طعن مدني رقم 201/46 ق
طعن مدني رقم 201/46 ق
خلاصة
يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة – مادية للمضرور بيان ذلك.
الحكم
الوقائع/ أقام المطعون ضده عن نفسه وبصفته الدعوى رقم 97/642 أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية ضد الطاعن بصفته قال شرحا لها: إنه بتاريخ 1995.10.13 بدائرة مركز مرور العزيزية تسبب قائد المركبة رقم 840 خليج سرت في قتل ابن المدعيين وزوج المدعية الثالثة، وقد لحقتهم بذلك أضرار مادية ومعنوية، وخلص إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن له يؤدي له مبلغ ثلاثمائة ألف دينار تعويضا عن الأضرار التي لحقت جميع الورثة، والمحكمة قضت بتاريخ 1997.11.30 بالزام المدعي عليه بأن يؤدي للمدعي عن نفسه وبصفته مبلغا قدره سبعون ألف دينار جبرا للضرر الذي لحقهم نتيجة وفاة مورثهم، استأنف المطعون هذا الحكم أمام محكمة استئناف طرابلس بالاستئناف رقم 44/1072 ف، كما أستأنفه الطاعن بصفته، والمحكمة قضت بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف.
” وهذا هو الحكم المطعون فيه ”
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 1998.12.19 وتم إعلانه للطاعن بصفته بتاريخ 1999.3.3، وبتاريخ 1999.3.25 قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أمام قلم كتاب المحكمة العليا مسددا الرسم، ومودعا الكفالة، وسند الإنابة، ومذكرة بأسباب الطعن، وأخرى شارحة، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وبتاريخ 1999.4.7 أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضده بتاريخ 1999.4.3 وبتاريخ 1999.4.24 أودع دفاع المطعون ضده مذكرة رادة مشفوعة بسند وكالته، وحافظة مستندات، وقدمت نيابة النقض مذكرة ناقشت فيها أسباب الطعن، وأبدت رأيها بقبوله شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم مع الإحالة، وفي الجلسة المحددة لنظره أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا. وحيث إن مما ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال: ذلك أن الحكم لم يبين عناصر الضرر المادي، واكتفى بعبارات عامة غير كافية لحمل قضائه إذ يشترط أن يكون الضرر المادي محقق الوقوع وليس متوقعا، ولم يقدم المطعون ضدهم ما يفيد أن المتوفى كان ينفق عليهم قبل وفاته مما يفي وقوع الضرر أو الإخلال بالمصلحة المادية.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن التعويض من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع، أنه إلا أن تعيين عناصر التقدير المكون للضرر المادي التي يمكن أن تدخل في حساب التعويض هو من المسائل التي تخضع لرقابة المحكمة العليا، كما يشترط للقضاء بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية مشروعة للمضرور، وأن يكون الضرر محققا وقع بالفعل، أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتميا، وأن مناط تحقق الضرر لمن يدعيه نتيجة وفاة شخص آخر ثبوت أن المتوفى كان يعوله وقت وفاته على نحو دائم و مستمر، وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة.
لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قضى بتعويض المطعون ضدهم بمبلغ سبعين ألف دينار على سند من القول (وحيث إن هذه المحكمة وهي إزاء تقديرها للتعويض قد راعت تناسبه وملاءمته للضررين المادي والمعنوي اللذين لحقا بالمدعي عن نفسه وبصفته من جراء موت مورثه وهو ابنه وابن الثانية والذي اختطفته يد الموت وهو لا يزال في مقتبل عمره حيث كانوا يرون فيه أملهم وركن بيتهم وأنه سيوفر لهم الحياة الكريمة الهانئة والراحة والطمأنينة وبعينهم على نوائب الدهر وظروفه ومكابدة مشاق الحياة ومتطلباتها ولكن قدرة الله حالت دون ذلك وزوج الثالثة ولما سلف بيانه تعين الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي عن نفسه وبصفته مبلغ التعويض المرقوم بالمنطوق الذي ترده هذه المحكمة إلى القدر المجبر الكلا الضررين المنوه عنهما أعلاه دون إفراط أو تفريط) فإن ما أورده الحكم وإن كان يكفي لبيان عناصر التعويض الأدبي إلا أنه لا يصلح لتبرير قضائه بالتعويض عن الضرر المادي لعدم بيان عناصره.
لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قضى بالتعويض عن الضررين المادي والأدبي بمبلغ واحد دون أن يبين عناصر التعويض المادي، فإن العيب يمتد إلى التقدير بكامله لعدم إمكانية التجزئة بما يوجب نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى، وبالزام المطعون ضدهم بالمصاريف.