أدوات الوصول

Skip to main content

طعن جنائي رقم 1100-45 ق

نشر في
  • التصنيف:
  • ذات الصلة:
  • رقم الطعن: 1100
  • السنة القضائية: 45
  • تاريخ الجلسة: 28 فبراير 2002

طعن جنائي رقم 1100-45 ق

    خلاصة المبدأ 

     عدم الاستيلاء على المال العام بدون وجه حق في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في قانون الجرائم الاقتصادية – أثره.

    الحكم

    الوقائع 

    اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما لأنهما خلال شهر 12 سنة 1423 م وما بعده بدائرة مركز شرطة الخمس:

    1. المتهم الأول بوصفه موظفا عاما موظف بجامعة الفاتح استولى بدون وجه حق على مال عام بنية تملكه، بأن استحوذ على عشرين آلة خياطة من مصلحة الوسائل التعليمية لمركز الفواتير لتدريب المرأة بمسلاتة، إذ قام بنقلها من مقر الجمعية الزراعية بالفواتير إلى منزل والدته، واستبقاها لديه، على النحو المبين بالأوراق.
    2. المتهم الثاني بوصفه موظفا عاما كلف المتهم الأول باستلام آلات الخياطة سالفة الذكر، حالة كون هذا الأخير لا علاقة له بتعليم مسلاتة، كما سمح بوضعها خارج مخازن التعليم بالجمعية الزراعية، ولم يقم بمتابعتها، مما أدى إلى استيلاء المتهم الأول عليها، على النحو المبين بالأوراق.

    وطلبت من غرفة الاتهام بمحكمة الخمس الابتدائية إحالة المذكورين إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للمواد 15، 28/1، 35 من القانون رقم 2 لسنة 1979 ف بشأن الجرائم الاقتصادية، والغرفة قررت ذلك، ومحكمة جنايات مصراتة قضت في 1998.4.20 حضوريا ببراءة المتهمين مما أسند إليهما.

    وهذا هو الحكم المطعون فيه

    الإجراءات

    صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 1998.4.20 ف، وفي يوم 1998.5.19 طعن فيه بطريق النقض أحد أعضاء النيابة العامة بموجب تقرير أودعه لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم، وبذات التاريخ، ولدى نفس القلم أودع مذكرة بأسباب الطعن، وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت فيها قبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه، وحددت جلسة 2001.12.31 لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقريره، وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق، ونظر الطعن على النحو المبين بمحضر الجلسة، ثم حجز للحكم بجلسة اليوم.

    الأسباب

    وحيث ان طعن النيابة العامة قد استوفى أوضاعه المقررة قانونا ومن ثم فهو مقبول شكلا.

    وحيث تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب بمقولة أن المحكمة وإن دللت على عدم توافر نية التملك لدى المتهم الأول فقد كان عليها أن تحكم على المتهم طبقا للفقرة الثانية من المادة 28 من القانون رقم 2 لسنة 79، لا أن تحكم بالبراءة، لأن نص الفقرة الثانية من المادة المذكورة ينطبق إذا وقع الفعل غير مصحوب بنية التملك، أما قول المتهم الأول أنه بعد أن حصلت المشاكل قام بنقل الآلات إلى منزل والدته خوفا عليها، فهو قول مرسل يعوزه الدليل، ولم يقدم المتهم الدليل على ذلك، وحتى على فرض صحة قوله، فإن المتهم كان عليه أن يقوم بإبلاغ أمانة التعليم بمسلاتة بما حصل، إلا أنه لم يفعل ولو لم تقدم الشكوى ضده لربما بقيت الآلات لديه حتى هذا التاريخ، أي أن الآلات بقيت بحوزة المتهم الأول من يوم 1994.12.24 حتى تاريخ استلامها من قبل رجال الشرطة 1996.9.14. وان المحكمة المطعون في حكمها حينما نفت القصد الجنائي الخاص لدى المتهم الأول مستندة في ذلك إلى أنه نقل الآلات إلى منزل والدته خوفا عليها تناست ان الباعث على الجريمة، ولو كان شريفا او مجهولا لا أثر له في وجودها.

    أما فيما يتعلق بالمطعون ضده الثاني، فإن الحكم المذكور أسس البراءة على أن المتهم انتدب على سبيل التفرغ للإحصاء والتعداد قبل نشوب الخلاف، وقبل أن تنقل الآلات من مقرها المقترح، في حين أن الأوراق جاءت خالية من بيان تاريخ نقل الآلات إلى منزل والدة المتهم الأول – أن نقلت فعلا – وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه على قول مرسل لا يوجد له أصل في الأوراق، وقد كان الثابت بالأوراق أن الآلات قد استلمها المتهم الأول بتاريخ 1994.12.24 والمتهم الثاني قد انتدب للعمل على سبيل التفرغ للإحصاء والتعداد بتاريخ 1995.6.24، وبذلك فإن الفترة التي بقى فيها المتهم أمنيا للتعليم بمسلاتة، وهي فترة ستة أشهر لم يتخذ الإجراء المناسب لحفظ وصيانة المال العام من الضياع، والحكم المطعون فيه قد تجاهل كل ذلك مما يعيبه ويوجب نقضه.

