أدوات الوصول

Skip to main content

طعن مدني رقم 79/ 45ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 79
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 5 فبراير 2003

طعن مدني رقم 79/ 45ق

خلاصة المبدأ

  1. إصابة الجسم بأي أذى تعتبر ضررا ماديا موجبا للتعويض – أساس ذلك.
  2. تقدير التعويض جزافا من محكمة الموضوع – شرطه.
  3. ضرر معنوي عدم لزوم بيان عناصره -أساسه.

الحكم

الوقائع/ أقام الطاعن الدعوى رقم 30 لسنة 1994 ف أمام محكمة القره بولي الجزئية على المطعون ضدهما، طالباً إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ مائة ألف دينار تعويضاً عن الضررين: المادي، والأدبي، وقال شرحاً لدعواه: إن المدعى عليهما اعتديا عليه بالضرب المبرح بعصا، وأحدثا به الإصابات التي قرر الطبيب لشفائها خمسة أيام، وسجلت الواقعة جنحة، وقضى فيها بتغريم كل واحد من المدعى عليهما بمبلغ عشرين دينارا، وقضت المحكمة بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي تعويضاً شاملاً قدره ستة آلاف دينار جبراً للضررين: المادي والأدبي، فاستأنف الطرفان هذا الحكم أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية التي قضت بهيئة استئنافية بقبول الاستئنافين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام كل واحد من المستأنف عليهما – في الاستئناف الأول – بأن يدفع لرافعه خمسمائة دينار عما لحقه من ضررأدبي، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات.

” وهذا هو الحكم المطعون فيه” 

الإجراءات

صدر الحكم المطعون بتاريخ 1997.6.9ف، ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إعلانه، وقرر أحد أعضاء إدارة المحاماة الشعبية الطعن عليه بطريق النقض نيابة عن الطاعن لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 1997.12.31ف، مسدداً الرسم والكفالة، ومودعاً مذكرة بأسباب الطعن، ومذكرة شارحة، وسند إنابته، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ثم أودع بتاريخ 1998.1.11ف أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضدهما بتاريخ 1998.1.8ف، وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.

الأسباب

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، من الوجهين الآتيين:-

  1. أن الحكم لم يورد سنداً لإنقاص مبلغ التعويض المحكوم به من محكمة أول درجة، ولم يبين أسس تقديره للمبلغ الذي قضى به تعويضاً عن الضرر المعنوي.
  2. أن الحكم انتهى إلى رفض طلب التعويض عن الضرر المادي بمقولة أن الطاعن لم يقدم دليلاً عليه، رغم أن الثابت بالأوراق أنه أصيب في أنحاء جسمه من جراء الاعتداء عليه بالضرب بالعصا من قبل المطعون ضدهما، وتحصل على راحة طبية مدتها خمسة أيام، وهو ما يثبت أنه لحقت به إصابات مختلفة أعجزته عن القيام بعمله العادي، وهو يمتهن الزراعة التي تحتاج إلى مجهود عضلي، فضلا عن المصروفات التي تكبدها في تنقله للعلاج، ومتابعة الدعويين الجنائية والمدنية.

وحيث إن الوجه الأول مردود، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه لما كان موطن الضرر الأدبي الموجب للتعويض هو العاطفة والشعور وهو من الأمور الخفية التي لا يمكن – بالحس الظاهر – إدراك ما يصيبها من ضرر، فإنه من المتعذر على المحكمة تحديد عناصر هذا الضرر، ومن ثم فإنه يكفي لسلامة الحكم بشأن تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون معقولاً دون غلو أو إسراف.

لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أورد القول بأن المحكمة وهي بصدد تقدير التعويض عن الضرر الأدبي قد نظرت ما أصاب الطاعن من ألم وإهانة نتيجة الاعتداء عليه مسترشدة بظروف القضية، وحالة المتضرر، وأوصلها اجتهادها إلى ما ورد بمنطوق حكمها، وهو إلزام كل واحد من المطعون ضدهما بأن يدفع للطاعن خمسمائة دينار عما لحقه من ضرر أدبي، فإن ذلك مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض بلا معقب عليها لمحكمة النقض.

وحيث إن الوجه الثاني في محله، ذلك أن إصابة الجسم بأي أذى من شأنها أن تخل بقدرة الشخص على الكسب، وتكبده نفقة في العلاج، وبالتالي فإنها تمثل ضرراً مادياً موجباً للتعويض.

وحيث إنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت ما أورده تقرير الطبيب الشرعي من أن الطاعن لحقته من جراء واقعة الاعتداء عليه إصابات يشفى منها في بحر سبعة أيام، فإنه انتهى إلى رفض طلب التعويض عن الضرر المادي بحجة أنه لا يوجد بالأوراق ما يفيد أنه تعطل عن القيام بأعماله أكثر من خمسة أيام، وأنه لم يقدم ما يفيد تحديد دخله اليومي حتى تتمكن المحكمة من تقدير التعويض.

وحيث إن ما أورده الحكم على هذا النحو ينطوي على مخالفة للقانون وقصور في التسبيب، إذ كان على الحكم – بعد أن أثبت حصول الإصابات بالطاعن وأقر بتعطله عن العمل لفترة من الزمن أن يقدر له التعويض الذي يراه مناسباً لجبر الضرر المادي الذي لحق به من جراء ذلك، ولا يشفع للحكم خلو الأوراق من العناصر التي تمكن المحكمة من تقدير حجم الضرر والتعويض الملائم لجبره، إذ يجب على المحكمة أن تقدر التعويض جزافاً إذا لم يكن بالإمكان تحديده بشكل تفصيلي وقاطع.

وحيث إنه لما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم في شقه المتعلق بالضرر المادي مع الإحالة.

فلهذه الأسباب

حکمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من رفض التعويض عن الضرر المادي، وبإحالة القضية إلى محكمة شمال طرابلس الابتدائية للفصل مجدداً في هذا الشق من هيئة استئنافية أخرى، وبرفض الطعن فيما عدا ذلك، وبإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات المناسبة.