طعن جنائي رقم 1050-50 ق
طعن جنائي رقم 1050-50 ق
خلاصة المبدأ
- عدم بيان وجه مخالفة الحكم المطعون فيه لتقرير الخبير- أثره.
- الأصل في الاعتراف صدوره عن إرادة حرة- على من يدعى خلاف ذلك إثبات ما يدعيه.
- عدم بيان الطاعن ماهية الدفوع التي أثارها لدى محكمة الموضوع – أثر ذلك.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة، الطاعن بأنه بتاريخ 29/7/2002 ف وما قبله بقسم مكافحة المخدرات الزأوية.
- حاز بقصد الاتجار مؤثرات عقلية، في غير الأحوال المرخص بها قانونا، إذ حاز كمية من من الأقراص المخدرة المبينة نوعا بتقرير المعمل الكيمأوى المرفق، وقد تكرر الفعل عدة مرات في أوقات مختلفة تنفيذا لدافع اجرامى واحدة وفق الثابت بالأوراق.
- اتجر في المؤثرات العقلية في غير الأحوال المرخص بها قانونا، بأن اشترى أقراصا مؤثرة عقلية و المبينة بتقرير المعمل الكيمأوى المرفق بمقابل يزيد على ثمن الشراء، وقد تكرر منه الفعل عدة مرات في أوقات مختلفة تنفيذا لدافع اجامة واحد وفق الثابت بالأوراق الأمر المنطبق عليه نصوص المواد 1، 1 مكرر، 2، 35/1 بند 1،2،35 مكرر، 37/1، 42، 46 من القانون رقم 7 لسنة 1990 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 2001، 77 من قانون العقوبات.
وطلبت النيابة العامة، من غرفة الاتهام، احالة المتهم الى محكمة الجنايات لمعاقبته وفقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام والغرفة قررت ذلك.
ومحكمة استئناف الزأوية (دائرة الجنايات ) بعد ان نظرت الدعوى قضت فيها بتاريخ 12/3/2003 حضوريا على المتهم منير عبد السلام مصطفي عجينة بالسجن لمدة أربع سنوات وتغريمه ألفي دينار وأمرت المحكمة بمصادرة المادة المخدرة المضبوطة، وبنشر ملخص الحكم مرتين متتاليتين في صحف الراية والفجر الجديد على نفقة المحكوم عليه وبلا مصاريف جنائية.
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 12/3/2003 ف وبتاريخ 20/3/2003 قرر المحكوم عليه الطعن عليه بطريق النقض لدى ضابط السجن وذلك على النموذج المعد لذلك.
وبتاريخ 10/4/2003 أودع محامي المحكوم عليه لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه.
قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانونى خلصت فيها الى قبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.
حددت جلسة 20/11/2004 لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقريره وحجز الطعن للحكم لجلسة اليوم.
الأسباب
حيث أن الطعن قد حاز الشروط القانونية، فهو مقبول شكلا، وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
- أولا: مخالفة القانون : ذلك ان الحكم المطعون فيه قضى بادانة الطاعن على ما ضبط بحوزته من حبوب مؤثرة عقليا وعددها مائة وستة عشرة حبة، في حين أن تقرير الخبرة الخاص بتحليل المادة المضبوطة المرفق بالقضية والذي أسست عليه المحكمة ادانة الطاعن، قرر بأن المائة حبة لم يمكن التعرف عليها أما الستة عشرة حبة فثبت أنها تحتوى على مؤثرات عقلية، في حين أن المحكمة المطعون في حكمها قد تجاهلت ما جاء في تقرير الخبرة وأخذت به دون تمحيص واستقراء واعتبرت أن المادة المضبوطة كلها مؤثرات عقلية.
- ثانيا: القصور في التسبيب : ذلك أن الطاعن قد دفع أمام محكمة الموضوع بدفوع جوهرية تتطلب الرد عليها صراحة، حيث دفع بأنه تعرض للإكراه الأولى – المعنوي – وأن اعترافه كان وليد إكراه، كما دفع ببطلان اعترافه، وان المحكمة المطعون في حكمها قد أغفلت الرد على أوجه الدفاع الجوهرية وهو أمر مخل بمقومات الأدلة التي أسست عليها المحكمة اقتناعها مما يشوب سلامة الاستقراء.
- ثالثا: الفساد في الاستدلال : ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه من ضمن ما أسس عليه ادانة الطاعن تقرير الخبرة الخاص بتحليل المادة المضبوطة، وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في أسباب يخالف ما جاء في تقرير الخبرة المذكور والذي أسست عليه المحكمة حكمها المطعون فيه.
وحيث إن المحكمة المطعون في حكمها قد لخصت واقعة الدعوى بالقول (حيث تخلص الواقعة حسب ما هو ثابت بالأوراق من أنه بتاريخ 29/7/2003 حيث وردت اشارة هاتفية من نقطة الشرطة القضائية، بالزاوية الى مكتب مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بالزاوية مفادها بأنه قد تم ضبط شخص داخل قاعة غرفة الاتهام وبحوزته حبوب هلوسة ومخدرة، وان الشخص يدعى منير عجينة، وأثر ذلك ثم إلقاء القبض على المتهم المذكور، وضبط أقواله، استدلالا ذكر في أقواله أنه بتاريخ الواقعة بينما كان واقفا بالقرب من قفص غرفة الاتهام( غرفة الاتهام بالزاوية ) وبعد نهاية الجلسة عندها حاول ان يقوم بإعطاء أخيه المدعو فاتح عجينة والذي كان محبوسا على ذمة قضية خمس علبتين سجائر نوع مارلبورو وأثناء ذلك حضر الشرطي وقال له لماذا لم تستأذن في إعطاء السجائر وعندما قام الشرطي يهز العلبة حاول المتهم الهرب لأن بداخل العلبتين حبوب روج دكان عددها مائة وستة عشرة حبة تقريبا وذكر بانه كان ينوى اعطاءها لاخيه سابق الذكر لفرض تعاطيها داخل السجن وهو يقوم ببيعها داخل السجن وانه اشترى تلك الحبوب من شخص يدعى فتحى لديه محل للمواد الغذائية بما تب شركة ليبيا للتأمين وأنه قد اشتراها بمبلغ دينار للحبة الواحدة وبالتحقيق معه أمام النيابة العامة اعترف بما نسب إليه…).
وبعد أن لخص الحكم واقعة الدعوى وعلى نحو ما سلف تطرق لأسانيد قضائه بالقول ( وازاء ما تقدم ذكره ترى المحكمة ثبوت الاتهام في حق المتهم يقينا، لا ريب فيه طبقا للمادة 277/2 إجراءات جنائية، وذلك من خلال اعترافه التفصيلى بمحضر ضبط الواقعة وتحقيق النيابة العامة بأنه قد ثم ضبط حبوب هلوسة بحوزته وانه كان قبول اعطاءها لاخيه السالف الذكر لغرض تقاضى جزء منها وبيع الجزء الآخر داخل السجن وأنه قام بشرائها من شخص يدعى فتحى صاحب محل البيع المواد الغدائية بالقرب من شركة ليبيا للتأمين… كما يؤكد قيام الاتهام حالة ما أورده الشاهد مأمور الضبط القضائى بأنه ضبط المتهم المذكور وبحوزته تلك المادة المخدرة. وكذلك تقرير العينة الذى يحمل رقم 689/2002 المؤرخ في 5/8/2002 ف ).
وحيث انه عما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في الشق الأول بمخالفته للقانون، فإن قانون المخدرات المقدم به الطاعن قد نص على عقاب من يقوم بحيازة أو احرازا وشراء أو تسليم أو نقل أو تقديم المواد المخدرة، ولم يجعل من الكمية المتعامل فيها سندا واساسا لقيام الجريمة، ومتى أثبت التقرير الفنى أن المادة التى ضبطت مع المتهم هى من المؤثرات العقلية المحظور حيازتها إلا بترخيص كان ذلك كافيا لاثبات ان ما يحوزه الجاني هو من المواد المخدرة الممنوع إحرازها قانونا، ومتى ثبت للمحكمة أن المتهم باع ذلك المخدر تحققت جريمة الاتجار في المخدر بغض النظر عما إذا كانت كمية المخدرات المضبوطة أو المباعة صغيرة أو كبيرة وكان الطاعن لا يمارى في أن ما جاء بالتقرير الفنى من أن الأقراص التي ضبطت معه قد خضعت للتحليل وأن ستة عشرة قرصا من بينها تدخل في إطار المواد المخدرة، فإن النعى على الحكم في هذا الشأن في غير محله.لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين وجه مخالفة الحكم المطعون فيه لتقرير الخبير، وكان ما انتهى إليه الحكم من نتيجة لا يخالف ما أثبته الخبير في تقريره الفنى، ومن ثم فإن ما ينعى به الطاعن في الوجه الأخير من الطعن يكون هو أيضا في غير محله يتعين رفضه، وأما بالنسبة لما ينعى به الطاعن في الوجه الثاني من الطعن فإنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة ان محامى الطاعن دفع بأن اعتراف موكله كان وليد اكراه، وان النيابة العامة اكدت تعرض المتهم للاكراه من خلال الكشف الظاهرى عليه، وكان ما أورده دفاع الطاعن في دفاعه المكتوب لايخرج عما أورده بدفاعه الشفوى سالف الذكر، وكانت المحكمة المطعون في حكمها قد ردت على دفاع الطاعن بقولها : ( وعليه فإن المحكمة لا يؤثر في عقيدتها ما ذهب إليه محامى المتهم من دفوع شكلية وموضوعية حيال الواقعة، وأن ما ورد بهذه الأسباب يعتبر ردا على ما أثاره الدفاع).
لما كان ذلك وكان الطاعن لم يبين في دفاعه المذكور المرحلة التى تعرض فيها للاكراه، والجهة التى مارست ضده ذلك الاكراه، والاموال التى قيل بصدورها عنه نتيجة الاكراه، وكان من المقرر ان الاصل في الاعتراف ان يكون صادرا عن ارادة حرة فيكون محمولا على حقيقته وسلامته، واذا ما ادعى بصدوره على غير هذه الحالة فان عبء الاثبات يقع على المدعى ولايجدى القول المرسل في تخريج الدليل القائم، لان الاصل حمل الدليل على حقيقة ما تضمنه، الا اذا وجد ما يعرفه الى غير ذلك، ومن ثم فانه لاتثريب على المحكمة المطعون في حكمها في استنادها الى اعتراف الطاعن بمحضر الضبط، وما ينعى به الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله يتعين رفضه، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يبين ما هى الدفوع الاخرى التى تمسك بها المدافع عنه امام محكمة الموضوع لبين ما اذا كانت دفوعا جوهرية فيكون الحكم معيبا بالقصور في التسبيب بعدم الرد عليها، أو ليست كذلك فلا يكون الحكم ملزما بالرد عليها صراحة وانما يكفي في شأنها الرد الضمنى المستفاد من ادلة الادانة التى عول عليها، ومن ثم فان ما ينعى به الطاعن من ان الحكم لم يرد على الدفوع التى اثارها المدافع عنه يكون في غير محله يتعين رفضه هو ايضا، ومتى كان ذلك فان جميع ما ينعى به الطاعن في غير محله مما يتعين معه رفض الطعن برمته،
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.