Skip to main content

إشكالية إعلان الطعن بالنقض في القضاء المدني في حالة وفاة المطعون ضده

يتناول هذا المقال إشكالية تواجه النظام القضائي الليبي فيما يتعلق بإعلان الطعن بالنقض في القضايا المدنية في حالة وفاة المطعون ضده قبل إعلانه بالطعن. تثير هذه الإشكالية العديد من التساؤلات حول الكيفية التي يجب أن يتم بها التعامل مع الورثة، خاصة إذا كانوا غير معروفين. نناقش في هذا المقال النصوص القانونية ذات الصلة ونسلط الضوء على التحديات التي تواجه الأطراف المعنية، بالإضافة إلى الدعوة لتعديل بعض مواد قانون المرافعات لتواكب التطورات الحالية.

المشكلة

وردني سؤال من أحد الأصدقاء حول ما إذا كان قد قرر الطعن بالنقض في دعوى مدنية ثم توفي المطعون ضده قبل أن يعلن بالطعن، فهل يجب إعلان الطعن إلى الورثة خلال خمسة عشر يوماً؟ إذا كان الورثة معروفين فلا مشكلة، أما إذا كانوا غير معروفين فإنه يتعين الحصول على فريضة شرعية تحدد الورثة بأسمائهم وصفاتهم وعناوينهم، وهذا أمر يصعب تحقيقه خلال خمسة عشر يوماً في أغلب الأحوال. فيكون الطعن مهدداً بالحكم ببطلانه بسبب النص الخطير والمعيب الذي يوجب أن يتم إعلان الطعن لجميع الورثة خلال المدة المذكورة.

النص القانوني

تنص المادة (344) من قانون المرافعات:

“في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن يجب على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه الطعن إليهم وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه. ويكون هذا الإعلان بورقة من أوراق المحضرين وبالأوضاع العادية.”

التحديات

هذه المدة لا تكفي لطلب الفريضة الشرعية خاصة لو تصورنا أن عدد الخصوم بالعشرات بل بالمئات كما في قضايا شركات النفط، فإن الطعن سيحكم ببطلانه لاستحالة إعلان الورثة جميعهم خلال هذه المدة.

الحلول الممكنة

ورغم عيوب وقصور قانون المرافعات الليبي، فإن هذه المشكلة محلولة بنص المادة (304) التي تنص على:

“يقف ميعاد الطعن بموت المحكوم عليه ولا يزول الوقف إلا بعد إعلان الحكم إلى الورثة وانقضاء المواعيد التي يحددها قانون بلد المتوفى لاتخاذ صفة الوارث. وموت المحكوم له أثناء ميعاد الطعن يجيز لخصمه إعلان الطعن إلى ورثته جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم وذلك في آخر موطن كان لمورثهم…”

مبادئ المحكمة العليا

جاء في مبدأ المحكمة العليا:

“إذا كان الطعن قد اختصم بطعنه من يمتنع عليه قانونا اختصامه لسبق وفاته فإن طعنه يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولا يصححه حضور ورثة المطعون ضده أو قيامهم بأي إجراء يستشف منه تنازلهم عن البطلان لأنه لم يشرع لصالحهم ولا يصححه أيضاً إعلان ورثة المطعون ضده جملة في آخر موطن كان لمورثهم طبقاً لما رخصت به المادة 304 مرافعات، لأن هذه الرخصة مقصورة على حالة واحدة وهي حالة ما إذا كانت وفاة المحكوم له وقعت أثناء ميعاد الطعن.”

كما جاء في مبدأ آخر:

“من المقرر أنه يجب على الطاعن أن يراقب ما يطرأ على خصمه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل رفع الطعن حتى يتم اختصام من يصح اختصامه قانوناً.”

الختام والدعوة للتعديل

أرجو أن أكون قد أوضحت للسائل، وفي نفس الوقت أهيب بالسادة أعضاء مجلس النواب وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء الذين يمكن أن يطلعوا على هذا المنشور أن ينادوا بضرورة تعديل بعض مواد قانون المرافعات التي لم تعد توافق تطور العصر وظروف الحياة، وليس القانون بكامله رغم وجود ثلاثة مشروعات لقانون المرافعات لم تجد اهتماماً لإصدارها.

بقلم: المستشار جمعة عبدالله بوزيد
بتاريخ: 15 اكتوبر 2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *