قانون التأمين الصحي المعطل
في هذا المقال، نلقي الضوء على قانون التأمين الصحي في ليبيا والذي صدر عام 2010. رغم أهمية هذا القانون في تقديم رعاية صحية شاملة للمواطنين وتقليل العبء المالي عنهم، إلا أن تطبيقه يواجه العديد من التحديات. نستعرض في هذا المقال أهمية التأمين الصحي، وتأثير تعطل تنفيذ هذا القانون على المواطنين، والآراء المختلفة حول أسباب تأخر تطبيقه، بالإضافة إلى دعوة لاتخاذ خطوات فعلية لتفعيله وتحقيق الفائدة المرجوة منه.
المحتويات
أهمية نظام التأمين الصحي في العالم
في أغلب دول العالم، لا يشكل العلاج مشكلة للمواطن ولا للطبيب؛ الطبيب يقتضي حقه بالكامل، فلا يتعطل الإبداع والتحديث والتطوير بسبب قلة الإنفاق، والمواطن يأخذ حقه في العلاج والدواء مهما كلف ومهما كان دخله قليلاً، اعتماداً على نظام قانوني يسمى “التأمين الصحي”. يساهم المواطن بجزء بسيط من دخله في صورة اقتطاع مالي يشبه الضريبة، وتساهم الدولة بالجزء الأكبر، ويخضع هذا النظام للمراقبة بحيث لا يُساء استعماله.
صدور قانون التأمين الصحي في ليبيا
في سنة 2010، صدر القانون رقم 20 لسنة 2010 بشأن نظام التأمين الصحي، ويعتبر هذا القانون خطوة متقدمة نحو الإصلاح لأن المشاكل الصحية التي يعاني منها المواطن لا تعد ولا تحصى. أصبح العلاج مكلفاً، خاصة في العمليات الجراحية وطب الأسنان والأدوية غالية الثمن، خاصة إذا شملت علاجات الأورام أو الأمراض المزمنة. إن دول العالم المتقدمة يخضع جميع المواطنين فيها لنظام التأمين الصحي، الذي يؤدي في النهاية إلى مجانية العلاج والدواء أو تخفيض ثمنه بشكل كبير يُمكن المواطن العادي من تحمله. حتى الكثير من دول العالم الثالث تطبق نظام التأمين الصحي مثل تونس والمغرب والجزائر.
عدم تفعيل القانون
ورغم مرور أكثر من ثلاثة عشر سنة على صدوره، فإن هذا القانون لم يُطبق بسبب إحالة الكثير من مسائله إلى لائحة تنفيذية تصدر بقرار من مجلس الوزراء، وهي لم تصدر حتى الآن. قامت حكومة الدبيبة بإصدار لائحة هزيلة ولم تفعل. أجريت ندوة عقدت بفندق المهاري يوم 3/12/2013 لمناقشة كيفية تطبيقه، وبعد ذلك لا حياة لمن تنادي. قال بعض المتابعين إنه يكلف الخزانة العامة مائتي مليون دينار غير متوفرة الآن. وقال آخر إن بعض المتشددين دينياً اعترضوا لمخالفته الشريعة الإسلامية، وهذا اللائحة لا علاقة للمتشددين بها. ولو مرض أحدهم أو مرض أحد أقاربهم نجدهم أول المستفيدين منها.
رأي الكاتب
أما رأيي الشخصي، فإن تعطيل تطبيق هذا القانون ما هو إلا تقصير شديد في حق المواطن. أتمنى من أعضاء مجلس النواب أن يطالبوا بإصدار اللائحة التنفيذية وتطبيقها على الواقع، وتخصيص ميزانية لها، والاستعانة بخبراء من الدول المتقدمة في تطبيقها. أو أن يقوم بعض المواطنين باتخاذ إجراءات قضائية، لأنه لا يُعقل أن ينص في القانون على تطبيقه من تاريخ نشره وقد نشر سنة 2010 ويظل على الأرفف ولم يُطبق أو يُلغ حتى الآن والناس في أمس الحاجة لمثل هذا القانون. لقد صدرت أكثر من لائحة إلا أنها لم تُفعل، ولم تُخصص لها ميزانية، ولم تُنظم بطريقة فاعلة. وما زال المواطن يعاني وينفق كل مدخراته ويبيع كل ما يملك للذهاب للعلاج في تونس أو مصر أو الأردن. أما إذا أصيب بمرض الأورام، فأن الكارثة تكون خيالية. أتذكر زميلاً لنا أصيب بمرض يحتاج إلى علاج قدره ألفا دينار في الأسبوع ومرتبه ثلاثة آلاف دينار. المستشفيات الحكومية لا توفر هذه الأدوية بالقدر الكافي وكثيراً من الأدوية يتم الحصول عليها بالواسطة أو بالتسول. هذا يحدث في دولة نفطية ذات ميزانيات كبيرة.
بقلم: المستشار جمعة عبدالله بوزيد
بتاريخ: 25 مارس 2024
اترك تعليقاً