Skip to main content

طعن جنائي رقم 168/ 45 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 168
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 28 مايو 2003

طعن جنائي رقم 168/ 45 ق

خلاصة المبدأ

تعويض مادي وتعويض معنوي- الفرق بينهما- بيان ذلك.

الحكم 

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين لأنهما بتاريخ 1994/2/6 بدائرة مركز الأمن الشعبي الرحيبات: – 

المتهم الأول: 

  1. نزع حدود عقار مملوك للغير بأن قام بنزع حدود عقار المجني عليه (….) الكائن بحشد السلامات، بقصد تملكه. 
  2. غير حالة ملك الغير للحصول على نفع غير مشروع لنفسه ولغيره، لقيامه بنزع العلامات الفاصلة بين عقاره وعقار المجني عليه سالف الذكر.
  3. هاجم عقار الغير بقصد احتلاله والانتفاع به، وذلك بقيامه بالاستيلاء على عقار المجني عليه سالف الذكر، وحرثه لصالح نفسه كما في الأوراق.
  4.  أتلف مالا غير منقول وصيره غير نافع كلياً مملوك للمجني عليه سالف الذكر، ووقع الفعل على أشجار النخيل بنفس المكان السالف الذكر.

 المتهم الثاني: –

  1. حرض المتهم الأول على ارتكاب جرائمه سالفة الذكر، ووقعت جميعها بناء على ذلك التحريض.
  2. هدد الغير بإنزال ضرر غير مشروع به، وذلك بقيامه بتهديد المجني عليه (…)، بقوله العبارة المدونة بالأوراق.

وقدمتهما النيابة إلى محكمة الرحيبات الجزئية، لمحاكمتهما عما أسند إليهما بالمواد 454 1/455، 4/457، 340، 1/100، 78، 1/76عقوبات، والمحكمة المذكورة بعد نظرها الدعوى قضت حضوريا: – 

أولا: حبس المتهم الأول مدة ثلاثة أشهر مع الشغل، وتغريمه مائة دينار، وذلك عن التهمتين: الأولى، والثانية، المسندتين إليه، وتغريمه مائة دينار عن التهمة الثالثة، وبحبسه ستة أشهر مع الشغل عن التهمة الرابعة.

ثانيا: حبس المتهم الثاني مدة تسعة أشهر مع الشغل، وتغريمه مائتي دينار عن التهمة الأولى المسندة إليه، وتغريمه خمسين ديناراً عن التهمة الثانية، وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها على المتهمين للمدة القانونية وبلا مصاريف جنائية.

  1.  وفي الدعوى المدنية بإلزام المدعى عليهما (…) و (…) متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني (…) مبلغاً قدره خمسة آلاف دينار تعويضا له عما لحقه من أضرار شاملة مع المصاريف والأتعاب. ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

استأنف الطاعنان هذا القضاء أمام محكمة جادو الابتدائية “دائرة الجنح والمخالفات المستأنفة” التي نظرت الدعوى وقضت فيها بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف كالآتي: – 

أولا: الاكتفاء بحبس المتهم الأول لمدة سبعة أشهر عما نسب إليه، وحبس الثاني أربعة أشهر وتغريمه عشرين دينارا عما نسب إليه، وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ عقوبة الحبس للمدة القانونية، وبلا مصاريف جنائية.

ثانيا: في الدعوى المدنية بإلزام المدعي عليهما بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني خمسمائة دينار تعويضا عن الأضرار التي لحقته بفعل المدعي عليهما مع إلزامهما بمصاريف التدخل بالحق المدني.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1997/4/8، وبتاريخ 1997/4/21 قرر المحكوم عليهما الطعن عليه بالنقض لدى قلم كتاب محكمة جادو الابتدائية، وبتاريخ 1997/4/30 أودع محاميهما مذكرة بأسباب الطعن بالنقض لدى ذات القلم المذكور.

قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت فيه، قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبسقوط الجرائم المنسوبة للطاعنين بمضي المدة.

حددت جلسة 2003/4/30 لنظر الطعن، وتلا المستشار المقرر تقرير التلخيص، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

حيث إن الطعنين حازا أوضاعهما الشكلية المقررة قانونا، فهما مقبولان شكلا. 

