أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 1041-45 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 1041
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 9 سبتمبر 2002

طعن جنائي رقم 1041-45 ق

خلاصة المبدأ 

يكفي لصحة قضاء المحكمة بالبراءة أن تشكك في إسناد التهمة إلى المتهم – شرط ذلك.

الحكم 

الوقائع 

 اتهمت النيابة العامة المتهم المطعون ضده لأنه خلال عام 1983 وما بعده بدائرة مركز شرطة المرج:

  1. بوصفه موظفا عاما اختلس أموالا عامة مسلمة إليه بحكم وظيفته، وذلك بأن اختلس مبلغ 16385 دينارا وكما هو ثابت بالأوراق.
  2. بالوصف السابق أساء استعمال سلطات وظيفته للإضرار بالغير، بأن قام باستلام كفالات واستحوذ عليها مخالفا قانون نظام القضاء.
  3. قرر كذبا صحة وثيقة لا يدخل تحريرها في اختصامه، بأن قام بتحريف أوراق دفتر الإيصالات لإخفاء العجز بخزينة النيابة، وكما هو ثابت بالأوراق.

وطلبت النيابة العامة من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1، 2، 3، 27 من القانون رقم 2/79 بشأن الجرائم الاقتصادية، والمواد 235، 342، 476 من قانون العقوبات فقررت الغرفة ذلك، ومحكمة جنايات – دائرة المرج – بعد أن نظرت الدعوى قضت حضوريا ببراءة المتهم مما نسب إليه.

 وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الإجراءات

بتاريخ 1/4/1998 ف صدر الحكم المطعون فيه وبتاريخ 29/4/1998 ف قرر أحد أعضاء النيابة العامة الطعن بطريق النقض بتقرير لدي قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم، كما أودع مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه بذات التاريخ لدي نفس القلم.

قدمت نيابة النقض مذكرة انتهت فيها إلى الرأي بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.

حددت جلسة 22/6/2002 ف لنظر الطعن حيث تلا المستشار المقرر تقريره، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق ن ثم نظرت المحكمة الدعوى على النحو المبين بمحضرها وقررت حجزها للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

من حيث أن الطعن حاز أوضاعه المقررة قانونا فهو مقبول شكلا.

وحيث تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال ذلك أن المحكمة مصدرته قضت ببراءة المتهم دون أن تبين في أسبابها الدواعي التي جعلتها لا تطمئن إلى تقرير الخبير الحسابي، كما لم تتعرض لما أسفر عنه الجرد من نتائج تشهد بوجود عجز أصاب الخزينة التي يقوم المتهم على العمل بها، فضلا عما هو ثابت من أنه أخفي عمدا الإيصالات المالية التي اختلس قيمتها مما يقوي الدليل على ارتكابه الواقعة خلافا لما رأته محكمة الموضوع من تشكيك في سلامة وصحة اتهامه، الأمر الذي يجعل حكمها معيبا بما يوجب نقضه والإعادة.

