أدوات الوصول

Skip to main content

فتوى إدارة القانون بشأن  استفتائكم عن مدى شمول أعضاء الهيئات القضائية بأحكام القانون الصادر عن مجلس النواب تحت رقم 1 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي

نشر في

فتوى إدارة القانون بشأن  استفتائكم عن مدى شمول أعضاء الهيئات القضائية بأحكام القانون الصادر عن مجلس النواب تحت رقم 1 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي

السيد/ رئيس المجلس الأعلى للقضاء

بعد التحية…

رداً على كتابي أمانة سر المجلس الأعلى للقضاء رقم 2-680/2 المؤرخ 2018-04-29 و رقم 2-729/2 الوارد إلينا بتاريخ 29-09-05-2018 بشأن استفتائكم عن مدى شمول أعضاء الهيئات القضائية بأحكام القانون الصادر عن مجلس النواب تحت رقم 1 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي.

وفي ذلك نفيدكم:-

بداية يحسن إيراد تمهيد للعلاقة بين النصوص عند تعاقبها وتعارضها ومدى التوفيق بينها وما يُغلب منها عند التعارض.

إن إلغاء القانون أو نسخه هو رفع للقوة الملزمة عنه مستقبلاً، سواء اصطحب ذلك إحلال غيره به أم لم يصطحب، وقد يتوسع في معنى الإلغاء فيشمل فضلاً عما تقدم اعتبار قانون معين كأن لم يكن؛ فلا يقتصر رفع قوته الملزمة على المستقبل بل يمتد أيضاً إلى الماضي، ويتخصص الإلغاء في الحالة الأخيرة بتسمية الإبطال على أن ما يقصد عادة بالإلغاء هو المعنى الأول.

ولا يلغى القانون إلا بقانون من درجته على الأقل، ويتضح معنى هذه القاعدة مع تذكر تدرج القواعد القانونية من حيث القوة؛ فالقاعدة الدستورية لا تلغى إلا بقاعدة دستورية مثلها، ولكنها تستطيع إلغاء قاعدة تشريعية سواء كانت تشريعاً عادياً أو فرعياً، والقاعدة التشريعية لا يمكن أن تلغي قاعدة دستورية، ولكنها تلغي قاعدة تشريعية من درجتها أو أقل منها، ولا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع؛ فالقاعدة القانونية لا تلغى إلا بقاعدة قانونية من نفس درجتها على الأقل.

  • أولاً: الإلغاء الصريح قد يتخذ إحدى صورتين؛ الأولى نصت عليها المادة الثانية من القانون المدني، والثانية انعقد عليها إجماع الفقه بالرغم من عدم تضمن هذه المادة لها :-

الصورة الأولى: وتتأتى حين يصدر تشريع ينص على إلغاء قاعدة أو قواعد معينة من القواعد القائمة وقت صدوره، وقد يعين القانون الجديد ما يلغيه من قواعد على سبيل التخصيص، وقد ينص على إلغاء كل قاعدة مخالفة لحكمه وقد يجمع بين الطريقتين.

الصورة الثانية:- للإلغاء الصريح صورة أخرى هي صورة القوانين المؤقتة وهي تشريعات متضمنة أجلاً يعمل بها خلاله أو تعين واقعة متى تحققت انتهى العمل بها، ويغلب أن تصدر تصدر هذه التشريعات في فترات الأزمات كحالة حرب أو أزمة اقتصادية معينة؛ فمتى انتهى الأجل ألغت وكان إلغاؤها صريحاً.

ولما كان الأصل في القوانين أن تكون دائمة؛ فإن الصورة الأولى للإلغاء الصريح هي الصورة الغالبة، أما الصورة الثانية فهي نادرة بقدر ندرة القوانين المؤقتة ذاتها.

  • ثانيا: الإلغاء الضمني نصت المادة الثانية من القانون المدني على صورتين له، إذ جاء فيها ” أو تشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع”.

ويراعى أنه في كلتا الصورتين لا يصرح القانون الجديد بالإلغاء، ولكن أمره يفهم ضمناً من التعارض أو من إعادة تنظيم موضوع القانون القديم.

  • أولاً: الصورة الأولى: التعارض

إذا تعارضت قاعدتان إحداهما في قانون سابق والأخرى في قانون لاحق بشكل لا يمكن الجمع بين تطبيق حكميهما؛ فإن هذا المسلك يفيد أن المشرع قد غير رأيه الذي تضمنته القاعدة السابقة، أي ألغاه، ووجب الاقتصار على تطبيق القاعدة اللاحقة تأسيساً على المبدأ القائل إن القانون اللاحق يلغي القانون السابق، وينبني على ذلك التأكد من استحالة التوفيق بين النص القديم والنص الحديث؛ فإذا أمكن التوفيق فلن يكون هناك إلغاء؛ بل حتى إذا استحال التوفيق فلن يؤدي ذلك في جميع الأحوال إلى اعتبار القانون القديم ملغي برمته؛ بل قد يقتصر الإلغاء على بعض أحكامه دون الأخرى، وقد اتفق الرأي على أن تحل الفروض المتقدمة وفق الضوابط الآتية:-

