أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 99-43 ق 

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 99
  • السنة القضائية: 43
  • تاريخ الجلسة: 3 يناير 2002

طعن جنائي رقم 99-43 ق 

    خلاصة المبدأ 

    طعن المتهم على حكم إدانته بقتل خطأ، مدعيا خطأ المحكمة في تطبيق القانون وعدم وجود دليل على السرعة الزائدة. رفضت محكمة النقض الطعن، مؤكدة أن المحكمة أقامت الدليل على إدانة المتهم بأكثر من دليل، وأن السرعة الزائدة ليست الدليل الوحيد على الخطأ، وأن الحكم سليم قانوناً.

    الحكم 

    الوقائع 

     اتهمت النيابة العامة الطاعن كونه بتاريخ 1995.4.11 ف بدائرة مركز شرطة مرور الجميل..

    1. قتل بمركبته الآلية نفسا خطأ بأن قاد مركبته الآلية المبينة بالأوراق على الطريق العام بطيش وإهمال، الأمر الذي نتج عنه اصطدامه بمركبته المجني عليه (..) التي كانت تسير في الاتجاه المقابل وإصابة هذا الأخير والمجني عليهما (..) ولطيفة على أحمد اللذين كانا معه بالإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أدت إلى وفاتهم على النحو المبين تفصيلا بالأوراق.
    2. قاد مركبته الآلية المبينة بالأوراق على الطريق العام ( طريق العجيلات الجميل الفرعي ) بسرعة تزيد على الحد المقرر قانونا، بأن قادها بسرعة (60) كيلو مترا في الساعة بدلا من خمسين، وعلى النحو المبين تفصيلا الأوراق.
    3. قاد مركبته الآلية على الطريق العام ولم يلتزم الجانب الأيمن الأمر الذي نتج عنه اصطدامه بمركبة المجني عليه سالف الذكر، وعلى النحو المبين بالأوراق.
    4. قاد مركبته الآلية على الطريق العام وقام بعملية اجتياز المركبة التي أمامه وحركة المرور الذي أمامه لا تسمح بذلك الأمر الذي نتج عنه الحادث.
    5. قاد مركبته الآلية على الطريق العام ولم يتفاد ما من شانه ان يعرض سلامة الأشخاص والأموال للضرر، الأمر الذي نتج عنه الحادث، وعلى النحو المبين بالأوراق.
    6. حمل بمركبته الآلية المبينة بالأوراق ركابا أكثر من الحد الأقصى المقرر لها، بان حمل بها ثلاثة ركاب بدلا من اثنين وعلى النحو الوارد تفصيلا بالأوراق.

    وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته عما أسند إليه طبقا لنصوص المواد 59، 55/6، 34/1، 37، 64 من القانون رقم 247/23 في شأن تحديد أحكام وقواعد المرور على الطريق العامة والمادتين 1، 37/3 من القرار 247/23 ميلادية في شأن تحديد أحكام وقواعد المرور وإشاراته وآدابه.

    والغرفة قررت ذلك..

    ومحكمة الجنايات بعد أن نظرت الدعوى قضت بتاريخ 1995.8.15 ف حضوريا بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سنة ونصف عما أسند إليه عدا التهمة السادسة وبمعاقبته عنها بتغريمه خمسة دنانير، وبلا مصاريف جنائية.

    وهذا هو الحكم المطعون فيه..

    الإجراءات

    صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1995.8.15 ف واستخراج المحامي الموكل عن الطاعن بمقتضى التوكيل المرفق بالأوراق شهادة سلبية بعدم إيداع الحكم من تاريخ استخراجها في 1995.8.31 ف ولم يثبت من الأوراق، إخطار قلم الكتاب له بإيداع أسباب الحكم وقرر محامي الطاعن الطعن بالنقض على الحكم بتاريخ 1995.10.31 ف وأودع أسباب الطعن لدى قلم كتاب المحكمة المطعون في حكمها بمقتضى محضر إيداع رسمي وفق مادون على ذلك بالتأشير عليه.

