طعن جنائي رقم 418-52 ق
طعن جنائي رقم 418-52 ق
خلاصة المبدأ
حجز مأمور الضبط القضائي المتهم، مدة تجاوز المدة المقررة قانونا – أثره.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين (…) و(…) ومعهما كلا من (…) و(…) و(…) لأنهم بتاريخ 11/9/2004 ف وما قبله بدائرة اختصاص مركز شرطة المدينة ببنغازي:
- المتهمون من الأول حتى الثالث بوصفهم موظفين عموميين بمصرف الوحدة وكالة المنقار اختلسوا أموال عامة بأن أعد الأول صكاً مزوراً أثبت به قيمة وهمية بمبلغ خمسة وستين ألف دينار وأدراجها الثاني في حساب أحد الزبائن واستولي عليها الثالث من أموال المصرف تنفيذاً لاتفاق مسبق بينهم على اقتسامها.
- بوصفهم موظفين عموميين أحدثوا عمدا ضررا جسيما بالمال العام وبمصلحة عامة بأن قاموا بتفجير فرعى مصرف الوحدة الميدان ووكالة المنقار وترتب على ذلك إتلاف محتويات المقرين وتعطيل مصالح المتعاملين معهما.
- بوصفهم السابق خربوا عمدا منشأة عامة بأن فجروا فرعى مصرف الوحدة الميدان ووكالة المنقار مما ترتب عليه تخريب المقرين وإتلاف محتوياتهما جزئيا
- بوصفهم السابق حصلوا على نفع غير مشروع (مبلغ خمسة وستين ألف دينار) باستعمال الطرق الاحتيالية و بالتصرف في مال منقول ليس ملكا لهم ولا حق لهم بالتصرف فيه اضرار بجهة عامة بأن زور الأول صكاً مصدقاً بالقيمة المذكورة مسحوبا على حساب أحد الزبائن وأدرجت الثاني بالحساب وسحبه الثالث من مال مصرف الوحدة فرع المنقار وسلمه للأول تنفيذا منه لاتفاق مسبق باقتسامه على النحو الوارد بالأوراق.
- ارتكبوا فعلا من أفعال التخريب لغرض غير شريف للاعتداء على سلامة الدولة بأن قاموا بتفجير مقري مصرف الوحدة المدينة وفرع المنقار فأضرموا النار فيهما لإخفاء جريمة الاختلاس.
- المتهم الثاني وحده أضرم النار عمدا في ملك الغير بأن أشعل النار في مقر فرع مصرف الوحدة راس المنقار على الوجه الموضح بالأوراق.
- المتهمان الأول والثاني اشتركا مع الثاني بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكابه جناية إضرام النار في ملك الغير فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.
- المتهمون الرابع والخامس والسادس شاركوا الأول والثاني والثالث في ارتكاب جناية تفجير فرعى مصرف الوحدة الميدان والمنقار بطريق الاتفاق والمساعدة فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.
- المتهمون جميعا عدا الثالث حازوا وأحرزوا مفرقعات دون ترخيص من الجهات المختصة بأن حازوا عبوات ناسفة (جلطينه) في أوقات مختلفة.
- المتهمون الأول والرابع والخامس والسادس اتجروا في الذخائر والمفرقعات بأن اشترى الأول من الرابع والخامس والسادس عبوتين ناسفتين (جلطينة) فدفع الأول مائة دينار للرابع الذي دفع للخامس خمسين دينارا منها فدفعها للسادس وزاده خمسة عشر دينارا كل ذلك بنية الاتجار وعلى الوجه المفصل بالأوراق.
- المتهمان الخامس والسادس صنعا مواد متفجرة بأن قاما بطحن مادة البارود وتعبئتها في علب ثم وصلاها بفتيل وصاعق بعد إحكام قفلها.
- المتهمان الأول والثاني تعاطيا مواد مخدرة بأن قاما بتدخين مادة الحشيش وبهذا الوصف طلبت النيابة العامة الى غرفة الاتهام إحالة المتهمين على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بموجب حكم المواد 1و2و4و9/1و2و4و9/1و27 من قانون الجرائم الاقتصادية رقم 2/79 وكذلك المواد 99 و 100/10 و2و20و297و323و461 عقوبات والمواد 2و3 من القانون رقم 6-1981 بشأن الأسلحة والذخائر والمفرقعات والمادتين 1 و 37 من القانون رقم 7/90 ف بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية فأمرت الغرفة بذلك.
وبتاريخ 15/1/2005 قضت محكمة طرابلس التخصصية حضورياً: بسجن كل من (…) و (…) تيكه لمدة سبع سنوات لكل واحد منهم وتغريمهم متضامنين مبلغ خمسة وستين ألف ديناراً عن جريمة الاختلاس وإضرام النار في ملك الغير والحصول على نفع غير مشروع وارتكابهم أفعال التخريب لغرض غير الاعتداء على سلامة الدولة وتهمة حيازة الذخائر والمفرقعات المسندة للمتهم الأول (…) والثاني (…) وبسجن كل من (…) و (…) ثلاث سنوات لكل واحد منهم عن جريمة حيازة الذخائر والمفرقعات دون ترخيص واعفت جميع المتهمين من المصاريف الجنائية وبراءة كل من (…) (…) من جريمة الاشتراك في تفجير فرعى مصرف الوحدة الميدان ورأس المنقار وبراءة المتهمين الأول والرابع والخامس والسادس من تهمة الاتجار في الذخائر والمفرقعات وببراءة المتهمين الأول والثاني من تهمة تعاطى المخدرات وبراءة المتهمين الخامس والسادس من تهمة تصنيع المتفجرة المسندة لكل واحد منهما.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
بتاريخ 15/1/2005ف صدر الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 17/1/2005 ف قرر المحكوم عليهما الأول والثاني الطعن فيه بطريق النقض من داخل السجن، كما قرر المحكوم عليه الثالث الطعن فيه بطريق النقض من داخل السجن بتاريخ 19/1/2005 ف، وبتاريخ 7/3/2005 ف محامي الطاعن الثاني لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه، كما أودع بتاريخ 13/3/2005 فقط لدى نفس القلم محامي الطاعن الأول مذكرة موقعة منه تضمنت أسباب الطعن، ولم يودع الطاعن الثاني مذكرة بأسباب طعنه.
ونيابة النقض قدمت مذكرة برأيها القانوني، خلصت فيها الى الرأي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.
وهذه المحكمة حددت لنظر الطعن جلسة 19/11/2005 ف، وفيها نظر الطعن حيث تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وسمعت الدعوى، وتمسكت نيابة النقض، برأيها السابقة، ثم حجزت للحكم بجلسة 12-2-2006، ثم من أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 26/3/2005 ف.
الأسباب
وحيث أنه عن شكل طعن الطاعن الثالث فإنه لما كان من المقرر أن إجراء الطعن بطريق النقض وإجراء إيداع أسبابه يكونان وحدة إجرائية واحدة لا يغنى فيها أحدهما عن الآخر، ولا يقوم مقامه بحيث إذا لم يتخذ أحدهما أصلاً أو اتخذ بشكل معيب فقد الطعن مقومات قبوله شكلاً، ولما كان ذلك وكان الذي يبين من الوقائع السالف إيرادها أن الطاعن الثالث وان قرر بالطعن بطريق النقض في الميعاد المحدد قانوناً لذلك، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه في ذلك الميعاد والذى هو ستون يوما من صدور الحكم الحضوري، كما نصت على ذلك المادة 385 إجراءات جنائية، حيث خلا ملف الطعن مما يفيد إيداع أسباب طعنه الأمر يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلا.
وحيث أن طعني الطاعنين الأول والثاني قد حازا أوضاعهما المقررة لهما في القانون، ومن ثم فهما مقبولين شكلاً.
وحيث أن مما ينعى به الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع وقصوره في التسبيب بمقولة أنه قد دفع أمام المحكمة المطعون في حكمها يبطلان اعترافاته استدلالاً لأنها وليدة إكراه مادي ولأنها كانت ناتجة ومترتبة على قبض باطل لمخالفته للمادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على مأمور الضبط أن يسمع فوراً أقوال المتهم وإذا لم يأت بما يبرئه يرسله في مدة 24 ساعة إلى النيابة العامة وحيث أن القبض على الطاعن – المتهم- كان بتاريخ 11/9/2004 ف وتمت احالته الى النيابة العامة يوم 19/9/2004 ف ومن ثم فإن إجراءات القبض والتحقيق معه قد تمت باطلة لبطلان إجراءات مأمور الضبط بهذا الشأن بما يترتب عليه بطلان الاعترافات الصادرة عنه استدلالاً، لبطلان حجزة لمدة تزيد عن 48 ساعة المقررة لمأمور الضبط القضائي، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفع برد يفنده ورد عليه برد قاصر بما مفاده أن اعترافاته كانت صحيحة لأنه لا يوجد ما يفيد تعرضه للإكراه، واتخذت من اعترافه استدلالاً دليلاً استندت عليه في القضاء بالإدانة، وذلك ما يوصم الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه مع الإعادة.
وحيث أنه لما كان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض لمخالفته نص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وبطلان حجز المتهم لمدة تزيد عن المدة المقررة في المادة المذكورة قبل إحالته الى النيابة العامة وبالتالي بطلان أي دليل ناتج عن ذلك أو كان مترتباً عليه أو أثراً من أثاره هو من الدفوع الجوهرية التي ينبغي على محكمة الموضوع متى ما أثير أمامها أن تحققه وترد عليه بما يفنده قانوناً إذا ما عولت في قضائها بالإدانة على أي دليل ناتج عنه أو مترتباً عليه أو كان أثر من آثاره، فإن هي لم تقم بالرد عليه أوردت عليه برد قاصر لا يقوى على مجابهة الدفع وتفنيده ومع ذلك اتخذت من أي دليل مستمد من الإجراء المدفوع ببطلانه أو كان أثر من آثاره دليلاً للقضاء بالإدانة فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق المتهم في الدفاع.
