Skip to main content

طعن جنائي رقم 1528-49 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 1528-49 ق

خلاصة المبدأ

  1. القصد منه تنظيم العمل مخالفة ذلك – أثره.
  2. بطلان القبض لا يحول دون الأخذ بعناصر الإثبات التي لا صلة لها به.
  3. حجز المتهم من قبل مأمور الضبط مدة أطول مما يملكه – أثره.

الحكم

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين.. 

لأنهما بتاريخ 2001.2.24 ف بدائرة مكتب مكافحة المخدرات :-

  1. جلبا بقصد الاتجار وفي غير الحالات المصرح بها قانونا مواد مخدرة، بأن أدخلا إلى البلاد من الجزائر كمية كبيرة من مادة الحشيش المبينة وصفا ووزنا في الأوراق وفي التقرير الفني المرفق.
  2. حازا بقصد الاتجار مواد مخدرة في غير الحالات المصرح بها قانونا بأن حازا مادة الحشيش المبين وصفا ووزنا بالتقرير الفني المرفق وقد وقعت هذه الجريمة لذات الغرض الإجرامي من ارتكاب الجريمة الأولى وعلى النحو المفصل بالأوراق.

وقدمتهما إلى غرفة الاتهام طالبة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا لنصوص المواد.. 1، 2، 7، 34/1، 35، 42، 46 من القانون رقم 7/90 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية. و 76/2، 76/1 من قانون العقوبات.

والغرفة قررت ذلك.. 

ومحكمة الجنايات بعد أن نظرت الدعوى قضت فيها.. حضوريا.. بإدانة المتهمين ومعاقبة كل واحد منهما بالسجن مدة عشر سنوات وتغريم كل واحد منهما خمسة آلاف دينار عن التهمة الثانية وبراءتهما من التهمة الأولى ” الجلب ” وأمرت المحكمة بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة، وبنشر ملخص الحكم على نفقتهما مرتين متتاليتين في صحف الجماهيرية والفجر الجديد والميزان عما نسب إليهما وبلا مصاريف جنائية.

وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ.. 2002.5.25 ف.

وبتاريخ.. 2002.5.26 ف. قرر عليه المحكمة عليهما الطعن بطريق النقض من داخل مؤسسة الإصلاح والتأهيل ” الرئيسي ” وأودع محامي الطاعنين مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه بتاريخ.. 2002.6.23 ف. كما سبق لدفاع المتهم الثاني المحامي أبوبكر إيداع مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لدى ذات القلم بتاريخ.. 2002.6.12 ف.

وأودعت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن خلصت فيه إلى القول بعدم قبول طعن الطاعن الأول شكلا وبقبول طعن الطاعن الثاني شكلا وفي الموضوع برفضه.

وبعد أن أودع المستشار المقرر تقريره عن الطعن حددت جلسة.. 2002.12.18 ف. لنظره وفيها تلى تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها ثم حجزت للحكم بجلسة الأحد الموافق.. 2003.2.2 ثم مد فيها أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم وقضت المحكمة فيها بالحكم الآتي..

الأسباب

ومن حيث إن الطعن مقبول شكلا.

وحيث ينعى دفاع الطاعنين المحامي (…) على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.

وعن الوجه الأول قال بأن المحكمة المطعون في حكمها قد دانت الطاعنين عن تهمة حيازة المخدرات وبراءتهما من تهمة الجلب بالرغم من ان اعترافهما بالتهمتين كان وليد إكراه وأقرت المحكمة ذلك أخذ بتقرير الطبيب الشرعي الذي أثبت تعرضهما للضرب مما يكون معه الحكم قد أخطأ في استدلاله في إسناد تهمة حيازة المخدرات إلى الطاعنين.