    أودعت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن خلصت إلى القول بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وبعد أن أودع المستشار المقرر تقريره عن الطعن حددت جلسة 2002.1.3 ف لنظره وفيها تلا تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق ثم نظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم وقضت فيها المحكمة بالحكم الآتي.. 

    الأسباب

    ومن حيث إن الطعن مقبول شكلا ينعى دفاع الطاعن الحكم الطعين بشائبة الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق.

    حيث يبسط القول في الوجه الأول من الطعن بمقالة ان الحكم قد أورد في صفحته الخامسة قوله (ووفاة المجني عليهم ثابتة، وان سبب الوفاة هو وقوع الحادث الناتج عن قيادة المتهم بتهور وسرعة تفوق الحد المقرر قانونا … ألخ).

    إن هذا القول من الحكم غير سديد ويخالف الثابت في الأوراق، وذلك أنه بمطالعة قرار الاتهام فإنه يبين خلوه من تهمة القيادة التي تفوق الحد المقرر في القانون.

    وعن الوجه الثاني من الطعن قال دفاع الطاعن أن الحكم استند في إدانة الطاعن على أقوال غير موجودة بالأوراق ومخالف للثابت بها فإنه يكون بذلك قد خالف وأخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه.

    ولما كان المستقر عليه أن الأدلة الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا فاذا ما أنهار منها دليل انهارت معه كافة الأدلة الأخرى.

    وتأسيسا على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد أسس إدانته على مجموعة من الأدلة وكان من بينها قيادة الطاعن للمركبة بسرعة تزيد عن الحد المقرر قانونا وقد انهار هذا الدليل كما سبق القول.

    ولما كان ذلك وكانت عيوب الحكم المطعون فيه ظاهرة جلية ويترجح نقضه وإن استمرار تنفيذه يعني استمرار حبس الطاعن الأمر الذي يلحق به ضررا جسيما يتعذر تداركه في حالة نقض الحكم لذلك يلتمس الطاعن.

    • أولاً بصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم مؤقتا لحين الفصل في الموضوع.
    • ثانياً قبول الطعن شكلا.
    • ثالثاً وفي الموضوع بنقضه وبإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها من هيئة أخرى.

    وحيث انه عن هذا الوجه من الطعن والذي مبناه أن المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون وخالفت الثابت بالأوراق ذلك أن الحكم قد أورد في مدوناته وأسبابه أن سبب الوفاة هو وقوع الحادث وذلك لقيادة الطاعن مركبته الآلية بتهور وسرعة تفوق الحد المقرر قانونا في الوقت الذي لم ترد فيه التهمة في قرار الاتهام الأمر الذي يكون معه الحكم قد أسس قضاءه على أسس غير موجود في الأوراق مما يكون معه قد خالف الثابت في الأوراق.

    وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الثابت من مراجعة الحكم المطعون فيه سقوط تهمة القيادة بسرعة تزيد عن الحد المقرر قانونا من ديباجته إلا أنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة إثبات هذا البيان مواجهة المتهم في حضور محاميه في الجلسة بتهمة القيادة بسرعة تفوق الحد المقرر قانونا واعترافه بها حيث اعترف في عدة جلسات أنه كان يقود مركبته الآلية بسرعة (60) كم في الساعة ومن المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في استيفاء النقض الحاصل في ديباجته الحكم ( عدا التاريخ ) هذا فضلا عن أن القانون لم يشترط ورود بيانات الحكم في مكان معين وأن الخطأ في ديباجته لا يعيبه لأنه خارج موضوع استدلاله.

    وإذا كانت المادة (283) إجراءات قد أوجبت أن يشتمل كل حكم صادر بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ولم يرسم شكلا معينا تصوغ فيه المحكمة هذا البيان وكان مجموع ما أورده الحكم كافيا في بيان الواقعة وظروفها بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي نسبت إلى المتهم حسبما استخلصتها المحكمة وكان قد أشير فيه إلى نص القانون الذي ينطبق على تلك الواقعة فإن ذلك يحقق حكم القانون في المادة المذكورة.

