Skip to main content

طعن جنائي رقم 77/ 53ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 77
  • السنة القضائية: 53
  • تاريخ الجلسة: 12 سبتمبر 2006

طعن جنائي رقم 77/ 53ق

خلاصة المبدأ

افتراض توافر القصد الجنائي في جريمة جلب المواد المخدرة بمجرد تملك السيارة وقيادتها لمسافة طويلة – فساد في الاستدلال – بيان ذلك.

الحكم

الوقائع/ وحيث إن وقائع الدعوى تخلص في أن النيابة العامة اتهمت الطاعن كونه بتاريخ 2003/7/19 ف بدائرة مكتب التحري:

  1. جلب بقصد الاتجار من الجزائر إلى الجماهيرية المادة المخدرة نوع حشيش المبينة بتقرير الخبرة المرفق
  2.  حاز بقصد الاتجار المادة المخدرة حشيش ” المبينة بتقرير الخبرة المرفق، وقد ارتكب هذا الفعل الإجرامي لذات الغرض من ارتكابه الجريمة السابقة.

وقدمته لغرفة الاتهام لإحالته على دائرة الجنايات ومعاقبته وفق نص المواد 1، 2،7/1، 1/34 35 بند 1، 42، 46 من القانون رقم 1990/7 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية والمادة 1 من القانون رقم 1425/19 المعدل للقانون سالف الذكر، 76، 169 من قانون العقوبات، والغرفة قررت ذلك، ودائرة الجنايات بمحكمة استئناف طرابلس قضت في الدعوى حضورياً.

أولا:- بمعاقبة (…) بالإعدام رمياً بالرصاص وتغريمه خمسين ألف دينار عما نسب إليه وأمرت بمصادرة المخدر المضبوط وبنشر ملخص الحكم مرتين متتاليتين على نفقته بصحيفة الميزان والجماهيرية والشمس، مع إذاعة منطوق الحكم بالإذاعتين المسموعة والمرئية، وإلصاق إعلان بمنطوقه في لوحة الإعلانات بمحكمة استئناف طرابلس وفي منفذ رأس جدير، وصالة المغادرين بمطار طرابلس العالمي.

ثانياً:- بفقدانه الأهلية القانونية ومصادرة السيارة رقم (………)).

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005/8/18 ف وبذات التاريخ قمر المحكوم عليه الطعن على الحكم بطريق النقض من داخل السجن وعس النموذج المعد لذلك أمام ضابط الشرطة، وبتاريخ 2005/10/1 هاوي المحامي (…) مذكرة بالأسباب التي بني عليها الطعن موقعة منه الفاح الطاعن لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم، وبموجب محض ما واضح الدلالة، قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي يقول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة حددت جلسة 2006/6/26 ف لنظر الطعن، وتلا المستشار المقرر تقرير تلخيص عن الدعوى وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضرها ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى شروطه، فهو مقبول شكلاً.

ومن حيث إن الطاعن ينعى علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع، وفصل ذلك قائلا: إن المحكمة المطعون في حكمها دانتـه عـن تهمة جلب المخدرات التي ضبطت بسيارته المتولي قيادتها في حين أنه لا علم له بوجود هذه المادة المضبوطة بتلك السيارة، وأنه كان مجرد عامل يقوم بأعمال لحساب المدعو (…) جزائري الجنسية وأن السيارة التي ضبطت بها المادة هي في حقيقة الأمر ما زالت مملوكة لذلك الشخص، وهو الجاني الحقيقي وأن تسجيلها باسم الطاعن كان لغرض قيامه بأعمال لحساب مالكها الحقيقي (…)، وأن الطاعن كان مجرد أداة معنوية في يـد الجاني الحقيقي بدليل أنه أمره بتسليم السيارة للمدعو (…) ومما يؤيد ذلك أنه قبل أن يصل إلى صبراتة توقف في منطقة زلطن والتقى بشخص جزائري يدعى (…) ورافقه إلى إحدى المزارع الموجودة بضواحي مدينة زوارة ثم أخذ منه السيارة ودخل بها إلى إحدى المزارع، وأن إجراءات السيارة باسم الطاعن ما هو إلا تستر عن ملكية المدعو (…) للسيارة وأن الطاعن لا صلة له بالمادة المخدرة المخبأة بها فهو مجرد أداة ويأخذ مقابل أجرة عن كل تكليف منه بمبلغ 400 دينار دون أن يعلم مضمون التكليف سوى أن المذكور له نشاط تجاري في العملة وليس في المخدرات، وقد ورد بالحكم أن الذي عبأ السيارة بالمخدرات هو (…) ومما يؤكد عدم علمه بوجود المخدرات بالسيارة أنه التقى بشخص يدعى (…) جزائري الجنسية وعلم منه بأن المدعو (…) ذكر له بأنه أرسل الطاعن إلى الجماهيرية على متن سيارة وبها ست كيلو جرامات من مخدر الحشيش ولما واجهه الطاعن نفى المدعو (…) ما نقله عنه المدعو (…) وهو ما يؤكد

