Skip to main content

طعن جنائي رقم 44/988ق

نشر في

طعن جنائي رقم 44/988ق

  • التصنيف: جنائي 
  • ذات الصلة: مسؤولية جنائية 
  • رقم الطعن:988 
  • السنة القضائية: 44ق 
  • تاريخ الجلسة: 1/5/2003 

خلاصة المبدأ 

تقدير المسؤولية الجنائية للمتهم ليس من اختصاص الطبيب- أساس ذلك. 

الحكم 

الوقائع 

اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بتاريخ 91/9/27 بدائرة مركز شرطة البريقة: – 

  1. قتل نفسا عمدا مع سبق الإصرار، وذلك بأن قام بقتل المجني عليه (…) بواسطة سكين، بأن طعنه في صدره عدة طعنات أدت إلى وفاته، وعلى النحو الوارد بتقرير الطبيب الشرعي. 
  2. أتلف مالا منقولا وصيره غير نافع جزئيا، وذلك بأن قام بإتلاف بعض المعدات الفنية الدقيقة الموجودة بأحد مكاتب حقل زلطن التابع لشركة سرت للنفط والغاز حالة كون الإتلاف اقترن بالعنف على الأشخاص وتهديدهم على النحو المبين بالأوراق. 

وطلبت من غرفه الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات المختصة لمحاكمته عما أسند إليه بالمادتين 368، 457 عقوبات، والغرفة قررت ذلك. ومحكمة استئناف بنغازي ” دائرة الجنايات” بعد نظرها الدعوى قضت فيها حضوريا: – 

أولا / في الدعوى الجنائية بإدانة المتهم عن جريمتي القتل العمد والإتلاف وبمعاقبته عن الجريمة الأولى بالسجن المؤبد، وحرمانه من حقوقه المدنية حرمانا دائما، ونشر منطوق الحكم بلوحة إعلانات محكمة إجدابيا الابتدائية وفي المنطقة التي ارتكبت فيها الجريمة، والمنطقة التي كان فيها المحل الأخير للمتهم، وبمعاقبته عن الجريمة الثانية بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وألزمته المصاريف الجنائية. 

ثانيا / في الدعوى المدنية باعتبار المدعي تاركا لدعواه وألزمته المصاريف 

وهذا هو الحكم المطعون عليه 

الإجراءات 

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 97/4/14، وقرر المحكوم عليه الطعن عليه بالنقض بتاريخ 97/4/26 لدى ضابط السجن، وبتاريخ 97/5/20 أودع محاميه مذكرة بأسباب الطعن بالنقض، وكان قد سبق له الحصول على شهادة سلبية بعدم إيداع الحكم بتاريخ 97/4/24 وأخطر بإبداع الحكم من قلم كتاب المحكمة مصدرته بتاريخ 1997/5/11 م. 

وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت فيه قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا. 

وحددت جلسة 2003.3.20 لنظر الطعن وتلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو الوارد بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة اليوم. 

الأسباب 

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فهو مقبول شكلا. 

 وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بمقولة إن الحكم الطعين استند على التقرير الطبي النفسي الذي أثبت حالة الطاعن النفسية، وانتهى إلى أن المسؤولية الجنائية كاملة إن وجدت وهذا التقرير يعد الثالث، وقد أعد بناء على طلب المحكمة التي لاحظت حالة الطاعن غير الطبيعية أثناء جلسات المحاكمة، وقد طلب دفاع الطاعن انتداب لجنة من الخبراء للكشف على الطاعن كونه يعاني من اضطرابات نفسية وعقلية، نظرا لقصور التقارير الطبية السابقة خاصة بعد أن تم ضم التقرير الطبي والملف الصحي الخاص بالطاعن لدى مستشفى الرازي للأمراض النفسية بطرابلس، والذي تبيين من خلاله أن الطاعن يعاني من اضطرابات وتصرفات غير عادية دخل على أثرها المستشفى عدة مرات، وكان ذلك في عام 1989، مما دعا الدفاع إلى طلب تطبيق نص المادة 84 المتعلقة بالعيب العقلي الجزئي، وحيث إن المحكمة لم تستجب أو ترد على ذلك وبنت حكمها على التقارير الطبية القاصرة مما يشوب الحكم بعيبي الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، بما يتعين نقضه والإعادة. 

وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه وهو بصدد تلخيص وقائع الدعوى قوله [… إن الشرطة أبلغت بوفاة شخص بمقر الشركة، وتحديدا بالحمام، وبانتقال الشرطة لمكان الواقعة صحبة وكيل النيابة العامة، شاهدوا المجني عليه مرميا بالحمام وبه عدة طعنات وقد فارق الحياة، كما شوهدت بقع الدم بالحجرة والحمام، وسمعت أقوال الشاهد (…) الذي قرر أن المجني عليه كان في الليلة السابقة ينام عنده بحجرته، وقد اشتكى من المتهم، وفي الصباح ذهب لحجرته لتغيير ملابسه ولم يشاهده بعد ذلك…. وبانتقال الشرطة مرة أخرى لمكان الواقعة تبين أن المتهم كان قد أقفل على نفسه وبيده موس داخل مكاتب الشركة، ويقوم بإتلاف الموجودات داخل المكتب، وبعد محاولات من الشرطة تمكنوا من القبض عليه. وبسماع أقواله اعترف بقتله المجني عليه داخل الحمام بآلة حادة (موس)، وطعنه عدة طعنات في بطنه وصدره، وبرر تصرفه بأن المجني عليه عميل للمخابرات الأمريكية وبالتحقيق معه من النيابة العامة كرر اعترافه تفصيلا بقتله للمجني عليه، وذلك بأن طعنه عدة طعنات في صدره وبطنه لأنه كان غير متفاهم معه، وحصل ذلك في صالة الحجرة ثم جره إلى داخل الحمام وتركه…]. 

كما جاء في الحكم الطعين أنه [وحيث تداول نظر الدعوى أمام هذه المحكمة وحضر المتهم صحبة دفاعه الذي دفع بأن المتهم يعاني من مرض نفسي، وقد سبق له دخول مستشفى الرازي بطرابلس ويطلب إحالة ملفه العلاجي، وحيث إن المحكمة طلبت ملف المعني لعدة جلسات، ثم قررت إحالة المتهم للطبيب المختص بالأمراض النفسية لمعرفة مدى مسؤوليته الجنائية وقت ارتكاب الجريمة. وحيث إنه قد ورد التقرير المطلوب والذي انتهى فيه إلى أن المسؤولية الجنائية للمتهم كاملة]. 

ثم عرض الحكم لأدلة الثبوت والرد على دفاع الطاعن بقوله وحيث إن ما نسب للمتهم ثابت في حقه يقينا، أخذا باعترافه استدلالا وتحقيقا بقتله للمجني عليه بأداة حادة وطعنه له عدة طعنات نافذة أودت بحياته، وكما ورد بالتقرير الطبي الشرعي أن تلك الطعنات كانت نافذة وهي السبب المباشر والوحيد في وفاة المجني عليه، ولا يقدح في ذلك ما يثيره الدفاع أن المتهم لديه نقص في قوة الشعور والإرادة، ذلك أن التقرير الطبي المعد عنه من قبل الطبيب المختص قد أثبت مسؤولية المتهم الجنائية كاملة، ولا محل القول بعد ذلك بعدم مسؤولية المتهم عن تصرفاته أو إصابته بأي مرض نفسي أو عقلي…..). 

لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أنه لا يسأل جنائيا من كان وقت ارتكاب الفعل في حالة عيب عقلي كلي ناتج عن مرض أفقده قوة الشعور والإرادة مادة 83 عقوبات ويسال من كان وقت اقتراف الفعل في حالة خلل عقلي غير مطبق ناتج عن مرض أنقص قوة شعوره وإرادتي بقدر جسيم دون أن يزيلها مادة 84 عقوبات. 

وكان دفاع الطاعن قد دفع أمام المحكمة المطعون على قضائها بأن التقرير الطبي المعد عن المتهم مخالف لكافة الأصول الفنية، وأن المتهم مصاب باضطرابات نفسية أثرت في قوة الشعور والإرادة، وطلب تطبيق نص المادة 84 عقوبات بشأن إصابته على الأقل بعيب عقلي جزئي. 

ولما كان الحكم المطعون فيه لم يتصد لبيان الحالة العقلية للطاعن ومدى توافر قوة الشعور والإرادة لديه وقت ارتكاب الفعل، وإنما اعتمد على تقرير طبيب مستشفى الأمراض النفسية المعد بتاريخ 1996.9.5، والذي خلا أيضا من بيان حالة الطاعن العقلية، وأقحم نفسه في أمر قانوني صرف، وهو إيراده بأن المسؤولية الجنائية للمتهم كاملة، ولم يتطرق إلى قوة الشعور والإرادة لديه، وعما إذا كانت منعدمة أم ناقصة أم سليمة، والتي هي من صميم اختصاصه، ويكون الحكم المطعون فيه – باستناده إلى هذا التقرير – مشوبا بعيب القصور في التسبيب. وكان من المقرر أن حالة قيام المسؤولية الجنائية أو امتناعها للمرض العقلي محددة قانونا ولا يرجع فيها إلى أهل الخبرة الذين تقتصر مهمتهم على إبداء الرأي الفني البحث، أما الأثر الذي يرتبه القانون على هذا الرأي فتقديره من شأن القاضي وحده. 

وحيث إنه متى كان ذلك تعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة الجريمة القتل العمد وإعادتها إلى محكمة جنايات بنغازي للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى. 

وحيث إنه عن جريمة الإتلاف المدان بها الطاعن فهي من جرائم الجنح التي تسقط بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكابها، أو من تاريخ آخر إجراء صحيح اتخذ في الدعوى، وكان أخر إجراء اتخذ في الدعوى هو إيداع أسباب الطعن بالنقض من الطاعن بتاريخ 1997.5.20، وقد حددت جلسة 2003.3.20 لنظرها، ومن ثم يكون قد مضت مدة تجاوز الثلاث سنوات بين إيداع الأسباب وتحديد جلسة نظرها دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة، وكان سقوط الجرائم بمضي المدة من النظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة الجريمة الإتلاف بسقوطها بمضي المدة عملا بالمادتين 107، 108عقوبات. 

فلهذه الأسباب 

حکمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع: – 

أولا: نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة الجريمة الإتلاف المدان بها الطاعن وسقوطها بمضي المدة. 

ثانيا: نقض الحكم المطعون بالنسبة الجريمة القتل العمد المدان بها الطاعن، وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف بنغازي (دائرة الجنايات) لنظرها مجددا من هيئة أخرى.