    وحيث إن الثابت من مدونات الحكم وأسبابه إيرادها لاعتراف الطاعن في محضر جلسة 1995.8.1 ف وأكد الحكم ذلك بما جاء في الصفحة الثالثة منه حيث قال (ومن حيث أن المحكمة قد واجهت المتهم أثناء جلسة المحاكمة بالتهم المسندة إليه فاعتراف بالحادث … واعترف أيضا بوفاة المجني عليهم الثلاثة نتيجة اصطدامه بسيارتهم، كما اعترف أيضا بقيادة سيارته أثناء وقوع الحادث بسرعة (60) كيلومتر في الساعة ) وعزز ذلك أيضا بما ورد في مرافعة دفاع الطاعن في المعرض الأخير منها من ذات الصفحة قوله (ترافع الدفاع عن المتهم قائلا بأن موكله قد جاء من مكان بعيد للحصول على رزقه وهو قادم من مدينة بنغازي وانه لا يعرف المكان الأمر الذي جعله يقود سيارته بسرعته (60) كلم في الساعة).

    وإذا كان من المقرر وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن مخالفة القانون المقال بها من قبل دفاع الطاعن لا أساس لها سواء في أوراق الدعوى برمتها أو فيما زعم به الدفاع المذكور من مخالفته المحكمة للثبات في الأوراق ذلك أن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله هي صور ثلاث للخطأ في القانون، إذ لا يختلف الخطأ في تأويل القانون عن مخالفته الا ان مخالفة القانون تكون بترك العمل في الدعوى بنص قانوني لا يحتمل التأويل ولا خلاف على وجوب الأخذ به في الدعوى، أما الخطأ في التأويل فيكون بإعطاء النص الواجب التطبيق معنى غير معناه الحقيقي، أما الخطأ في تطبيق القانون فيكون بالعمل في الدعوى بقاعدة قانونية لا تنطبق عليها.

    وحيث ان المحكمة وهي بصدد التدليل على إسناد الاتهامات إلى الطاعن قد دللت تدليلا قاطعا على إسناد كافة التهم المنسوبة إليه سواء تلك التي اعترف بها بداهة أو أنكرها وأقامت الدليل على توافرها في حقه حيث تردد صدى ذلك في مقاطع من مدونات وأسباب حكمها حيث قالت في مطلعها وحيث إن واقعة الدعوى تخلص حسبما استظهرته هذه المحكمة من الأوراق أن المتهم المذكور وبتاريخ الواقعة قاد مركبته الآلية بطيش وإهمال وبسرعة تزيد عن الحد المقرر قانونا على الطريق العام وقام بعملية اجتياز المركبة التي أمامه وحركة المرور المقابل لا تسمح بذلك ولم يتفادى كل ما من شأنه أن يعرض سلامة الأشخاص والأموال للضرر الأمر الذي نتج عنه اصطدام مركبته بمركبة المجني عليه القادمة من الاتجاه المقابل ونتج عنه إصابة الأخير والمجني عليهما اللذين كانا معه بالإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أدت إلى وفاتهم بالإضافة إلى انه حمل المركبة المذكورة المبينة بالأوراق ركابا أكثر من الحد الأقصى المقرر لها وذلك بأن حمل بها عدد ثلاثة من الركاب بدلا من اثنين.

