Skip to main content

طعن جنائي رقم 440-40 ق

نشر في

طعن جنائي رقم 440-40 ق

    خلاصة المبدأ 

    1. تقدير توافر المسئولية الجنائية من عدمه – مسألة موضوعية من سلطة محكمة الموضوع – أساس ذلك.
    2. لا مانع من أن يتخذ الحكم الاستئنافي أسباب الحكم الابتدائي لما قضي به – أثر ذلك.
    3. التقرير إذا كان معروضا على بساط البحث أمام المحكمة المطعون فى حكمها، ولم يتم المجادلة فيه – أثره. 

    الحكم  

    الوقائع 

     اتهمت النيابة العامة الطاعنات لأنهن بتاريخ 12/6/88 م بدائرة فرع الأمن الشعبي مصراته. 

    المتهمات جمعيهن: 

    باعتبارهن عاملات بقسم الأطفال بمستشفى مصراته التعليمي لهن صلة بالمريض المجني عليه لم يقمن بواجبات العمل على نحو يكفل راحة المريض، وتحقيق العناية به واتباع التعليمات الصادرة بالخصوص فالأولى والثانية لم يكشفا على المجني عليه المذكور لتفقد وضعه المرضى، ولم يحضرن لعلاجه لدى علمهن بتطور وضعه المرضى إلى الأسوأ، ولم يتخذن اى اجراء من اجراءات الإغاثة عند وجوده فى حالة وفاة. 

    والثالثة والرابعة لم يتبعن التعليمات الصادرة بالخصوص إزاء حالة المجني عليه المرضية، وذلك على النحو المبين بالأوراق. 

    الثانية وحدها: 

    وصفت علاجا للمجني عليه المذكور دون أن تجري عليه كشفاً بأن طلبت من الممرضة حقن المجني عليه بحقن مهدئة للحرارة دون أن تكشف على المريض المجني عليه المذكور. 

    الأولى: 

    بتحريض من الثانية قامت بتحرير تقرير طبي مخالف للحقيقة بأن كتبت التقرير الطبي المرفق بالأوراق فى واقعة وفاة المجني عليه المذكور أثبتت فيه أنها تابعت حالة المريض واتخذت كافة الوسائل لعلاجه وإنعاشه مع علمها بكذب هذه الوقائع وعدم مطابقتها للواقع، حالة كون المتهمة الثانية شريكة لها بالتحريض، وذلك على النحو المبين بالأوراق. 

    وطلبت من دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة بمحكمة مصراته الجزئية معاقبتهن بمقتضى المواد 3 / ب ج، 6/5، 35، 36 من القانون رقم 17/86 بشأن المسؤولية الطبية. 

    والمحكمة المذكورة  بعد أن نظرت الدعوى أصدرت فيها الحكم الآتى: 

    حكمت المحكمة حضوريا للأولى، والثانية، والثالثة، و حضوريا اعتباريا للرابعة. 

    • أولاً في الشق الجنائي:

    بمعاقبة المتهمات جميعا عن التهمة الأولى بالحبس لمدة خمسة شهور، وبمعاقبة المتهمة الثانية بالحبس لمدة أربعة أشهر عن التهمة الثانية، وبمعاقبة المتهمة الأولى والثانية بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبغرامة خمسمائة ديناراً لكل واحدة عن التهمة الثالثة وبلا مصاريف جنائية. 

    • ثانياً في الشق المدني: 

    بإلزام المدعى عليهن متضامنات بدفع مبلغ ثلاثين ألف دينار عن الأضرار المادية والمعنوية للمدعى بالحق للمدعى المدني والزامهن بالمصاريف المناسبة. 

      ولما لم ترتض المحكوم عليهن والمدعي بالحق المدني بهذا الحكم فقد استأنفوه أمام ” دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة ” بمحكمة مصراته الابتدائية التي أصدرت الحكم الآتي:

    حكمت المحكمة حضوريا: 

    أولا: فى الدعوى الجنائية

    بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، وبلا مصاريف جنائية. 

    ثانيا: فى الدعوى المدنية

     بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بعدم قبول دخول المدعى بالحق المدني. مع إلزامه بمصاريف دخوله.

    وهذا هو الحكم المطعون فيه.

    الإجراءات

    صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 15/3/1989 م وبتاريخ 19/3/1989 طعنت المحكوم عليهن فى الحكم بطريق النقض بموجب تقارير لدى قلم كتاب المحكمة المطعون فى حكمها، وبتاريخ 15/4/1989 م أودع محامي الطاعنة لدى قلم كتاب نيابة مصراته الكلية مذكرة موقعة منه بأسباب الطعن. 

    ولم تودع باقي الطاعنات أسباباً لطعونهن. 

