أدوات الوصول

Skip to main content

فتوى إدارة القانون بشأن الأثر القانوني لتعديل المواد في قانون الأحوال المدنية

نشر في
  • الجهة: مكتب المحاماة العامة بني وليد
  • التاريخ: 5 أبريل 2017
  • الإشاري: 83/11/1

تناقش هذه الفتوى الأثر القانوني للقانون رقم 15 لسنة 2013م على المواد المعدلة بالقانون رقم 7 لسنة 1428م من قانون الأحوال المدنية، وتحديد المحكمة المختصة بتصحيح القيودات. توضح الفتوى أن المواد المعدلة تعد ملغاة ومنسوخة بموجب القانون الجديد.

السيد/ رئيس مكتب المحاماة العامة بني وليد

تحية طيبة…

بالإشارة إلى كتابكم رقم م.م.ع.ب 2016.97 المؤرخ في 2016/12/5م الذي تستطيعون فيه رأي الإدارة حول الأثر القانوني الذي يرتبه القانون رقم 15 لسنة 2013م على المواد المعدلة بالقانون رقم 7 لسنة 1428م من القانون رقم 36 لسنة 1968م بشأن الأحوال المدنية.وما استتبع ذلك من غموض في تحديد المحكمة المختصة بتصحيح القيودات التي تجريها مصلحة الأحوال المدنية طبقاً لقانون إنشائها، وهل ينعقد الاختصاص في ذلك للمحاكم الجزئية أم للمحاكم الابتدائية.

وفي شأن ذلك نفيدكم:-

إن المشرع أفرد تنظيماً للأحوال المدنية تحت رقم 36 لسنة 1968م بين فيه اختصاصات مكتب السجل المدني والقيادات الخاصة بالمواليد والوفيات وحالات الزواج والطلاق والضوابط المقررة لها وآلية تصحيحها وكذا تحديد المحكمة المختصة بالتصحيح والتغيير إضافة إلى تجريم بعض الأنماط السلوكية والمخالفات و إقرار عقوبات لها.

ثم أصدر القانون رقم 59 لسنة 1973م فاسْتَبْدل بموجبه نص الفقرة الأولى من المادة السادسة والأربعين من القانون المذكور بالنص الآتي لا يجوز إجراء أي تصحيح أو تغيير في قيود واقعات الأحوال المدنية المتعلقة بالاسم أو تاريخ الميلاد ومكانه، أو تاريخ الوفاة أو إثبات الزواج أو الطلاق إلا بحكم يصدر من المحكمة الجزئية المدنية التي يقع في دائرة اختصاصها المكتب المسجلة فيه تلك الواقعات ولا يتم التصحيح أو التغيير إلا بعد صيرورة الحكم نهائياً.

أعاد المشرع صباغة المادتين الحادية عشرة والسادسة والأربعين من قانون الأحوال المدنية بمقتضى التعديل التشريعي رقم 7 لسنة 1988م فريق من نطاق التصحيح أو التعبير الي الان قيد واقعات الأحوال المدنية بإضافة قيود جديدة على معتبراً سجلاتها والصور المستخرجة منها حجة بصحة ما تحتويه من بيانات، فنصت المادة السادسة والأربعون منه على الآتي 

لا يجوز إجراء أي تصحيح أو تغيير في فيود واقعات الأحوال المدنية المتعلقة بتاريخ الميلاد التي تمت بعد عام 1960م ما لم يثبت بحكم نهائي تزويرها.

ويجوز إجراء أي تصحيح أو تغيير في قيود واقعات الأحوال المدنية المتعلقة بالاسم أو بمكان الميلاد، أو تاريخ الوفاة أو إثبات الزواج أو الطلاق وذلك بناء على حكم يصدر من المحكمة الجزئية التي يقع في دائرة اختصاصيا المكتب المسجلة فيه تلك الواقعات وبشرط أن يكون هذه الواقعات قد تم قبل يوم 1968/9/10م ولا يتم التصحيح أو التغيير إلا بعد صيرورة الحكم نهائياً.

كما أن التعديل طرأ على قانون الأحوال المدنية مجدداً فنسخت بالقانون رقم 7 لسنة 1428م مواده الثانية والعاشرة والواحدة والعشرين والسادسة والأربعون واستبدلت بها نصوص جديدة وجاءت صياغة المادة السادسة والأربعين على النحو الآتي: 

لا يجوز إجراء أي تصحيح أو تغيير في قيود واقعات الأحوال المدنية المتعلقة بتاريخ الميلاد أو مكانه ما لم يثبت يحكم نهانی تزویرها.