وحيث يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وعرض لبيان أقوال المطعون ضده في التحقيقات وما تضمنه تقرير الخبرة القضائية خلص إلى القضاء ببراءته موردا في هذا الشأن قوله : ( إن رئيس النيابة أجري تحقيقا في موضوع تقرير رئيس لجنة الجرد المتعلق بعدم سير الخزينة السير المرضي ولوجود عجز في المبالغ المالية، وأعدت إدارة الخبرة القضائية تقريرين حسابيين مقدار العجز في الأول بلغ 14885 دينار وفي الثاني 16385 دينارا، وقد أضاف الخبير في التقرير الثاني عبارة أنه سيظل مقدار العجز في الخزينة متغيرا كلما ظهرت إيصالات كفالات ضائعة بسبب ضياع دفاتر إيصالات غير محصورة، ولا يمكن حصر هذه الإيصالات إلا عن طريق جرد ملفات القضايا بنيابة المرج عن السنوات من 85 إلى 95، وأنه يظهر من هذين التقريرين ومن كيفية الوصول إلى نتائجهما عدم معرفة مقدار العجز على وجه التحديد، وذلك لعدم معرفة رصيد الخزينة الذي تم إيداعه فيها وعدم وجود الإيصالات وسجل حركة النقود، ولعدم العثور على ملفات القضايا التي تحوي بيانات الإيصالات المثبتة عليها، وحيث أنه لا يمكن الجزم أن هناك إيصالات مفقودة، كما لا يعرف ما إذا كانت قد استعملت أم لا، فقد تكون ضاعت قبل استعمالها بسبب الحريق في مبني النيابة، وعدم العثور عليها لا يقطع بوجود عجز مالي في الخزينة، وبالتالي فافتراض وجود العجز غير صحيح، إذ أن ضياع الملفات والمستندات بسبب الحريق وما ترتب عليه يجعل من المستحيل الوصول إلى نتيجة صحيحة ومقنعة، ويجعل مهمة المحقق والخبير صعبة لمعرفة الحقيقة مما يجعلهما يلجأن إلى الافتراض الذي لا يعمل به في مجال التجريم والعقاب، وأن الأوراق خلت من وجود شكوى ممن له كفالة لم يستلم قيمتها، وأن عجز التحقيق والخبرة في العثور على المستندات والقضايا للأسباب والأحداث التي حصلت في مبني النيابة هو السبب في اللجوء إلى افتراض وجود عجز مالي ولذلك فان المحكمة لا تطمئن للسباب السابقة إلى ما توصل إليه الخبير الحسابي من وجود عجز في المبالغ المالية وبالتالي تنتفي جريمة الاختلاس المسندة للمتهم ويتعين براءته).

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في المحكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة إذ يرجع الأمر في ذلك إلى اقتناعه هو وإلى ما ينتهي إليه في شأن تقدير الدليل مادام أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ومحص واقعتها ووقف على ظروفها و أدلتها، وكان يبين مما ساقه الحكم على نحو ما سلف عند بيانه لسبب قضائه بالبراءة أن المحكمة قد محصت الدعوى ووقفت على ظروفها وأدلتها وانتهت إلى أن عناصر الإثبات القائمة في الدعوى غير كافية لإدانة المطعون ضده وذلك لعدم اطمئنانها إلى تقرير الخبير الحسابي الذي تضمن بيان العجز رغم ضياع الملفات والمستندات بسبب الحريق الذي شب في مبني النيابة فضلا عن ضياع الإيصالات المستعملة فيما يرد إلى الخزينة أو يخرج منها من مبالغ، ولأنه لا توجد شكاوى ممن لهم ودائع أو كفالات بخزينة النيابة ولم يستلموا قيمتها وأنه لذلك يكون وجود العجز قد افترض افتراضا، وكل ذلك مما يدخل في سلطة المحكمة التقديرية التي تخولها الأخذ بما تطمئن إليه وطرح مالا تطمئن إليه بلا معقب عليها الأمر الذي يكون معه نعي النيابة العامة الطاعنة بأن المحكمة لم تتعرض لما أسفر عنه الجرد من وجود العجز بالخزينة، وأن المتهم المطعون ضده تعمد إخفاء الإيصالات المالية التي اختلس قيمتها ليس إلا مجادلة موضوعية في اقتناع المحكمة فيما انتهت إليه لا تكون مقبولة، لأن عدم أخذ المحكمة بالوقائع التي ساقتها النيابة العامة باعتبارها أدلة إدانة والتي كانت المحكمة على بينه منها كما سلف القول مفاده أنها لم تر فيها ما يغير من عقيدتها التي تكونت لديها ممالا يصح معه مصادرتها في عقيدتها هذه وحملها على الاقتناع بما لم تقتنع به، خاصة وأن واقعة إخفاء الإيصالات لم تثبت لديها، الأمر الذي يكون معه النعي على الحكم في هذا الشأن قائما على غير ما يسانده وتبعا لذلك يتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.