Skip to main content

طعن جنائي رقم 986-45 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 986-45 ق  

    خلاصة المبدأ 

     توافر علاقة السببية من عدمه – من سلطة محكمة الموضوع.

    الحكم

    الوقائع 

    اتهمت النيابة العامة (…) (…) لأنهما بتاريخ 15/12/94 ف بدائرة مركز شرطة درنة.

    1. المتهمان معا تسببا خطأ بمركبتهما في قتل نفس خطأ وذلك بأن لم يتأكد الأول. أثناء دخوله الطريق الرئيسي ولم يقلل الثاني من سرعته في المفترق الذي وقع فيه الحادث والذي نتج عنه وفاة (…).
    2. الأول وحده لم يتأكد من خلو الطريق من السيارات عند انعطافه من طريق مرتوبه نحو مصنع الأسمنت بالفتايح مما تسبب في حصول الحادث.
    3. الثاني وحده قاد مركبته على الطريق العام بسرعة تجاوز الحد المقرر مما نتج عنه الاصطدام بمركبة الأول.
    4. المتهم الثاني وحده لم يكيف سرعته حسب حالة الطريق والظروف المحيطة مما نتج عنه الحادث.

    وطلبت النيابة العامة من غرفة الاتهام إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما وفق نصوص المواد 55/1و6و59 و 46 من القانون رقم 11 لسنة 84 ف المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 94 ف و المواد 13 و 27 من القرار رقم 247 لسنة 1423 م بشأن أحكام قواعد المرور وإشاراته وآدابه، والغرفة بعد نظرها للدعوى قررت بتاريخ 20/2/97 ف.

    • أولا بالا وجه لاقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الدليل بالنسبة للمتهم الثاني فائز مفتاح قماطي.
    • ثانيا اعتماد قيد ووصف النيابة العامة بالنسبة لاتهام المتهم الأول.
    • ثالثا إحالة ملف الدعوى العمومية إلى الأخ رئيس محكمة استئناف الجبل الأخضر فورا.

    استأنفت النيابة العامة قرار غرفة الاتهام بالنسبة لما نصت عليه بألا وجه لاقامة الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم فائز مفتاح قماطي، ومحكمة درنة الابتدائية قضت بتاريخ 6/4/97 ف حضوريا بإلغاء القرار المستأنف وباعتماد القيد والوصف وبإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبته وفق قرار الاتهام.

    نظرت محكمة جنايات الجبل الأخضر الدعوى وقضت غيابيا بمعاقبة المتهم الأول بالسجن ثلاث سنوات عما نسب إليه وبحرمانه من حقوقه المدنية مدة تنفيذ العقوبة وسنة بعدها وألزمته بالمصاريف وببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه.

    وهذا هو الحكم المطعون فيه

    الإجراءات

    صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 23/11/97 ف وبتاريخ 13/12/97 ف قرر الأستاذ رئيس نيابة درنة الكلية الطعن عليه بالنقض بتقرير لدى قلم كتاب بالمحكمة مصدرة الحكم وأودع بتاريخ 20/12/97 ف مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لدي نفس الجهة.

    قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى رفض الطعن، حددت جلسة 2003.7.8 لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص ونظرت الدعوى على النحو الثابت بمحضر الجلسة حيث تمسكت نيابة النقض برأيها وحجزت الدعوى للحكم بجلسة اليوم. 

    الأسباب

    حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.

