طعن جنائي رقم 670-52 ق
طعن جنائي رقم 670-52 ق
خلاصة المبدأ
- تظاهر رجل الشرطة المستور الهوية لشراء مادة مخدرة ممن يتعامل فيها لا يعد تحريضا على ارتكابها – أساس ذلك.
- مأمور ضبط قضائي – واجباته.
الحكم
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بتاريخ 2004.12.6 ف.بدائرة مكتب مكافحة طرابلس:
- باع بقصد الاتجار المادة المخدرة نوع حشيش المبينة بتقرير الخبير الكيماوي المرفق وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
- اشترى بقصد الاتجار المادة المخدرة نوع حشيش المبينة بتقرير الخبير الكيماوي المرفق وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
- حاز بقصد الاتجار المادة المخدرة نوع حشيش المبينة بتقرير الخبير الكيماوي المرفق وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وقد ارتكبت هذه الجريمة لذات الغرض الإجرامي من ارتكاب الجريمتين السالفين.
- اشترى بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي المادة المخدرة نوع حشيش المبينة بتقرير الخبير الكيماوي المرفق في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وارتكبت هذه الجريمة لذات الغرض الإجرامي من ارتكاب الجريمة السابقة.
وقدمته إلى غرفة الاتهام لإحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بمقتضى نصوص المواد 1، 2، 7، 35/1 بند 1، 37/1، 42، 46 من القانون رقم 7/1990م بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية وتعديلاته والمادتين 76/2، 169/1 عقوبات.والغرفة قررت ذلك، ومحكمة استئناف طرابلس دائرة الجنايات نظرت الدعوى وقضت فيها بتاريخ 2005.3.23 ف.حضورياً بمعاقبة أيمن محمد عبد الله سليمان بالسجن لمدة ثلاث سنوات وشهر وتغريمه ألف دينار عما نسب إليه وبمصادرة المخدرات المضبوطة وتأمر المحكمة بنشر ملخص منطوق الحكم مرتين متتاليتين في جرائد الشمس والفجر الجديد والمنتجون على نفقة المحكوم عليه وبلا مصاريف جنائية.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
بتاريخ 2005.3.23 ف.صدر الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 2005.3.27 قرر المحكوم عليه الطعن بالنقض ن لدى ضابط السجن، وبتاريخ 2005.4.6 أودع محامي الطاعن مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم.
وقدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
وحددت جلسة 2006.2.6 لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق والمحكمة نظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ثم قررت حجزها للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
حيث إن الطعن قد استوفى شروطه المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون بمقولة إن المحكمة المطعون في حكمها لم تبين في أسباب حكمها الإجراءات التي قام بها مأمور الضبط والمتمثلة في كيفية وصول المعلومات إليه وتكليفه بشراء المادة المخدرة من المتهم من رؤسائه وكيفية متابعة النيابة العامة لهذه الإجراءات وعدم بيان المحكمة مدى توفر حالات التلبس على الواقعة والشروط التي وضعها المشرع استثناء المأمور الضبط التي بموجبها يجوز له القبض على المتهم كما أن المحكمة لم تدلل بأن المتهم كان يتخذ من عملية بيع وشراء المخدرات وسيلة للعيش وأنه اعتاد الاتجار والشراء في المخدرات لغرض واحد كما أن المحكمة لم تعتبر تحريض مأمور الضبط القضائي لأحد مصادره بشراء مادة مخدرة من المشتبه فيه.مما يكون الحكم مشوباً بعيب الخطأ في تطبيق ن القانون.
كما ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بمقولة إن المحكمة المطعون في حكمها اعتمدت في إدانتها للطاعن على اعترافه استدلالاً وتحقيقاً وعلى شهادة مأمور الضبط دون إيراد مضمون هذا الاعتراف وهذه الشهادة.كما ينعى الطاعن على الحكم الإخلال بحق الدفاع بمقولة إن دفاعه أبدى في محاضر الجلسات ومذكرة الدفاع دفوعاً موضوعية والمحكمة ملم تتعرض لها إيراد أو رداً مما تكون معه قد أخلت بحق الدفاع وخلص الطاعن في آخر مذكرة طعنه إلى طلب قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.
وحيث يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى وعرض لبيان أقوال مأمور الضبط عبد الوهاب الزرقاني والمتهم ودفاعه ثم أورد أدلة الإدانة في قوله : ” ومن خلال السرد السابق يتضح قيام كافة التهم قبل المتهم بكافة أركانها وشروطها القانونية، وهي متأكدة الثبوت قبله أخذاً باعترافاته التفصيلية بمحضر ضبط الواقعة بأن ضبط أثناء بيعه لقطعة المخدرات التي كان قد اشتراها من شخص يدعى كمال ضياف وكان يجزئها ويبيعها وقد اعترف أمام النيابة العامة بأنه ضبط وبحوزته قطعة الحشيش اشتراها بقصد تعاطيها وقد تأيدت تلك الاعترافات بما ورد في شهادة مأمور الضبط التي سبق الإشارة إليها عند سرد الواقعة، مما يدل على أن اعترافات المتهم كانت صحيحة وصادرة عن إرادة حرة وأن دعواه بتعرضه للإكراه قول مرسل بدليل اعترافه النيابة العامة وأمام هذه المحكمة بأن حيازته للمخدرات كان بقصد التعاطي وقد أثبت تقرير الخبرة..بأن المادة المضبوطة هي المخدر الحشيش..وبهذا يتأكد ثبوت الاتهام قبل المتهم ثبوتاً يقينياً وتعتبر المحكمة ذلك برداً على الدفاع وحيث أن جميع التهم المسندة للمتهم مرتبطة لذلك إن المحكمة تستعمل بشأنها نص المادة 76/2 عقوبات “.
لما كان ذلك وكان دفاع الطاعن على النحو السالف البيان هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً وعلى استقلال وإنما يكفى في شأنها الرد الضمني المستفاد من أدلة الإدانة التي عول عليها الحكم وكانت أدلة الثبوت التي عول عليها الحكم المطعون فيه والمتمثلة في اعتراف الطاعن استدلالً وتحقيقاً وأمام المحكمة وشهادة مأمور الضبط القضائي والتقرير الفني، والتي أوردها الحكم المطعون فيه بما يفيد استخلاصه الصورة لواقعة الدعوى على النحو السالف بيانه استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصل في أوراق الدعوى وتؤدي بأسلوب منطقي وعقلي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتحمل الرد الضمني على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أوفى بما أوجبه القانون بلا قصور أو تقصير أو إخلال بحق الدفاع أو فساد في الاستدلال ويكون ما آثاره الطاعن في هذا الشأن لا محل له وليس في حقيقته إلا جدلاً موضوعياً بشأن مدى كفاية الدليل الذي عول عليه الحكم لحمل قضاء الإدانة مما لا يجوز طرحه أمام هذه المحكمة الأمر الذي يكون معه النعي على الحكم في غير محله.
لما كان ذلك وكان من المقرر أن من واجب مأموري الضبط القضائي طبقاً للمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق في الدعوى ولهم في سبيل ذلك الوسائل المشروعة التي تتفق وطبيعة كل جريمة للكشف عنها وعن مرتكبها، وعلى ذلك فإن تكليف الشرطة لبعض رجالها مستوري الهوية لينبثوا بين الناس نقصد اكتشاف الجرائم ما لا أثر له على إرادة الأفراد ولا يعتبر تدخلاً فيما ارتضوه مسلكاً لهم حيث أن مهمتهم قاصرة على كشف ما يدبر خفية، ولما انتشار المواد المخدرة بين المتعاملين فيها يتم في الأصل ببيعها فإن تظاهر رجل الشرطة المستور الهوية لشراء هذه المادة ممن يعتقد أنه يتعامل فيها بقصد اكتشاف الجريمة لا يعد تحريضاً على ارتكابها ما دام تقديم المخدر له قد تم بمحض إرادة واختيار محرزة، ومن ثم فإن إبداء مأمور الضبط رغبته في شراء المادة المخدرة لا يعد منه تحريضاً للطاعن على ارتكاب جريمة حيازة المخدر وبيعه وبالتالي فإن ما قام به الطاعن كان عن إرادة منه قاصداً نتائجه، الأمر الذي يكون معه النعي في هذا الشأن في غير محله..
وحيث أن قصد الاتجار في المواد المخدرة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يتحقق كلما كان التصرف فيها للغير بمقابل سواء كان هذا المقابل نقداً أو عيناً أو منفعة وسواء حصل الفاعل على هذا المقابل أم لم يحصل عليه، ولا يلزم تكرار الفعل أو تعدده ولا تحقق الربح أو استهدافه، وبغض النظر عن مقدار المادة المخدرة التي يجوزها أو يتصرف فيها، وكان الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه قد أثبت نفي حق الطاعن أنه قد عرض كمية المخدرات المضبوطة للبيع بمبلغ عشرة دينارات وتمت عملية البيع للمصدر، وهو ما يتحقق به قصد الاتجار تفي حق الطاعن الأمر الذي يكون معه النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
وحيث أنه متى كان ذلك فإن مناعي الطاعن لا تقوم على أساس من الواقع والقانون يتعين رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.