    وبتاريخ 27/3/1989 م طعن المدعى بالحق المدنى فى الحكم بطريق النقض بموجب تقرير لدى قلم كتاب المحكمة المطعون فى حكمها، ولم يودع أسبابا لطعنه وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانونى فى الطعون انتهت فيها الى الرأى بقبول طعن الطاعنة شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه مع إعادة الدعوى إلى محكمة مصراته الابتدائية ” دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة ” لنظرها مجددا من هيئة أخرى بالنسبة لجميع المحكوم عليهن وبالجلسة عدلت النيابة عن هذا الرأى إلى الرأي الاتى. 

    • أولا: بقبول طعن الطاعنة الثانية شكلا، وفى الموضوع برفضه. 
    • ثانيا: بعدم قبول الطعون المقدمة من كل من المدعى بالحق المدني والطاعنين الأولى والثالثة شكلا. 

    وبعد أن وضع المستشار المقرر تقريرا عن الطعن حددت لنظره جلسة 11/12/1991م حيث نظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم. 

    الأسباب

     من حيث أن الطعن المرفوع من الطاعنه ” كرستينا كانسكا ” قد حاز أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا. 

    وحيث أن باقي الطاعنين وأن قرروا بالطعن فى الميعاد القانوني إلا أنهم لم يقدموا أسبابا لطعونهم مما يجعلها غير مقبولة شكلا. 

    وحيث إن الطاعنة ” كرستينا كانسكا ” تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجوه الآتية: 

    • الوجه الأول الخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره وتأويله

    ومفاد ذلك أن محامى الطاعنة دفع أمام المحكمة المطعون فى حكمها بأنه لا يجوز أن تنظر الدعوى أو تحدد مسئولية المتهم فى أى واقعة من الوقائع التى نص عليها قانون المسئولية الطبية رقم 17 لسنة 97 إلا بعد أن يحال الأمر الى مجلس طبي يتبع أمانة الصحة ويتكون من عدد من ذوي التخصصات العالية فى المهن الطبية والمهن المرتبطة بها لتقرير مدى قيام المسؤولية الطبية من عدمه تجاه من يرتكب أي مخالفة لأي نص فى القانون المذكور إلا أن المحكمة المطعون فى حكمها قد ردت على هذا الدفع بقولها : أن ما صدر من المتهمات  لا يحتاج الى رأى فنى وأن الجرائم المنسوبة لهن من الجرائم العادية وهى مخالفات لمقتضيات المهنة والعمل ولا مجال فيها للظن والاحتمال، كما أنها تثبت وفقاً لطرق الإثبات العامة وهى من قبيل التقصير فى أداء الواجب الطبي ” وهذا الذي ذهبت إليه المحكمة المطعون فى حكمها مخالف لنص المادة 27 من القانون المذكور التي اشترطت لتقرير قيام المسؤولية الطبية من عدمها احالة الامر الى مجلس طبى ولم تفرق بين ما يعد مخالفا لمقتضيات المهنة ولا ما هو فني بل جاءت عامة الأمر الذى يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه. 

     وحيث أن المادة 27 من القانون رقم 17/86 م بشأن المسئولية الطبية تنص على أن يختص بتقرير مدى قيام المسئولية الطبية مجلس طبي يتبع أمانة الصحة ويتكون من عدد من ذوي التخصصات العالية …… الخ. 

    وحيث إن المستفاد من نص المادة 27 من القانون رقم 17/86 م بشأن المسؤولية الطبية المذكور أن اختصاص المجلس الطبي بشأن تقرير مدى قيام المسئولية قاصر على الدعوى التأديبية دون الدعوى الجنائية التى يظل تقرير مدى قيام المسئولية الجنائية عنها خاضعا لسلطة محكمة الموضوع تحكم فيها بالدليل الذى تطمئن إليه، وحسب العقيدة التى تكونت لديها بكامل حريتها، ولا يشترط فى هذا الشأن أن يعرض موضوع الدعوى على المجلس المذكور، ويؤيد ذلك أن المشرع لم يذكر قانون الإجراءات الجنائية ضمن القوانين التى أوردها فى ديباجة قانون المسئولية الطبية المشار إليه، كما أن المواد التالية للمادة 27 من القانون المذكور تتعلق بتشكيل المحكمة المهنية التي تتولى محاكمة من يخالف هذا القانون تأديبيا، وكذلك الأحكام التى تسرى على الدعوى التأديبية التى ترفع أمامها.  

      لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص الى هذه النتيجة فإنه يكون بمنأى عما رمته به الطاعنة من عيب مخالفة القانون والخطأ فى تأويله، مما يجعل هذا الوجه من النعى فى غير محله متعين الرفض. 