وحيث إنه لما كان الحكم محل الطعن قد صدر بتاريخ 1997/4/8. وقرر الطاعنان الطعن عليه بالنقض بتاريخ 1997/4/21 وأودعا مذكرة بأسباب طعنهما بتاريخ 1997/4/30، وكان يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية لم يتخذ فيها أي إجراء منذ هذا التاريخ الأخير وإلى أن نظر الطعن بجلسة 2003/4/30، وبذلك فإنه يكون قد مضى من تاريخ تقديم اسباب الطعن وإلى أن نظر الطعن بالجلسة المذكورة مدة تجاوز الثلاث سنوات, وهي المدة المقررة لسقوط الجريمة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة، ومن ثم فإن الجرائم المدان بها الطاعنان وهي جنح نكون قد سقطت بمضي المدة وفقا للمادتين 107، و 108 عقوبات.

 ولما كان سقوط الجرائم بمضي المدة من النظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للدعوى الجنائية، والقضاء بسقوط الجرائم المدان بها الطاعنان بمضي المدة. 

 وحيث إنه من المقرر أن سقوط الجريمة أمام محكمة النقض لا يؤثر في سير دعوى التعويض، ولما كان الطاعنان ينعيان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، إذ قضى بإلزامهما بدفع مبلغ خمسمائة دينار للمتدخل بالحق المدني، تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به بفعل المدعي عليهما دون أن تبين عناصر الضرر التي لحقت بالمضرور، والتي بنت على أساسها تقدير مبلغ التعويض وكان المتدخل بالحق المدني طلب التعريض عما لحق به من ضرر مادي و معنوي، ولم تبين المحكمة إذا كان هذا التعويض الذي قضت به عن الضررين معاً، أو عن أحدهما. وذلك فضلا عن عدم تحديد العناصر المكونة للضرر الذي يستوجب التعويض مما يجعل الحكم معيبا بالقصور في التسبيب. 

 وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن قضاء هذه المحكمة استقر على أنه وإن كان التعويض يقدر بقدر الضرر، وكان هذا التقدير من الأمور الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن تعيين العناصر المكونة للضرر المادي التي يمكن أن تدخل في حساب التعويض هي من المسائل التي تخضع لرقابة محكمة النقض، لأن هذا التعيين هو المعيار في بيان مدى التناسب بين التعويض والضرر، ولا يستعصي على القاضي تحديد تلك العناصر في مثل هذا النوع من الضرر، ويختلف الأمر بالنسبة للتعويض عن الضرر الأدبي، فإنه لما كان موطن الضرر الموجب للتعويض فيه هو العاطفة والشعور والحنان وهي من الأمور الخفية التي لا يمكن بالحس الظاهر إدراك مقدار ما يصيبها من ضرر فإنه من المتعذر على القاضي تحديد عناصر مثل هذا الضرر، ومن ثم فإنه يكفي لسلامة الحكم بشأن تقدير التعويض عن الضرر الأدبي أن يكون معقولاً دونما تقتير ولا غلو أو إسراف، وإذا ما صدر الحكم بتقدير التعويض عن الضررين معا بمبلغ واحد دون بيان نصيب كل منهما في التقدير، وكان تقديره للتعويض عن الضرر المادي معيباً لعدم تحديد العناصر المكونة للضرر، فإن هذا العيب ينصرف إلى التقدير بكامله لعدم إمكانية التجزئة بين التقديرين، مما يجعل الحكم معيبا بالقصور في التسبيب.

 لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنين بدفع تعويض قدره خمسمائة دينار تعويضا عن الأضرار التي لحقته بفعل المدعى عليهما، وجاء في مدوناته [وحيث إن المحكمة هذه ترى أن المبلغ المحكوم على المدعى عليهما لا يتناسب مع الضرر اللاحق بالمدعي، وترى أن المبلغ الوارد بالمنطوق يمثل تعويضا عادلا ومن شأنه أن يجبر الضرر الذي لحق بالمجني عليه ويكون زاجراً للمدعى عليهما بالكف عن الاعتداء مستقبلا..]

 وحيث إن الحكم محل الطعن على النحو السالف بيانه لم يبين العناصر التي استقى منها تقديره للتعويض، كما أنه لم يفصل بين قيمتي التعويض عن الضررين المادي والمعنوي المحكوم بهما للمدعي بالحق المدني، حالة كون تقديره للتعويض عن الضرر المادي معيبا، الأمر الذي يغدو معه الحكم المطعون فيه قاصرا في التسبيب، وهو ما يتعين معه نقضيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للدعوى الجنائية، وسقوط الجرائم المدان بها الطاعنان بمضي المدة.

وبالنسبة للدعوى المدنية إعادة الدعوى إلى محكمة جادو الابتدائية “دائرة الجنح و المخالفات المستأنفة” لنظرها مجددا من هيئة أخرى.