طعن جنائي رقم 426-50 ق
- التصنيف: الجنائي
- ذات الصلة: وصف التهمة
- رقم الطعن: 426
- السنة القضائية: 50
- تاريخ الجلسة: 16 مارس 2004
طعن جنائي رقم 426-50 ق
خلاصة المبدأ
- تغيير وصف التهمة من سلطة محكمة الموضوع- شرط ذلك.
- وما أورده الحكم رداً على دفع بقيام حالة الدفاع الشرعي يستقيم مع ما يؤدي إليه ما هو مطروح فى الدعوى،ليس إلا الجدل الموضوعي.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المدعو (…) لأنه بتاريخ 22/4/2000 ف بدائرة مركز شرطة شحات:
- قتل نفسا عمدا وذلك بأن طعن المجني عليه بسكين طعنة ” نافذة إلى البطين الأيسر للقلب أدت إلى وفاته وفق ما هو مبين بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالأوراق، وعلى النحو الثابت بالمحضر، وقدمته إلى غرفة الاتهام بالمادتين: 1،2 من القانون رقم 6 لسنة 1423 م بشأن القصاص والدية المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 1427م والقانون رقم 7 لسنة 1430 م، وطلبت منها إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته وفق الوصف والقيد السالفين، والغرفة قررت ذلك، ومحكمة جنايات الجبل الأخضر قضت حضوريا في 14/10/2002 ف بسجن الطاعن عشر سنوات عن تهمة الضرب المفضي إلى الموت وحرمانه من حقوقه المدنية حرمانا دائما وألزمته بالمصاريف جنائية.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر الحكم محل الطعن بتاريخ 14/10/2002 ف، وفي 9/11/2002 ف قرر المحكوم عليه الطعن بالنقض على هذا الحكم من داخل السجن، وأودع محاميه بتاريخ 12/11/2002 ف مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لدي قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم، وفي 12/11/2002 ف قرر أحد أعضاء النيابة بالطعن بطريق النقض على ذات الحكم لدى قلم الكتاب سالف الذكر ثم أودع في اليوم التالي مذكرة بأسباب طعن النيابة العامة موقعة منه لدى ذات القلم.
وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الدعوى رأت فيها قبول الطعنين شكلا، ورفض طعن المحكوم عليه موضوعا، ونقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.
حددت لنظر الطعن جلسة 2004.3.9، وبهذه الجلسة تلا المستشار المقرر تقريره، ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضرها، ثم حجزت للحكم لجلسة اليوم.
الأسباب
حيث إن الطعنين استوفيا الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن الطاعن – المحكوم عليه – ينعى على الحكم المطعون فيه قصوره فى التسبيب ذلك أن الطاعن المذكور كان قد دفع أمام المحكمة المطعون في حكمها بقيام حالة الدفاع الشرعي فى حقه، غير أن المحكمة المذكورة طرحت هذا الدفع وردت عليه بما لا يبرر طرحه مما يجعل الحكم معيبا بما يتعين معه نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض وقائع الدعوى أثبت للطاعن دفعه بقيام حالة الدفاع الشرعي فى حقه والتفت عن هذا الدفع ورد عليه بقوله ( … … وحيث أن الدفع المثار بتوافر حالة الدفاع الشرعي، فإن هذا الدفع في غير محله لم يصادف صحيح القانون، ذلك إنه أخذ بأقوال الشاهد محمد يسين والتى تطمئن إليها المحكمة أن المتهم هو البادئ بالضرب بأن طعن المجني عليه بسكين في يده اليمنى فبادر المجني عليه على الفور بالدفاع عن نفسه بأن أخذ سكينا كان يحمله وطعنه فى يده اليسرى، وبعدها قام المتهم بطعن المجني عليه طعنة اخرى شديدة فى الصدر سقط على اثرها على الأرض والدماء تنزف منه، وهي إصابة قاتلة كما هو ثابت من تقرير الطبيب الشرعي مما ينفى حالة الدفاع الشرعي، وذلك أن المناط فى توافر حالة الدفاع الشرعي أن تكون هناك مبادءة بالعدوان ورد لهذا العدوان من المدافع، ومن ثم فإن المتهم هو من بادر الى طعن المجني عليه مما ينبغى معه رفض هذا الدفع ) وما أورده الحكم المطعون فيه رداً على دفع الطاعن بقيام حالة الدفاع الشرعي في حقه وطرحه لهذا الدفع يستقيم مع ما يؤدى إليه ما هو مطروح فى الدعوى، ولا يجافى العقل والمنطق بما يكون معه نعى الطاعن عليه ليس إلا ضربا من ضروب الجدل الموضوعي فيما كونت منه المحكمة المطعون فى حكمها عقيدتها بشأن عدم قيام حالة الدفاع الشرعي في جانب الطاعن المذكور، وهي مهمة موكلة إليها وحدها دون غيرها مادامت تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله الأمر الذى يكون معه نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه فى غير محله مما يقتضي رفض طعنه موضوعاً.
وحيث أن النيابة العامة تنعى كذلك على الحكم المطعون فيه مخالفته الثابت بالأوراق إذ أن المحكمة التى أصدرته عدلت وصف التهمة من قتل عمد الى ضرب أدى الى موت مع أن كل ظروف الواقعة وما تم فيها من تحقيقات تؤكد قيام جريمة القتل العمد فى حق المطعون ضده، وهو ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم محل الطعن بين وقائع الدعوى ثم استخلص من ذلك أن الجريمة المسندة إلى المطعون ضده ( المحكوم عليه ) لا تكون جريمة القتل العمد ولا تعدو كونها ضربا ادى الى موت المنصوص عليها فى المادة 374/1 من قانون العقوبات وأورد في هذا الخصوص قوله : ( … وحيث أنه من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى، والامارات والمظاهر الخارجية التى بأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، ولما كان البين أن نية إزهاق روح المجني عليه غير متوافرة، ذلك أن الشجار قد حصل بينهما صدفة إثر العدول عن صفقة شراء آلة الحرث ( الجرار ) وما صاحب ذلك من مغادرة المجني عليه للمكان، فبادر المتهم الى طعنه بالسكين، ومن رد المجنى عليه بذات الأداة، ثم قيام المتهم بطعنه طعنة أخرى فى الصدر أودت بحياته، فالاعتداء قد وقع نتيجة الغضب الشديد ولم يقصد بذلك قتل المجني عليه صديقه من كان يرافقه منذ البداية وحتى اتمام الصفقة بمدنية بنغازي ثم ذهابه معه الى مدنية شحات ،ولا ينالمن ذلك أن الإصابة فى مقتل، إذ أن ذلك لا ينبئ عن نية إزهاق روح المجني عليه، فملابسات وظروف الدعوى على نحو ما سلف بيانه تنفى القصد الجنائي الخاص، ومن ثم فإن المحكمة ترى أن القدر المتيقن فى حق المتهم هو الضرب المفضي الى الموت طبقاً لنص المادة 374/1 من قانون العقوبات)
وحيث إنه ولئن كان من المقرر أن رد الواقعة المسندة الى المتهم الى وضعها الصحيح وإنزال مواد القانون المنطبقة عليها هو من الأمور التي تختص بها محكمة الموضوع تقول كلمتها فيها وفق ما تراه وتيرسخ فى وجداتها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون قضاؤها هذا مستنداً على أصل بالأوراق متفقا مع العقل والمنطق، وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه تبريراً لتعديله التهمة المسندة الى المطعون ضده من قتل عمد إلى ضرب أدى الى موت لا يؤدي من حيث المنطق والعقل الى ما رتبه عليه إذ أن ما ساقه الحكم المذكور فى هذا المجال لا يكفي لنفي نية إزهاق روح المجني عليه لدى المطعون ضده المشار إليه، الأمر الذى يكون معه نعى النيابة الطاعنة عليه سديداً مما يتعين معه نقضه مع الإعادة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً، ورفضه موضوعاً، وقبول طعن النيابة العامة شكلا، ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى الى محكمة جنايات الجبل الأخضر لنظرها مجدداً من هيئة أخرى.