Skip to main content

طعن مدني رقم 364/ 44ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 364
  • السنة القضائية: 44
  • تاريخ الجلسة: 26 مايو 2003

طعن مدني رقم 364/ 44ق

خلاصة المبدأ

القيود الاتفاقية المتعلقة بالبناء تكون بمثابة حقوق ارتفاق على العقارات التي فرضت القيود لمصلحتها – أساس ذلك.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 98/866 أمام محكمة طرابلس الابتدائية اختصم فيها المطعون ضدهما بصحيفة، قال فيها: إنه تم بتاريخ 89.2.9 إيرام صلح بينه وبين المطعون ضدهما أمام الفرع البلدي سوق الجمعة حول الحد الفاصل بين مزرعتي الطرفين، واتفقوا على شروط معينة، إلا أنهما خالفا ذلك، وقاما ببناء مسكن حديث من دورين وتنفيذ شرفات من الناحية الشرقية دون ترك الردود اللازمة، فلجأ إلى محكمة سوق الجمعة لوقف الأعمال الجديدة فقضت له بتاريخ 1990.1.18 بوقف الأعمال مع التعويض وتأيد هذا الحكم استئنافيا فيما عدا التعويض، ولما كان المطعون ضدهما قد نقضا الصلح المبرم وترتب عليه أضرار لذلك خلص إلى طلب: أولا: فسخ عقد الصلح المبرم بين الطرفين، ثانيا: تعويض الطاعن عن الأضرار التي لحقت به بمبلغ عشرين ألف دينار، ثالثا: إزالة الأعمال الجديدة التي قام بها المدعي عليهما رغم صدور حكم نهائي ضدهما، رابعا: تعويضه عن الأضرار اللاحقة – نتيجة استمرار المدعي عليهما في الأعمال الجديدة بمبلغ عشرة آلاف دينار، والمحكمة قضت بتاريخ 1995.6.19 بإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا للطاعن مبلغا قدره ستة آلاف ومائتان وخمسون دينارا، استأنف الطاعن والمطعون ضدهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس بالاستثنافين رقمي 42/670، 42/370 اللذين قضت فيهما بقبول الاستئنافين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى.

“وهذا هو الحكم المطعون فيه” 

الإجراءات

صدر هذا الحكم بتاريخ 1997.6.4، ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إعلانه، وبتاريخ 1997.7.21 قرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض أمام قلم كتاب المحكمة العليا، مسددا الرسم، ومودعا الكفالة والوكالة، ومذكرة بأسباب الطعن، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى للحكم الابتدائي و حافظة مستندات، و بتاريخ 1997.7.28 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدهما في اليوم السابق، وبتاريخ 1997.7.28، أودع دفاع المطعون ضدهما مذكرة رادة مشقوعة بسند وكالته. وقدمت نيابة النقض مذكرة ناقشت فيها أسباب الطعن وأبدت رأيها بقبوله شكلا، وفي الموضوع برفضه، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا. وحيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، ذلك أنه تجاهل الأحكام القضائية الصادرة لصالح الطاعن والتي تبرهن على قيام المطعون ضدهما بمخالفة شروط الصلح المبرم بينهم، الأمر الذي يعطيه الحق قانونا أن يطالب بفسخه مع التعويض، باعتبار أن عقد الصلح هو عقد قانوني ملزم للجانبين ويرتب التزامات متقابلة يحسم به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا محتملا.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المادة 1021 من القانون المدني تنص على: ( (1) إذا فرضت قيود معينة تحد من حق مالك العقار في البناء عليه كيف شاء كأن يمنع من تجاوز حد معين في الارتفاع بالبناء أو في مساحة رقعته، فإن هذه القيود تكون حقوق ارتفاق على هذا العقار لفائدة العقارات التي فرضت لمصلحتها هذه القيود، هذا ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغير ذلك. (2) وكل مخالفة لهذه القيود تجوز المطالبة بإصلاحها عينا، و مع ذلك يجوز الاقتصار على الحكم بالتعويض إذا رأت المحكمة ما يبرر ذلك ). 

ومفاد ذلك أن القيود الاتفاقية المتعلقة بالبناء التي يتم وضعها من قبل الأشخاص عند تقسيم الأرض والتصرف فيها، أو في حالة تنظيم الملاك المجاورين لعقاراتهم، والتي من شأنها منع المالك من تجاوز حد معين في الارتفاع بالبناء، أو في مساحة رقعته، أو ترك مسافة معينة بين المباني، أو فتح مطلات ومناور أو غلقها، فإن هذه القيود تكون بمثابة حقوق ارتفاق على العقار لفائدة العقارات التي فرضت لمصلحتها هذه القيود، ويترتب على ذلك أن كل مخالفة لها تجوز المطالبة بإصلاحها عينا بالإزالة أو التعديل، ويكون للمحكمة تبعا للظروف أن تقتصر على الحكم بالتعويض إذا رأت ما يبرر ذلك.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه انتهى إلى إلغاء الحكم الابتدائي تأسيسا على أن المطعون ضدهما لم يخالفا محضر الصلح المبرم بين الطرفين دون مراعاة للحكم القضائي الصادر ضد المطعون ضدهما بوقف الأعمال الجديدة التي أثبت عدم تركهما للردود المناسبة لفتح الأبواب والنوافذ رغم ترك الطاعن مسافة مترين من أرضه على طول البناء لتكون حرما لمنزل المطعون ضدهما، وهذه المسافة تم تركها بناء على التزام المطعون ضدهما بترك الردود المشار إليها ومن ثم فإن التزام الطرفين معا يكون بمثابة قيود اتفاقية متعلقة بالبناء يجب على الطرفين احترامها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخالفا للقانون متعين النقض دون حاجة إلى بحث أسباب الطعن الأخرى.

ولما كان مبنى النقض مخالفة القانون وكان الموضوع صالحا للفصل فيه فإن المحكمة تقضي فيه – وفقا للقانون – عملا بحكم المادة 358 من قانون المرافعات وحيث إن الحكم الابتدائي انتهى إلى تعويض الطاعن فقط دون الحكم بإزالة الأعمال الجديدة المحكوم بوقفها، أو فسخ عقد الصلح المبرم بين الطرفين، وهو ما يدخل في صلاحية المحكمة وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 1020 من القانون المدني المشار إليهما، فإنه يكون متفقا مع صحیح القانون، ويتعين تأييده. 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وفي الاستئنافين رقمي 42/670 ق، 42/730 ق بقبولهما شكلا، وفي الموضوع برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف وبإلزام المستأنفين المطعون ضدهما بالمصروفات على جميع مراحل التقاضي.