أن الطاعن كان حسن النية ولم يتوفر في حقه القصد الجنائي الذي كان على المحكمة أن تستظهره وتدلل عليه، بل إن ما أوردته في أسبابها يؤكد انتقاء صلة الطاعن بالمادة المخدرة المضبوطة، كما أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن استنادا على اعترافه تحقيقا واعتبرت المحكمة القصد الجنائي العمد متوافراً في حقه من خلال استخدامه للسيارة المضبوطة في نشاط مشبوه مع المدعو (…) دون أن يبين كنه هذا النشاط، كما أسست المحكمة عقيدتها على علم الطاعن في السابق بتعبئة السيارة في رحلة سابقة بعدد ست كيلو جرامات من المخدرات في حين أن هذا العلم سبق وأن أكد انتفاءه على لسان الشخص الجزائري المدعو (…) الذي أكد بأن من عبأ السيارة بست كيلو جرامات من المخدرات هو المدعو (…) الذي قال بأنه غير صحيح، وبما يستنتج منه عدم علم المتهم (الطاعن بالمواد المخدرة التي عبأها المدعو (…) في المرة السابقة، وبالتالي سيكون المتهم حريصاً في هذه المرة بالرغم من أنه تم تعبئتها بالمخدرات، ولا يتصور أن يحيط المدعو (…) الطاعن علما بإخفاء المخدرات بالسيارة في المرة السابقة، إذ لو أعلمه بذلك فلن يقوم الطاعن بهذه الرحلة، ومن مصلحة المدعو (…) أن يخفى هذه المعلومة لضمان نجاح خططه، إلا أن المحكمة اتجهت إلى أن القصد الاحتمالي، وهو نوع من القصد العمد متوافر في حقه، لأنه يعلم بوجود المادة المخدرة بالسيارة التي يملكها وتحت سيطرته بالرغم من وضوح انعدام العلم، وبما يكون معه الحكم المطعون فيه قد بني على استنتاجات وافتراضات وليس على أدلة يقينية، وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه قد جاء محلاً بحق الدفاع، ذلك أن دفاع الطاعن طلب أمام المحكمة المطعون على حكمها منحه أجلا السماع شهادة شاهد لتبرئة الطاعن مما نسب إليه، إلا أن المحكمة لم تعطه فرصة لسماع هذا الشاهد، والتي قد يتغير بسماعها وجه الرأي في الدعوى، وانتهى إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.