    • الوجه الثاني القصور فى التسبيب

      لقد اعتبر الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه الطاعنة شريكة بالتحريض مع المتهمة الأولى بالنسبة للتهمة الثالثة، المتمثلة فى كتابة تقرير مزور مخالف للحقيقة، ودان الطاعنة على هذا الاساس دون أن يورد نص المادتين 100، 101 من قانون العقوبات حيث حددت المادة 100 عقوبات، طرق الاشتراك وبينت المادة 101 عقوبة الشريك، وحيث أن قضاء المحكمة العليا قد استقر على أن خلو الحكم من ذكر النعي القانوني الذي أنزل بموجبه العقاب على الطاعنة فأنه يكون مشوبا بالبطلان متعين النقض. 

     كما أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه وحكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه عند تبرير للعقوبة المقضي بها نجد أنه استند على مجرد أقوال أنشأها وأوردها في عبارات عامة ومبهمة لا يستفاد منها ما قصده المشرع من استظهار الحكم للعناصر المشار إليها فى المادة 28 عقوبات أو المتوفر منها فى الواقعة، والتى كان لها الاثر المباشر في تقدير العقوبة وبالتالى فأن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور فى التسبيب بما يجعله باطلا. 

    وحيث يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنة عن جريمة الاشتراك بالتحريض فى جريمة تحرير تقرير طبي مخالف للحقيقة، وعاقبها بمقتضى مواد الاتهام والمادتين 100، 101 من قانون العقوبات. 

      لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا مانع من أن يتخذ الحكم الاستئنافى أسباب الحكم الابتدائي لما قضي به، وعندها تكون هذه كأنها جزء من الحكم الاستئنافي، وكان الحكم الابتدائي قد استوفى البيانات التى تقول الطاعنة أن الحكم الاستئنافى لم يشتمل عليها فأن ما تثيره الطاعنة فى هذا الشأن لا يكون سديدا. 

    لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في معرض تبريره للعقوبة المقضي بها قد أورد قوله: 

    وحيث أن الجريمة من قبل المتهمات تدل على عدم احترامهن للقوانين واللوائح والواجب الطبي الملقى على عاتقهن، ولما لذلك من نتائج سيئة على الفرد والمجتمع وكان هذا الذى أورده الحكم فى سبيل تبرير العقوبة التى أوقعها على الطاعنة يعد تبريرا وافيا لأنه يتضمن فى غير غموض أو ابهام بعض العناصر المقررة فى المادة 28 من قانون العقوبات ليستهدى بها القاضي عند تقديره للعقوبة وهي عناصر يتعرف بها على خطورة الجريمة ونزعة الجانى الى الاجرام، حيث استهدى الحكم فى تقديره للعقوبة بطبيعة الفعل وأثاره الأمر الذى يكون معه نعى الطاعنة بقصور الحكم فى شأن بيان الأسباب المبررة لتقدير العقوبة الموقعة عليها فى غير محله. 

    • الوجه الثالث الفساد فى الاستدلال

    ذلك أن المحكمة المطعون فى حكمها دانت الطاعنة بجريمة الاشتراك بالتحريض فى كتابة تقرير طبي مزور، وبمطالعة محاضر جلسات محاكمة الطاعنة يبين أن التقرير المذكور لم يعرض بجلسة المحاكمة، وكان من المقرر كإجراء من إجراءات المحاكمة فى جرائم التزوير عرض الأوراق على المحكمة باعتبارها من أدلة الجريمة فى حضور الخصوم لبحثها ومناقشتها بالجلسة لإبداء الرأي حولها، والاطمئنان الى أنها موضوع الجريمة، وتدور حولها المرافعة، وبما أن المحكمة المطعون فى حكمها لم تفعل فإن حكمها يكون معيبا متعين النقض. 

    وحيث يبين من أوراق الدعوى أن ملف المجني عليه بكامله مرفق بها، وهو يحتوي على التقرير المؤرخ في 12/6/88 المدعى باشتراك الطاعنة فى تزويره بالإضافة الى صورة أشعة، وتقارير طبية إدارية أخرى وشهادة التبليغ عن الوفاة كما أشارت النيابة العامة في قرار الاتهام الى أن التقرير المذكور مرفق بالاوراق.  كل ذلك مما يعنى أن التقرير المذكور كان معروضا على بساط البحث أمام المحكمة المطعون فى حكمها، ولم تجادل الطاعنة لدى المحكمة المذكورة بخلاف ذلك الأمر الذي يجعل نعيها في هذا الشأن لا سند له و يتعين رفضه. 

    وحيث إنه متى كان ذلك كانت مناعي الطاعنة برمتها على غير أساس يتعين رفض موضوعها. 

    فلهذه الأسباب

    حكمت المحكمة بقبول طعن الطاعنة ” كرستينا كانسكا ” شكلا وفى الموضوع برفضه، وبعدم قبول طعون باقي الطاعنين شكلا مع إلزام المدعى بالحق  المدني  بمصروفات طعنه.