طعن إداري رقم 41/ 44ق
طعن إداري رقم 41/ 44ق
خلاصة المبدأ
الغاية من التماس إعادة النظر، أثر قبوله، ما يشترط في الورقة التي حصل عليها الملتمس.
الحكم
الوقائع/ تتحصل واقعات الموضوع – كما تبين من أوراق الطعن – في أن المطعون ضده وهو ضابط بالشرطة برتبة نقيب، أوقف عن عمله، وشكل له مجلس تحقيق بشأن واقعة غيابه عن العمل، وقد انتهى المجلس إلى برائته عن مدة الغياب السابقة على إحالته إلى المجلس ثم صدر قرار من الكاتب العام للشئون الأمنية رقم 93/71 بتاريخ 1993/3/17ف بإنهاء خدمات المطعون ضده، فطعن فيه بالإلغاء أمام دائرة القضاء الإداري بمحكمة استئناف مصراتة، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذه، بصحيفة دعواه رقم 20/15 المودعة قلم كتابها في 1993/6/22 ف، والمحكمة بعد أن قضت في الشق المستعجل من الدعوى برفض طلب وقف التنفيذ أصدرت حكما في الموضوع بجلسة 1995/4/25 ف قضى برفض الطعن. وبتاريخ 1995/7/15 ف أودع محامي المطعون ضده صحيفة دعوى رقم 22/30 أمام المحكمة مصدرة الحكم السابق التمس فيها إعادة النظر في حكمها السابق، وبصفة مستعجلة وقف قرار إنهاء خدمات ( المطعون ضده )، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والمحكمة بعد أن قضت بقبول الالتماس شكلا، وبرفض طلب وقف التنفيذ بتاريخ 1993/11/9ف أصدرت حكما في موضوع الالتماس بجلسة 1997/1/14ف بإلغاء القرار المطعون فيه.
والحكم الأخير هو محل الطعن بالنقض
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 97/1/14 ف وبتاريخ 1997/3/9ف قررت إدارة القضايا الطعن في الحكم بالنقض بالتقرير به لدى قلم كتاب المحكمة العليا، أرفقت به مذكرة بأسباب طعنها ضمنتها طلبا خاصا بوقف تنفيذه – والذي قررت فيه هذه المحكمة بجلسة 1997/4/27 ف برفضه – كما أودعت بذات تاريخ التقرير بالطعن حافظة مستندات حوت على صورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله ومذكرة شارحة أحالت فيها على أسباب الطعن مع أوراق أخرى أشارت إليها على غلافها، وبتاريخ 1997/3/16 ف أعلن الطعن للمطعون ضده بتسليمه لأخيه (…) المقيم معه لعدم وجود المطلوب إعلانه وقت الإعلان، وأعيد أصل ورقة إعلانه بتاريخ 1997/3/19ف، وبتاريخ 1997/4/6ف أودع محامي المطعون ضده حافظة بمستنداته حوت على سند إنابته وأوراق أخرى أشار إليها على غلافها، ومذكرة بدفاعه خلص فيها المطعون ضده لم يتعرض لأسباب الحكم محل الالتماس، ولم يناقش سوى الفرضية المستجدة بأسبابه، والتي تمكن الملتمس من إرفاق مستند بشأنها لو قدم في حينه لتغير وجه الرأي في الدعوى. قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت الرأي فيها بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه تأسيسا على أن المطعون ضده لا يعد متغيبا بوضع نفسه طواعية واختيارا تحت تصرف جهة العمل، وعدم تقديم جهة الإدارة ما ينفي ذلك يدخل ضمن حيلولة الخصم من تقديم أوراق قاطعة في الدعوى، والحكم المطعون فيه صحح الوضع على ضوء ما قدم له، وأسباب الطعن في مجموعها لا تنال منه.
حددت جلسة 2000/11/12ف لنظر الطعن، وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وسمعت الدعوى على النحو المبين بمحضرها، وحجزت للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى طعن الجهة الطاعنة يقوم على مخالفة الحكم
المطعون فيه للقانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وذلك من وجوه :-
حاصل الوجه الأول -: أن البيانات التي تضمنتها رسالة قسم الشئون الأمنية بزليطن الموجهة إلى محامي المطعون ضده والتي اعتمد عليها الحكم المطعون فيه لم تكن قد حجزت أو أخفيت عن المطعون ضده عند نظر موضوع الدعوى، ولم يبين الحكم محل الالتماس أن الطاعن أثار ذلك أو طلب من المحكمة الزام جهة الإدارة بتقديم بيان أو مستند حالت دون تقديمه، وسكوت المطعون ضده وعدم إشارته إلى تلك البيانات أمام المحكمة عند نظر الطعن الأصلي، يجعل طلب الالتماس المقدم منه غير مقبول، لأن المستند المقدم غير مؤثر في الدعوى.
وحاصل الوجه الثاني : أن تشكيل مجلس التحقيق بشأن التحقيق مع المطعون ضده عن غيابه خلال المدة من 1992/4/5 ف إلى 1992/4/11 ف.
و من 1992/4/14ف إلى 1992/5/13ف، وليس عن مدة غيابه بعد صدور قرار وقفه عن العمل الذي انتهى المجلس إلى عدم ثبوت غيابه خلالها، كما أن مجلس التحقيق واجه المطعون ضده عن غيابه من 1992/5/10ف إلى 1993/1/26ف فقط مخالفا بذلك ما جاء بقرار الإحالة إلى التحقيق.