و من حيث إنه بالاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه بيبين أنه أورد بأسبابه عند استعراضه الوقائع وواجهته ” المتهم ” النيابة العامة بتهمة جلب وحيازة المخدرات بقصد الاتجار فأنكرها ونفي علمه بوجود المخدرات بداخل السيارة، وبرر اعترافاته استدلالاً بأنها انتزعت منه تحت تأثير الإكراه، حيث تعرض للضرب، فأمر وكيل النيابة بعرضه على الطبيب الشرعي لبيان مدى تعرضه للضرب من عدمه، فأصدر تقریره رقم (…)، أثبت فيه أنه قام بالكشف على المتهم، وأن المذكور يعاني من كدم واحد فقط بالمنطقة الوحشية العليـا مـن الـبـطـن نـاجـم عـن مثلوم حدث قبل مدة تتراوح بين (7) إلى 10 أيام مضت أي بتاريخ يتناسب مع تاريخ ضبط أقواله استدلالاً، وذكر بأن السيارة رقم (…) التي تم ضبط المخدرات بداخلها مسجلة باسمه، وأنه اشتراها بمبلغ ستة آلاف دولار أمريكي عن طريق المدعو (…) الذي يكلفه بالسفر بها إلى الجماهيرية مقابل أربعمائة دينار عن الرحلة، وفي المرة الأخيرة طلب منه تسليمها للمدعو (…) لتهريب عملة بها عند عودته من ليبيا إلى الجزائر، وذكر بأنه علم عند عودته في المرة السابقة إلى الجزائر أنه نقل بها ستة كيلو جرامات من المخدرات حيث قال ” التقيت بشخص يدعى (…) جزائري الجنسية وهو صديق للمدعو (…) وأخبرني بأنه حينما تناول الخمر رفقة المدعو (…) أخبره بأنه أرسلني إلى الجماهيرية على متن السيارة وبها ستة كيلو جرام لمخدر الحشيش فقمت بمواجهة (…) بذلك الكلام فأخبرني بأنه غير صحيح، ثم أورد الحكم وهو بصدد تكوين عقيدة المحكمة القول: وحيث إنه من الثابت باعتراف المتهم تحقيقاً أنه يستخدم السيارة في نشاط مشبوه بالاشتراك مع المدعو (…) وإنه سبق أن علم بأنه قام بنقل سنة كيلو جرام من المخدرات بها من الجزائر إلى ليبيا في المرة الأولى التي دخل بها إلى الجماهيرية، ومن المحتمل بذلك أن يكون محباً بها مخدرات في المرة الثانية، وكان عليه أن يتوقع أن يضبط وهي محشوة بالمخدرات، إلا أنه وقف موقف التغاضي وعدم الاكتراث بما يجعل قصده الاحتمالي قائماً في أن يقوم مقام القصد الأصيل في تكوين ركن العمد طبقاً للمادة 103 من قانون العقوبات، ولا وجه للدفع بعدم علمه بوجود المخدرات مخبأة بالسيارة التي يمتلكها، وحيث إن المحكمة تستشف قصده الجنائي في جريمة جلب المخدرات من القرائن المستمدة من حيازته للسيارة المخبأ بها المخدرات وقيادتها من الجزائر إلى الجماهيرية خالية من الركاب ودون وجود هدف بريء لديه كالسياحة أو العمل… الخ، وقيامه بعد ذلك بتنفيذ مخطط كيفية تسليم السيارة لآخر ليتولى استخراج ما بها من مخدرات بعد أن تجاوز الحدود والخط الجمركي ودخل بها النطاق الإقليمي للجماهيرية حتى وصل إلى مشارف مدينة طرابلس حيث محطة كهرباء غرب طرابلس، وهناك تم ضبط السيارة وتفتيشها بإذن مسبق من النيابة العامة، وأسفر التفتيش عن ضبط ما يقرب من أحد عشر كيلو جراماً من مخدر الحشيش على النحو الذي أسفر عنه تقرير الخبرة السالف البيان، ثم أورد الحكم بصدد القصد الجنائي في جريمتي جلب المخدرات وحيازتها بجسامة الكمية المضبوطة وبوجود الكمية في سيارته المملوكة له، والتي تخضع لرقابته وإشرافه الدائم الذي يقيم القرينة على علمه بما يحدث بها، بما في ذلك فك صندوق السرعات وإخفاء المخدرات فوقه بداخل قاعدة هيكل السيارة ثم قيادتها إلى الجماهيرية وقطع مسافة كبيرة جداً لتسليم ما بها إلى شخص معين، ناهيك عن توفر القصد الاحتمالي بجانب القصد الأصيل في جلب المخدرات، حيث سبق أن علم بأنه قام بنقل ستة كيلو جرام من المخدرات إلى الجماهيرية، حيث تنص المادة 103 من قانون العقوبات على أنه، من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها، ولو كانت غير التي تعمد ارتكابها متى كانت الجريمة التي وقعت يحتمل وقوعها عادة نتيجة للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة التي حصلت، فإن كان قد نعى بأنه قام بعملية النقل تنفيذاً لنشاط مشبوه هو تهريب العملة الصالح المدعو (…) وكان قد سبق له العلم بأنه قام بنقل المخدرات بنفس السيارة، وهي جريمة يحتمل وقوعها عادة في المرحلة الأخيرة، فإن قصده الاحتمالي في جلب المخدرات يكون كذلك متوافراً، ويقوم مقام القصد الأصيل بما يدل على توفر القصد الجنائي لديه بجانب القصد الجنائي المستمد من ثبوت علمه بالمخدر من خلال القرائية السالفة البيان..)).

