الطعن الجنائي رقم 57/1881 ق
بجلستها المنعقدة علنا صباح يوم الأربعاء 29 ربيع الأول 1438 ه الموافق 2016.12.28 ميلادية بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس
الحضور
برئاسة المستشار الأستاذ: محمد القمودي الحافي” رئيس الدائرة ” وعضوية المستشارين الأساتذة: عبد السلام امحمد ابحيح رجب أبوراوي عقيل) د.المبروك عبدالله الفاخري محمد أحمد القائدي.حميد محمد القماطي لطفي صالح الشاملي فرج أحمد معروف
أحمد بشير موسى محمد خليفة اجبودة جمعه عبدالله أبوزيد عمر علي البرشني د.نور الدين علي العكرمي وبحضور المحامي العام بنيابة النقض الأستاذ: امحمد عيسي سيجوك وأمين سر الدائرة السيد: الصادق ميلاد الخويلدي.
الملخص
أصدرت القرار الآتي في الطعن الجنائي رقم 57/1881 ق بشأن رفع التعارض بين مبادئ صادرة تطبيقا للقانون رقم 8 لسنة 1423 (1994) بشأن حماية المجتمع من الظواهر التي حرمها القرآن الكريم بعد تلاوة تقرير التلخيص، وسماع المرافعة ورأي نيابة النقض، والاطلاع على الأوراق وتمام المداولة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده کونه بتاريخ2008.12.2م بدائرة • مركز شرطة الجميل:
- لمز بالقول الغير في حضوره بأن وجه للمجني عليه (…) – عبارات (…و…) حالة كون المتهم أتم الرابعة عشرة من عمره ولم يبلغ الثامنة عشرة وعلى النحو الوارد بالأوراق.
- هدد الغير بإنزال ضرر غير مشروع …
- تسبب في مضايقة الغير وإقلاقهم….
وطلبت من محكمة الجميل الجزئية معاقبته بالمواد 81 و1/430و 472 عقوبات و 2/1 من القانون رقم 8 لسنة 1423 بشأن حماية المجتمع من الظواهر التي حرمها القرآن الكريم،وقضت المحكمة المذكورة غيابيا بانقضاء الدعوى العمومية بالتنازل عن التهمتين الأولى ( الهمز واللمز ) والثانية المسندتين إليه، وتغريمه خمسة دنانير عن التهمة الثالثة، فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم أمام محكمة العجيلات الابتدائية – دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة التي قضت حضوريا اعتباريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.وهذا هو الحكم المطعون فيه
إجراءات الطعن
الإجراءات صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ2010.4.15م، وبتاريخ 2010.5.30قرر أحد أعضاء النيابة العامة الطعن فيه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة التي أصدرته، وبذات التاريخ ولدي ذات الجهة أودع مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه.
قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني خلصت فيها إلى قبول الطعن شكلا ونقض الحكم محل الطعن مع الإعادة، وقررت دائرة فحص الطعون الجنائية إحالته إلى الدائرة المختصة، وحددت جلسة 2014.6.24م لنظر الطعن أمام الدائرة الجنائية الأولى، التي تبين لها أثناء المداولة أن النيابة العامة تعيب على الحكم محل الطعن أنه قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل عن التهمة الأولى ( الهمز واللمز ) وهو ما يعتبر خطأ في تطبيق القانون رقم 8 لسنة 1423 المذكور، الذي لا يشترط لتحريك الدعوى العمومية عن الأفعال المجرمة بموجبه شكوى الطرف المتضرر.وحيث تبين أن هناك حكمين متعارضين صادرين من المحكمة العليا في هذا الخصوص.م
فقد أصدرت حكما في الطعن الجنائي رقم 1597 لسنة 43 ق في جلستها بتاريخ 1997.6.25 م مؤداه: أن القانون رقم 8 لسنة 1423 م بشأن حماية المجتمع من الظواهر التي حرمها القرآن الكريم، قد أحال في تحديد العقوبة عن الأفعال المبينة فيه إلى المادتين 438 و 439 عقوبات، ولم يرد فيه ما يفيد إلغاء المادة 441 عقوبات التي تشترط لرفع الدعوى الجنائية عن جريمة السب شكوى المجني عليه، وخلص الحكم إلى أن الجرائم المبينة في القانون رقم 8 لسنة 1423 من جرائم الشكوى.كما أصدرت المحكمة في جلستها بتاريخ
2005.7.20 حكما آخر في الطعن الجنائي رقم 576 لسنة 51 ق مؤداه: أن القانون رقم 8 لسنة 1423 1 المشار إليه قد أحال في تحديد العقوبة عن الأفعال المبينة فيه إلى المادتين 438 و 439 عقوبات فقط، أما فيما يتعلق بتوقف رفع الدعوى على شكوى من عدمها المنصوص عليها في المادة 441 عقوبات، فإن القانون لم يحل على هذه المادة حتى يقال إن تحريك الدعوى عن تهمة ( اللمز…) تتوقف على شكوى الطرف المتضرر، بما لا يكون معه للتنازل من المجني عليه أي أثر قانوني.وإزاء هذا التعارض قررت الدائرة الجنائية الأولى وقف السير في نظر الطعن، وعرض الأمر على دوائر المحكمة مجتمعة لتحديد المبدأ القانوني الواجب الإتباع.
قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها، انتهت فيها إلى ترجيح الحكم الصادر في الطعن الجنائي رقم ( 1597 لسنة 43 ق ) بجلسة
1997.6.25م وحددت جلسة 2016.11.30م النظر الطلب بعد التأجيل لعدة جلسات لعدم اكتمال الهيئة، وفي هذه الجلسة تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها، ونظر الطلب على النحو المثبت بمحضر الجلسة ثم حجز للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
حيث إن القانون رقم 8 لسنة 1423 م بشأن حماية المجتمع من الظواهر التي حرمها القرآن الكريم نص في مادته الثانية ” مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد تنص عليها القوانين النافذة، يعاقب بالعقوبات الواردة في المواد 175، 176، 177 من قانون العقوبات كل من يقوم بترويج إشاعة أو كان من المرجفين أو الذين يروجون أخبار السوء أو النكتة المغرضة، كما يعاقب بالعقوبات الواردة بالمادتين 438، 439 من قانون العقوبات، كل من ارتكب أحد الأفعال الأخرى المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون.”
ومفاد هذا النص أن المشرع جعل عقوبة الإرجاف وترويج الإشاعات 1 وأخبار السوء وترويج النكتة المغرضة العقوبة المقررة للجنايات تتدرج بين السجن والسجن المؤبد والإعدام وفقا لأحكام المواد 175، 176، 177 عقوبات، في حين جعل الجريمة الناشئة عن أفعال النجوى أو السخرية أو التنابز بالألقاب أو الهمز أو اللمز من الجنح، وأحال في بيان عقوبتها إلى العقوبات المنصوص عليها في المادتين 438، 439 عقوبات ” السب والتشهير ” ورأى أن جميع الأفعال المكونة للجرائم المبينة في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 8 لسنة 1423 – 1994 م المشار إليه، وكذلك الأفعال المكونة لجريمتي السب والتشهير تشترك جميعها في علة التجريم وهي حماية وصون المساس بالشرف وفق مقصوده في هذا السياق، وهو ر مجموعة الشروط التي تعتمد عليها قيم الإنسان ومكانته الاجتماعية سواء المعنوية منها أو المادية، وطالما أن تلك الأفعال المنصوص على تجريمها والعقاب عليها قد تماثلت و تشابهت وقائعها واتحدت علة تجريمها، كما وحد المشرع بينها في العقوبة على نحو ما سلف بيانه – فإن التفسير المنطقي لمراد المشرع والقياس الجائز الذي لا يتعارض مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ويصب في مصلحة المتهم، خاصة بالنسبة للقواعد المعفية كالتي تقرر سبب إباحة أو مانع مسؤولية أو مانع عقوبة، فكل ذلك يستدعي أن تأخذ جرائم النجوى والسخرية والتنابز بالألقاب والهمز واللمز الحكم المقرر لجريمتي السب والتشهير، ليس في العقاب فحسب بل في نفس السياسة الجنائية التي ارتاها المشرع من حيث توقف جريمتي السب والتشهير على شكوى الطرف المتضرر وفقا لحكم المادة 441 عقوبات، وهو ما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء – وهي الأساس التشريعي القانون رقم 8 لسنة 1423 – 1994 م بشأن حماية المجتمع من الظواهر التي حرمها القرآن الكريم، التي تحث على رأب الصدع بين أفراد المجتمع الإسلامي بالمغفرة والصفح والعفو والتسامح، سيما أن المشرع قد جعل جريمة القذف المعاقب عليها حدا – وهي بدون شك – أشد من الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الأولي من القانون رقم 8 لسنة 1423 المشار إليه من جرائم الشكوى، حيث نص في المواد 9، 10،13 من القانون رقم 52 لسنة 1974 م في شأن إقامة حد القذف ما يقطع بأن هذه الجريمة – أي القذف- من جرائم الشكوى، ومن ثم فإنه من باب أولي أن تكون إرادة المشرع متجهة إلى اعتبار الجرائم المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الأولي من القانون رقم 8 لسنة 1423 – 1994 المذكور من جرائم الشكوى وينطبق بشأنها حكم المادة 441 عقوبات.وبناء على ذلك فإن المحكمة العليا بدوائرها مجتمعة تقرر الالتزام بهذا النظر الذي ورد في الحكم الصادر في الطعن الجنائي رقم 1597 لسنة 43 ق بجلسة 1997.6.25م وقرر أن الجرائم المبينة في القانون رقم 8 لسنة 1423 من جرائم الشكوى، وأنه لم يرد في هذا القانون ما يفيد إلغاء المادة 441 عقوبات، والعدول عن المبادئ المتعارضة معه.
الحكم
فلهذه الأسباب قررت المحكمة بدوائرها مجتمعة العدول عن المبدأ الصادر في الطعن الجنائي رقم 576 لسنة 51 ق والمبادئ المماثلة له، والأخذ بالمبدأ الصادر في الطعن الجنائي رقم 1597 لسنة 43 ق والمبادئ المماثلة له التي تقضي بأن تلك الجرائم المبينة في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 8 لسنة 1423 – 1994 م بشأن حماية المجتمع من الظواهر التي حرمها القرآن الكريم من جرائم الشكوى.
- المستشار محمد القمودي الحافي رئيس الدائرة
- المستشار عبد السلام امحمد بحيح
- المستشار رجب أبوراوي عقيل
- المستشار د.المبروك عبدالله الفاخري
- المستشار محمد أحمد القائدي
- المستشار د حميد محمد القماطي
- المستشار لطفي صالح الشامي
- المستشار فرج أحمد معروف
- المستشار أحمد بشير موسي
- المستشار جمعة عبدالله أبوزيد
- المستشار محمد خليفة أجبودة
- المستشار عمر علي البرشني
- المستشار د.نور الدين علي العكرمي
- أمين سر الدائرة الصادق ميلاد الخويلدي