و حاصل الوجه الثالث -: أن صاحب الشان ملزم بتقديم ما يثبت دعواه، والمحكمة لا تبحث عن المستندات في أى يد كانت، واعتباره عاجزاً عن إثبات دعواه، لا يعد سهوا وخطأ في الحكم كما ذهب الحكم المطعون فيه، وهو ما لا يندرج ضمن ما يجوز رفع الالتماس بشانه، ولا يثار عن طريق التماس إعادة النظر، ويخرج عن نطاق تطبيق المادة 328 من قانون المرافعات، فضلا عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه خالف القانون عندما اقتصر على إلغاء القرار المطعون فيه من غير أن يتصدى للحكم محل الالتماس، مما يعيبه ويوجب نقضه.
ومن حيث إن الطعن بطريق التماس إعادة النظر لا يقصد به
تجريح الحكم الملتمس فيه، وإنما يرمي الملتمس بالتماسه إعادة النظر في طلباته التي قدمها إلى المحكمة الملتمس في حكمها وقضت برفضها، ويقبول الالتماس يزول الحكم الملتمس فيه بقوة القانون واعتباره كأن لم یکن دون حاجة إلى النص عليه، وبزواله تزول معه حجيته التي كانت له ويعود مركز الملتمس إلى ما كان عليه قبل صدور الحكم الملتمس فيه، ويتمكن بذلك من مواجهة النزاع وإعادة طرحه من جديد، مما يكون معه نعي الجهة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بمخالفته للقانون لعدم تصديه للحكم محل الالتماس في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إن ما تنعاه الجهة الطاعنة في الوجهين الأول والثالث أسباب طعنها سديد، ذلك أن الاستناد إلى الحالة الرابعة المنصوص عليها في المادة 328 من قانون المرافعات، وهي حصول الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها، لسلوك طريق الطعن بالتماس إعادة النظر يتعين في الورقة التي حصل عليها الملتمس أن تكون محجوزة بفعل الخصم ومن شانها حسم النزاع لمصلحة الملتمس ويستحيل عليه الوقوف عليها لعدم علمه بوجودها، فلا يكفي مجرد ظهور ورقة قاطعة في الدعوى لم تطرح على المحكمة، بل يجب أن تكون قد حجزت بفعل صادر من المحكوم له سواء كان هو الذي حجزها بنفسه أو بتحريض منه أو باتفاق معه، وترتب على ذلك حجبها عن الملتمس، أما إذا علم بوجود مستند : قاطع في الدعوى تحت يد خصمه فيجوز له أن يطلب إلزامه بتقديمه حتى يكون تحت نظر المحكمة، فإن لم يفعل فلا يحق له من بعد صدور الحكم ضده أن يطعن فيه بالالتماس، إذ لم يكن للخصم بشأن في حجبها عن المحكمة.
لما كان ذلك، وكانت الورقة التي حصل عليها محامي المطعون ضده بعد صدور الحكم النهائي برفض دعواه بجلسة 1995/4/25 ف هي عبارة عن كتاب صادر من رئيس قسم الشئون الأمنية بزليطن بتاريخ 1995/6/18ف ردا على رسالة محامي المطعون ضده المؤرخة في 1995/6/16ف يفيده فيها بأن النقيب سابقا (…) قد تقدم بطلب يطلب فيه إرجاعه إلى سابق عمله بتاريخ 1993/1/28ف، ولم يتم الفصل فيه انتظارا لنتيجة مجلس التحقيق الذي أحيل إلى مدير إدارة الشئون الأمنية خليج سرت، وحتى ورود قرار رقم 93/71 بفصل المعني بتاريخ 1993/1/17 ف.
متى كان ذلك، وكان ما تضمنته هذه الرسالة هي التي استند إليها المطعون ضده في الطعن بطريق الالتماس بإعادة النظر، وأن هذا المضمون لم يكن محجوبا عن الملتمس، ولم يطلب من جهة الإدارة موافاتها بذلك، وامتنعت عن تقديمه، بدليل أنه وبمجرد تقديم محامي المطعون ضده طلباً بشأنه بتاريخ 1995/6/16 ف فقد تم الرد عليه في حينه، أي بعد يومين من تقديمه، وينبني على ذلك أن الحصول على ما يفيد تقديم المطعون ضده لطلب إرجاعه إلى العمل، محرر في 1993/1/28ف، وبعد صدور الحكم النهائي لا تتوافر فيه الحالة الرابعة المنصوص عليها وهو حيلولة الخصم دون تقديمها، وأيا ما كان الأمر بشأن مدة الغياب التي واجه بها مجلس التحقيق المطعون ضده.
والحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد جانب الصواب، وأخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه. وحيث إن سبب النقض يتعلق بمخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وفي دعوى المشروعية، وأن الدعوى صالحة للفصل فيها، وعملا بحكم المادة 358 من قانون المرافعات، فإن المحكمة تقضي فيها وفق المنطوق.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وفي الدعوى الإدارية رقم 22/30 استئناف مصراتة – دائرة القضاء الإداري – برفضها.