    وحيث بين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في قوله : ( إن وقائع الدعوى تخلص في شكوى تقدم بها (…) إلى النيابة العامة ضد المتهمين المذكورين في قرار الإحالة، ادعيا فيها أن المتهم الأول قد سحب عشرين آلة خياطة من مصلحة الوسائل التعليمية بطرابلس باسم مركز تدريب المرأة بالمنطقة، وكان ذلك بتاريخ 1423.12.28 م بتكليف من المتهم الثاني، وبموجب رسالة مؤرخة في 1423.12.17 م، ولا يوجد مركز لتدريب المرأة، ولم تصل هذه الآلات إلى التعليم وأن المشكو ضده الأول أخفاها أو باعها، وإن أهل المنطقة لم يطلبوا مركز تدريب للمرأة).

    ثم دلل الحكم على براءة المطعون ضدهما مما نسب إليهما بقوله 🙁 أنه يتضح جليا مما سبق سرده في وقائع هذه الدعوى أن المتهم الأول قد كلفه مكتب تعليم مسلاتة بسحب آلات الخياطة من مصلحة الوسائل التعليمية، وقد ثم ذلك بقصد إنشاء مركز لتدريب المرأة بالمنطقة وقد تم وضع تلك الآلات بمقر الجمعية الزراعية بموافقة مجلس إدارتها على أخذ جزء من مبناها لفتح ذلك المركز وبعلم الشاكيين (…) (…) لولا الخلافات الحادة بين أعضاء تلك الجمعية والتي أدت إلى انقسامها إلى جمعيتين وهو ما دعى المتهم الأول لحفظ تلك الآلات بمكان أمين، وهو منزل والدته، إلى أن سلمها لمأمور الضبط القضائي في 25.9.28 بالحالة التي تسلمها بها وبذلك ينتفي في حقه الركن المعنوي لقيام جريمة الاستيلاء على المال العام، وهذا القصد الجنائي الخاص، فالمتهم الأول لم يقصد بفعله تملك تلك الآلات ولا الانتفاع بها شخصيا، وإنما كان رائده خدمة المصلحة العامة، ومن ثم يتعين براءته مما أسند إليه لعدم توافر أركان الجريمة المسندة إليه، وحيث أن المتهم الثاني لم يقصر في حفظ وصيانة المال العام ( آلات الخياطة ) لأن الثابت من أوراق الدعوى أنه انتدب للإحصاء والتعداد على سبيل التفرغ من تعليم مسلاتة قبل نشوء الخلاف الذي كان سببا في نقل تلك الآلات من مقرها المقترح للانتفاع بها إلى تخزينها بعيدا خوفا عليها من العبث والضياع ).

    لما كان ذلك، وكانت المادة 28 من القانون رقم 2 لسنة 1979 في شأن الجرائم الاقتصادية تنص على انه : ( يعاقب بالسجن كل موظف عام استولى بدون وجه حق على مال عام …… فإذا وقع الفعل غير مصحوب بنية التملك تكون العقوبة الحبس، وغرامة لا تجاوز ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين )، وكان مقتضى المادة المذكورة ان الركن المادي اللازم توافره لقيام الجريمة المبينة بالمادة المشار إليها هذا الاستيلاء على المال العام بدون وجه حق يستوي في ذلك جريمة الفقرة الأولى، وجريمة الفقرة الثانية، فالركن المادي في كلا الجريمتين واحد، وهو الاستيلاء على المال العام بدون وجه حق.

    لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص- على النحو السالف بيانه – إلى عدم توافر أركان الجريمة المسندة للمطعون ضده الأول، ورأى الحكم أن ما قام به هذا الأخير من نقل الآلات إلى منزل والدته كان بقصد المحافظة عليها خوفا من العبث بها أو ضياعها نتيجة لوجود خلاف بين القائمين على الجمعية، وكان من مقتضى ذلك عدم وجود استيلاء أصلا يمكن أن ينطبق عليه أي وصف جنائي، ومن ثم فلا محل للقول بانطباق الفقرة الثانية من المادة 28 من القانون رقم 2/79، ويكون ما تنعى به النيابة الطاعنة في هذا الخصوص في غير محله. أما بالنسبة لما تنعى به النيابة العامة الحكم فيما انتهى إليه بشأن الجريمة المسندة للمطعون ضده الثاني، فان المستفاد من نص المادة 15 من القانون سالف الذكر أن مناط العقاب بمقتضاها هو ثبوت حصول تقصير من الموظف العام في حفظ وصيانة المال العام المكلف بحفظه او صيانته، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد – على النحو السالف بيانه – أن المطعون ضده الثاني قد انتدب للعمل بجهة عمل أخرى على سبيل التفرغ قبل وقوع الخلاف الذي كان سببا في نقل تلك الآلات من مقرها. لما كان ذلك، وكان من المسلم به أن الجريمة المسندة للمطعون ضده الثاني، لا يتصور قيامها إلا إذا توافرت الجريمة المسندة للمطعون ضده الأول بكامل أركانها وشروطها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم توافر أركان الجريمة الأخيرة، فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون هو أيضا في غير محله، ومتى كان ذلك فإنه يتعين رفض طعن النيابة العامة برمته.

    فلهذه الأسباب

    حكمت المحكمة بقبول طعن النيابة العامة شكلا وفي الموضوع برفضه.