طعن جنائي رقم 111/ 53ق
طعن جنائي رقم 111/ 53ق
خلاصة المبدأ
الإبلاغ عن واقعة شكلت في نظر المتهم سلوكا منافيا للأخلاق، لا تتوافر به جريمة التشهير – بيان ذلك.
الحكم
الوقائع/ تخلص في أن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده لأنه بتاريخ 2004.1.11 ف بدائرة مركز شرطة الساحل الشرقي.
- اعتدى على سمعة أحد بالتشهير به لدى عدة أشخاص، وقد وقع التشهير بإسناد واقعة معينة، وذلك بأن تقدم بمذكرة إلى إدارة جامعة درنة مدعياً مشاهدته المجني عليه (…) في مكان وفي وضع غير لائق مع إحدى الطالبات بالجامعة مما تسبب في إيقافه عن الدراسة بالجامعة لعام كامل.
- هدد الغير بإنزال ضرر غير مشروع به، وذلك بأن وجه للمجني عليه (…) عبارات التهديد الواردة بالمحضر.
- خدش شرف شخص في حضوره وذلك بأن وجه للمجني عليه (…) عبارة السب الخادشة للشرف الواردة بالمحضر في حضوره، الأمر المعاقب عليه بالمواد 1/430، 1/438، 1/439، 2 ع وكلف المتهم بالحضور أمام محكمة درنة الجزئية دائرة الجنح والمخالفات وهذه أدعى أمامها المجني عليه مدنياً وبعد أن نظرت الدعوى قضت فيها حضورياً بتاريخ 2005.2.28:-
أولاً / في الدعوى الجنائية بمعاقبة المتهم عن التهم المسندة إليه بالحبس مدة شهرين وعشرة أيام بكفالة استئناف وبلا مصاريف.
ثانياً / في الدعوى المدنية بالزام المدعى عليه ((المتهم)) بأن يدفع للمدعي ((المجني عليه)) مبلغ ألفي دينار كتعويض جابر للضرر، فقرر عليه الطعن بطريق الاستئناف لدى محكمة درنة الابتدائية دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة، وهذه قضت حضورياً بتاريخ 2005.7.24 ف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم وببراءة المتهم مما نسب إليه وبرفض الدعوى المدنية وبالزام رافعها بالمصاريف المستأنف.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم بتاريخ 2005.7.24 ف. قرر أحد أعضاء النيابة العامة الطعن بطريق النقض ووقع لنموذج التقرير لدى قلم كتاب محكمة درنة الابتدائية بتاريخ 2005.8.6 ف وأودع في ذات القلم مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه بتاريخ 2005.9.22 م. أو دعت نيابة النقض مذكرة برأيهـا خلصت فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة، نظر الطعن بتاريخ 2006.4.25 ف وتلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق. وحجزت الدعوى للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
وحيث كان يبين أن الطعن قد حاز أوضاعه المقررة في القانون، فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال موضحة ذلك أنه قضى ببراءة المطعون ضده من تهمتي التهديد والتشهير مؤسساً ذلك على إن قول المطعون ضده للمجني عليه إنه سيحيل أمره إلى مجلس تأديب الجامعة تفصله وذلك عندما وجده في حرم الجامعة مع إحدى الطالبات في وضع مشين لا يشكل أياً من الجريمتين المشار إليهما، ذلك لأن إدارة الجامعة مختصة بإصدار القرارات التأديبية المتعلقة بالمخالفات الطلابية وفق لائحة نظام الدراسة والتأديب رقم 1369/200 و. ر الصادر عن اللجنة الشعبية العامة، كما برأه من تهمة خدش الشرف لتوافر عنصر الاستفزاز المنصوص عليه في المادة 443 ع مؤسساً ذلك على أنه لم يوجه كلمة يا فاشل إلى الطالب المجني عليه إلا بعد أن وجه له هذا الأخير عبارات طز – ما تقدرش تعمل شي – اشرب من البحر – عدى (…))، ونعت النيابة العامة على هذا القضاء بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال لأن الجامعة ليست جهة مختصة بالشكاوى