طعن جنائي رقم 802-52 ق
- التصنيف: الجنائي
- ذات الصلة: العفو عن القصاص
- رقم الطعن: 802
- السنة القضائية: 52
- تاريخ الجلسة: 14 مارس 2006
طعن جنائي رقم 802-52 ق
خلاصة المبدأ
- اشتراط طلب القصاص من أولياء الدم، لم يعد له محل بعد تعديل قانون القصاص والدية رقم 6 لسنة 1423- بيان ذلك.
- المقصود بأولياء دم القتيل – عفو أولياء الدم عن القاتل – أثره.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بتاريخ 2004.4.18 بدائرة مركز شرطة السوانى :
- قتل عمدا المجني عليه بأن قام بطعنه بسكين في صدره فالحق به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وعلى النحو الثابت بالأوراق.
- حاز سلاحا دون ترخيص بذلك من الجهات المختصة بأن حاز كمية أتشادية خلافا للقانون وعلى النحو المبين بالأوراق.
وطلبت من غرفة الاتهام بمحكمة السواني الابتدائية إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بمقتضى المواد :1، 2، 3، من القانون رقم 6/1423 بشأن القصاص والديه وتعديلاته والمواد 2-3- من القانون رقم لسنة 1981 بشأن حيازة الأسلحة والذخائر والمفرقعات ” والغرفة قررت ذلك “
ومحكمة جنايات طرابلس نظرت الدعوى وأصدرت فيها حكما حضورياً بمعاقبة الطاعن بالإعدام قصاصا رميا بالرصاص وأمرت بنشر ملخص الحكم بلصق إعلان به في المنطقة التي صدر فيها والتي ارتكبت فيها الجريمة وفي آخر محل أقامه للجاني وعلى نفقه المحكوم عليه بلا مصاريف جنائية – وبراءته من التهمة الثانية وأمرت بمصادرة السلاح المضبوط.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005.3.17 فقرر المحكوم عليه الطعن عليه بطريق النقض أمام ضابط السجن بتاريخ 2005.3.24، وبتاريخ 2005.5.17 أودع محامي الطاعن مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لدى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم.
قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها رأت فيها عدم قبول الطعن شكلاً وقبول العرض ونقض الحكم والتصدي حددت جلسة 2005.11.29 لنظر الدعوى وفيها تلا المستشار المقرر تقريره وتمسكت النيابة برأيها السابق وتوالى نظر الدعوى في جلسات أخرى إلى أن حجزت للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
من حيث إنه بالنسبة لشكل الطعن فإنه وإن كان الطاعن قد قرر بطعنه في الميعاد إلا أن أسبابه لم تودع قلم الكتاب المختص إلا بعد مرور الستين يوماً المحددة لإيداع الأسباب خلالها وبذلك يكون الطعن غير مستوف للشكل المقرر في القانون يتعين لذلك الحكم بعدم قبوله شكلاً.
وحيث إنه ولئن كان الطعن غير مقبول شكلاً إلا أنه وبالنظر لأن الحكم المعروض صادر حضورياً بإعدام المحكوم عليه مما يجب معه على هذه المحكمة مراجعته للاستيثاق من مدى سلامته قانوناً عملاً بنص المادة 385 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين الواقعة وأورد للتدليل على ثبوتها في حق المحكوم عليه ” وحيث إن الوقائع تتحصل استخلاصاً مما ورد في الأوراق من أنه بتاريخ الواقعة أبلغ المواطن…. مركز الشرطة المختص أن العامل معه بالمزرعة المدعو … قد قتل وأن لديه ثلاثة عمال منهم المجني عليه والثاني المتهم والثالث ….. وقد حضر إليه هذا الأخير وأخيره بأن المدعو … قام بطعن … بواسطة سكين وبذلك قام المبلغ بالتحفظ على المتهم وتسليمه للشرطة وعلى أثر هذا البلاغ انتقل مأمور الضبط إلى عين المكان وتم إبلاغ النيابة بحصول الواقعة فحضر عضو النيابة وأجرى كشفاً على مسرح الجريمة التي وقعت داخل حجرة من الأحجار العادية مغطاة بالصفيح داخل المزرعة وبالدخول إلى الحجرة المشار إليها وجد بداخلها جثة لشخص أسمر البشرة يرتدي سروالاً رياضياً وبنزع ملابسه لاحظ عضو النيابة المحقق ومعه رجل الأمن أثار لطعنه بصدر المجني عليه بعرض 3 سم في منتصف الصدر تحديداً وسجعه خلف الظهر بحجم 1 سم تقريباً ودماء على ملابس القتيل ، مع وجود سكين نوع أبو خوصة على مسافة متر من الجثة وبسؤال المتهم استدلالاً وتحقيقاً وفي كل مراحل الدعوى اعترف صراحة بانه هو من قتل المجني عليه وذلك بطعنه بواسطة سكين ” كمية ” تشادية لها تصاب جلد مرتين الأولى خارج الحجرة في الظهر والثانية داخل الحجرة وطعنه بالكمية في صدره عندما حاول المجني عليه الهرب إلى البراكة فلحق به المتهم إلى الداخل وطعنه في الصدر حتى سقط أرضاً – والسبب في ذلك كله مرجعه إلى الإهانة السابقة من القتيل للمتهم ، رغم إنهاء الخلاف بينهما من قبل جماعة من السودان يشهر قبل حصول الجريمة – لكن المجني عليه كرر نفس الأسلوب في نفس يوم الواقعة داخل الصوبة وفي المساء وبعد تناول وجبة العشاء مع بقية الجماعة العاملين بالمزرعة وبدلاً من الخلود إلى النوم حصل بينهما نقاش حول الموضوع السابق فرد المجني عليه على المتهم بأنه لم يقل أي كلام أو إهانة له وهو لا يخاف من أي زول عندها قام المتهم بإخراج الكمية التي كان يحتفظ بها في جيبه – وشهرها على القتيل فهرب هذا الأخير إلى داخل البراكة ولكن المتهم لحقه وطعنه بها في صدره حتى سقط أرضاً ، وعلى أثر صراخ الضحية استيقظ المدعو محمد موسى الذي كان نائماً معهما ومسك المتهم بعد مشاهدته للجريمة – وأقتاده إلى حيث يقيم المدعو إسحاق في المزرعة المجاورة وعند العودة والدخول إلى الحجرة التي كان بها القتيل وجدوه قد فارق الحياة فهرب المتهم حتى تم إلقاء القبض عليه ، وأضاف المتهم بأنه اشترى الكمية من سوق الزهراء وكان ينوي طعن المجني عليه بها واستلها فعلاً من الجيب عند حصول المشكلة مع المذكور وطعنه بها في صدره وبسماع شهادة كل من … ، … بمحضري الشرطة والنيابة شهد الأول أن من قام بقتل المجني عليه هو … بواسطة سكين كان يحمله بيده والمجني عليه كان جالساً على ركبتيه والدماء تنزف من صدره وحسن أمامه – وأضاف الشاهد أنه كان نائماً معهما بنفس الحجرة التي حصلت فيها الواقعة وقد استيقظ على أثر صراخ القتيل وذكر له الأخير بأن حسن ضربه بالموس فأمسك على إثرها الجاني ونقله إلى حيث يقيم الشاهد الثاني إسحاق وأخبره بأن حسن طعن عبد العزيز بالسكين وقام الشاهد الأول بإبلاغ صاحب المزرعة بذلك. وقال الشاهد الثاني أن الشاهد الأول حضر إليه ليلة الواقعة ومعه المتهم وطلب منه التحفظ عليه لأنه ضرب … بسكين وذهب إلى الحجرة التي بها المجني عليه مع المتهم الشاهد الأول فأفاد الشاهد الأول أن … مات وقد لاحظا المجني عليه ملقى على الأرض عندها هرب المتهم.
