Skip to main content

الطعن المدني رقم 811 لسنة 53 ق 

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 811
  • السنة القضائية: 53
  • تاريخ الجلسة: 23 ديسمبر 2013

بالجلسة المنعقدة علنا صباح يوم الاثنين 20 صفر1434ه الموافق 2013.12.23 ميلادية بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس.

الحضور

برئاسة المستشار الأستاذ:- يوسف مولود الحنيش وعضوية المستشارين الأساتذة:- محمد ابراهيم الورفلي.عزام علي الديب صالح عبدالقادر الصغير – فوزي خليفة العابد – عبدالسلام امحمد بحيح – المبروك عبدالله الفاخري – د.سعد سالم العسبلي.د.حميد محمد القماطي – فرج أحمد معروف.علي عمران التواتي – د.نور الدين علي العكرمي.بشير سعد الزياني.وبحضور المحامي العام بنيابة النقض الأستاذ: أحمد الطاهر النعاس.وأمين سر الجلسة السيد: أسامة علي المدهوني.بعد الإطلاع على الأوراق، وتلاوة تقرير التلخيص، وسماع المرافعة الشفهية، ورأي نيابة النقض، وبعد المداولة.

الوقائع 

أقام المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته ولية على ابنه القاصر الدعوى رقم 6 لسنة 2004 أمام محكمة باب بن غشير الجزئية على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفتيهما، وقال بيان لها إنه بتاريخ 1994/10/16 رزق بطفل، وأثناء عملية الوضع، وبفعل الطبيب المشرف على الولادة والطاقم التابع له تم جذب المولود بقوة من يده اليسرى ناحية الكتف، فحصل له شلل على النحو الوارد في تقرير الطبيب، وبالتالي توافرت المسؤولية التقصيرية في حق المدعى عليهما، وخلص إلى طلب إحالة المدعى على الطبيب الشرعي التقدير نسبة العجز أو عدمه وإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مائة ألف دينار تعويضا عن الضررين المادي والأدبي، وقضت المحكمة برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة جنوب طرابلس الابتدائية التي قضت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضدهما بأن يدفعا للمستأنف عن نفسه وبصفته ثلاثين ألف دينار جبرا للأضرار التي لحقت به.وهذا هو الحكم المطعون فيه.

الملخص

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2006/6/10، وتم إعلانه بتاريخ 2006/7/19، وقرر محامي الطاعن بصفته الطعن عليه بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 2006/8/7 مسددة الرسم ومودعة الكفالة ومذكرة بأسباب الطعن وسند وكالته وصورة رسمية من الحكم المطعون فيه، ثم أودع بتاریخ 2006/8/14 أصل ورقة إعلان الطعن معلنة للمطعون ضدهما بصفتيهما بتاريخ 2006/8/9، وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت برأيها.وبالنظر إلى من بين مناعي الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لعدم اعتماده على تقرير المجلس الطبي واستناده إلى تقرير الطبيب الشرعي بالمخالفة لأحكام المادة 27 من القانون رقم 17 لسنة 1986 بشأن المسؤولية الطبية، فقد قررت الدائرة إحالة القضية إلى دوائر المحكمة مجتمعة للعدول عن أي من المبدأين الواردين في الطعن الجنائي رقم 364 لسنة 36 ق وما صدر بعده من مبادئ مماثلة من أن اختصاص المجلس الطبي في تقرير قيام المسؤولية الطبية وفقا للقانون 17 لسنة 1986 قاصر على الدعوى التأديبية، وما ورد بالطعن المدني رقم 191 لسنة 41 ق وما صدر موافقة له من مبادئ من أن المجلس الطبي يختص بتقرير مدى قيام المسؤولية المدنية من عدمه وإقرار ما تراه في ذلك.

وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها رأيها بالعدول عن المبادئ التي قررت اعتبار المجلس الطبي هو المختص بتحديد المسؤولية عن الأخطاء الطبية دون غيره وعلى إطلاقها، وكذلك المبادئ التي تقرر بأن اختصاص المجلس الطبي قاصر على تحديد المسؤولية الطبية وإرساء مبدأ مفاده أن المجلس الطبي يعد خبيرا متخصصا لتحديد الخطأ الطبي، وأن على محكمة الموضوع الإحالة إليه لتحديد وتقدير مدى وجود الخطأ الطبي، ولا ينبغي طرح تقريره والركون إلى وسائل إثبات أخرى إلا في حالات محددة، وخلال الجلسة تمسكت النيابة برأيها

الأسباب 

وحيث إن الأصل العام في التقاضي حرية القاضي في استخلاص الدليل من المصدر الذي يراه وحريته في الأخذ بالدليل أو طرحه وفقا لما يقتنع به، ولا يجوز الخروج عن هذا الأصل العام إلا بنص صريح في القانون يحدد طريقا معينا للإثبات، وينص على أن القاضي ملزم بالاستناد إليه دون غيره.وحيث إن المادة السابعة والعشرين من القانون رقم 17 لسنة 1986 بشأن المسؤولية الطبية تنص على أن ” يختص بتقرير مدى قيام المسؤولية الطبية مجلس طبي يتبع أمانة الصحة، ويتكون من عدد من ذوي التخصصات العالية في المهن الطبية والمهن المرتبطة بها، وتسري في شأن المجلس المذكور الأحكام المتعلقة بالخبراء المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية، وذلك بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون “.وكما هو واضح من هذا النص، فإنه وإن كان قد بين طريقة لتقرير مدى قيام المسؤولية الطبية يتمثل في الاستعانة بالمجلس الطبي، إلا أنه لم ينص على أن الاختصاص بذلك ينعقد حصرية للمجلس الطبي دون غيره، كما لم يرتب النص المذكور أي جزاء على اعتماد المحكمة في إثبات المسؤولية الطبية أو نفيها على دليل آخر يخالف ما ينتهي إليه تقرير المجلس الطبي، ثم جاءت الإحالة في عجز المادة إلى الأحكام المتعلقة بالخبراء المنصوص عليها في قانوني المرافعات والإجراءات الجنائية، وهذه الأحكام حاسمة في عدم النص على إلزام القاضي بأن يستعين بخبير معين أو أن يؤسس قضاءه على ما ينتهي إليه تقرير ذلك الخبير.ومما يدعم هذا الرأي أنه كثيرا ما ترد في الواقع العملي حالات يتعذر فيها الاستناد في تقرير مدى قيام المسؤولية الطبية إلى تقرير المجلس الطبي، كما لو فشل المجلس في إحالة تقريره إلى المحكمة في الموعد المحدد وفقا للمادة 4 من قرار إنشائه رقم 182 لسنة 1989 أو لم يتمكن من الحصول على المعلومات المطلوبة أو من الإطلاع وفحص الوثائق والمستندات ذات العلاقة بالقضية، أو إذا كان هناك حكم جنائي يثبت أو ينفي نسبة الخطأ إلى الطبيب، فضلا عن أن قانون المسؤولية الطبية ينص على عدد من الأخطاء الطبية التي لا يحتاج إثباتها أو نفيها إلى أي تقرير فني من أية جهة كامتناع الطبيب عن علاج المريض أو الانقطاع عن علاجه، أو إجراء عملية جراحية دون أن تكون هناك موافقة كتابية من المريض، أو وصف العلاج قبل إجراء الكشف على المريض وتشخيص مرضه، أو تحرير تقرير طبي مخالف للحقيقة، أو إدلاء الطبيب بمعلومات أو شهادة كاذبة مع علمه بذلك.وترتيبا على ما تقدم، فإنه بقدر ما للمحكمة من حق في إحالة الحالة المعروضة عليها إلى المجلس الطبي والأخذ بتقريره في تحديد مدى قيام المسؤولية الطبية، فإنه لا إلزام عليها بالإحالة إلى المجلس ولا بالأخذ بتقريره، ولها أن تستند في تحديد مدى قيام المسؤولية الطبية إلى أي دليل يؤدي إلى ذلك.

الحكم

فلهذه الأسباب قررت المحكمة – بدوائرها مجتمعة – العدول عن المبادئ التي تقضي بإلزام المحكمة بعرض قضايا المسؤولية الطبية على المجلس الطبي والالتزام بما يرد في تقريره بشأن مدى قيام المسؤولية الطبية، وإرساء مبدأ مفاده حق المحكمة في اختيار طريق الإثبات الذي تراه مؤدية إلى ذلك.