طعن جنائي رقم 30/ 53ق
طعن جنائي رقم 30/ 53ق
خلاصة المبدأ
جريمة المشاجرة – تحققها.
الحكم
الوقائع/ اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم بتاريخ 2001/9/28 بدائرة مركز شرطة زليتن:-
المتهم الأول ” الأول “الطاعن:
أحدث بغيره أذى شخصيا خطيرا نشأ عنه مرض لا يرجى الشفاء منه بأن طعن المجني عليه ” المتهم الرابع ” بسكين عدة طعنات ترك مضاعفات متمثلة في صعوبة في التنفس وعجز دائم يتراوح ما بين 20 إلى %30 على النحو المبين بالتقرير الطبي الشرعي المرفق.
المتهمان الثاني ” الطاعن الثاني ” والسادس:-
أحدثا بغيرهما أذى شخصيا خطيرا نشأ عنه إضعاف أحد الأطراف إضعافا مستديما بأن قام الثاني بطعن المجني عليه المتهم الثالث عدة طعنات بسكين خلفت شللا باليد اليسرى مع عجز دائم يتراوح ما بين 30 الى %35، وقد وقع الفعل بمساعدة المتهم السادس الذي أمسك المجني عليه المذكور حتى يتمكن المتهم الثاني من طعنه وعلى النحو المبين بالأوراق. المتهمان الأول والثاني ” الطاعنان “:
أتلفا منقولا مملوكا لغيرهما، وذلك بأن أتلفا زجاج مركبات المجني عليهم ” المتهمون الثالث والرابع والخامس ” وقد وقع الفعل باستعمال العنف على الأشخاص وعلى النحو المبين بالأوراق.
المتهمون الثالث والرابع والخامس:-
- أحدثوا لغيرهم أذى شخصيا جسيما…..
- أتلفوا منقولا مملوكا لغيرهم…..
- خدشوا شرف شخص في حضوره…..
المتهمون جميعا:-
اشتركوا في مشاجرة نشأ عنها أذى خطيراً بالمتهمين الثالث والرابع وأذى جسيما بالمتهم الأول بأن تبادلوا الاعتداء بالأيدي والعصي والسكاكين التي خلفت الإصابات على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 100، 457، 438، 380، 381، 386 من قانون العقوبات فقررت الغرفة ذلك، ومحكمة جنايات مصراتة نظرت الدعوى حيث تقدم بعض المتهمين بصحيفة ادعاء بالحق المدني ضد بعضهم الآخر، وانتهت إلى القضاء حضوريا بإدانة المتهمين الأول والثاني ” الطاعنان ” ومعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل سنة واحدة عما نسب إليهما.
وببراءة بعض المتهمين مما نسب إليهم ومعاقبة آخرين بالحبس مع الشغل ثلاثة أشهر وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة وبـلازمصاريف.
وهذا هو الحكم المطعون فيه
الإجراءات
بتاريخ 2005/5/2 صدر الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 6/29/ 2005 قرر المحامي (…) مفوضا من المحامي الأصيل (…) الطعن بالنقض لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم بموجب وكالتين عرفيتين منهما بتخويله الطعن بالنقض نيابة عنهما، كما أودع بذات التاريخ ولدى نفس القلم مذكرة بأسباب الطعنين موقعة من المحامي الأصيل سالف الذكر.
قدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بسقوط الطعنين واحتياطيا قبولهما شكلا ورفضهما موضوعا. حددت جلسة 2006/5/1/ لنظر الطعنين حيث تلا المستشار المقرر تقريره وتمسك دفاع الطاعنين بأسباب الطعنين وقدم أمر التنفيذ الموقع من ضابط السجن المختص بما يفيد تنفيذ الطاعنين العقوبة المقضي بها عليهما، وتمسكت نيابة النقض بما جاء بمذكرتها من الرأي برفض الطعنين، ونظرت المحكمة الدعوى على النحو المبين بمحضرها وقررت حجزها للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
من حيث إن الطعنين حازا أوضاعهما القانونية فهما مقبولان شکلا.
وحيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون وقصوره في التسبيب، ذلك أن المحكمة مصدرته ساوت في العقاب بين جميع المشتركين في المشاجرة لا فرق بين من أصيب فيها ومن لم يصب وبين المعتدى عليه، رغم أن المستفاد من نصوص القانون ضرورة قيام نية الاعتداء المتبادل بين المشتركين في الواقعة المادية باتجاه النية إلى الحاق الأذى بالطرف الآخر قبل بداية الاعتداء، مما ينبغي على محكمة الموضوع بيان هذه النية والتحقق مما إذا كانت تتجة إلى رد الاعتداء فقط أو أنها تجاوزت ذلك، ولما كانت المحكمة لم تلتزم هذا النظر واعتبرت مجرد قيام الاعتداء المتبادل كافيا للقول بقيام جريمة المشاجرة فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
ويضيف الطاعنان أن الحكم المطعون فيه اقتصر على سرد الوقائع حسب تسلسلها الزمني لينتهي إلى أن جميع المتهمين قد اشتركوا في المشاجرة دون أن يمحص الواقعة ليضع الخصوم في مواضعهم القانونية بإسناد كل فعل إلى مرتكبه واعتمد على نتائج الإيذاء المتبادل والذي لحق الأطراف الأمر الذي يجعله مشوبا بالقصور وخلص الطاعنان في ختام أسباب الطعن إلى طلب نقض الحكم والإعادة.