ودفع بكيدية التهمة إذ ثبت عدم سفر المتهم الأول إلى الجزائر وعدم وجود اعتراف المتهمين أمام النيابة العامة والصحيح أن أقوال المتهمين اتفقت على رواية واحدة وهي أنهما حضرا إلى مكان الواقعة يوم.. 2001.2.16 ف. لمقر الشركة وذلك لغرض شراء قطع غيار وخردة من المدعو موسى سويسى حيث حضر إليه يوم 2001.2.17 ف. لتسلمها فأخبره بأن البضاعة راحت، كما لم يقم رجال المكافحة بتصوير المتهمين أثناء تصوير المواد المخدرة مما يبعث على الشك في صدق الاتهام. مما يكون معه الحكم قد أخطأ في الاستدلال أيضا. مما يوجب نقضه.

وعن الوجه الثاني من أوجه الطعن والذي مبناه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب قال الدفاع أن الحكم الطعين قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ دفع أمام المحكمة ببطلان حجز المتهمين حيث قبض عليهما يوم الجمعة.. 2001.2.16 ف. وليس كما ورد بقرار الاتهام وهو أمر ثابت من شهادة على حسين على الحنيش الذي شاهد الطاعنين يوم.. 2001.2.16 ف. بمكتب المكافحة ويوم.. 2001.2.17 ف بصالة التحقيق، كما ثبت أن البضاعة التي نسبت حيازتها للطاعنين ثبت أنها للشاهد محفوظ سالف الذكر الذي شهد بجلسة 2001.8.15 ف. بان البضاعة تخصه والذي حضر إلى المذكور يوم 2001.2.16 ف. فلم يجده ثم حضر إليه يوم.. 2001.2.17 ف فأخبره بأن البضاعة قد ضاعت. كما ورد بشهادة المدعو (…) المنتصر في إقراره الموجه إلى النيابة التخصصية والذي قرر فيه أنه التقى بالنزيل الهارب (…) وأفاد بأنه سوف يقوم بكتابة تقرير كيدي ضد الطاعنين وهو مودع بملف الدعوى. كما ورد ببلاغ شقيقة الطاعن الأول عن فقدانه مركز المدينة في يوم 2001.2.21 ف وهو أمر ثابت يؤكد أن الطاعنين قد قبض عليهما قبل يوم.. 2001.1.24 ف. وقد أغفلت المحكمة الرد على كل هذه الدفوع واكتفت بالقول بأنها دفوع مرسلة مما يكون معه حكمها قد أخل بحق الدفاع وشابه القصور في التسبيب.

وحيث انه عن أسباب الطعن المقدمة من المحامي أبوبكر معتوق دفاع الطاعن الثاني فقد نعى فيها على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وعن الوجه الأول قال أن الطاعن قد قبض عليه يوم.. 2001.2.16 ف. ولم يرسل إلى النيابة العامة إلا بتاريخ.. 2001.2.26 ف. وذلك ثابت من شهادة الرائد صالح مختار العجيلي مدير مؤسسة الإصلاح والتأهيل والثابت فيها انه شاهد الطاعنين مقبوضا عليهما ومحبوسين يوم.. 2001.2.16 ف. وكذلك شهادة على الخمسي في رسالته إلى مدير المؤسسة والتي ذكر فيها أنه كان بتاريخ.. 16، 2001.2.17 ف موقوفا بمكتب المكافحة وشاهد المتهمين موقوفين به. كما ان ذلك ثابت ببلاغ والده عنه مركز شرطة سوق الجمعة عن تغيب ابنه بتاريخ.. 2001.2.16 ف. كما أبلغ ذات المركز عند العثور عليه بمكتب المكافحة وصورة المحضر مرفقة بالأوراق. ودفع ببطلان الحبس وبطلان ما ترتب عليه من إجراءات التقاضي إلا أن المحكمة لم ترد على ذلك مما يكون معه حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون.

وأضاف الدفاع أن المحكمة برأت الطاعنين من تهمة الجلب وأدنتهما عن تهمة الحيازة مع ان الدليل فيهما واحدا وهو اعترافهما أمام مأمور الضبط والذي قضت المحكمة ببطلانه كان وليد إكراه مع أن الدليل لا يتجزأ فإذا كان غير صالح لإثبات تهمة الجلب فهو غير صالح لإثبات تهمة الحيازة. مما يكون معه الحكم قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.

