Skip to main content

تعليق على القانون رقم 2 لسنة 2024 الذي ألغى القانون رقم 1 لسنة 2022

يستعرض هذا المقال تفاصيل وتعليقات حول القانون رقم (2) لسنة 2024، الذي ألغى القانون رقم (1) لسنة 2022 بشأن الضمان الاجتماعي. يناقش المقال نصوص القوانين المعدلة والتبعات القانونية والاقتصادية لهذه التعديلات، بالإضافة إلى موقف صندوق الضمان الاجتماعي والاعتراضات المقدمة من مجلس إدارته. كما يتناول الإشكاليات الإجرائية والتشريعية المتعلقة بإصدار القوانين التي ترتب التزامات مالية كبيرة، ويقدم تحليلاً قانونيًا للآثار المترتبة على تطبيق هذه التعديلات، وخلاصة حول الوضع الحالي والقانوني للمتضررين من هذه التعديلات.

نص المادة 16 مكرر من قانون الضمان الاجتماعي

نصت المادة 16 مكرر من قانون الضمان الاجتماعي على أنه:

“يجوز لأصحاب المعاشات المستحقة وفقا لقانون التقاعد أو قانون التأمين الاجتماعي أو قانون الضمان الاجتماعي أو قانون تقاعد العسكريين أن يجمعوا بين معاشاتهم وبين أي دخل آخر من عمل إنتاجي أو مهني أو حرفي يزاولونه لحساب أنفسهم. كما يجوز لأي من العاملين الخاضعين لأحكام قانون الخدمة المدنية متى بلغت مدة عمله أو خدمته المحسوبة عشرين سنة، أن يطلب إنهاء عمله أو خدمته وإن لم يكن قد بلغ سن الشيخوخة المبينة في المادة (13) من قانون الضمان الاجتماعي ويتقاضى في هذه الحالة معاشا ضمانيا يسوى طبقا لأحكام المادة (14) من ذلك القانون. ويجوز لمن ذكروا في الفقرتين السابقتين أن يختاروا استمرار الاشتراك في الضمان الاجتماعي عن مدة عملهم الإنتاجي أو المهني أو الحرفي على أن تعاد تسوية المعاش لهم بعد بلوغهم سن الشيخوخة”.

تعديل القانون بموجب القانون رقم 1 لسنة 2022

تم تعديل النص بموجب القانون رقم 1 لسنة 2022 إلى الصيغة التالية:

“يجوز لأصحاب المعاشات المستحقة وفقا لقانون التقاعد أو قانون التأمين الاجتماعي أو قانون الضمان الاجتماعي أو قانون تقاعد العسكريين أن يجمعوا بين معاشاتهم وأي دخل آخر من عمل إنتاجي أو مهني أو حرفي يزاولونه لحساب أنفسهم. كما يجوز للعاملين الخاضعين لأحكام قانون الخدمة المدنية ولقانون علاقات العمل والعاملين بالشركات العامة والشركات الخاصة التي تساهم فيها الدولة أو الشركات النفطية والمصارف متى بلغت مدة خدمتهم أو عملهم عشرين سنة أن يطلب إنهاء عمله أو خدمته وإن لم يكن قد بلغ من الشيخوخة المبينة في المادة 13 من قانون الضمان الاجتماعي ويتقاضى في هذه الحالة معاشا ضمانيا يسوى طبقا لأحكام المادة 14 من ذات القانون ويجوز لمن ذكروا في الفقرتين السابقتين أن يختاروا استمرار الاشتراك في الضمان الاجتماعي من مدة عملهم الإنتاجي أو المهني أو الحرفي على أن تعاد تسوية المعاشات لهم بعد بلوغهم سن الشيخوخة”.

نتائج التعديل وموقف صندوق الضمان الاجتماعي

ترتب على هذا التعديل أنه يجوز للعاملين بالشركات العامة، والخاصة التي تساهم فيها الدولة، أو الشركات النفطية والمصارف ولو لم تساهم فيها الدولة التقاعد المبكر إذا بلغت مدة خدمتهم عشرين عاما.

