طعن رقم 7/ 50 ق
العنوان
لا يشترط لثبوت جريمة التزوير وجود الورقة المزورة تحت نظر المحكمة
الملخص
العدول عن المبدأ الصادر في الطعن الجنائي رقم 262 لسنة 23 وما يماثله والذى يقضى بأنه يتعين كإجراء من إجراءات المحاكم في جرائم التزوير عرض الورقة المدعى بتزويرها باعتبارها من أدلة الجريمة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة واقرار مبدأ جديد مقتضاه أنه لا يشترط لثبوت جريمة التزوير وجود الورقة المزورة تحت نظر المحكمة
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر لأنهما بتاريخ عام 1996 وما قبله بدائرة اختصاص مركز شرطة رأس عبيدة بنغازي :
المتهم ” الطاعن ” حالة كونه موظفاً عمومياً وضع أثناء ممارسته لمهامه وثيقة مزورة في جزء منها، بأن قام بوضع توقيع رئيس لجنة الأراضي العسكرية على النموذج ” ج ” لتخصيص العقار رقم 3 الكائن بشارع المعلا بحي بو قرين حالة كون المتهم الثاني شريكا له بالاتفاق والمساعدة بأن قدم له مستندات شخصية لغرض إعداد التخصيص، فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق.
طلبت النيابة العامة من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما عما أسند إليهما بالمادة 431 من قانون العقوبات، والغرفة قررت ذلك.ومحكمة جنايات بنغازي نظرت الدعوى في جلستها المنعقدة بتاريخ 1999.5.29 م وقضت فيها غيابيا بمعاقبة المتهمين عما أسند إليهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات وألزمتهما المصاريف الجنائية.
وحيث تم القبض على الطاعن وأعيدت محاكمته أمام المحكمة ذاتها والتي نظرت الدعوى في جلستها المنعقدة بتاريخ 2003.8.18، وقضت فيها حضورياً بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة سنة واحدة عن جريمة تزوير الورقة الرسمية وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة خمس سنوات من تاريخه وبلا مصاريف جنائية.
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2003.8.18، وبتاريخ 2003.10.12 قرر محامي المحكوم عليه الطعن عليه بالنقض أمام قلم كتاب المحكمة مصدرته بموجب توكيل عرفي يخوله ذلك، وبذات التاريخ والمكان أودع مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لصالح الطاعن، نعى فيها على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون من وجهين :
الأول: عدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من القضاء العسكري حيث صدر حكم من المحكمة العسكرية الدائمة قضى ببراءة المتهم مما نسب إليه.
الثاني: أن المحكمة خالفت ما استقر عليه قضاء المحكمة العليا بشان وجوب عرض المستند محل التزوير باعتباره من أدلة الجريمة على بساط البحث والمناقشة بجلسة المحاكمة، وهو ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه
قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا، ونظرت الدائرة الجنائية الرابعة الدعوى في جلستها المنعقدة بتاريخ 2005.6.29 وحجزتها للحكم بجلسة 2005.11.20، ثم قررت إعادتها للمرافعة وإحالتها إلى الدوائر مجتمعة طالبة العدول عن ا المبدأ المقرر في الأحكام الصادرة في الطعون الجنائية 262/23 ق، و 276/27 ق، 1067/43 ق، الذي يقضي بأنه يتعين كإجراء من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير عرض الورقة باعتبارها من أدلة الجريمة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة، وإقرار مبدأ جديد مقتضاه أنه لا يشترط الثبوت جريمة التزوير وجود الورقة المزورة تحت نظر المحكمة.
قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني خلصت فيها إلى الرأي بالإبقاء على المبادئ التي تقرر وجوب عرض الورقة المزورة على بساط البحث باعتبارها من أدلة الجريمة وذلك كإجراء من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير.
حددت جلسة 2006.5.31 لنظر الطلب، وتلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، وتقرر إصدار القرار بجلسة اليوم.
الأسباب
إن الإثبات في المسائل الجنائية – في غير جرائم الحدود – يكون بوسائل الإثبات العامة المقررة في قانون الإجراءات الجنائية، ويقوم على مبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل يشاء سواء أكان هذا الدليل كتابياً أم غير كتابي، ولا قيد على القاضي في نطاق التدليل إلا أن يكون الدليل الذي عوّل عليه من الأدلة المطروحة في الجلسة، ولا إلزام عليه بأن يسلك طريقا معينا في انتقاء الدليل الذي يأخذ به لأن ظاهرة الاقتناع حالة وجدانية تتكون لدى القاضي من اطمئنانه لبعض الأدلة والقرائن المطروحة عليه فيركن إليها في تكوين عقيدته للوصول إلى هذه الحالة، والتي تقتضى ألا يقيد القاضي بأي قيد ؛ وهذا المبدأ أساسه المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بأن يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته، ومع ذلك لا يجوز له أن يبنى حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه بالجلسة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة في الطعن الجنائي رقم 262/23 ق، وما يماثله قد جرى على أنه يتعين كإجراء من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير عرض الورقة المزورة باعتبارها من أدلة الجريمة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة وإلا كان الحكم باطلا ؛ أي أنه يشترط لثبوت جريمة التزوير وجود الوثيقة المزورة تحت نظر المحكمة.
ولما كان العمل بهذه المبادئ يضيف قيداً عند إثبات جرائم التزوير لم يرد به نص في القانون، ويخالف المبدأ العام في الإثبات الجنائي المشار إليه سلفاً والمنصوص عليه في المادة 275 المذكورة، فضلا عن أنه يؤدي إلى إفلات المجرمين من العقاب لا سيما أولئك الذين يتمكنون من إتلاف أو إخفاء أصول الوثائق المزورة مما يتعذر معه عرض الورقة المزورة على المحكمة.
فلهذه الأسباب
قررت المحكمة بدوائرها المجتمعة العدول عن المبادئ التي تقرر أنه يتعين كإجراء من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير عرض الورقة المزورة باعتبارها من أدلة الجريمة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة فى حضور الخصوم.وإقرار مبدأ جديد مقتضاه وفقاً للمادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية، أنه لا يشترط لثبوت جريمة التزوير وجود الورقة المزورة تحت نظر المحكمة