  1. إذا كان القانون القديم يتضمن حكماً عاماً وأي قانون جديد يتضمن حكماً عاماً يناقض الحكم الأول؛ فإن القانون القديم يعتبر ملغي برمته إذ لا يمكن الجمع في التطبيق بين حكمين عامين متعارضين.
  2. إذا كان القانون القديم يتضمن حكماً خاصاً فأتى القانون الجديد متضمناً حكماً خاصاً يناقض الحكم الأول؛ فإن القانون القديم يعتبر ملغي إذ لا يمكن الجمع في التطبيق بين حكمين خاصين متعارضين.
  3. إذا تضمن القانون القديم حكماً عاماً وأتى القانون الجديد يتضمن حكماً خاصاً يتعارض مع ما يتضمنه القانون السابق؛ فإن هذا الأخير يلغى بالنسبة لهذا الحكم الخاص فقط أما بالنسبة لبقية أحكامه فتبقى سارية المفعول، إذ يعتبر القانون الجديد قد أتى باستثناء على ما يتضمنه القانون السابق من حكم عام . ويعبر عن ذلك أن الحكم “الخاص” يلغي الحكم “العام” بقدر ما يقوم بينهما من تعارض.
  4. إذا كان القانون القديم يتضمن حكماً خاصاً وأتى القانون الجديد يتضمن حكماً عاماً؛ فإن ما يتضمنه القانون القديم لا يعتبر ملغي حتى ولو تأكد التعارض بين القانونين، وذلك على أساس القاعدة القائلة بأن الحكم العام لا يلغي الحكم الخاص ولو كان لاحقاً عليه بل يبقى الحكم القديم قائماً في صورة استثناء يرد على الحكم الحديث اللاحق.
  • ثانيا: الصورة الثانية: إعادة تنظيم موضوع القانون السابق، وتتحقق إذا صدر تشريع ينظم موضوعاً معيناً جملة وتفصيلاً، ويكون هناك قانون سبق أن تناول تنظيم هذا الموضوع بذاته.

فهنا يعتبر التشريع الأول ملغي برمته، سواء تعارض مع القانون اللاحق أم لم يتعارض وسواء اقتصر التعارض على بعض الأجزاء أو شملها كلها، وسواء تعارض حكم خاص مع حكم عام أم خاص مع خاص أم عام مع خاص.

ومن ثم؛ فمعيار قيام هذه الصورة الثانية أن يغير المشرع المبدأ ذاته؛ فإذا لم يغيره بل غير بعض أحكام تفصيلية له؛ فإن الإلغاء في هذه الحالة تحكمه حلول الصورة الأولى وليس حلول الصورة الثانية؛ فالفرق إذن بين الصورة الأولى والصورة الثانية أنه في الأولى لا يعيد المشرع تنظيم موضوع كامل، أما في الصورة الثانية فإنه يقوم بهذا التنظيم، ولهذا تختلف الحلول التي تعطى في كل من الصورتين.

  • ثالثا: الصورة الثالثة وتتأتى إذا كان هناك نظام قانوني معين ينظمه تشريع أو تشريعات قائمة ثم يلغى هذا النظام؛ فإن كل القواعد المنظمة له تعتبر ملغاة.

نصت المادة الأولى من القانون رقم 1 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي على أن يستبدل بنص الفقرة ج من المادة 13 لسنة 1980 بشأن الضمان الاجتماعي النص التالي: ج على أنه يجوز لمن بلغ سن انتهاء الخدمة أو العمل أن يستمر في الخدمة أو العمل حتى بلوغ سن السبعين عاماً ميلادية كاملة، كما يجوز إعادة تعيين من سبق إحالته للمعاش، ويشترط لكل ما تقدم طلب صاحب الشأن وموافقة جهة العمل واللياقة الصحية مع الالتزام بالشروط الأخرى المقررة قانوناً للبقاء في الخدمة أو العمل أو التعيين فيها.”. فهذه المادة قررت حكماً بالنسبة لمن انتهت خدمته أو عمله ببلوغه سن انتهاء الخدمة أو العمل، حيث أجازت استمراره في الخدمة أو العمل حتى يبلغ سن السبعين.

وقررت هذه الفقرة حكماً آخر جوز إعادة تعيين المتقاعدين الذين لم يبلغوا سن السبعين. ووضعت هذه الفقرة شرطاً للاستمرار في الخدمة أو العمل أو إرجاع المتقاعدين للخدمة أو العمل، مفاده طلب صاحب الشأن ذلك إذا كان لائقاً صحياً، مع موافقة جهة العمل على الطلب.