وأرفق تقرير الصفة التشريحية الذي يحمل رقم 1506/04 طب شرعي الذي جاءت نتيجته أن سبب وفاة المجني عليه عبد العزيز هي طعنه حيوية حديثة نافذة إلى التجويف الصدري من الجهة اليسرى لما أحدثته من قطع للشريان الأورطى للقلب وما صاحب ذلك من نزيف دموي غزير وأن الإصابة على الظهر لا علاقة لها بالوفاة وأن الإصابات حصلت من أداة حادة أياً كان نوعها ” مطواة ” أو سكين أو ما في حكم ذلك وأن الجرح طعني رأسي الوضع بطول حوالي 2 سم يسار الصدر مقابل الضلع الأمامي الثاني – بحيث إنه من خلال ما تقدم ثبت للمحكمة أن الواقعة المنسوبة للمتهم تشكل جناية القتل العمد وهي قائمة في حقه يقيناً بجميع أركانها وعناصرها القانونية وصحت نسبتها إليه أخذاً من اعترافات المتهم الصريحة والواضحة في كل مراحل الدعوى وأمام هذه المحكمة حيث أقر بقتله للمجني عليه بطعنه له بسكين في صدره ليلة الواقعة عندما كان بالبراكة داخل المزرعة العاملين بها وحصلت بينهما مشادة كلامية وعندها أخرج المتهم السكين من جيبه وطعنه بها مرتين الأولى خارج البراكة على الظهر والثانية في التجويف الصدري عندما حاول المجني عليه الهروب منه فلحق به داخل البراكة وطعنه بالكمية التي كان يحملها لهذا الغرض حتى سقط المجني عليه أرضاً. وكان ينوى مسبقاً طعن القتيل بالسكين الذي اشتراه لهذا الغرض وهي ثابتة كذلك من شهادة محمد موسى بمحضر الشرطة والنيابة كما سلف البيان ومن تقرير الصفة التشريحية للجثة والذي يحمل رقم 1506/2004 طب شرعي من أن سبب وفاة المجني عليه تعزى إلى إصابة طعنة حديثة نافذة للتجويف الصدري من الجهة اليسرى لما أحدثته من قطع بالشريان الأورطى للقلب وما صاحب ذلك من نزيف دموي إصابي غزير.
وبذلك يكون الركن المادي للجريمة ثابتاً من خلال النشاط الإجرامي الذي أتاه المتهم بطعن المجني عليه بأداة حادة من شأنها أن تحدث الموت لأنها آلة طاعنة جارحة لها غور بطبعها وأن الإصابة التي تمت كانت في مقتل وهو التجويف الصدري النافذ للقلب مباشرة – وان علاقة السببية بين النشاط الإجرامي والنتيجة تكون متوافرة هي الأخرى وفق ما أكده الطبيب الشرعي في تقرير الصفة التشريحية من كون وفاة المجني عليه قد نجمت عن إصابة طعنيه في التجويف الصدري ولما أحدثه ذلك من قطع للشريان الأورطى للقلب وما سببه من نزف غزير بأداة حادة – وبالتالي فإن القتل حصل بآلة حادة قاتلة بطبيعتها وكانت الطعنة في مقتل من جسم المجني عليه وبفعل المتهم مباشرة باعترافه وإقراره الصريح كما سلف البيان – وحيث إنه حول توافر القصد الجنائي الخاص وهو نية إزهاق روح المجني عليه ولئن كان هذا القصد أمراً خفياً يضمره الفاعل في نفسه ولكن المحكمة تستخلصه بالإقرار أو المظاهر الخارجية الدالة عليه من خلال الوقائع وظروف الحال – والمحكمة ترى أن هذا القصد متوافر في واقعة الحال حيث ثبت أن إرادة المتهم قد اتجهت منذ البداية إلى إزهاق روح المجني عليه وقتله أخذاً من إقراره في كل مراحل الدعوى وأمام هذه المحكمة بطعنه للقتيل بأداة حادة طعنه نفذت إلى التجويف الصدري والقلب إلى أن قطعت الشريان الأورطى للقلب وسببت نزفاً شديداً للقتيل حتى سقط أرضاً وفارق الحياة – ومما يؤكد هذه النية أن المتهم طعن المجني عليه بداية حسب إقراره على ظهره وعندما حاول المجني عليه الإفلات والهرب ودخل البراكة لحق به المتهم وعاود طعنه بالسكين ثانية في مقتل قاصداً التخلص منه ولو لم يكن ينوي قتل المجني عليه لاكتفى بالضربة للمجني عليه على ظهره ولكنه استمر في ملاحقته وطعنه بآلة حادة في مقتل من جسمه حتى نفذت للقلب وقطعت الشريان الأورطى – مما يقطع بتوافر نية إزهاق روح المجني عليه لديه لا سيما وقد أقر صراحة أمام الشرطة والنيابة بأنه اشترى الكمية قبل حصول الواقعة من سوق الزهراء واحتفظ بها في جيبه وكان ينوي من وراء ذلك قتل المجني عليه نتيجة الخلافات السابقة معه وحباً للانتقام. والمحكمة تطمئن لكل الأدلة المطروحة السالف بيانها – وبذلك تكون تهمة القتل العمد ثابتة في حقه بكامل أركانها وعناصرها القانونية “.
