طعن مدني رقم 351-50 ق
طعن مدني رقم 351-50 ق
خلاصة المبدأ
الإقرار غير القضائي متى أفضي به لشخص ثالث جاز للمحكمة الاعتداد به – أساس ذلك.
الحكم
الوقائع
اختصم المطعون ضده الطاعن أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية بالدعوى رقم 1459 /2001 قال شرحاً لها :- كانت لديه بضاعة وهى عبارة عن ملابس مختلفة ورغب المدعى عليه باعتباره صاحب محل تجاري في شرائها بمبلغ 9917 دينار تسعة آلاف وتسعمائة وسبعة عشر ديناراً وأتفق الطرفان على أن يدفع المدعى عليه ثمن البضاعة على أقساط كل أسبوع من كل شهر حتى سداد كامل الثمن، وقام بسداد جزء من القيمة وتبقى مبلغ 6500 دينار أخذ يماطل في دفعها وقد لحقه الضرر من ذلك، وبتاريخ 2002.2.11 ف قضت المحكمة برفض الدعوى لسقوطها بالتقادم، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1052 / 48 ق أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت فيه بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضده بأن يدفع للمستأنف مبلغاً وقدره ستة آلاف وخمسمائة دينار ليبي ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 2002.12.23 ف وتم إعلانه إلى الطاعن بتاريخ 2003.4.6 ف وبتاريخ 2003.5.4 ف قرر محامي الطاعن الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أمام قلم كتاب المحكمة العليا مسدداً الرسم ومودعاً الكفالة والوكالة ومذكرة بأسباب الطعن وأخرى شارحة وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 2003.5.8 أودع حافظة مستندات، وبتاريخ 2003.5.26 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده يوم 2003.5.18، وقدمت نيابة النقض مذكرة ناقشت فيها أسباب الطعن وانتهت إلى قبوله شكلا وفي الموضوع برفضه، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من وجوه:
- الأول: انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بإلزام الطاعن بدفع المبلغ الوارد بالمنطوق على أساس أن الطاعن كان متحصلاً على ترخيص لمزاولة بيع الملابس ساري المفعول حتى 1999.9.25 م وهذا القضاء في غير محله لأن حصول الطاعن على ترخيص لا يعني مزاولة المهنة خاصة وأنه أغلق محله بناء على دعوى قضائية ضده من شخص يطالب بحق الانتفاع بالمحل المملوك للأوقاف، وبقي المحل مقفلاً لحين الفصل في الدعوى.
- الثاني: إن الثابت من الأوراق أن الطاعن دفع أمام محكمة أول درجة وأمام المحكمة المطعون في حكمها بافتقار الدعوى للدليل لأن قوائم الصرف المقدمة من المطعون ضده هي صور ضوئية فيها كشط وتغيير في الحسابات والأرقام والحبر وخالية من التوقيع إلا أن الحكم المطعون فيه لم يورد هذه الدفوع أو يرد عليها فإنه يكون قاصر الأسباب.
- الثالث: أورد الحكم المطعون فيه أو الطاعن قد أقر بالمبلغ أمام منسق الشؤون المحلية بالمؤتمر الشعبي المسيرة الكبرى، وهذا الإقرار المنسوب للطاعن أنكره أمام محكمة أول درجة وتمسك بدفاع أمام المحكمة المطعون في حكمها لعدم توفر الشروط القانونية اللازمة للإقرار، وأن الورقة المذكورة أعتمد عليها الحكم باعتبارها سند مديونية كان تاريخها قبل رفع الدعوى وبالتالي لا تعد إقراراً كما أن المبلغ المطالب به هو 6500 دينار هو من الديون التي لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود .
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير سديد ذلك أنه لقاضى الموضوع سلطة كاملة في بحث الأدلة والمستندات المقدمة له في الدعوى والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن نفسه إلى الأخذ به منها أو في استخلاص ما يرى أنه واقعة الدعوى دون رقابة للمحكمة العليا عليه في هذا الشأن متى كان عمله هذا له أصل ثابت في الأوراق وينتهي بمنطق سليم إلى النتيجة التي رتبها عليه.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي الذي قضى بسقوط الدعوى بالتقادم على أن الطاعن ( لديه ترخيص تجاري رقم 106/95 صالح لبيع الملابس والمنتجات، وساري المفعول إلى غاية 1999.9.25 ف، فإن ذلك يثبت العلاقة التجارية بين المستأنف والمستأنف عليه، وأنه اشترى هذه الأشياء بالمبلغ المحدد وأراد بيعها ولم تكن لاستهلاكه … الأمر الذي لا يمكن معه تطبيق نص المادة 365 من القانون المدني ) فإن ما قضي به الحكم من إلغاء الحكم الابتدائي وإلزام الطاعن بدفع مبلغ الدين يجد معينة الثابت في الأوراق ويكفي لحمل ما انتهى إليه، ولا يغير من ذلك ما يثيره الطاعن من أن محله التجاري كان مغلقا لأن ذلك لا يصلح دليلا لنفي صفة التاجر إذ لا علاقة بين فتح أو غلق المحل وبين توافر صفة التاجر أو نفيها .
وحيث إن النعي في وجهيه الثاني والثالث غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن المستأنف ضده (الطاعن) قد أقر بالمبلغ أمام منسق الشؤون المحلية بالمؤتمر الشعبي المسيرة الكبرى ) ولما كانت المادة 398 من القانون المدني تنص على أن ( الإقرار الذي يقضى به للخصم أو لمن يمثله خارج مجلس القضاء يعد إقرارا قضائيا في نفس الدرجة والمفعول وإذا أفضى بالإقرار لشخص ثالث أو وجد الإقرار في وصية فتترك حرية البث فيه تقدير القاضي ) والمستفاد من هذا النص أن الإقرار غير القضائي متى أفضى به لشخص ثالث جاز للمحكمة الاعتقاد به . فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وإلزام الطاعن بالدين اعتمادا على إقراره فإنه يكون قد أقام قضاءه على دعامة صحيحة تكفي لحمله، ولا يغير من ذلك ما يثيره الطاعن من اعتماد الحكم على صور ضوئية لقوائم صرف بها كشط وتغيير، طالما لم يستند في قضائه على هذه الأوراق بما يكون معه الطعن برمته على غير أساس متعين الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وبإلزام الطاعن بالمصروفات.