طعن مدني رقم 291 /45ق
طعن مدني رقم 291 /45ق
خلاصة المبدأ
- زيادة مبلغ التعويض من سلطة محكمة الاستئناف – شرطه.
- لا يعيب الحكم دمج التعويض عن الضررين إذ لا يشترط تخصيص مقدار لكل منهما – بيان ذلك.
- الضرر واقعة مادية يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات – بيان ذلك.
الحكم
الوقائع/ اختصم المطعون ضده عن نفسه وبصفته – الشركة الطاعنة أمام محكمة شمال طرابلس الابتدائية بصحيفة، قال فيها: إنه بتاريخ 1995.11.1ف كان المدعو (…) يقود السيارة رقم 2436 خاصة فصدم بها ابن المطعون ضده ونتج عن ذلك وفاته، وقد سجلت الواقعة ضده وأدين جنائياً، وقد ألحق ذلك به ضرراً أدبياً ومادياً، وبما أن السيارة مؤمنة لدى الشركة الطاعنة فإنها تكون ملزمة بجبر هذه الأضرار، وانتهى إلى طلب إلزامها بدفع تعويض قدره ثمانمائة ألف دينار مع المصروفات والمحكمة قضت لهم بتعويض قدره أربعون ألف دينار تعويضا عن الضررين مناصفة بينهما.
استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 937 لسنة 43 ق، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 227 لسنة 44ق، أمام محكمة استثناف طرابلس التي قضت بقبول الاستئنافين شكلاً، وفي الموضوع.
أولاً: فيما يتعلق بالاستئناف رقم 937 لسنة 43ق بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف عليه فيه بأن يدفع للمستأنفين مبلغاً قدره ستون ألف دينار تعويضاً شاملاً لكل الأضرار التي أصابتهم بسبب الحادث.
ثانياً: برفض الاستئناف رقم 227 لسنة 94 ق، وبإلزامه بمصروفات الاستئنافين.
هذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
صدر هذا الحكم بتاريخ 1998.3.1ف، وأعلن بتاريخ 1998.5.23ف، وبتاريخ 1998.6.17ف قرر أحد أعضاء إدارة القضايا الطعن فيه بطريق النقض بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة العليا، وسدد الرسم، وأودع الكفالة، وسند الإنابة، وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، وأخرى من الحكم الابتدائي، وحافظة بمستنداته، وبتاريخ 1998.6.30ف أودع أصل ورقة إعلان الطعن معلنة إلى المطعون ضده في اليوم السابق.
قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما يتعلق بالتعويض المادي، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت على رأيها.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة في القانون فإنه يكون مقبولا شكلا، وحيث تنعى الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع، من وجوه:-
أولا:- قضى الحكم المطعون فيه بالتعويض عن الضرر المادي دون توافر شروطه ذلك أن طلب التعويض عن الضرر المادي مشروط بثبوت أن المتوفى كان يعول طالب التعويض وقت وفاته على نحو مستمر ودائم، وقد خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بالتعويض عن الضرر المادي مستندا على شهادة بالمرتب لا حجية لها لأنها صورة ضوئية، وعلى علم وخبر بأن المتوفى هو العائل الوحيد لأسرته وهو ليس له حجية في مواجهة الغير إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع.
ثانيا: قضى الحكم المطعون فيه بالتعويض عن الضررين المادي والمعنوي دون بيان مقدار كل منهما، ودون بيان لعناصر الضرر المادي و بحث مدى تحققه من عدمه، وهو قصور في التسبيب يعيب الحكم.
ثالثا: قضى الحكم المطعون فيه بزيادة المبلغ المحكوم به دون أن يبين الأساس القانوني لذلك، ولا العناصر المبررة لهذه الزيادة.
وحيث إن النعي في الوجه الأول مردود، ذلك أن حصول الضرر واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ومن بينها القرائن، ومتى كان الإثبات بالقرائن جائزا فإن تقديرها يكون من اختصاص قاضي الموضوع، ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه منها متى كان استنباطه سائغا، وحيث إن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات توافر الضرر الذي لحق المطعون ضدهم على صورة ضوئية لشهادة صادرة عن آمر ركن الحسابات العسكرية بقوة الردع، وعلى علم وخبر يفيد أن المتوفى هو العائل الوحيد لأسرته، فإن ما يثيره الطاعن في نعيه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا يتعلق بتقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع لأن هذه القرائن التي استدلت بها المحكمة ليست قرائن قانونية حدد القانون نتيجتها وإنما هي قرائن قضائية لم يحدد القانون حجيتها ولكن أعطى للقاضي سلطة تقديرها دون معقب عليه طالما كان استخلاصه لها يؤدي عقلا إلى النتيجة التى انتهى إليها يما يتعين معه رفض هذا الوجه.
وحيث إن النعي في الوجه الثاني غير سديد، ذلك أنه لا يعيب الحكم أن يدمج الضررين المادي والأدبي معا ويقدر التعويض عنهما بغير تخصيص المقدار كل منهما، لأن ذلك لا ينفي أن كل عنصر من هذين العنصرين كان له حسابه في تحديد مقدار التعويض المقضي به، وحيث إن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه يبين عناصر كل من الضررين بقوله: ( وحيث عن الأضرار التي لحقت المدعين فإن الضرر المعنوي قائم وثابت أخذا مما عانوه من ألم وحسرة وفقد الأب لابنه والوالدة لولدها والأخوين لشقيقهما ولا شك أن ذلك أحاطهم بفزع وألم وتمثل الضرر المادي في فقدهم لعائلهم ومصدر رزقهم كما هو ثابت من العلم والخبر الصادر عن المكلف بالشئون المحلية….. والذي يفيد بأن المتوفى هو العائل الوحيد لأسرته فإن المحكمة تقدر ما تراه مناسبا لجبر الضرر (( فإن ما أورده الحكم على هذا النحو هي مبررات سائغة تكفي لحمل قضائه، وتنأى به عن عيب القصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في الوجه الثالث في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقر الحكم الابتدائي وأحال إليه في أسبابه، وكان البين من هذه الأسباب أنه انتهى إلى عدم تناسب المبلغ المحكوم به مع الضررين المادي والأدبي وفقا للأسس والعناصر التي أوردها الحكم المستأنف واتخذها أساسا لقضائه، ولا يكفي لجبر هذه الأضرار، وأشار إلى ذلك
بقوله:- ( والمحكمة – وهي بصدد تكوين عقيدتها في الاستئنافين تبين لها أن الحكم المستأنف…. أجحف بحق المستأنفين – المطعون ضدهم – بعدم تعويضهم تعويضا عادلا ومناسبا ولم ينظر إلى المتضررين نظرة ثاقبة بحيث تكشف له ما لحقهم من أضرار مادية ومعنوية بسبب فقد مورثهم، ومن ثم فإن المحكمة ترى تعديله.. ) فإنه لا تثريب على محكمة الاستئناف إن هي قامت بما لها من سلطة موضوعية في تقدير التعويض – بزيادة المبلغ المحكوم به إلى القدر الذي رأت أنه يتناسب مع تلك العناصر التي أوردها الحكم المستأنف، والتي انتهت إلى إقرارها وتأييدها دون أن تكون ملزمة باستحداث مبررات أخرى لهذه الزيادة، وبناء عليه يكون الطعن برمته على غير أساس، خليقا بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وبالزام الشركة الطاعنة بالمصروفات.