ويجوز إجراء أي تصحيح أو تغيير في قيود واقعات الأحوال المدنية المتعلقة بالاسم الأول أو اللقب أو تاريخ الوفاة وإثبات الزواج أو الطلاق بحكم من المحكمة الجزئية المختصة التي يقع في دائرة اختصاصها المكتب المسجلة فيه تلك الواقعات وذلك خلال العشر سنوات الأولى من تاريخ القيد ولا يتم التصحيح أو التغيير إلا بعد صيرورة الحكم نهائيا……

ثم تدخل المشرع مرة أخرى فأصدر القانون رقم 15 لسنة 2013م وألغى بصريح مادته الأولى التعديل الصادر بالقانون رقم 7 لسنة 1428 م

كما جرى قضاء المحكمة العليا على..أن نص المادة 46 من قانون الأحوال المدنية المعدلة بالقانون 7 لسنة 1988 أعطى الاختصاص للمحكمة الجزئية بإجراء التغيير أو التصحيح بالنسبة لـ واقعات الأحوال المدنية المتعلقة بالاسم والأب واللقب وهو اختصاص استثنائي يجوز التوسع فيه.وأنه لما كان مقتضى المادة 30 من القانون المدني أن للشخص أسماً ولقبا هما وحدة واحدة لا تتجزأ ولا يمكن فصل الاسم عن اللقب فإن مقتضى ذلك اختصاص المحكمة الجزئية في إجراء التغيير في الواقعة المتعلقة بالاسم يمتد إلى اللقب ولا يتجاوز ذلك اسم الأب والجد طعن رقم رقم 2447 لسنه 2015/12/20.

ولما كان التعديل صفة متأصلة في العملية التشريعية تميزها عن سواها من الوثائق القانونية ويقصد به إلغاء الأحكام أو استبدالها أو إضافة أخرى المحتوى التشريع الأصلي، وقد يكون التعديل صريحاً أو ضمنياً عند التعارض والسنة في ذلك ما قررته المحكمة العليا بجلستها المنعقدة بتاريخ 7/ 11/ 1974م بقولها من الأصول العامة في التفسير أن إلغاء النص التشريعي لا يكون إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص في التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق وأن قرر قواعده ذلك التشريع وقد نصت على هذا الأصل العام في الإلغاء المادة الثانية من القانون المدني وقد قصد المشرع تقرير صورتين للنسخ التشريعي وهما النسخ الصريح والنسخ الضمني وأن للنسخ الضمني بدوره صورتين إما أن يشتمل على نص يتعارض تعارضاً تاماً مع نص التشريع القديم نصر النسخ على الحدود التي يتحقق فيا التعارض، وإما أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظيماً كاملاً وضعاً من الأوضاع أفرد له تشريع سابق وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً إذا تعلق التعارض بين التشريع اللاحق بالمبدأ الذي أسس عليه التشريع السابق وفي غير هذه الحالة لا يتناول النسخ إلا النصوص التي تتعارض مع نصوص التشريع الجديد طعن شرعي رقم 2 لسنة 21ق.كما وضحت في الطعن ذاته مطلقاً المقصود بالنسخ يقولها وإن النسخ كما عرفه الأصوليون هو إبطال العمل بدليل متراح عنه يدل على إبطاله صراحة أو ضمناً إبطالاً كلياً أو جزئياً لمصلحة اقتضته. 

ولعل من المفيد الإشارة إلى بعض القواعد الفقهية والقانونية التي اعتمد عليها بعض الباحثين والمتخصصين في تحديد الأثر القانوني للإلغاء على نصوص المواد الأصلية والتي كانت سبباً في اختلاف رؤاهم واجتهاداتهم كقاعدة أن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يخالفه وقاعدة إعمال النص خبر من إهماله وقاعدة الساقط والمعدوم لا يعود.وفهم مدلولات تلكم القواعد بتتبع تطبيقاتها القضائية تبين أن القاعدة الأولى ومثيلاتها ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يقم الدليل على خلافه لها بعض التطبيقات بالقضاء المقارن كالقضاء المصري طعن شرعي 21 لسنة 339 والقضاء الإماراتي طعن 117 جزائي لسنة 2010م وهي قاعدة تدل على بقاء الأصل استصحاباً للحال ما لم يقم الدليل على نفيه أو إلغائه، وعليه فصدور تشيري الطير بالإلغاء كفيل بإبعاد هذه القاعدة عن مجال البحث والدراسة.

