طعن جنائي رقم 215-50 ق
طعن جنائي رقم 215-50 ق
خلاصة المبدأ
تبرير العقوبة عند تجاوز حدها الأدنى أمر واجب – مخالفة ذلك- أثره.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بتاريخ 30/3/2002 ف بدائرة مركز شرطة زليتن.
- شربا خمرا وحازاها، حالة كونهما مسلمين، وعلى النحو المبين بالأوراق.
- واقعا آخر بالقوة، إذ واقعا المجني عليه بأن ادخلا ذكريهما فى دبره حتى أمنيا، وتكرر الفعل من المتهم الأول عدة مرات، تنفيذا لدافع إجرامي واحد، حالة كون المجني عليه حدثا أتم الرابعة عشر ولم يتم الثامنة عشرة وعلى النحو المبين بالأوراق.
- خطفا شخصا واحتفظوا به بالخداع بقصد ارتكاب أفعال شهوانية، وذلك بأن خطفا المجني عليه، بأن طلبا منه الركوب معهما فى السيارة لغرض شراء سجائر، الا انهما نقلاه إلى مكان آخر، حالة كون المجني عليه حدثا أتم الرابعة عشر ولم يتم الثامنة عشر، وعلى النحو المبين بالأوراق.
- هددا الغير بإنزال ضرر غير مشروع به، وذلك بأن هددا المجنى عليه بالضرب اذا هو اخبر عنهما، وعلى النحو المبين بالأوراق، وقدمتهما الى غرفة الاتهام بمحكمة زليتن الابتدائية طالبة احالتهما الى محكمة الجنايات لمقاضاتها بموجب المواد 1، 2، 4/1، 8، 9 من القانون رقم 4 لسنة 1423 م، و 1 مكرر 2 ثالثا و3 من القانون رقم 20 لسنة 1425 م بشأن تحريم الخمر و 407/1، 2، 412/1، 2، 430/1 عقوبات، وأثناء نظر الدعوى أمام الغرفة تقدمت المطعون ضدها الثانية بصحيفة ادعاء بالحق المدني، عن نفسها وبصفتها ولي المجنى عليه القاصر طلبت فى ختامها احالة الدعوى المدنية مع الدعوى الجنائية الى محكمة الجنايات للحكم لها ولابنها المجنى عليه بمبلغ خمسين ألف دينار لكل منهما تعويضا عما اصابهما من ضرر الجريمة، وإلزام الطاعنين بدفع التعويض على وجه التضامن مع المصاريف والأتعاب، فأمرت الغرفة بالإحالة طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام المقدم من النيابة العامة، ومحكمة استئناف مصراتة (دائرة الجنايات)، بعد ان نظرت الدعويين، أصدرت فيهما حكما قضى حضوريا:
- اولا: ببراءة المتهمين (…و….) من التهمة الاولى، وببراءة المتهم الثاني من التهمة الثالثة.
- ثانيا: بمعاقبة المتهم الأول، بالسجن لمدة (8) ثماني سنوات عن التهمتين الثانية والثالثة، وبحبسه ثلاثة أشهر عن التهمة الرابعة، وبمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة (6) ست سنوات عن التهمة الثانية وبحبسه ثلاثة أشهر عن الرابعة، وبلا مصاريف جنائية.
- ثالثا: فى الشق المدني بإلزامهما متضامنين بدفع مبلغ خمسين ألف دينار عما لحقهما من ضرر، مع المصاريف واتعاب المحاماة)).
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الاجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 14/10/2002 ف، وبتاريخ 5/11/2002ف قرر المحامي (…) الطعن فيه بطريق النقض، نيابة عن المحكوم عليهما، وذلك لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم، كما طعن المحكوم عليهما فيه بذات الطريق لدى السجن بتاريخ 15/10/2002 ف، وبتاريخ 5/11/2002 ف .أودع المحامى المذكور مذكرة موقعة منه بأسباب الطعن، وأدلت نيابة النقض بمذكرة خلصت فيها الى الرأي بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه فى الدعويين الجنائية والمدنية مع الاعادة، ثم حدد لنظر الطعن جلسة 1/7/2004 ف، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، ثم حجزت للحكم بالجلسة اليوم .
الاسباب
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية، فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب، اذ لم يستظهر فى أسبابه ما يبرر تقرير العقوبة المقضي بها، كما لم يتعين لعناصر المكونة للضرر المادي، التي أدخلها في حساب التعويض عن الضرر، وقضى بالتعويض دون بيان ما إذا كان المحكوم به للمجني عليه وحده، ودون بيان مقدار التعويض عن كل من الضررين المادي والمعنوي على حده، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه حصل الواقعة فقال: ((وحيث ان الدعوى تحمل في أنه بتاريخها طلب شقيق المجنى عليه، من المجنى عليه شراء علبة سيجارة له من الباعة، وعند مروره على الجسر الذي على الطريق الساحلي أوقف المتهم الاول سيارته الداسن النوع، لونها أبيض بجانبه، وسأله عن وجهته، فأخبره بغرضه فطلب منه الركوب لإيصاله، وكان معه شخص آخر، وإثمه به إلى الغويلات، حيث مر على المتهم الثالث فى ورشته، وركب معهم وذهبوا بالمجنى عليه الى منزل مهجور بالزود، وهناك قام المتهمان بمواقعته مواقعة تامة وقد انكر المتهمان ما نسب إليهما فى جميع المراحل وقامت النيابة بالذهاب الى المنزل موقع الجريمة ثم وجدت جالونات وزجاجة بها قطرات من سائل، وتنبعث منها رائحة الخمر، كما وجدت الحجرة التي أفاد المجنى عليه ان بها الخمر مقفلة، فرجعت واشرت بأذن بتفتيش المنزل، فقام مأمور الضبط بذلك صحبة المجنى عليه، وفتحت الحجرة المقفلة ولم يعثر على شيء سوى محقق وقطعة قماش أفاد المجنى عليه أن المتهمين كانا يمسحان بها ذكريهما عند تمام المواقعة، وقد أحالت النيابة العامة المجني عليه على الطبيب الشرعي، كما أحالت الجالون والزجاجة التي وجدت أمام المنزل وقطعة القماش، واثبتت الخبرة القضائية في تقاريرها رقم 308/2002 ف و 310- 3063/2002 ف. أن الأواني التي أحيلت وهي الزجاجة والجالونين، أن القطرات التي بها خمر، وأن أحد الجالونين لم يثبت أن به آثار لذلك، وان المجني عليه تعرض للاتصال الجنسي، وبايلاج لواط حديثا، وان فتحة الشرج متسعة عن الطبيعي، وهناك تكدمات وتسلخات بها، كما ان بقطعة القماش المحالة آثار للسائل المنوي)) ثم ساق الحكم فى التدليل على قضائه قوله:
(( وحيث ان هذه المحكمة على قناعة تامة بأن ما نسب للمتهمين عدا التهمة الاولى والتهمة الثالثة فى حق المتهم الثاني، ثابت بيقين وإن انكارهما مجرد تهرب من المسئولية فقط، اخذا بأقوال المجني عليه والتى تتأكد بوصفه للطريق التي تمت معه وكيفية ارتكاب الجريمة ودله النيابة العامة على مكانها وعلى خرقة القماش، وفيما استعملت، ومطابقة الخبر ة لذلك، وبالتعرف على المتهمين أمام النيابة حيث جلبتهما أربع متهمين آخرين، فعرضوا عليه، وأفاد انه لا احد منهم يعرفه، ثم عرض عليه كل واحد منهما على حده فى طابور التعرف وأخرجه بعينه منهم، ثم تقرير الطبيب الشرعي على الوصف المذكور آنفا، الأمر الذى يجعل ما دفع به الدفاع فيما يتعلق بتهمتي المواقعة والتهديد وتهمة الخطف بالنسبة للأول في غير محله، ويتعين الالتفات عنه، اذ ان ما هو موجود من اختلاف في أقوال المجني عليه لا يؤثر في صحتها، وان ما ذكر من تحديد لساعة الواقعة ذكره على سبيل التقريب، ثم ان شهادة الشاهد المذكور أفاد فيها أنه لا يعرف ما اذا كان المتهم الأول حضر إلى حظيرة الدواجن فى يوم 30 او 31/2، فضلا عن أن الزمن الذى ذكره على فرض صحته لا يختلف كثيرا عن الزمن الذي تمت فيه الواقعة …… وحيث انه بالنسبة للدعوى المدنية فإنه قد ثبت أن جميع أركان المسئولية المدنية فى حق المتهمين من خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما، مما يجعل من حق المضرور المطالبة بالتعويض عما لحقه طبقا لنص المادة 166 مدنى، وأن الضرر المادي قد أوضحه تقرير الطبيب الشرعي على ما سبق ذكره، أما الضرر المعنوي فهو أوضح من أن يوضح، اذ ان ما لحق المجني عليه من احساس بالعار والمهانة بين زملائه، بل بين جميع أفراد المجتمع سيظل يلا حقه طيلة حياته هو ووالدته المدعية، بل وجميع أفراد اسرته، لا يعوض بثمن، لذلك، وبناء على نصوص المواد 338، 345 و 277/1، 2، 287 أ . ج و 181، 182 مرافعات، وعلى نصوص المواد 407/1، 412/2، 430/1، 76/2ع، وعلى المواد 166، 224، 225 مدنى )).
لما كان ذلك، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، تطبيقا للمادتين 27، 28 من قانون العقوبات، أنه يجب على المحكمة وهي تقضي بالإدانة والعقاب أن تبين فى أسباب حكمها مبررات تقديرها للعقوبة المقضي بها، بأن تشير إلى العناصر البارزة التي تكشف عنها الوقائع أو التي تصور حالة الجاني إن توفرت، لأن قصد الشارع من هذه العناصر أن تكون محل اعتبار المحكمة عند تقدير العقوبة، وأن يحيط القاضي علما بالظروف المتعلقة بالجاني، وان يبرز منها في أسبابه ما كان له تأثير في تحديد العقوبة التي يرى ملاءمتها، وكان الحكم المطعون فيه، وعلى نحو ما سلف لم يورد اسبابا لتبرير العقوبة المقضي بها على الطاعنين والتى ارتفع بها عن الحد الادنى المقرر للجرائم التي دانهما بها، فإنه معيبا بالقصور فى التسبيب، مما يبطله ويوجب نقضه، فيما انصب عليه الطعن من ادانة الطاعنين فى الدعوى الجنائية، ودون حاجة لمناقشة مناعيهما الأخرى.
ولما كان نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للدعوى الجنائية يستتبع نقضه بالنسبة للدعوى المدنية التابعة لها، فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة لها أيضا، دون حاجة لبحث مناعي الطاعنين فى شأنها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى الدعوى الجنائية بالنسبة للتهم الثانية والثالثة والرابعة المدان بها الطاعن الأول والتهمتين الثانية والرابعة المدان بهما الطاعن الثاني وبنقضه بالنسبة للدعوى المدنية وإعادة الدعويين الجنائية والمدنية فى هذا الشأن الى محكمة استئناف مصراتة / دائرة الجنايات للفصل فيهما مجددا من هيئة أخرى وألزمت المدعى عليهما بالحق المدني بالمصروفات.