    ثم تطرقت المحكمة إلى مواجهة المتهم ( الطاعن ) بهذه التهم المسندة إليه فأكدت على ما اعترف به وأيدته بشواهد من الواقع والتي عززت هذا الاعتراف وردت على ما أنكره الطاعن من التهم بقولها (وحيث ان المحكمة قد واجهت المتهم أثناء جلسة المحاكمة بالتهم المسندة إليه فاعترف بالحادث وأنكر الخطأ من جانبه قائلا بانه كان ملتزما جانب الطريق الأيمن رغم ذلك فقد حدث اصطدام بينه وبين المجني عله الذي كان في الاتجاه المقابل واعترف أيضا بوفاة المجني عليهم الثلاثة نتيجة اصطدامه بسيارتهم كما اعترف أيضا بقيادته سيارته أثناء وقوع الحادث بسرعة (60) كيلو متر في الساعة … واعترف صراحة بالتهمة السادسة حيث أقر بأنه حمل ثلاثة أشخاص بالسيارة من الأمام) وردت المحكمة على إنكاره للتهمة الثانية ودفعه بانه كان ملتزما للجانب الأيمن للطريق والتهمة الرابعة وهي عدم تفاديه كل ما من شأنه أن يعرض سلامة الأشخاص والأموال للخطر وذلك بقولها في المقطع الأوسط من الأسباب (وبالرجوع إلى جميع الأوراق وسائر التحقيقات ظهر من خلال شهادة الشاهدين (…) و (…) أنهما بتاريخ الواقعة كانا راكبين معه في مركبته الآلية عبر طريق العجيلات الجميل ومتجها ناحية الغرب وعند وصوله إلى منطقة أبي عرادة كانت هناك مركبة تسير أمامه فقام باجتيازها من يسارها وأثناء ذلك قابلته سيارة المجني عليه من الاتجاه المقابل فقان بالانحراف أقصى يساره وهذه الشهادة تدل على الخطأ الواضح الذي كان في جانب المتهم في قيامه بعملية اجتياز وحركة الاتجاه المقابل لا تسمح بذلك، وبذلك يكون غير ملتزم بالجانب الأيمن للطريق … ومن أقوال المتهم نفسه أمام النيابة العامة وإقراره بحصول الحادث في أقصى يساره وانه اعترف بأنه انحرف إلى أقصى يساره ومركبة المجني عليه كانت تسير في الاتجاه المقابل، فلو كان ما ذكره حقيقة ما كان له أن ينحرف إلى اليسار وإنما إلى اليمين ومعترفا بأن حالة الطريق كانت جيدة وخالية من المركبات الأخرى وأن المجني عليه لم يكن في حالة اجتياز وهو ما يؤكد صحة أقوال الشاهدين من أن المتهم كان في حالة اجتياز وبالاطلاع على محضر الكشف الذي أجرته النيابة العامة على مكان الحادث اتضح من خلاله ان وقوع الحادث كان في أقصى يسار مركبة المتهم.. كما أثبت وجود أثر فرامل مركبة المجني عليه وعلى عدم وجود هذا الأثر لمركبة المتهم الأمر الذي يدل على خطأ المتهم في حصول الحادث وعدم قيامه بما يلزمه به القانون من تفادي وقوعه ] ثم تطرقت المحكمة بصفة مجملة للإصابات اللاحقة بالمجني عليهم وذلك طبقا للتقارير الطبية المرفقة والتي أوضحت أسباب وفاة كل واحد من المجني عليهم والإصابات الأخرى اللاحقة بالآخرين ( الشاهدان ) اللذين كانا يقلهما الطاعن معه في مركبته والتي قرر فيها بالأوجه من قبل النيابة العامة.

    وحيث ان المحكمة بعد أن أوضحت توافر ركن الخطأ في جانب الطاعن وعلى النحو الذي صورته الفقرة الثالثة من المادة (63/3) من قانون العقوبات والتي نصت على أن ترتكب الجناية أو الجنحة عن خطأ عندما لا يكون الحادث معقودا ولو كان الفاعل يتوقعه إذا وقع عن إهمال أو طيش أو عن عدم دراية أو عدم مراعاة القوانين أو اللوائح أو الأوامر أو الأنظمة ].

    حيث قالت في أسبابها [ وحيث ان الأمر كذلك فقد أضحى الاتهام موضوع الدعوى الراهنة ثابت في حق المتهم على وجه التعيين أخذا باعترافاته في محاضر التحقيق وشهادة الشاهدين عبد الباسط سعيد عمار وحافظ سالم نصر ومما استقر عليه محضر كشف المعاينة الذي أجرته النيابة العامة على مكان الحادث وما أكدته التقارير الطبية المرفقة بالأوراق وعلى النحو الذي سلف بيانه، حيث اطمأنت المحكمة إلى اعترافات المتهم بحصول الحادثة بشهادة الشاهدين المذكورين … مما جعلها مستريحة للآخذ بذلك كدليل حاسم في الدعوى كما ان علاقة السببية بين فعل المتهم وحصول الحادث ووفاة المجني عليهم ثابتة، وان سبب الوفاة هو وقوع الحادث الناتج عن قيادة المتهم بتهور وسرعة تفوق الحد المقرر قانونا وعدم التزامه بالجانب الأيمن للطرفين ومخالفته لآداب المرور وإشارته ].