اعترض مجلس إدارة صندوق الضمان الاجتماعي بقوة على هذا التعديل بموجب كتاب السيد رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لصندوق الضمان الاجتماعي المؤرخ في 2023/12/27 بالإشارة رقم ص ض -34-748 الموجه إلى مجلس النواب، ومن رابطة الموظفين بموجب البيان المشترك بين الرابطة وصندوق الضمان الاجتماعي الصادر في طرابلس 16 يناير 2022. دعا فيه صندوق الضمان الاجتماعي والنقابة العامة إلى:

“إن هذا التعديل من شأنه أن يؤدي إلى إفلاس الصندوق وعجزه عن دفع معاشات نصف مليون أسرة ليبية نظرًا لأنه يستفيد منه العاملون بالشركات المتعثرة وعددهم كبير جدا ومرتباتهم عالية مبالغ فيها. وإذا كان الصندوق إلى الآن عاجزا عن تسوية أوضاع المتقاعدين من الموظفين وفقا للقانون رقم 5 لسنة 2013، فإن تنفيذ هذا القانون سيؤدي إلى إفلاس الصندوق، فكيف إذا أضيف له العاملون بالشركات المتعثرة”.

رد مجلس النواب وإصدار القانون رقم 2 لسنة 2024

اضطر مجلس النواب إلى إعادة النظر في القانون حيث خلص في اجتماعه العادي رقم 1 لسنة 2024 المستأنف انعقاده يوم الاثنين 10/رجب/1445 هـ الموافق 2024/01/22 إلى صدور القانون رقم 2 لسنة 2024، والذي نص على:

“المادة 1: يلغى القانون رقم 1 لسنة 2022 م بشأن إضافة أحكام للقانون رقم 13 لسنة 1980 م بشأن الضمان الاجتماعي كما تلغى كافة الآثار المترتبة على صدوره. المادة 2: يعمل بأحكام هذا القانون من تاريخ صدوره ويلغى كل حكم يخالفه وينشر في الجريدة الرسمية”.

ملاحظات على الإجراءات التشريعية

لا شك أن هناك خطأ إجرائي نأمل أن يراعيه المجلس الموقر عند إصداره أي قانون أو تعديل يرتب التزامات مالية، وهو لسلامة الإجراء أن يؤخذ رأي الجهة أو الجهات المختصة والتي لها علاقة بالقانون كالضمان الاجتماعي في مثل هذا القانون. ورأيها لن يكون ملزما ولكنه ينور المجلس بفوائد ومضار التعديل، إضافة إلى أن يدرس من لجنة من الخبراء لدراسة الآثار المستقبلية التي ستترتب على صدور القانون أو التعديل السلبية أو الإيجابية، كذلك دقة الصياغة وصقلها وسبكها بحيث لا تترك ثغرات يتسرب من خلالها مشاكل في التطبيق العملي.

تحليل قانوني

القانون رقم 1 لسنة 2022، والذي استمر سريانه لمدة عامين متكاملين، كان بناء على اقتراح مقدم من بعض السادة النواب. وقد أحيل عدد كبير من العاملين بالشركات العامة والمتعثرة إلى التقاعد المبكر ورتب لهم حقوقا ومراكز قانونية استقرت. إلا أنه وبعد مناقشة مشروع القانون رقم 2 لسنة 2024 بشكل مستفيض من المجلس، تبين أنه قانون صائب أنقذ صندوق الضمان الاجتماعي من الانهيار.

خلاصة

إن المادة (16) من قانون الضمان الاجتماعي في صياغتها الأصلية كانت تهدف إلى حماية الوظيفة العامة من تراكم الدرجات الكبيرة غير ذات الفائدة والتي ترهق الميزانية العامة، وأعطت هذه المكنة بالإضافة إلى أن موظفي الدولة عند صدور القانون لم يكونوا بأعداد كبيرة بالمقارنة مع العاملين بالشركات، بالإضافة إلى أن جداول مرتبات الموظفين خاضعة لتحديد ورقابة الدولة، بينما مرتبات الشركات تقرر من خلال مجالس إداراتها وجمعياتها العمومية والتي كثيرا ما تكون مرتفعة.

لذلك فليس أمام المتضررين إلا اللجوء للقضاء إن شاؤوا، لأنه ليس من اللائق إلغاء هذا القانون الذي وضع الأمور في نصابها. فإذا رفعت قضايا فإنها ستكون محدودة، وتقوم الدولة بالدفاع بالقدر الذي تستطيع، وإن صدرت أحكام نهائية فلا مناص من تنفيذها.

بقلم: المستشار جمعة عبدالله بوزيد
بتاريخ: 25 أبريل 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *