى شرعية القرار فهو يستمد شرعيته وكيانه القانوني من القانون وتنفيذا للحق المخول لمجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي بصريح نص المادة سالفة الذكر في بندها الأول.

لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعن فيما يتعلق بالمبالغ التي يطالب بتحويلها إلى الخارج بالسعر الرسمي وعن طريق مصرف ليبيا المركزي لا يعد من ضمن الفئات التي حددها منشور محافظ مصرف ليبيا المركزي رقم 763، والتي يحق لها التحويل وفق النسب المبينة فيه، مما يجعل المطالبة بتحويل المبالغ المحكوم بها له إلى الخارج بالسعر الرسمي لا يستند إلى أي أساس قانوني، كما أن ما أورده في مناعيه من أن رفض تحويل ما حكم به له يحرمه من ماله، ويحول دون التصرف فيه واستغلاله لكونه غير مقيم، وممنوع عليه التعامل بالنقد الليبي غير سديد، ذلك أن رفض طلب الطاعن تحويل ما حكم له به من مبالغ مالية إلى الخارج لا يعني حرمانه من أمواله، أو الانتفاع بها في الداخل، وعدم جواز التعامل لغير المقيم في النقد حسب البند الثاني من المادة 77 من القانون رقم 93/1، إنما ينصرف إلى التعامل في النقد الليبي في ذاته، أي يجعل منه سلعة يتجر فيها ويتخذ منه محلا للبيع والشراء، كسائر السلع التي تباع وتشترى، وليس وسيلة لهما، كما أن أوراق الطعن لا تتضمن ما يفيد أن المبالغ المحكوم بها للطاعن قد تم دفعها في حساب مجمد باسمه وفق المادة 81 من القانون رقم 93/1، وطلب من المصرف الإذن له في التعامل فيها بقصد الإنفاق على نفسه أثناء وجوده في الجماهيرية ولم يأذن له، فضلا عن ذلك ووفق الضوابط المنظمة العمليات بيع النقد الأجنبي، فقد أضحى من الجائز للأجنبي شراء ما يرغب به من عملة أجنبية، كما يحق له القيام بأي عملية من عمليات النقد الأجنبي بما فيه التحويل للخارج طبقا لحكم المادة 79 من القانون رقم 93/1.

متى كان كذلك، فإن ما ينعاه الطاعن من جميع الوجوه في غير محله، والحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض دعواه بإلغاء ما وصفه بقرار المصرف برفض طلب التحويل لا يكون مخالفاً للقانون أو مخطئا في تطبيقه، مما يتعين معه رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وألزمت الطاعن المصاريف.