ثم عرض الحكم بعد ذلك لدفوع الطاعن ودفاعه وردها بقوله : ” وحول الدفع بعدم تقدم أولياء الدم بطلب القصاص وعدم توافر القصد الجنائي – فإن ما سبق بيانه يكفى للرد على ذلك ويضاف إليه أن شرط طلب أولياء الدم لمعاقبة القاتل قصاصاً لم يعد هذا الشرط قائماً بعد أن تم تعديل المادة الأولى من القانون 6 لسنة 23 بشأن القصاص والدية.. “.
لما كان ذلك وكانت الواقعة كما بينها الحكم المعروض والأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة على النحو السالف تتحقق بها جريمة القتل العمد المجرمة بالمادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 1430 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 6 لسنة 1423 ميلادية بشأن أحكام القصاص والدية وكان استدلال الحكم المعروض على توافر نية القتل في حق المحكوم عليه له أصل ثابت في أوراق الدعوى ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها في هذا الخصوص دون مجافاة للعقل والمنطق وكان ما ساقه الحكم في شأن طرح دفوع المحكوم عليه يعد سائغاً وله ما يسانده ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها في هذا الصدد دونما قصور في التسبيب أو فساد في الاستدلال – إلا أنه وبالنظر لأن الوكيل المفوض من أولياء الدم بالعفو عن الجاني قد تقدم بتاريخ 2005.12.13 بطلب جاء فيه أنه بناء على التوكيل الصادر إليه من أولياء الدم بتاريخ 2004.5.4 يقر وهو بكامل قواه ودون إكراه من أحد قد تنازل عن الدعوى وعفا عن الجاني وتنازل عن طلب القصاص وعفا عن الدية أيضاً – وكان قد أرفق بملف الدعوى توكيلاً شرعياً صادراً له من أولياء دم القتيل – محرراً أمام موثق عقود بالسودان ومصدق عليه من وزارة الخارجية السودانية يفوضونه فيه بالعفو على الجاني والتنازل عن القصاص والدية ومرفق به إعلام شرعي صادر عن المحكمة الشرعية بتيالا بالسودان بثبوت وفاة … وانحصار أرثته في ورثة والده … ووالدته … وزوجته … و ابنته القاصرة .. وهو ما يتأكد به أن العفو الصادر عن المدعو …. بصفته وكيلاً عن أولياء الدم – هو عفو ممن له الحق فيه.
لما كان ذلك وكان من المقرر أن أولياء دم القتيل هم ورثته ذكوراً وإناثاً وان عفو أحدهم يسقط القصاص ويجعل العقوبة البديلة هي السجن المؤيد والدية عملاً بنص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 1430 المشار إليه. وكان قضاء المحكمة العليا قد جرى على أن الدية تستحق بسبب العفو المسقط للعقاب قصاصاً وتعتبر في هذه الحالة حقاً لولي الدم بدلاً من نفس المجني عليه جبراً للضرر الذي أحدثته الجريمة به وأن كلاً من القصاص والدية فيه معنى البدلية على النفس لما في ذلك من نفع لولي الدم يعوضه عما فقده بقتل موليه. وبذلك يحق له العفو عن الدية كما أعطاه المشرع هذا الحق في العفو عن القصاص.
وبذلك فإن المحكمة استناداً إلى عفو ولي الدم تجعل العقوبة السجن المؤيد فقط.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً ، ونقض الحكم المعروض وسقوط القصاص والدية للعفو ومعاقبة المحكوم عليه بالسجن المؤبد عما نسب إليه.