Skip to main content

طعن جنائي رقم 44-45 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 44
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 10 ديسمبر 2003

طعن جنائي رقم 44-45 ق

خلاصة المبدأ

الدفع بأن الاعتراف كان وليد إكراه – دفع جوهري – عدم الرد عليه – أثره.

الحكم

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بتاريخ 1994.4.7 بدائرة مركز شرطة تيجي:

هتك بالقوة عرض المجني عليها وذلك بأن قام بمسكها من يدها ورقبتها أثناء عودتها لمنزلها بالطرق العام وكما هو ثابت بالأوراق.

وقدمته لغرفة الاتهام طالبة إحالته إلى محكمة الجنايات المختصة لمحاكمته عما أسند إليه بالمادة 408/1 عقوبات، 1/1 من القانون رقم 10 لسنة 1985 بشأن بعض الأحكام الخاصة بجرائم الآداب العامة، والغرفة قررت ذلك.

ومحكمة جنايات طرابلس بعد نظرها الدعوى قضت فيها حضوريا بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة سنة واحدة مع الشغل عما نسب إليه وبلا مصاريف جنائية.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997.9.8، وبتاريخ 1997.9.9 قرر المحكوم عليه الطعن بالنقض أمام ضابط السجن، وبتاريخ 1997.10.1 أودع أحد أعضاء المحاماة الشعبية مذكرة بأسباب الطعن – نيابة عن الطاعن – لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم.

وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت فيه قبول الطعن شكلا ونقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.

وحددت جلسة 2003.6.29 لنظر الطعن، وتلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

حيث إن الطعن حاز أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فهو مقبول شكلا.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال بمقولة أن الحكم قد استند في إدانة الطاعن على اعترافه أمام مأمور الضبط القضائي، على الرغم أن الطاعن ودفاعه دفعا ببطلانه لأنه جاء نتيجة الضرب الذي تعرض له المتهم وقد أثبتت المحكمة في حكمها أن النيابة العامة كشفت على جسم المتهم وشاهدت وجود خدش بسيط بقدم المتهم، فهذا يؤكد أن المتهم تعرض للإكراه، ومع ذلك لم تستبعد هذا الاعتراف، مما يجعل حكمها معيبا مما يستوجب نقضه.

وحيث أن مما ينعاه الطاعن في محله ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه وهو بصدد إيراد هذا النعي والرد عليه قوله ( … وأمام هذه المحكمة ذكر المتهم ان اعترافاته أمام مأمور الضبط القضائي في محضر جمع الأدلة كانت وليدة الإكراه حيث أنه تعرض للضرب … وقدم دفاع المتهم مذكرة دفع فيها بأن أقوال المتهم أمام مأمور الضبط كانت ولدية إكراه، حيث تعرض المتهم للضرب، وبالتالي فإن هذا الاعتراف لا يعتد به ويضحى باطلا … ثم عرض الحكم لرد المحكمة على هذا الدفع بقوله … وحيث إنه إزاء ثبوت التهمة قبل المتهم طبقا لما تقدم فلا تلتف هذه المحكمة إلى إنكار المتهم أمام النيابة العامة وغرفة الاتهام وهذه المحكمة، وإن ما دفع به المتهم ودفاعه من ان المتهم تعرض للضرب، فهذا الدفع في غير محله، ذلك ان النيابة العامة قد قامت بتحقيق هذا الدفع بأن كشفت عن المتهم ولم تشاهد سوى خدش بسيط بأحد القدمين ومن ثم يتعين طرح هذا الدفع … وكانت المحكمة قد عرضت لأدلة الاثبات التي عولت عليها في إدانة المتهم بقولها … إن التهمة المنسوبة للمتهم قائمة قبله بجميع أركانها وثابتة في حقه بيقين أخذا من اعتراف المتهم تفصيلا أمام مأمور الضبط في محضر جمع الأدلة ومن أقوال المجني عليها في جميع مراحل التحقيق …).

لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف المعول عليه قانونا ذلك الاعتراف الصادر عن إرادة حرة خالية من أي عيب من شأنه أن يحد من تلك الحرية او يعدمها، فإن تبين أنه صادر عن إرادة معيبة تجرد من قيمته كدليل قبل المنسوب إليه، ولم يعد صالحا لإثبات الجرم ضده ومن بين العيوب التي تدخل على الإرادة فتؤثر فيها الإكراه الذي يمارس على المتهم ماديا كان أم معنويا، فإن دفع المتهم بأن ما نسب إليه من اعتراف كان منتزعا تعين على محكمة الموضوع بحث دفاعه وتحقيقه والرد عليه حال اطراحه بأسلوب سائغ يتفق مع موجبات العقل والمنطق وذي أصل ثابت في الأوراق، ذلك أنه من الدفوع الجوهرية التي من شأنها لو صحت ان تغير وجه الرأي في الدعوى فإن هي أعرضت عنه ولم تورده بأسبابها ولم ترد عليه بما يدحضه أو كان ردها معيبا واتخذت من الأقوال المعزوة للإكراه دليلا للإدانة كان حكمها قاصرا في أسبابه.

ولما كان الثابت في مدونات الحكم المطعون فيه – على النحو السالف بيانه- أن الطاعن دفع أمام النيابة العامة بأن اعترافه استدلالا كان نتيجة الضرب، وكشفت النيابة عليه وتبين لها وجود إصابة في قدمه أسفل الركبة، ودفع أمام المتهمة المطعون في قضائها بأن اعترافه أمام مأمور الضبط كان نتيجة الإكراه إذ تم ضربه، ولقد ردت المحكمة على ذلك بقولها إن النيابة كشفت على المتهم ولم تشاهد سوى خدش بسيط بأحد القدمين ومن ثم يتعين طرح هذا الدفع، وكان ينبغي على المحكمة أن تبحث في ماهية الإصابات اللاحقة بالطاعن وسببها ومدى علاقتها بالاعتراف المنسوب إليه، أما وقد نكلت عن ذلك وعولت في إدانة الطاعن على الدليل المستمد من أقواله أمام مأمور الضبط المدفوع ببطلانها، واكتفت في الرد على هذا الدفاع بأن النيابة لم تشاهد سوى خدش بسيط بأحد قدميه فهذا الرد قاصر وغير سائغ ولا يكفي لدحض ما أثاره المتهم والدفاع في هذا الشأن، الأمر الذي يصم الحكم بعيبي الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.

ولما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، بحيث إذا سقط أحدها او استبعد تعذر إعادة النظر في مدى كفاية الباقي منها لحمل قضاء الإدانة، الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم محل الطعن والإعادة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس (( دائرة الجنايات )) لنظرها مجددا من هيئة أخرى.