    وحيث ن المحكمة وعلى ما سلف بيانه قد أخذت الطاعن في الإدانة ومعاقبته على جريمة القتل الخطأ باعترافاته وشهادة الشاهدين آنفي الذكر باعتبارها الجريمة الأشد دون غيرها من الجرائم المسندة إليه إعمالا لقاعدة التعدد الوصفي ” الصوري ” المنصوص عليه في المادة 76/1 عقوبات اذ يعاقب القانون على الجريمة الأشد دون الجرائم الأخرى الناشئة من نفس الفعل باعتبارها حكما فعلا جنائيا واحدا – لعلة الارتباط – نشأ عنه جريمة القتل الخطأ ومعاقبة الطاعن على الجريمة الأشد.

    وحيث أن السرعة التي تصلح أساسا للمساءلة الجنائية في جريمة القتل الخطأ ليس لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت، ومن باب أولى إذا كانت السرعة تزيد عن الحد المقرر قانونا، وتقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصرا من عناصر الخطأ أو لا تعد مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها.

    ولما كان الحكم قد دلل على توافر الخطأ استنادا إلى السرعة وغيرها من صور الخطأ تدليلا سائغا واستظهر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة التي حصلت وكان نطاق المسئولية الجنائية بفرض قيامه لا يعفي المتهم من مسئولية مادام هذا الخطأ لم يرتب عليه انتفاء أحد الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ المنسوبة إلى الطاعن الأمر الذي لم يثبته الطاعن أو دفاعه.

    ولما كان الحكم الطعن – في نطاق سلطته التقديرية وفي منطق سائغ وتدليل مقبول قد استخلص من ظروف الواقعة وعناصرها – لثبوت نسبة الخطأ إلى الطاعن واستظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع من انطلاق الطاعن بسيارته وقيادته لها بسرعة فائقة واجتيازه في وقت لا تسمح به ظروف السير في الطريق العام الذي كان يسلكه دون ان يتحقق من خلو الطريق أمامه من المركبات المارة وإذا تصادف مرور سيارة المجني عليه القادمة من الاتجاه المعاكس فوقع الاصطدام بينما مما شكل أو سبب الحادث، كما أورد الحكم بناء على الكشف الطبي إصابات المجني عليهم وأنها أدت إلى وفاتهم وكان هذا الذي استخلصه الحكم مستمدا مما له أصل ثابت في الأوراق من اعترافات الطاعن وشهادة الشاهدين على ما سلف البيان ومما دلت عليه المعاينة.

    ولما كان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه في هذا الشأن سديد وان ما يثيره الطاعن ودفاعه من جدل في هذا الصدد في غير محله ذلك أن المحكمة قد أدانت الطاعن ولم تعتمد في هذه الإدانة على السرعة وحدها بل على عدة أخطأ أخرى يكفي كل واحد منها بذاته لتوافر ركن الخطأ كما هو معرف به في القانون ومن ثم فلا يجديه أن يجادل أن المحكمة لم تسند إليه السرعة في القيادة وبناء عليه لا تجدي المجادلة في ذلك مهما كان له أثره المباشر في إتمام حصول الحادث اذ ان ذلك لم يكن بطبيعته دليلا يؤثر سقوطه من حساب الأدلة على حساب حكمها.

    ولما كان ذلك وكان ما جادل فيه دفاع الطاعن يخالف أصل الواقع الظاهر في الأوراق وأن الثابت من مدونات الحكم وحيثياته وما ساقه من أدلة في أسبابه وتكييف للواقع يتطابق مع النص الواجب التطبيق على الواقعة والذي لا خلاف على تأويله ووجوب الأخذ به في الدعوى ومن ثم يكون ما عارة به الطاعن من مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون لا أصل له في الواقع ولا أصل له في القانون وبالتالي يكون مردودا عليه مما يتعين معه رفض الطعن برمته.

    فلهذه الأسباب

    باسم الشعب حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.