طعن مدني رقم 106/ 47ق
- التصنيف: المدني
- رقم الطعن: 106
- السنة القضائية: 47
- تاريخ الجلسة: 16 يونيو 2004
طعن مدني رقم 106/ 47ق
خلاصة المبدأ
إصابة الجسم بأي أذى توجب التعويض.
حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني – شرط ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقامت المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وكيلة عن أولادها الدعوى رقم 467 لسنة 1997 أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية اختصمت فيها شركة ليبيا للتأمين، وقالت بيانا لها: إنه بتاريخ 1995/3/13 أصيب ابنها في حادث مرور تسبب فيه سائق مركبة آلية كان يقود سيارته بإهمال وعدم حيطة مما ألحق بابنها إصابة في عظم الفخذ أدى إلى كسر وعجز بنسبة 45 إلى 50، ودين سائق المركبة بحكم نهائي، ولما كانت المركبة مؤمنة لدى الشركة الطاعنة بوثيقة تأمين سارية المفعول وقت الحادث، فإنها تطلب إلزامها بدفع مبلغ 50 ألف دينار عن الضرر المادي و مبلغ 100 ألف دينار عن الضرر الأدبي الذي لحقها عن نفسها وبصفتها. والمحكمة قضت برفض الدعوى.
استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليه بصفته بأن يدفع للمستأنفة بصفتها مبلغا قدره عشرون ألف دينار شاملا لكل الأضرار التي إصابتها بسبب الحادث موضوع الدعوى وبرفض ما عدا ذلك من طلبات.
“وهذا هو الحكم المطعون فيه”.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1999/10/31م، وأعلن إلى الشركة الطاعنة بتاريخ 1999/12/8م، وبتاريخ 2000/1/5 قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن عليه بطريق النقض نيابة عنها لدى قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم والكفالة، مودعا مذكرة بأسباب طعنه، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، ومذكرة شارحة، ثم أودع بتاريخ 2000/1/13 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها في اليوم السابق. وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث تنعى الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من وجهين:-
الأول: أن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض دون بيان عناصر الضرر المادي والأدبي، فلم يبين المصالح المادية للمضرور التي تضررت بسبب الحادث رغم عدم ثبوت أن الإصابة أفقدته القدرة على الكسب، أو أن المطعون ضدها تكبدت نفقات في سبيل علاج ابنها مما يعد إخلالا بمصلحة مالية يتحقق بها قيام الضرر المادي، وجاء تقدير قيمة التعويض المقضي بها جزافا شاملة للضررين المادي والأدبي دون تعيين قيمة كل منهما مما يكون معه التقدير برمته معيبا.
الثاني:- أن الضرر نشأ بسبب أجنبي، وهو خطأ المضرور نفسه حيث سلم الدراجة النارية إلى شخص ليس مرخصا له بقيادتها وهو على علم بذلك، وكان سائق الدراجة النارية يعتبر من الغير، ووقع الحادث بسبب خطئه، والحكم لم يراع مساهمة المضرور بخطئه في حدوث الضرر عند تقدير التعويض مما يكون معه قاصر الأسباب. وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود؛ ذلك أن إصابة الجسم بأي أذى من شأنها أن تخل بقدرة الشخص على الكسب وتكبده نفقة في العلاج، وبالتالي فإنها تمثل ضررا ماديا موجبا للتعويض وحيث إنه بالرجوع إلى مدونات الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن أثبت الإصابات التي لحقت بابن المطعون ضدها والتي أثبتها تقرير الطبيب الشرعي، وقدر نسبة العجز الدائم الناجم عنها بما يتراوح بين 45 إلى 50%، وانتهى الحكم إلى أن ذلك من شأنه أن يسبب له عجزا عن الكسب المادي حاليا ومستقبلا، وخلص إلى تقدير التعويض الذي رأه مناسبا بمبلغ عشرين ألف دينار تعويضا شاملا عن كل الأضرار، وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه يكفي لحمل قضائه بما يستوجب رفض هذا الوجه من النعي.
وحيث إن النعي في وجهه الثاني بدوره غير سديد ؛ ذلك أن خطأ المضرور يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة، وأن تقدير توافر رابطة السبية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية المتروكة لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة لها أصل ثابت في الأوراق.
لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص من خلال ما أثبته محضر الجنحة رقم 280 لسنة 1995 في مرور أبي سليم إلى أنه ابن المطعون ضدها المضرور من الحادث لم ينسب إليه خطأ، وأن محدث الضرر قد تم تقديمه فعلا للمحاكمة بتهمة إيذاء المجني عليه وإصابته بالإصابات المبينة بتقرير الطبيب الشرعي، وصدر في مواجهته حكم جنائي نهائي، وانتهى إلى أن هذا الحكم يعد حجة أمام القضاء المدني فيما يتعلق بوقوع الخطأ، ونسبته إلى فاعله يحول دون العودة إلى مناقشته في جانب محدث الضرر، فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون، بما يتعين معه رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وبالزام الشركة الطاعنة بالمصروفات.