وعن الوجه الثاني والذي مبناه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب قال الدفاع ان المحكمة استدلت على ثبوت تهمة الحيازة بما جاء في تقرير الخبير، ذلك أن المخدر الذي عرض على خبير التحاليل لم يكن هو المخدر المزعوم والذي وضع بعضه في وعاء وشمع بالشمع الأحمر لم يعرض على الطاعن قبل إرساله، كما أنه الطاعن لم يدع إلى الحضور طبقا لنص المادتين 43، 44 إجراءات وكان على المحكمة أن ترد على هذا الدفع وكل ما قالته ان ذلك مسألة تنظيمية وليس بواجب إعمالها. مما يعيب الحكم بالقصور.

وعن الوجه الثالث قال الدفاع ببطلان حبس الطاعن حيث سجل إيقافه بمركز شرطة غريان بتاريخ.. 2001.2.16 ف. وطلبت المحكمة المحضر ولكن النيابة التخصصية لم تنفذ أمر المحكمة وقضت في الدعوى دون أن تطلع عليه مما يجعل حكمها مشوبا بالإخلال بحق الدفاع.

وحيث يبين من الحكم المطعون فيه أنه اورد واقعة الدعوى في قوله: (أن واقعة الدعوى تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 2001.1.12 وردت معلومات إلى إدارة المكافحة والمخدرات والمؤثرات العقلية ط مكتب غريان “، من أحد المصادر، تفيد بأن المتهم حسين الورفلي موجود بالجزائر ويرغب في إدخال كمية من المخدرات إلى الجماهيرية عبر الصحراء، وذلك رفقة المتهم الثاني، وقد تم متابعة الموضوع حيث تم تجهيز مبلغ مالي وإرساله عن طريق جزائريين في منطقة سيناون، وبتاريخ 2001.2.18 وردت معلومات من المصدر تفيد أن المتهم قد دخل الجماهيرية عبر الصحراء وجلب معه كمية من المخدرات تقدير بخمسة قناطير ونصف وتم إخفاؤها في الحدود في مكان يقع غرب منطقة سيناون بالقرب من الهوائية، وان المتهمين يخططان لإدخالها وإحضارها إلى مدينة طرابلس، ثم وردت معلومات بأن المتهمين قد حضرا إلى مكان إخفاء المواد المخدرة لنقلها إلى منطقة سيناون وإخفاءها بالقرب من مقر الشركة، وقد تم ذلك حيث قاما بإخفائها داخل كوخ صغير مشيد من الصفيح، وهو من مخلفات الشركة، وسيقومان بنقل أول دفعة من هذه الكمية يوم السبت الموافق 2001.2.24 في الساعات الأولى صباحا وبناء على ذلك تمت مراقبة المكان إلى أن حضر المتهمان واتجها نحو الكوخ وتمت محاصرتها وهو يقومان بوضع قطع من مادة سمراء في حجم قالب الصابون بداخل حقيبة، وقد حاول المتهم الأول الفرار، إلا أنه قد تم القبض عليه، وبسؤال المتهم الأول بمحضر ضبط الواقعة ذكر بأنه سافر إلى المغرب لغرض العلاج فالتقى بشخص يدعى محمد المصراتي وهو صديق له من قبل، حيث عرض عليه أن يقوم بإدخال كمية من المخدرات إلى الجماهيرية عن طريق الجزائر، فرحب بالفكرة، واتصل بالمتهم الثاني وأوضح له الفكرة على ان يكون نصيب كل واحد منهما مائتا ألف دينار، واتفقا على ان يضع المدعو محمد السيد مبلغ وقدره مليون وثمانمائة ألف فرنك فرنسي في منزل والد المتهم الأول الذي اتصل بعائلته وأبلغهم بتسليم المبلغ للمتهم الثاني عند حضوره وتم التنسيق بين محمد المصراتي وشخص جزائري الذي لديه المادة المخدرة ن وكذلك المتهم الأول على ان يتصل الشخص الجزائري بالمتهم الثاني عن طريق الهاتف والذي تم إعطاء رقمه الهاتفي عن طريق المتهم الأول بالاتفاق على موعد ومكان التسليم والاستلام وبعد ذلك اتصل الشخص الجزائري بالمتهم الأول وأبلغه بانه قد سلم كمية المخدرات للمتهم الثاني، وانه استلم المبلغ المالي، عند ذلك عاد المتهم الأول للجماهيرية وأبلغه المتهم الثاني بانه استلم الكمية وقد أخفاها بالصحراء، وبعد ذلك تم القبض عليه وهو قائم بوضع المخدرات داخل الحقائب، وبضبط أقوال المتهم الثاني بمحضر ضبط الواقعة ذكر بانه تم ضبطه برفقة المتهم الأول عندما كانا يقومان بإحضار كمية من المخدرات تقدر بحوالي من خمسة إلى ستة قناطير من الحشيش إلى مدينة طرابلس، وأعاد المتهم الثاني سرد الواقعة على نحو ما ذكره المتهم الأول، وبعد ذلك قام رجال المكافحة بوضع باقي الكمية في الحقائب التي أحضرها المتهمان … وتم عرض الحقائب على المتهمين وتم تحريزها بالشمع الأحمر أمامهما … وأرسلت إلى مركز البحوث والخبرة القضائية … وأثبت ان عدد القطع الكلي ألفان ومائتان وسبعون قطعة وزنها قائما جميعا، خمسمائة وثمانية وعشرون كيلوجرام، 2/100 من الجرام … وأثبت انه بعد إجراء التحاليل الكيماوية على المادة موضوع الفحص، الموصوفة أعلاه، ثبت أنها جميعا لمخدر الحشيش المدرج بجدول المخدرات والمؤثرات العقلية، وذلك طبقا لما جاء بالتقرير رقم 856/2001 المرفق، وبالتحقيق مع المتهم الأول بمحضر تحقيق النيابة العامة عن التهمة المسندة إليه أنكرها وذكر بان اعترافاته الواردة بمحضر جمع الاستدلالات كانت نتيجة الإكراه الذي تعرض له – كما نفى المتهم الثاني الاتهام المنسوب إليه عندما تم التحقيق معه من قبل النيابة العامة، وذكر ان اعترافاته بمحضر ضبط الواقعة كانت وليدة إكراه، واعترف كل واحد من المتهمين بانه قد كان متواجدا بمكان الواقعة حيث تم ضبطهما).

وبعد ان استعرض الحكم المطعون فيه أقوال الشهود وهم مأموري الضبط الذين قاموا بضبط المتهمين، كما استعرض الحكم دفاع المتهمين، وما أسفر عنه عرضهما على الطبيب الشرعي، خلص الحكم المذكور إلى براءة الطاعنين من تهمة جلب المواد المخدرة، وأورد في هذا الخصوص قوله: ( وحيث انه بالنسبة للتهمة الأولى وهي جلب المخدر من خارج الجماهيرية، فإن المتهمين قد نفى كل واحد منهما تهمة الجلب أمام النيابة، وأمام المحكمة، وما اعترفا به أمام مأمور الضبط القضائي من اعترافات فإن المحكمة تطرحه ولا تأخذ به دليلا، لأن الطبيب الشرعي أثبت أن بهما إصابات ولا يوجد دليل آخر في الأوراق، وضبط المخدر بحوزتهما لا يدل بالضرورة أنهما قد جلباه من الخارج، ولم يتم ضبط المتعاملين معهما من الخارج، ولم يتم ضبط المتعاملين معهما من الجزائريين حتى يتبين أنه قد تم فعلا البيع والشراء، لذلك يتعين الحكم ببراءتهما من التهمة الأولى وهي الجلب).

ثم دلل الحكم المطعون فيه على ثبوت تهمة حيازة المواد المخدرة بقصد الاتجار في حق الطاعنين بقوله: (وحيث أن تهمة حيازة المخدرات موضوع الدعوى ثابتة قبل المتهمين استنادا إلى ما شهد به كل من المقدم يوسف عمر العزابي، وفرج شيمة بشير اللذين قاما بضبط المتهمين وهما يقومان بتعبئة المخدرات في الحقائب المضبوطة، والمحكمة تطمئن إلى شهادة الشاهدين، وذلك لأن المتهمين اعترفا أمام النيابة العامة بأنهما ضبطا بموقع الشركة ومعهما الحقائب، وما دفعا به الا قول مرسل لا سند له من الأوراق القصد منه الهروب من العقاب، لذلك يكون الاتهام ثابت ثبوت الجزم واليقين استنادا إلى ما جاء بشهادة الشاهدين المذكورة شهادتهما بهذه الأسباب، وما أثبته خبير التحاليل الكيماوية على المادة موضوع الفحص رقم 856/2001، الذي أثبت أن المخدر المضبوط هو لمخدر الحشيش المدرج بجدول المخدرات رقم 1 بند 2 الملحق بالقانون رقم 7 لسنة 1990 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية، فالمتهم الأول مطلوب على ذمة القضايا رقم 115/96 مكافحة طرابلس، 116/69 مكافحة، 28/47، كما أن المتهم الثاني له نشاط واسع في الاتجار بالمواد المخدرة، وضبط على ذمة القضية رقم 189/8 مكافحة، لذلك تكون تهمة حيازة المخدرات ثابتة ثبوت الجزم واليقين، ويتعين لذلك الحكم بإدانتهما عنها).

لما كان ذلك، وكان يبين مما سلف ان المحكمة المطعون في حكمها قد عولت في إدانة الطاعنين عن تهمة حيازة المواد المخدرة بقصد الاتجار على ما شهد به الشهود، وهم رجال المكافحة الذي ضبطوا الطاعنين وبحوزتهما المواد المخدرة، وعلى ما ورد بالتقرير الفني، ورأت المحكمة أن اعتراف المتهمين بضبطهما داخل مقر الشركة التي كانا يخفيان فيها المواد المخدرة، ولأنهما من أصحاب السوابق في قضايا المخدرات، قرائن تعزز ما شهد به الشهود المذكورين، ولا يبين مما أورده الحكم المطعون فيه – على النحو السالف بيانه – أن المحكمة نسبت إلى الطاعنين اعترافهما بحيازة تلك المواد، ومن ثم فإن ما ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه من خطأ في الإسناد في غير محله. لما كان ذلك، وكان يبين مما سلف أن المحكمة المطعون في حكمها قد برأت ساحة الطاعنين من تهمة جلب المواد المخدرة من خارج الجماهيرية، لأنه لا يوجد دليل عليها سوى إقرارهما بها بمحضر الضبط الذي لم تطمئن إليه بسبب تعرض الطاعنين للإكراه عند صدور ذلك الإقرار عنهما، ورأت المحكمة المذكورة من جهة أخرى أن تهمة حيازة المواد المخدرة بقصد الاتجار ثابتة في حقهما استنادا إلى أدلة أخرى مستقلة ومنفصلة عن ذلك الإقرار، وهي شهادة الشهود، فإنه لا تثريب عليها في ذلك طالما كان لما استندت إليه المحكمة في هذا الخصوص له أصل ثابت بأوراق الدعوى. لما كان ذلك وكان الدفع بان التهمة ملفقة على المتهم هو من اوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردا صريحا، وانما يكفي في شأنها الرد الضمني المستفاد من أدلة الثبوت التي عول عليها الحكم متى كان من شان هذه الأدلة حمل النتيجة التي انتهى إليها، اما بالنسبة لقول الطاعنين ان الاتهام محل شك لعدم تصويرها بجانب المواد المخدرة أثناء عملية التصوير فهو كذلك في غير محله لأن الحكم المطعون فيه لم يتخذ من تصوير المواد المخدرة أي دليل أو قرينة في القضاء بإدانة الطاعنين، لما كان ذلك، وكان ما ينعى به الطاعنان من ان الحكم المطعون فيه لم يرد على دفعهما ببطلان القبض وببطلان حجزهما قبل إحالتهما للنيابة العامة، فهو أيضا في غير محله، لأنه بفرض صحة الدفع ببطلان القبض، فانه من المقرر ان بطلان القبض لا يحول دون أخذ المحكمة بعناصر الاثبات الأخرى، ومنها شهادة الشهود، متى قدرت المحكمة انه لا صلة بين الدليل الذي أخذت به، والقبض المقول ببطلانه، كما يبين مما سلف ان المحكمة المطعون في حكمها قد عولت في الإدانة على أقوال الشهود، والمتهمين، الواردة بتحقيقات النيابة العامة، ولم تستخلص تلك المحكمة من محضر ضبط الواقعة أي دليل او قرينة ضد الطاعنين، وفضلا عن ذلك فانه من المقرر ان حجز المتهم من قبل مأمور الضبط القضائي مدة أطول مما يملكه، وان كان يعرض صاحب هذا الإجراء، للجزاء المنصوص عليه قانونا، الا ان لا يترتب عليه في ذاته بطلان محضر جمع الاستدلالات بكامله، والذي تم فتحه بمعرفته، وانما البطلان يلحق أقوال المتهم التي تؤخذ منه خلال فترة الحجز الباطل، ومن ثم ولما كان ذلك، فانه لا تثريب على المحكمة المطعون في حكمها ان هي أعرضت عن دفاع الطاعنين سالف الذكر، ولم ترد عليه طالما انها أخذت بالأدلة المذكورة والتي لا صلة بينها وبين القبض والحجز المقول ببطلانها. وأما بالنسبة لما ينعى به الطاعن الثاني من قصور الحكم المطعون فيه في رده على الدفع ببطلان أعمال الخبرة الفنية لأن الخبير فض حرز المواد المخدرة في غياب الطاعنين، فإنه يبين من الحكم المذكور، أنه رد على ذلك الدفع بقوله: ( وحيث انه وعن دفع دفاع المتهم (…)  بان المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لا يجوز فض الأختام المضبوطة إلا بحضور المتهم أو وكيله، ونص المشرع على ذلك وإنما قصد منه تنظيم العمل والمحافظة على الدليل … وإن مجرد الإهمال في ذلك لا يترتب عليه أي بطلان، وذلك ما قضت به المحكمة العليا في العديد من مبادئها، ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع).

لما كان ذلك، وكان رد الحكم المطعون فيه على الدفع المذكور سائغا ومقبولا، ولا قصور فيه، لأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إجراءات تحريز المضبوطات، إنما هي إجراءات قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها أي بطلان، وترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وإن الأحراز المضبوطة لم يصل إليها العبث . لما كان ذلك، وكان ما ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه لعدم أخذه بأدلة النفي، والتي من بينها ما أقر به المدعو(…) لا يعدو عن كونه مجادلة في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها، ذلك أن تقدير الدليل والموازنة بينه وبين دليل آخر وأخذ المحكمة بما تطمئن إليه منها وترك ما عداه مما لم تطمئن إليه، هو مما يدخل في سلطتها التقديرية التي لا معقب عليها في ذلك طالما استندت إلى دليل قائم في الدعوى، وكان استخلاصها له سائغا، ويؤدي في منطق سديد إلى ما رتب عليه، ومن ثم فإنه لا جناح على محكمة الموضوع، إذا دانت الطاعنين بتهمة حيازة المواد المخدرة بقصد الاتجار بناء على شهادة الشهود، رغم إقرار المدعو (…) أمامها أن المواد المخدرة تخصه هو، وأطرح هذا الإقرار لأن ذلك أمر يدخل في سلطتها الموضوعية في وزن الأدلة وتقديرها، ولا يجوز مجادلتها في ذلك وحملها على وجوب الأخذ بما لم تطمئن إليه من الأدلة الأخرى.

ومتى كان ذلك، فإن جميع ما ينعى به الطاعنان يكون في غير محله، ويتعين رفض الطعن موضوعا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.