كما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه، (( ولاحظت أن المحامي الخاص قد تعمد المماطلة في الدفاع عن المتهم على مدى تسع عشرة جلسة، وذلك بالغياب تارة، وبتفويض غيره تارة أخرى، ثم لجأ إلى الادعاء بوجود شاهد منحته المحكمة فرصة لإحضاره، وفي يوم الجلسة المحددة كآخر أجل ذكر بأن الشاهد موجود خارج القاعة جاء من الجزائر خصيصاً فأمرت المحكمة بإحضاره فخرجت المحامية، وعادت وقالت بأنها لم تعثر عليه، على الرغم من أن المحكمة تحيط بها مساحة محدودة في منطقة سجن عين زارة ومن السهل العثور عليه، الأمر الذي جعل المحكمة تعتقد بعدم مصداقية المحامية، وتحجز الدعوى للحكم استناداً إلى المرافعة التي تمت بحضور دفاعه المنتدب من المحاماة الشعبية، وعلى الرغم من أن المحكمة استجابت إلى طلب المحامية بمنحها فرصة يوم واحد لتقديم مذكرة بدفاعها فأعطتها 48 ساعة إلا أنها امتنعت عن تقديم مذكرتها في الميعاد )).

لما كان ذلك، وكان يبين مما سلف أن الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه حين دان الطاعن عما نسب إليه بتوافر القصد الجنائي بحقه افتراضا من ضبط كمية المخدرات بالسيارة التي يقودها والمملوكة له وقيادته لها مسافة كبيرة من الجزائر إلى ليبيا والمخدرات مخبأة بالسيارة التي يمتلكها، وكانت السيارة خالية من الركاب ودون وجود هدف بريء الديه كالسياحة أو العمل، وكذلك أنه سبق أن علم بأنه قام بنقل سنة كيلو جراماً من المخدرات بها من الجزائر إلى ليبيا في المرة الأولى، ومن المحتمل أن يكون مخبأ بها مخدرات في المرة الثانية، وكان عليه أن يتوقع أن يضبط وهي

محشوة بالمخدرات، إلا أنه وقف موقف التغاضي وعدم الاكتراث، وبما يجعل قصده الاحتمالي قائماً في أن يقوم مقام القصد الأصيل.

ومن حيث إن الطاعن أنكر علمه بوجود المخدرات بالسيارة وإن السيارة مملوكة لآخر، وإن ملكيته لها كانت لغرض السفر إلى ليبيا، كما ذكر بأنه لا علم له بأنه كان بها مخدرات في المرة السابقة، وإن الذي أبلغه شخص جزائري عقب عودته، حيث ذكر له بأن مالك السيارة المدعو (…) أبلغه بأن السيارة بها كمية من المخدرات في المرة السابقة، وإنه ذهب إلى المدعو (…) الذي أبلغه بأن ذلك لم يحدث.

لما كان ذلك، ومن حيث إنه وإن كان من المقرر إن جريمة جلب المخدر وحيازته بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها، إلا أن ذلك مشروط بأن يقيم قضاءه على ما يسوغه. ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه بافتراض القصد الجنائي لدى الطاعن وعلمه بوجود المخدرات بالسيارة من تملكه لها وقيادتها مسافة طويلة، وعلمه بأنه سبق وأن حملت بالمخدرات وعدم وجود هدف بريء كالسياحة أو العمل، وكان الطاعن قد نفى علمه بوجود المخدرات، وكانت المادة المخدرة مخبأة وغير ظاهرة للعيان، كما أن الطاعن ذكر بأن مالك السيارة أبلغه بعدم صحة ما سمعه بأن السيارة كانت تحمل مخدرات في مرة سابقة، الأمر الذي يكون ما أورده الحكم المطعون فيه هو استناد إلى قرائن لا تحمل قضاءه الذي انتهى إليه، إذ لا تصلح للجزم بتوافر القصد الجنائي لدى الطاعن، وهو الأمر الذي يستوجيه قضاء الإدانة.

ومن حيث إنه لذلك، فإن هذا الوجه من مناعي الطاعن على الحكم المطعون فيه قد جاء في محله، وبما يستوجب نقض الحكم المطعون فيه، ودونما حاجة لمناقشة باقي المناعي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابل (دائرة الجنايات) لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.