وفيما يخص التساؤل عن مدى شمول هذه الفقرة أعضاء الهيئات القضائية؛ فإن الإجابة تكمن في الفقرة هـ من المادة 13 من قانون الضمان الاجتماعي والفقرة 2 من المادة 104 من قانون نظام القضاء الآتي نصيهما:

المادة 13ف هـ من قانون الضمان الاجتماعي: “و تعدل بما يتفق وأحكام هذه المادة الأحكام المتعلقة بسن انتهاء الخدمة أو العمل المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية رقم 55 لسنة 1976 ، وغيره من التشريعات المنظمة للخدمة أو العمل وفي أنظمة الشركاء والعمال على ألا يخل ذلك بالسن المحددة لانتهاء الخدمة في قوانين نظام القضاء والشرطة وحرس الجمارك، ويسري حكم المذكور اعتباراً من التاريخ المحدد بالفقرة ب من المادة 50 من هذا القانون” المادة 104ف2 من قانون نظام القضاء ويسري على أعضاء الهيئات القضائية فيما لم يرد به نص في هذا القانون أحكام قوانين و لوائح التقاعد العامة. 

فهذان النصان قد حَسَمًا مادة الخلاف حول مدى انطباق الفقرة ج من المادة 13 المشار إليها.

فقانون الضمان الاجتماعي قد قضى بأن ما ورد في الفقرات التي سبقت الفقرة هـ من المادة 13 لا يخل بالسن المحددة لانتهاء الخدمة في قوانين نظام القضاء والشرطة وحرس الجمارك.

وهذا النظر هو ما أفادت به المذكرة الإيضاحية لقانون الضمان الاجتماعي، حيث ورد بخصوص هذه المادة في الباب الثاني من المذكرة ما يلي : ” وبذلك فإن المادة 13 من قانون الضمان الجديد قد عدّلت حكم المادة 106 من قانون الخدمة المدنية رقم 55 لسنة 1976. وعدلت كذلك حكم المادة 22 من قانون السلك السياسي والقنصلي رقم 39 لسنة 1977. كما عدلت أحكام التشريعات الأخرى والأنظمة المتعلقة بتحديد سن انتهاء العمل أو جميع الخدمة فيما عدا أنظمة القضاء والشرطة وحرس الجمارك”.

أما من منظور المادة 104 من قانون نظام القضاء؛ فقد قيدت هذه المادة- صراحة تطبيق أحكام قوانين و لوائح التقاعد العامة بخلو قانون نظام القضاء من نص يحكم المسألة، وقانون نظام القضاء قد حدد في المادة 99 المعدلة بالقانون رقم 42 لسنة 2012 سن انتهاء الخدمة وآلية تمديدها .

فمن هذه المادة نستخلص الأحكام الآتية:

  1. أن سن انتهاء خدمة أعضاء الهيئات القضائية تكون بمضي 65 سنة.
  2. جواز التقاعد الاختياري لمن بلغ سن 55 سنة أو بلغت مدة خدمته 20 سنة .
  3. شهادة الميلاد المقدمة عند التعيين هي الأساس المعتمد في حساب ما مضى من عمر العضو.
  4. انحصار جواز تمديد الخدمة في القضاة العاملين دون غيرهم من أعضاء الهيئات القضائية، ولمدة حدها الأقصى سنتان.
  5. يشترط لتمديد خدمة القضاة العاملين ما يلي:
  • أ – طلب القاضي تمديد خدمته.
  • ب – بموافقة الجمعية العمومية للمحكمة التي يتبعها القاضي عن طريق اقتراع سري .
  • ج- أن يصدر بالتمديد قرار من المجلس الأعلى للقضاء.

وقد ورد في الفقرة 10 بند ج من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 51 لسنة 1976 بشأن نظام القضاء الأصل التاريخي للمادة 99 من قانون نظام القضاء النافذ الطبيعة الخاصة للعمل القضائي وأثره على الصحة، ومدى الجهد المتطلب لأدائه؛ فأوجب انتهاء الخدمة في سن الستين سنة – 65 سنة في القانون النافذ ولم يُجز مد هذه المدة إلا بمقدار ما يكمل السنة القضائية التي حل خلالها تاريخ بلوغ سن التقاعد”. فالاختلاف الوحيد بين النص المنسوخ والنص النافذ أن الأخير أجاز التمديد بموجب القانون رقم 42 لسنة 2012

ولكل ما تقدم فإن إدارة القانون تنتهي إلى:

إن التعديل الوارد على نص الفقرة ج من المادة 13 من قانون الضمان الاجتماعي رقم 13 لسنة 1980 بموجب أحكام القانون رقم 2018/1 لا يسري على أعضاء الهيئات القضائية وعلى النحو الوارد بصلب المذكرة.

والسلام عليكم

  • المستشار
  • عبد الحكيم البهلول عريبي
  • رئيس إدارة القانون