Skip to main content

طعن جنائي رقم 1881-50 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 1881-50 ق

خلاصة المبدأ

  1. أقوال مأمور الضبط هي كأقوال أي شاهد، تخضع لتقدير محكمة الموضوع 
  2. متى يتحقق القصد الجنائي في جرائم المخدرات

الحكم

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده لأنه بتاريخ 2001.6.17 بدائرة قسم مكافحة التهريب والمخدرات:

  1. شرع في تصدير المادة المخدرة المبينة وصفاً بتقرير خبير التحاليل الكيماوية المرفق  حشيش  وكان ذلك بقصد الاتجار فيها في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وقد أوقف فعله لأسباب لا دخل لإرادته فيها، وهي ضبطه بميناء طرابلس البحري، على النحو المبين بالأوراق.
  2. تسلم المادة المخدرة سالفة الوصف، وكان ذلك بقصد الاتجار فيها في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، على النحو المبين بالأوراق.
  3. أحرز المادة المخدرة سالفة الوصف، وكان ذلك بقصد الاتجار فيها في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وقد أرتكب الفعل لذات الغرض الإجرامي من ارتكاب الجريمتين السابقتين، على النحو المبين بالأوراق.

وطلبت النيابة العامة من غرفة الاتهام بمحكمة شمال طرابلس الابتدائية إحالة المذكور إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمواد 1/أ، 2، 34/1، 35/1 بند 1، 42، 46 من القانون رقم 7 لسنة 90 بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية، المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 25، والمواد 59 /1، 60/3، 76 /2، 169 من قانون العقوبات، والغرفة قررت ذلك، ومحكمة جنايات طرابلس  الدائرة الخامسة  بعد أن نظرت الدعوى، قضت في 2002.9.14 ببراءة المطعون ضده مما نسب إليه، وبمصادرة الجوهر المضبوط.

وهذا هو الحكم المطعون فيه 

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2002.9.14، وفي يوم 2002.10.12 طعن فيه بطريق النقض أحد أعضاء النيابة العامة، بموجب تقرير أودعه لدى قلم كتاب استئناف طرابلس، وبذات التاريخ، ولدى نفس القلم أودع عضو النيابة العامة مذكرة موقعة منه بأسباب الطعن. وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت في ختامها قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وحددت جلسة 2005.4.4 لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقريره، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظر الطعن على النحو المبين بمحضر الجلسة، وحجز للحكم بجلسة 2005.5.16 ثم تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.

الأسباب

وحيث أن الطعن قد حاز كافة أوضاعه القانونية، ومن ثم فهو مقبول شكلاً 

وحيث تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال بمقولة أن المحكمة استندت في القضاء ببراءة المطعون ضده على اعترافاته بحيازة المادة المخدرة وإنكار علمه بوجودها أي بانتفاء عنصر العلم لديه. في حين أن مأمور الضبط القضائي قد ذكر في أقواله، وفي شهادته أمام النيابة العامة أن المتهم قد أستلم الحقيبة من أحد الأشخاص بالمقهى، وذلك بعد مروره على نقطة التفتيش، واتجه بها مسرعاً إلى السفينة، فتهربه من تفتيش الحقيبة التي يحملها يدل دلالة قطعية على أنه على علم باحتوائها على مواد ممنوعة يعاقب عليها القانون بالإضافة إلى أن وجود المادة المخدرة بحوزة المتهم يعد في حد ذاته دليلا على إدانته، وخلصت النيابة العامة في ختام مذكرة طعنها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.

وحيث يبين من مطالعة الحكم فيه أن المحكمة قد تشككت في صحة أقوال مأمور الضبط…، و استبعدتها مستندة في ذلك على قولها: أنه لا يوجد أي دليل يخالف أقوال المتهم سوى شهادة الشاهد…. أمام النيابة العامة بعد أن حلف ليمين من أن المتهم استلم الصاكو وذهب مسرعاً إلى باب السفينة دون أن يقوم المتهم بتفتيش الصاكو، رغم إنكار الشاهد بعدم مشاهدة المتهم بتفتيش الصاكو أثناء استلامه من قبل المدعو….، وحيث أن شهادة الشاهد جاءت متناقضة، ومتعارضة حيث ذكر في محضر الاستدلال أنه تم الاشتباه في المدعو…، وعليه قمت بمراقبته حتى توجه إلى المقهى واستلم الصاكو من أحد الأشخاص الموجودين بالمقهى، وأثناء إنهاء الإجراءات الأخيرة من التفتيش واستلام الجواز منه قمت بتفتيش الصاكو وعثر على ست علب خاصة بالصابون، وعند الكشف عليها تم العثور على قطع تعرف بالفرصة، وذكر أمام النيابة أنه عند قيامه بعمله لاحظ شخصاً وهو المتهم عند خروجه من صالة التفتيش كان متجهاً ناحية السفينة قام بالانعطاف ناحية نافدة المقهى وقام بالوقوف بالنافذة وكان هناك شخصان بداخل المقهى بعد أن تحدث معهما خمسة دقائق، وقاما بتسليمه الصاكو مباشرة أتجه إلى باب السفينة وقدم جواز سفره، وعند تفتيش الصاكو وجدنا بداخله ستة علب صابون، وبسؤال الشاهد من قبل النيابة العامة هل لديك أقوال أخرى، أجاب قائلاً بأنني عندما قمت باستلام جواز السفر الخاص بالمتهم وأردنا تفتيشه ظهرت على المتهم علامات الخوف والارتباك، وقال قد تم تفتيشه بالصالة وحاول انتزاع جواز سفره الذي كان بحوزة رجل الجمارك وحاول الهرب، وهذه الشهادة لا يمكن الركون إليها ولا تطمئن المحكمة إليها لتناقضها وتضاربها، وعدم جدية التحري من رجل الجمارك حيث ذكر بأنه شاهد شخص يسلم الصاكو للمتهم ولم يقم بمراقبته وضبطه حتى تتبين الحقيقة ومن صاحب هذا الصاكو أو أنهما شريكين بالاتفاق. ثم أستطرد الحكم المطعون فيه قائلاً: إن القصد الجنائي في جرائم المخدرات هو قصد عام يتوافر باتجاه إرادة مرتكبها إلى إتيان الفعل المادي لها والعلم بأن الشيء من المواد المخدرة والممنوعة قانوناً، ومن ثم فإن الركن المعنوي للجريمة المنسوبة إلى المتهم متمثلا في واقعة الحال بفرض توفره في علم الجانى بأن ما يحمله من المواد المخدرة، وعلم الجاني حالة نفسية قائمة بالمتهم يستدل عليها، وتستظهرها المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها صراحة أو ضمناً….. وان ما ذهبت إليه النيابة من أن سلوك المتهم بطريق الاتفاق وراء التفتيش الجمركي لاستلام المادة المخدرة قرينة على علمه بوجودها داخل حقيبة اليد، هذا القول لا يدل دلالة واضحة على علم المتهم بوجود المخدرات، وأن الأوراق خلت من أي اتفاق بين المتهم وصاحب الصاكو، وأن هروبه دليلاً على ما أدلى به المتهم من أن الصاكو للمدعو…، ولا علم له ما بداخله لذلك فإن المحكمة لا تطمئن لتلك الأقوال الواردة على لسان مأمور الضبط في تكوين عقيدتها لذلك تقضي ببراءة المتهم مما نسب إليه.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أقوال مأمور الضبط هي كأقوال أي شاهد، تخضع لتقدير محكمة الموضوع فلها أن تأخذ بها وتعتمدها إن هي اطمأنت إليها، كما أن من حقها أن تطرحها وتستبعدها إن هي شكت في صدقها، وبينت أساس تشككها، كما أنه من المقرر أيضاً أن القصد الجنائي في جرائم المخدرات لا يقوم إلا بتحقق علم الجاني أن ما يحوزه هو من المواد المخدرة الممنوع حيازتها أو إحرازها قانوناً، ولا قيام لهذا الركن إذا لم يتحقق ذلك العلم لدى الجاني، وكان الحكم المطعون فيه قد ألتزم هذا النظر وقضى ببراءة المطعون ضده لعدم وجود دليل أو قرينة من شأنها أن تدل على علم المذكور ما كان يحتويه الصاكو المسلم إليه من شخص آخر، كما شك الحكم في أقوال مأمور الضبط وطرحها لأنها متضاربة ومتناقضة، ومن ثم فإن ما تنعى به النيابة الطاعنة على الحكم من فساده في الاستدلال يكون في غير محله ويتعين رفض الطعن موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول طعن النيابة العامة شكلاً، وفي الموضوع برفضه.