طعن مدني رقم 568/46 ق
طعن مدني رقم 568/46 ق
خلاصة المبدأ
ارتفاع ثمن المبيع أو انخفاضه لا يعد حادثا استثنائيا.
الحكم
الوقائع/ تخلص الواقعة في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 96/109 أمام محكمة بنغازي الابتدائية، قال فيها: إنه بعد أن اشترى كمية كبيرة من التبغ – السجائر – من المطعون ضده، وهو المحتكر لبيعها – أبلغه بتخفيض سعر علبة السجائر من سبعمائة وخمسين درهما إلى خمسمائة درهم، وتم حصر الكمية المشتراة بالسعر القديم بحضور ممثل عنه، وانتهى إلى طلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ اثنين وسبعين ألفاً ومائتين وعشرة دنانير و خمسمائة درهم (72210.500 دينار) الفرق بين السعر القديم والجديد.
والمحكمة قضت برفض دعواه، وقضت محكمة استئناف بنغازي في الاستئناف المرفوع من الطاعن برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1999.1.28ف، ولا يوجد بالأوراق ما يدل على إعلانه. وبتاريخ 1999.9.12ف قرر محامي الطاعن الطعن فيه بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم، ومودعاً الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي ضمن حافظة مستندات وأصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده بذات التاريخ. وبتاريخ 1999.10.20ف أودع محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بسند وكالته وحافظة مستندات.
وأعدت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه. وفي الجلسة أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا. وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وبيان ذلك:
- أنه أسس قضاءه على انتفاء مسؤولية الشركة المطعون ضدها من أن دورها قاصر على اقتراح تعديل سعر التبغ، وأن المختص برفع أو تخفيض السعر هو أمين اللجنة الشعبية العامة للصناعة والمعادن، في حين أن المستفاد من نصوص المواد 22 من النظام الأساسي للشركة و5و12 من القانون رقم 68/26 باحتكار التبغ و 2 من القانون رقم 72/144، ومن المستندات المقدمة في الدعوى أن المطعون ضده هو صاحب قرار تسعيرة التبغ بالزيادة أو النقصان، وما صدور قرار بذلك من اللجنة الشعبية العامة للصناعة إلا بناء على اقتراح منه، ومجرد استكمال للشكلية المنصوص عليها في القانون باعتبار أن الشركة المطعون ضدها تابعة لها ولا يؤدي إلى نقل التزاماتها قبل الغير إليها أو ما يطرا من زيادة في الأسعار، ثم إن الجهة الطاعنة ملزمة ببيع السلعة حسب السعر المحدد، ولا يجوز لها أن تخالفه، وهو ما حدا بالمطعون ضده إلى تعيين مندوب عنه في لجنة حصر الكميات الموجودة لدى الجهات التابعة للطاعن وقت صدور قرار التخفيض تمهيداً لرد الفارق في السعر.
- إنه قضى على خلاف الثابت بالأوراق، واستدل استدلالاً خاطئاً فيما ذهب إليه من أن الشركة الطاعنة لم تراع حاجة السوق عندشرائها كمية كبير من التبغ أدى إلى عدم بيعها وقت صدور قرار التخفيض مع علمها بتذبذب أسعار بيع التبغ، لأن الشركة الطاعنة بأسواقها المنتشرة في مدينة بنغازي وضواحيها تقوم بتغطية احتياجات المواطنين من هذه السلعة، ولا يستكثر عليها شراء كمية كبيرة منه، فضلا عن أن أوراق الدعوى لا تفيد أن الكمية المشتراة تفوق احتياجات المواطنين، والتحقق من ذلك يتطلب فحصاً محاسبيا، وإجراء مقارنة بين الكمية المشتراة واحتياجات السوق، وهو أمر لم يتم، وقد خلت الأوراق منه، ثم أن التبغ الذي خفض سعره غير متراكم، وإنما يتم توزيعه بكميات محدودة، وكان قرار التخفيض مفاجئا، ولم تتمكن الجهة الطاعنة من توزيعه قبل صدوره، ومن كل ما تقدم فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه في غير محله، ذلك أن عقد البيع من العقود الرضائية التي تنشأ بإيجاب وقبول على مبيع وثمن محددين، وأن ارتفاع ثمن المبيع أو انخفاضه بعد ذلك لا يؤثر في التزام المشتري بدفع الثمن المتفق عليه، لأن ارتفاع الثمن أو انخفاضه لا يعد حادثا استثنائيا عاما يستوي في ذلك أن يكون نتيجة تقلبات الأسعار أو نتيجة اتخاذ إجراء عام، لأن في وسع المشتري توقع الحالتين، وإدخاله في حسبانه عند التعاقد ومعالجته في نصوص العقد.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن بصفته أقام دعواه بطلب استرداد الفرق بين الثمن الذي اشترى به كمية التبغ من المطعون ضده بصفته عند التعاقد، والثمن المحدد له بعد التخفيض، بدعوى أن التخفيض في السعر تم من قبله، وكان الحكم الابتدائي قد أسس قضاءه برفض الدعوى على ما مفاده أن تخفيض سعر التبغ أو زيادته صدر عن جهة الإدارة، وليس من الشركة المطعون ضدها، وبالتالي لا يمكن تحميلها النتائج المترتبة على هذا القرار، كما لا يمكن تحميل الشركة التي يمثلها الطاعن رد الفرق في زيادة سعر التبغ إلى الشركة المطعون ضدها وقت صدور قرار الزيادة، وإذ أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه وأضاف أن الشركة المطعون ضدها ليست لها الصلاحية في تحديد أسعار التبغ حتى تلزم بدفع فرق السعر أو التعويض نتيجة صدور قرارات بذلك من السلطة الإدارية المختصة في هذا الشأن، وأن مجرد اقتراح تعديل السعر نتيجة تكدس الإنتاج، ولا تتمكن من التصرف فيه لارتفاع السعر، مما يتوقع تلفه لا يرتب مسؤوليتها، لأن الاقتراح عرضة للموافقة أو الرفض، وهذا الذي أورده وفي استخلاص سائغ وبما له أصل في الأوراق، يحمل منطوقه ويؤدي إلى ما انتهى إليه، في غير ما قصور أو مخالفة القانون ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن بخصوص شرائه كمية كبيرة من التبغ تفوق حاجة السوق، إذ لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما كونت منه المحكمة معتقدها.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن الطعن يضحى غير قائم على أساس بما يتعين معه رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، والزام الطاعن بصفته المصاريف.