أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 980-45 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 980-45 ق

    خلاصة المبدأ 

     شرط تطبيق المادة 48 من قانون المخدرات للعفو عن المتهم وعدم عقابه.

    الحكم

    الوقائع 

    اتهمت النيابة العامة المتهمين:

    لأنهم في 1995.12.19 بدائرة قسم مكافحة المخدرات طبرق:

    • الأول ” المطعون ضده ” وآخرين: جلبوا مواد مخدرة في غير الأحوال المرخص بها قانونا بقصد الاتجار، بأن قام المطعون ضده بالسفر إلى لبنان وشحن كمية من المخدرات تزن 500 كجم عن طريق البحر إلى شاطئ طبرق حيث قام الآخران بإنزال تلك الحمولة على الشاطئ وعلى النحو المبين بالأوراق.
    • الثالث عرض رشوة على رئيس قسم البحث الجنائي ولم يقبل منه…إلخ.
    • الثالث حرض الخامس، على تهريب شخص مشتبه فيه.
    • الخامس قام بتهريب أحد المشتبه فيهم إلخ.

    وطلبت إلى غرفة الاتهام بمحكمة طبرق الابتدائية إحالتهم إلى محكمة الجنايات المختصة لمعاقبتهم بموجب المواد 2، 3، 34/2 من القانون رقم 7 لسنة 90 بشأن المخدرات والمادة 21 من القانون رقم 2 لسنة 79 بشأن الجرائم الاقتصادية، 270/3 عقوبات.

    ومحكمة استئناف الجبل الأخضر ” دائرة جنايات طبرق ” حكمت بتاريخ 1997.11.19 حضوريا للأول ” المطعون ضده ” والثاني والثالث وغيابيا لمن عداهم:

    • أولا بإعفاء الأول ” المطعون ضده ” من الجريمة المسندة إليه.

    وهذا هو الشق المطعون فيه من الحكم

    الإجراءات

    صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997.11.19 وبتاريخ 1997.12.6 قرر وكيل النيابة المختص بالطعن على الحكم بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم، كما تحصل بذات التاريخ على شهادة بعدم إيداع الحكم ولا يوجد بالأوراق ما يفيد إخطاره بالإيداع، وبتاريخ 1998.1.1 أودعت النيابة الطاعنة مذكرة بأسباب الطعن لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه.

    قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني رأت في ختامها قبول الطعن شكلا وفي الموضوع نقض الحكم فيما يخص المطعون ضده مع الإعادة. 

    حدد لنظر الطعن جلسة 2003.6.28 وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها ونظر الطعن على النحو المبين بمحضره ومن ثم حجز للحكم بجلسة اليوم.

    الأسباب

    من حيث أن الطعن استوفى شرائطه فهو مقبول شكلا.

    وحيث تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في الأسباب ، ذلك أن المحكمة قد أعملت حكم المادة 48/1 من القانون رقم 7 لسنة 90 في شأن المطعون ضده دون ان تتوافر فيه الشروط اللازمة لذلك حيث ان المطعون ضده لم يبادر إلى الإبلاغ عن الجريمة ومرتكبيها وإنما تم القبض عليه بناءا على المعلومات المتوافرة لدى النيابة العامة والضبطية القضائية حيث اعترف بدوره في الجريمة ومن ثم فإن المطعون ضده لا يتمتع بالإعفاء الذي أوجبته الفقرة الأولى من المادة 48 وكان على المحكمة بفرض اقتناعها بأن المعلومات التي أدلى بها المطعون ضده جوهرية أن تعمل الفقرة الثانية من المادة المذكورة أما وقد أعملت حكم الفقرة الأولى وأعفته من العقاب فإن حكمها جاء مخالفا للقانون قاصر الأسباب بما يوجب نقضه مع الإعادة وحيث أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين منه أن مجمل صورة الواقعة كما أثبتها بمدوناته يتحصل في ورود بلاغ إلى رجال الضبط مفاده العثور على سيارة نوع تيوتا بالقرب من ضريح سيدي خير الله وبها شخص مصاب وبضاعة مشبوهة واستطرد الحكم في تصوير الواقعة حتى قوله وحيث أنه بالاستدلال مع سالم محمد إبريدع ” المطعون ضده ” والذي دلت التحريات عن قيامه بالذهاب إلى لبنان لجلب المخدرات لصالح سعد بدر الحراري ، قرر بأن سعد الحراري من نفس قبيلته وأضاف بأنه يريد أن يدلي بكل معلومات لديه عن هذه الواقعة وان يقدم كل المعلومات التي تفيد وأنه كان يرغب في الحضور بنفسه إلا أنه كان خائف ومتردد.

    كما أثبت الحكم قول ” المطعون ضده ” بأنه سافر إلى جمهورية مصر العربية ومنها إلى سوريا تم إلى لبنان وذلك لجلب المخدرات المتعاقد عليها مقابل مائة ألف دينار وأنه مكث في لبنان حوالي أسبوعين إلى أن أبلغوه بأن المركب جاهز للإبحار وأنه تم نقله إلى الميناء وركب مركب صغير إلى عرض البحر إلى المركب التي حملت بالمخدرات وأنه بعد خمسة أيام من الرحلة وصلوا إلى المكان المحدد لإنزال المخدرات وفي منطقة ” العودة ” وجد الإشارة المتفق عليها مع سعيد وكانت بيضاء وليست خضراء حسب الاتفاق.

    وقد اعتبرت المحكمة ما جاء في اعترافات المطعون ضده يقع ضمن نطاق تطبيق الفقرة الأولى من المادة 48 حيث سايرت في ذلك دفاع الطاعن باعتبار المعلومات التي أدلى بها جوهرية وأدت إلى ضبط غيره من الجناة.

    وبالرجوع إلى نص المادة 48 من القانون رقم 7 لسنة 90 بشأن المخدرات نجد أنها توجب قصرها على الجنايات الواردة بالمادتين 34 ، 35 من القانون المذكور دون غيرها وأنه يشترط للاستفادة بالإعفاء من العقوبات شرطين هما:

    1. مبادرة الجاني بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة.
    2. ان يوصل ذلك الإبلاغ إلى ضبط باقي الجناة.

    فإذا ما توفر هذان الشرطان المذكوران استحق المتهم الإعفاء والا فلا وتطبيقا لهذا النص فإن المبادرة بالإبلاغ بما تعنيه هذه العبارة أن يقوم الجاني من تلقاء نفسه تطوعا بالإبلاغ عن الجريمة ، وذلك بأن يكون أول من يحمل نبأ الجريمة إلى السلطات العامة ويبلغها عنها سواء كانت على علم بها أم لم تكن وهذا يقتضي تحقق أمرين أولهما أن يكون موقف الجاني موقف إبلاغ عن الجريمة وليس موقف اعتراف حين يسأل أو يستجوب لأنه وقتئذ يكون تجاه أدلة مجتمعة ضده ويجيب عما يسأل أو عما يواجه به وهذا لا يعد مبادرة منه ولا تبليغا كما أن مجرد تسميته لشركائه في الجريمة حينئذ لا يعد مبادرة منه بالتبليغ عن الجريمة وثانيهما ان يسبق غيره بالتبليغ عن الجريمة حتى يكون بلاغه منتجا ومؤديا لضبط باقي الجناة فإذا ما سبقه الغير بالبلاغ وكان البلاغ الأول يمثل الثاني كان الثاني عديم الجدوى اللهم إلا إذا أسهم مع الأول في ضبط باقي المتهمين وتحديد المبادرة بهذا المعنى يتمشى مع المفهوم اللغوي لهذه العبارة التي تفيد السبق والإسراع والمعنى اللغوي هو أحد العوامل الدالة على قصد المشرع ، وغير هذا القول قد يؤدي إلى تطبيق هذه المادة 48/1 على عصابة ذات عدد كبير يتفق أفرادها على الاعتراف والإرشاد عن بعضهم مما يفضى إلى إعفائهم جميعا من العقاب باستثناء أحدهم فقط ، وهذا بالتأكيد ما لا يقصده المشرع إذ لا يكفي مجرد الإرشاد عن باقي الجناة دون تحقق الشرط الأول وهو البادرة بالإبلاغ ولو أراد المشرع ذلك لصاغ المادة 48 في هذا المعنى ولما كان هناك موجبا من النص على الشرط الاول.

    وحيث أنه لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن صورة الواقعة التي تضمها كانت على النحو السالف بيانه ومع ذلك فقد اعتبر الحكم المذكور أن اعترافات المتهم ” المطعون ضده ” والمعلومات التي أدلى بها لدى مأمور الضبط كانت من البيانات الجوهرية التي لها أهميتها في القضية وعلى ضوء ذلك تم القبض على الجناة ومعرفتهم وقد أكد ذلك لدى سؤاله بمحضر الجلسة.     

    والأمر في حقيقته لا يعد كذلك لما سلف ذكره من أن المراد من المبادرة بالإبلاغ هو أن يتقدم الشخص من تلقاء نفسه تطوعا بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة وعن مرتكبيها أما إجابته على الأسئلة التي تطرح عليه عند محاصرته بالأدلة والقرائن فإنها لا تعد مبادرة بالإبلاغ ، أما وان الحكم المطعون ذهب غير ذلك واعتبر ما أدلى به المطعون ضده من معلومات واعترافات بمثابة المبادرة بالإبلاغ وقرر بسببها إعفاءه من العقاب فإنه يكون قد أخطأ وقصد في استظهار شــرط المبادرة بالتبليغ بما ينتجه وأسبغ المبادرة بالإبلاغ على ما لا يعد منها من الحـالات الأمـر الذي يجعله مشوبا بعيبي الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه مع الإعادة في شأن المطعون ضده.

    فلهذه الأسباب

    حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا.

    وفي الموضوع بنقض الحكم فيما قضى به بالنسبة للمطعون ضده المتهم الأول وإعادة الدعوى لمحكمة استئناف الجبل الأخضر – دائرة الجنايات – لنظرها مجددا من هيئة أخرى.