أما القاعدة الثانية في مجال تطبيقها العلاقة بين الخاص والعام ذلك أن النصوص التشريعية المختلفة تشكل منظومة تشريعية تفرز نسيجاً قانونياً واحداً تتكامل نصوصه يكمل بعضها بعضاً ولا تتصادم أو تتعارض ولا يؤخذ النص القانوني العام بعموم ألفاظه دون الأخذ في الاعتبار النص الخاص ولو كان الأخير أقدم في الصدور تطبيقاً قاعدة إعمال النصوص خير همالها وهو ما تبنته المحكمة الإدارية العليا بمصر في الطعن رقم 23182 لسنة 51 ق وبالتالي تخرج هي الأخرى عن دائرة الترجيح.

أما ثالثة القواعد فكانت الأكثر مراعاة وتطبيقاً في المجال القضائي الليبي وكذا المقارن، حيث اعتمدت عليا بعض الأنظمة القضائية العربية ومن أمثلة ذلك محكمة النقض المصرية طعن دستوري 22 لسنة 18 ق وطعن حناني 19319 لسنة 66ق ومحكمة التمييز الكويتية طعن مدني 286 لسنة 2000 ومحكمة التمييز البحرينية طعن و 34 لسنة 2005 ومحكمة التمييز الأردنية 367 لسنة 1966م والمحكمة الاتحادية الإماراتية طعن 539 لسنة 24 ولم تكن محكمتنا العليا بمنأى عن ذلك حيث أسست عليها بعض أحكامها الشرعية والمدنية والجنائية طعن شرعي 13 لسنة 20 ق طعن مدني 123 لسنة ق 39- طعن جنائي 7 لسنة 1 ق.ويلاحظ على تطبيقات القاعدة الأخيرة أن قاسماً مشتركاً يجمع بينها وهو مجالها الحقوقي إلا أن ذلك لا يمنع إعمالها في المجال التشريعي الإمكانية القياس عليها للاتحاد بينهما في العلة ومن ثم يتعين ترجيحية لأنها القاعدة الأقرب للمنطق القانوني السليم وقد تبناها نفر من فقهاء القانون بليبيا، ومما يؤكد هذا الترجيح ما قضت به محكمة النقض المصرية في الطعن المدني رقم 17 لسنة 43 ق يقولها ولما كان ما تقدم، وكان الغاء القانون رقم 43 لسنة 1965 م وتعديلاته بموجب قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972م ليس من شأنه أن يبعث من جديد الفقرة الأولى المادة 1881 من قانون المرافعات الملغاة طالما لم ينص المشرع صراحة على العودة اليها.

ولما كانت المحكمة العليا لم تشر في أسباب حكمها في الطعن المدني رقم 2447 لسنة 57 ق السابق ذكره إلى الإلغاء التشريعي المقرر بالقانون رقم 15 لسنة 2013م وأن إشارتها إلى النصوص القديمة في معرض التدليل على مسألة تتعلق بالاختصاص لا يدل ولا يقيم منه 

صراحة ولا ضمناً تفعيل وإعادة قوتها الإلزامية والقول بخلاف ذلك يجافي المبادئ القانونية وقواعد التفسير ويتعارض مع صراحة النص، ولذا تهيب الإدارة بالمحكمة العليا تفسير حكمها حسماً للمسألة وقفلاً لباب الاجتهاد فيها لما لمبادئها من قوة الإلزام على المحاكم والجهات الأدني.

وتأسيساً على التأصيل المتقدم فإن المواد موضوع الاستفتاء تعد ملغاة ومنسوخة جملة وتفصيلاً وفي حكم العدم.وهو ما انتهت إليه الإدارة في فتوى سابقة لها تحت رقم 214/11/1 مؤرخة في 2014/6/15م.

وترتيباً على هذه النتيجة فلا مناص من العودة إلى القواعد العامة التي تحكم المواضيع والمسائل المقننة بالمواد الملغاة وكذا تلك المنظمة الاختصاص المحاكم

لكل ذلك فإن إدارة القانون تنتهي إلى:

  1. المواد 2.10.21.46 من القانون رقم 36 لسنة 1968م المعدلة بالقانون رقم 7 لسنة 1428 ملغاة بمقتضى أحكام القانون رقم 15 لسنة 2013م وتعد في حكم العدم.
  2. القواعد العامة المقررة في القانون المدني ومصادرة الاحتياطية وكذا الأحكام العامة المنظمة مسائل الاختصاص في قانون المرافعات هي واجبة التطبيق على المسائل التي كانت محلاً للتنظيم بالمواد المشار إليها بالبند السابق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  • المستشار
  • محمود محمد الكيش
  • رئيس إدارة القانون