    وحيث تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون عليه القصور في التسبيب حيث قضى ببراءة المتهم الثاني استنادا إلى عدم ثبوت التهمة في حقه لانتفاء علاقة السببية بين خطئه ووفاة المجني عليها وأن خطأ المتهم الأول استغرق خط المتهم الثاني وما ذهب إليه الحكم لا يتفق مع الثابت في الأوراق ذلك أن المتهم الثاني قد شارك هو أيضا في الخطأ بقيادته لسيارته بسرعة تجاوز السرعة المحددة دون مراعاة لحال الطريق ومكان الحادث حيث ثبت من مخطط الحادث وجود أثار فرامل لمسافة 58 خطوة متصلة مما يدل على أن المطعون ضده لم يقلل سرعته قبل دخوله مفترق الطريق لأن السرعة التي تصلح للمساءلة الجنائية في جريمة القتل الخطأ ليس لها حدود ثابتة وانما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه فيتسبب عن هذا التجاوز الحدث ومن باب أولي اذا كانت السرعة تزيد عن الحد المقرر قانونا، كما أن الخطأ المشترك على فرض قيامه لا يعفي المتهم من المسئولية ولم يثبت من الأوراق أن المتهم الثاني قد بذل ما من شأنه تفادي الاصطدام بالشاحنة أو التقليل من أثر الصدمة ومن ثم فإن خطأ المطعون ضده قائم في حقه بقيادته سيارته بسرعة عالية وقد توافرت رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة التي حصلت ومن ثم فإن الحكم يكون قاصرا في التسبيب بما يتعين نقضه.

    لما كان ذلك وكان من المقرر ان القانون لم يرسم شكلا معينا لطريقة الاستدلال وانما ترك لقاضي الموضوع حرية صياغة الدليل بالشكل الذي يراه شريطة ان يكون دالا على ما استدل به عليه بغير مجافاة للعقل والمنطق وكافيا لبيان الأسس التي أقيم عليها الحكم كما انه من المقرر ان القول بتوافر رابطة السببية من عدمه من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع بتقديرها إثباتا ونفيا بلا رقابة عليه من محكمة النفض مادام يقيم قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه بعد ان لخص وقائع الدعوى قوله (وفيما يتعلق بالمتهم الثاني ” المطعون ضده ” فانه وان ثبت من الأوراق ان مركبته قد تركت أثرا بالطريق قبل التصادم بطول 58 خطوة الا ان ذلك ليس كافيا لارتباط هذا الخطأ بالنتيجة، فعلاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار وترتبط بالنتائج المألوفة المتوقعة، ومخالفة المتهم الثاني للوائح المرور ومواد قانونه وان أمكن اعتبارها خطأ مستقلا الا ان ذلك مشروط بان تكون سببا في الحادث بحيث لا يتصور وقوعها لولاه فالحادث موضوع الدعوى حادث لا محالة إزاء اعتراض سيارة النقل التي يقودها المتهم الأول طريق المتهم الثاني حتى ولو كان ملتزما السرعة المحددة لمثل سيارته على الطريق العام 100 كم / ساعة، ومن ثم فعلى الرغم من ان السرعة التي تصلح أساسا للمساءلة الجنائية كركن في جريمة القتل الخطأ ليس لها حدود معينة وانما تتوافر كلما تجاوزت الحد الذي تقتضيه ظروف الحادث، على الرغم من ذلك الا ان المحكمة ترى ان خطأ المتهم الأول على النحو السالف بيانه قد استغرق ما قد يكون قد صدر عن المتهم الثاني من أخطاء ساهمت في الحادث والنتيجة التي أسفر عنها الحادث حتى لو كان المتهم الثاني ملتزما بالحدود التي يقتضيها واقع حال الطريق وقت حصول الواقعة).

    فإن ما ساقه الحكم على النحو السالف بيانه له أصل ثابت في أوراق الدعوى ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بأدلة سائغة وسليمة وغير مجافية للعقل والمنطق وكافية لبيان الأدلة التي أقيم عليها الحكم وفيها ما يكفي لنفي علاقة السببية والنتيجة في حق المطعون ضده بما تكون معه منازعة الطاعنة منازعة موضوعية تختص بها محكمة الموضوع وقد اقتنعت تلك المحكمة مما هو معروض عليها بأن المتهم الأول قد أهمل في قيادة مركبته وذلك بدخوله بها الطريق الرئيسي دون أن يتأكد من خلوها من المركبات ودون أن يلتزم بأحكام قواعد المرور وإشاراته وآدابه ودللت على ذلك بأدلة تجد لها أصلا ثابتا في أوراق الدعوى وانتهت إلى براءة المطعون ضده لاستغراق خطأ المتهم الأول لخطأ المطعون ضده فإن ما تنعاه النيابة يكون في غير محله متعين الرفض.

    فلهذه الأسباب

    حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.