لما كان ذلك وكان يبين من مذكرتي دفاع الطاعنين الأول والثاني المقدمة منهما للمحكمة المطعون في حكمها أنهما ضمناها دفعهما ببطلان اعترافاتهما استدلالا لأنها كانت وليده اكراه بالضرب ولأنها كانت مستمدة من إجراء باطل هو القبض عليهما بتاريخ 11/9/2004 ف وحجزهما لدى مأمور الضبط حتى يوم19/9/2004 ف، حيث بهذا التاريخ الأخير أحيلا الى النيابة العامة، ومن ثم فإن مدة حجزهما قد تجاوزت مدة 48 ساعة التي يجوز لمأمور الضبط قانوناً أن يحجز المتهم خلالها قبل احالته الى النيابة العامة، إذ يتعين عليه ان لا تزيد مدة حجزه له عن هذه المدة، وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما يتضح من مدوناته انه وان عرض للرد على دفع الطاعن ببطلان اعترافاتهم استدلالاً لأنها كانت وليده اكراه بالضرب بما مفاده ان هذا الدفع في غير محله لأن أقوالهم جاءت صريحة ومتسقه ولأنه لا يوجد بالأوراق ما يفيد تعرضهم للضرب ومن ثم فإن دفعهم لا يزيد عن كونه قولاً مرسلاً، إلا أنه لا يبين منه رده على دفع الطاعن الأول ببطلان اعترافاته استدلالاً لأنها وليدة اجراءات باطله هي القبض عليه وحجزه مدة زادت عن 48 ساعة قبل احالته من قبل مأمور الضبط الى النيابة العامة، وأن كان قد أورد في معرض ردوده على دفوع المتهمين أن ما دفع به دفاع المتهم الثاني فهي الأخرى قد تم الرد عليها في مضمونها ولا يوجد في الأوراق ما يفيد بطلان القبض وهو قول مرسل لا سند له بالأوراق، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بإدانة الطاعنين والمحكوم عليه المتهم الخامس ضمن ما استند عليه من الأدلة على اعتراف الطاعن الأول استدلالاً على نفسه وعلى المتهمين الثاني والثالث بارتكابهم للجرائم المسندة إليهم والتي دانهم عنها الحكم الطعين، وبأن المتهم الخامس هو من باع إليه المواد المتفجرة.
حيث أنه قام بشرائها منه، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في إدانة الطاعن على اعترافه استدلالاًَ والذى كان قد دفع أمام المحكمة المطعون في حكمها ببطلانه لأنه كان قد صدر منه أثر إجراءات باطلة هي القبض عليه وحجزه مدة زادت عن 48 ساعة قبل احالته الى النيابة العامة، ودون أن يورد هذا الدفع أو يرد عليه بما يفنده قانوناً، فإنه بذلك يكون قاصراً في أسبابه ومخلاً بحق الطاعن في الدفاع، ولا يغير من الأمر شيء كون الحكم الطعين كان قد أورد في معرض ردوده على الدفوع التي ذكر أنه قد دفع بها رده على دفع الطاعن الثاني – المتهم الثاني – ببطلان القبض عليه برد مرسل وقاصر على مجابهة ما كان قد دفع به في مذكرة دفاعه من بطلان القبض عليه لذات السبب الذى كان أورده الطاعن الأول تأسياً لبطلان القبض عليه وحجز حريته ومن ثم بطلان اعترافه، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن رده على دفع الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعد رداً منه على دفع الطاعن الأول في هذا الشأن أيضاً متى لم يفصح على أن الرد كان على دفعيها معاً. ومتى كان ذلك وكان الحكم لم يتناول دفع الطاعن ببطلان القبض عليه وحجزة لمدة زادت عن 48 ساعة قانوناً قبل إحالته الى النيابة العامة وبالتالي بطلان اعترافاته استدلالاً ولم يرد عليه بما يدحضه قانوناً ومع ذلك اتخذ من اعترافاته تلك سنداً لقضائه بإدانته وإدانة المتهمين الثاني والثالث والخامس، فإنه يكون مخلاً بحق الدفاع وقاصراً في الأسباب، ولا يعصمه من ذلك كونه استند في قضائه بالإدانة على عدة أدلة أخرى غير اعتراف الطاعن المدفوع ببطلانه، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية متسانده، ومنها مجتمعه تتكون عقيدة المحكمة فإن بطل أحدها أو استبعد تعذر معرفة أثره في تكوين عقيدة المحكمة لو فطنت إليه، وحيث أنه متى كان ذلك وكان الحكم معيباً بما سلف فإنه يتعين نقضه مع الإعادة.
وحيث أن سبب نقض الحكم يتصل بالمحكوم عليهم الطاعن الثاني وكذلك الطاعن الثالث والمحكوم عليه الخامس حميد مصباح القبى فإنه وتطبيقاً لحكم المادة 396 إجراءات جنائية يتعين نقض الحكم بالنسبة لهم أيضاً مع الإعادة، ودون حاجة لإيراد ومناقشه باقي مناعي الطاعن الأول و ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول طعن الطاعن الثالث شكلا، وبقبول طعني الطاعنين الأول والثاني شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لهما وبالنسبة للطاعن الثالث والمحكوم عليه الخامس حميد مصباح القبى، وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس التخصصية لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.