والجهة المختصة هي الشرطة أو النيابة العامة، أما توجه المطعون ضده بالبلاغ إلى الجامعة يشكل جريمة التشهير، وختمت النيابة مذكرة أسبابها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. وحيث كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بين الواقعة في قوله: [ تتحصل في البلاغ الذي تقدم به المجني عليه (…) بتاريخ 2004.3.28 م مفاده كان داخل الحرم الجامعي…. يتحدث مع إحدى زميلاته حضر إليه… (…)… أمام الكلية وقام بالسب بألفاظ بذيئة وقام بالتهجم عليه ولا توجد بينهما أية علاقة وأنه معلم يتبع قسم الاقتصاد وليس القانون المتهم أفاد لقد شاهدته…. في وضع مشبوه وضع التصاق مع الطالبة تحت شجرة في مكان مختل بجانب جدار… وأمرتهما بأن يخرجا إلى الساحة حيث بقية الطلبة وأنه أبلغ رجال الأمن… ولم يعيروه أي اهتمام وكل ما قلته له سوف أقوم بإحالتك إلى مجلس التأديب باعتبار إننا هيئة التدريس والتي من اختصاصها مجلس التأديب… وتقدم بمذكرة إلى الي الجهة المختصة و هي كلية القانون المنسب إليها المجني عليه بما شاهد وما حدث له من أقوال وأفعال تمثلت في قوله: طز… ما تقدرش تعمل شيء – اشرب من البحر – عدي (…)).
وحيث كان من المقرر إن تقدير عبارات التهديد والتشهير وما تحمله من معان على ضوء الملابسات والظروف المحيطة هو من إطلاقات قاضي الموضوع طالما كان مصدرها يجد أصله في واقع أوراق الدعوى واستخلاصه لا يجافي العقل أو المنطق.
لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد أسس براءة المطعون ضده في قوله: فهذه الأقوال والأفعال تشكل اعتداء على عضو هيئة التدريس طبقاً لنص المادة 33 / ب ج من لائحة نظام الدراسة والتأديب الصادرة بقرار اللجنة الشعبية العامة رقم 1369/200 و.ر ومن ذلك يتضح أن تقديم المذكرة إلى أمين اللجنة الشعبية لكلية القانون جاء وفق ما نصت عليه أنظمة هذا المرفق لأن الخاص يقيد العام… ولأنها عبارة عن إبلاغ عن واقعة شكلت في نظر المتهم سلوكاً منافياً للخلق القويم الذي ينبغي أن يكون عليه الطالب الجامعي وليس المقصود منها التشهير لأن الثابت أن المتهم والطالب لا تربطهما أية علاقة سابقة ولا يعرف أحدهما الآخر ولا يبين أن هناك مصلحة للمتهم في إسناد واقعة للمجني عليه لم تحصل وأن ما قيل من ألفاظ وما نتج من أفعال هو ناتج عن التحدي الذي أبداه المجني عليه للمتهم إثر طلبه إخراج بطاقته الجامعية للتعريف عن نفسه إن كان طالباً أم لا، ورده (أيش تكون فهذا التحدي أدى إلى استفزاز المتهم وهو الأستاذ بالجامعة إلى القول يا فاشل)) وقوله بعد فصلك من الجامعة سوف تعرف من أنا بكرة تشوف وتعرف من أنا وتندم بعد. فصلك من الجامعة وسوف أتقدم بالشكوى ضدك لإحالتك على مجلس تأديب بالجامعة فهذه العبارات لا تكون ظاهرة الدلالة على معنى التهديد والسب وحيث إن المحكمة ترى في تقديم شكوى إلى أمين اللجنة الشعبية للقانون بجامعة درنة باعتباره الجهة المختصة إدارياً بمثل هذه الشكاوى لا تقام ولا تتحقق به جريمة التشهير المنصوص عليها بالمادة 439 ع مما يتعين معه القضاء ببراءة المتهم مما نسب إليه.
لما كان ذلك وكان لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه أصل ثابت في الأوراق وكان استخلاصه لأسباب البراءة لا يجافي العقل أو المنطق وهو ما توفر في واقعة الحال مما يجعل نعي النيابة عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب في غير محله.. وحيث متى كان ذلك فإن الطعن قائم على غير أساس متعين الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.