وحيث يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد واقعة الدعوى وأقوال جميع المتهمين وخلاصة دفاعهم حيث جاء ذلك في قوله:” وبضبط أقوال المتهم الأول ذكر أنه تعرض للاعتداء بالضرب من قبل المتهمين الثالث والرابع والخامس وحصلت له إصابات من جراء ذلك حيث اعتدى عليه الثالث بضربه بواسطة قطعة حديد، والرابع بقطعة حجارة، وبضبط أقوال المتهم الثالث ذكر أنه تعرض لعدة طعنات من قبل المتهم الثاني بواسطة سكين، وذلك عند محاولة تخليص شقيقه المتهم الرابع من يدي المتهم الأول كما تعرض للضرب من هذا الأخير بواسطة سكين ومن قبل شقيقه (…) بواسطة قطعة حديد فأصيب بطعنات في ظهره وجنبه الأيسر وكسر بيده اليسرى، وبضبط أقوال المتهم الرابع ذكر أنه تعرض للطعن بواسطة سكين من قبل الثاني أو من قبل شقيقه (…)، كما أن المتهم الأول قام بضربه وصفعه على وجهه وقام بتكسير زجاج سياراتهم هو وأبناؤه وقد ثبت ذلك من أقوال شاهد الإثبات (…) أمام النيابة العامة حيث ذكر أنه شاهد المتهم الأول يقوم بتكسير زجاج سيارتي عائلة (…) نوع (بيجو)، وشاهد أحد أبناء المتهم الأول يطعن المتهم الثالث، كما قام المتهمون الثالث والرابع والخامس بإتلاف زجاج سيارة المتهم الأول، وقد ثبت ذلك من أقوال الأول الذي ذكر أن المتهمين المشار إليهم كسروا زجاج سيارته نوع تويوتا… ” ثم خلص الحكم إلى القضاء بإدانة الطاعنين ومن معهم تأسيسا على قوله: “……. ومن ثم فإن المحكمة تطمئن لهذه الأدلة الواردة في الأوراق على النحو السالف البيان وتراها كافية لإثبات ما أسند إلى المتهمين فيما يخص اشتراكهم في المشاجرة وإلحاق الأذى الشخصي الخطير بالمتهمين الثالث والرابع والأذى الشخصي الجسيم بالمتهم الأول على النحو سالف الذكر وطبقا للإتلاف الذي حصل للسيارات الخاصة بالمتهمين ومن ثم يتعين إدانتهم”.
كان ذلك، فإن هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه والذي له معينه من أوراق الدعوى مفاده أن المحكمة مصدرته لم يتبين لها من الوقائع الثابتة ما يساعدها في معرفة من هو الطرف البادئ في الاعتداء حتى يعتبر الطرف الآخر معتدى عليه وأنه يمارس حقه في الدفاع الشرعي، وإنما ثبت لديها أن الجميع كانوا يتبادلون الضرب والطعان وإتلاف المركبات مدفوعين بنية الاعتداء التي يضمرها كل طرف نحو الآخر، ومن ثم فإنه لا تثريب عليها فيما انتهت إليه من أن الواقعة تشكل جريمة المشاجرة التي نشأ عنها الإيذاء الذي أمكن إسناده إلى من ثبت صدوره عنه باستعمال السلاح المتمثل في السكين والحجارة والعصا مما جعلها تميز في العقاب بين من أحدث الإيذاء خلال المشاجرة وبين من اقتصر دوره على مجرد الاشتراك فيها وناله الأذى الأمر الذي يجعل النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد أقوال المتهمين وما قرره كل منهم نحو غيره، وعزز أقوالهم بما هو ثابت بالتقارير الطبية وبأقوال شاهد الإثبات (…) أمام النيابة العامة واتخذ من كل ذلك دليلا كافيا على ثبوت ما نسب إلى الطاعنين من اشتراكهما في المشاجرة وما نجم عنها من إبداء، منتهيا إلى إستاد كل فعل إلى مرتكبه، فإن نعي الطاعنين بقصور أسبابه بمقولة عدم تمحيصه الوقائع وأنه اكتفى مجرد سردها يضحى نعيا في غير محله.
وحيث إنه متى كان ذلك فإن الطعن برمته يكون قائما على غير أساس مما يوجب القضاء برفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول طعني الطاعنين شكلا، وفي الموضوع برفضهما.