Skip to main content

طعن جنائي رقم 157/ 53ق

نشر في

طعن جنائي رقم 157/ 53ق

خلاصة المبدأ

اشتراك – ماهيته – تحققه – حرية القاضي في اعتبار المتهم شريكا بالاتفاق – شرطه.

الحكم

الوقائع/ وحيث إن الوقائع تخلص في أن النيابة العامة اتهمت الطاعن وآخرين كونهم بتاريخ 17-2001 ف بدائرة مركز شرطة الخمس:

اختلسوا مالا منقولا مملوكا للغير، وذلك بأن اختلسوا ليلا العدد المذكور من الضأن المجتمعة في قطيع، والمملوكة للمجني عليه (…) بطريق التسلل إلى حظيرة أغنامه، حالة كون الرابع شريكا لهم بالمساعدة، وكون السرقة حصلت ليلا وبطريق التسلل لملحقات بناء مسكون، وعلى ثلاثة رؤوس من الضأن، ومن أكثر من ثلاثة أشخاص.

وقدمتهم لغرفة الاتهام لإحالتهم على دائرة الجنايات ومعاقبتهم وفق نصوص المواد /100/ ثانيا 1/444101-1/446 بندي 3، 1 و 2/446 بندي 2/447-6-5 من قانون العقوبات، والغرفة قررت ذلك.

ودائرة الجنايات بمحكمة استئناف مصراتة قضت في الدعوى غيابيا بمعاقبة كل منهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وغرامة خمسين ديناراً، وجرى القبض على المتهم (الطاعن) فأعيدت محاكمته وقضت دائرة الجنايات المذكورة حضوريا بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وغرامة خمسين ديناراً عما نسب إليه وبلا مصاريف جنائية.

وهذا هو الحكم المطعون فيه

الإجراءات

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 19-5-2005 ف وبذات التاريخ قرر المحكوم عليه الطعن على الحكم بطريق النقض من داخل السجن وعلى النموذج المعد لذلك أمام ضابط السجن. وبتاريخ 21-6-2005 م، أودع المحامي (…) مذكرة بالأسباب التي بني عليها الطعن موقعة منه لدى قلم كتاب المحكمة مصدرة الحكم بموجب تأشيرة واضحة الدلالة موقعة منه من الكاتب المختص وبختم الجهة المودع لديها.

قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن

شكلا، وفي الموضوع برفضه حددت جلسة 30-5-2006 م لنظر الطعن، وتلا المستشار المقرر تقرير تلخيص عن الدعوى، وتمسكت نيابة النقض بما أبدته من راي ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضرها، ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم.

الأسباب

من حيث إن الطعن استوفى شروطه فهو مقبول شكلا ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والاخلال بحق الدفاع، وذلك بمقولة إن الحكم المطعون فيه اعتبر الطاعن فاعلا أصليا في الجريمة، وهو لا يصلح أن يكون حتى شريكا فيها لعدم توافر أية صورة من صور الاشتراك في حقه، حيث تواجد وبقي بالسيارة ولم ينزل منها، ولم يكن على علم بعزم البقية على سرقة الأغنام، ومن ثم لم تتحد إرادته مع البقية في ارتكاب الجريمة، مما يصم الحكم بالقصور في التسبيب، والخطأ في تطبيق القانون، كما أن الحكم المطعون فيه جاء بأسبابه (ص 5 مسطر 16 ) ما يؤكد أنه ليس فاعلا أصليا في الجريمة، ولم يحدد له وضعا، ولا تعد مسألة تعرف المجني عليه ذات أهمية ولا وجوده مع الجناة مما ينفي عنه الجريمة، ورد الحكم لم يصادف صحيح القانون، ويكتنفه الغموض، الأمر الذي يعيب الحكم الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، كذلك فإن الحكم المطعون فيه جاء مشويا بعيب الإخلال بحق الدفاع، إذ لم يتول الرد على ما دفع به دفاع الطاعن من دفوع جوهرية تعلقت ببطلان حبسه والقبض عليه مشيرا إلى القضية رقم 2001/4 ف سوق الخميس الموقوف على ذمتها، لما اعترى التحقيقات من كشط في التواريخ ومجيء التأشيرة بعد الميعاد المقرر الحبس، وما ترتب عليها من إجراءات باطلة، وانتهى إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه مع الإعادة.

ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض الوقائع أورد بصدد عقيدة المحكمة القول: ((.. وأن التهمة المسندة للمتهمين بقرار الاتهام وأمر الإحالة ثابتة في حق المتهم المائل ثيوتا قاطعا ويقينيا، وذلك أخذا من اعترافه بمحضر جمع الأدلة بأنه كان مع باقي المتهمين حين قيامهم بالسرقة، وأنه بقي بجانب السيارة عندما ذهب المتهم الأول والثالث لسرقة أغنام المجني عليه، وكذلك اعتراف المتهمين الأول والثالث بأنه كان معهم في نفس المحضر، وكذلك بتعرف المجني عليه على اثنين من خرافه التي ضبطت مع المتهمين)).

كما أن الحكم المطعون فيه تناول ما دفع به دفاع الطاعن وتولى الرد عليه حيث جاء بأسبابه.. وما ذكره دفاع المتهم في مذكرة دفاعه المرفقة بالأوراق من عدم قيام الواقعة في حق موكله لأنه كان موقوفا على ذمة قضية أخرى عند الساعة 7:15 بتاريخ 17-2001 ف، وأن شكوى المجني عليه كانت بذات التاريخ، ولكن عند الساعة 10:30، وهذا قول غير سديد، حيث إن المجني عليه قد ذكر في أقواله بأنه تأخر عن البلاغ، لأنه قام بالبحث عن أغنامه المسروقة بالسوق، ثم حضر إلى المركز للبلاغ عن ذلك، وأما ما دفع به من بطلان الإجراءات من قبض وحبس احتياطي فإن ذلك غير وارد بهذه الأوراق.

حيث إن المتهم لم يتم إيقافه على ذمة هذه القضية، وكذلك لم يتم حبسه احتياطيا على ذمتها، وأما القصد الجنائي وهو الركن المعنوي في هذه الجريمة، فإنه متوافر في حق المتهم من قيامه رفقة المتهمين الآخرين بالسرقة قبل المرور على حظيرة المجني عليه، وأخذ ثلاثة رؤوس من أغنامه والذهاب بها إلى سوق تاجوراء وبيعها، وإن كان دور المتهم الماثل قد اقتصر على بقائه بجانب المركبة التي بها الأغنام المسروقة، ولا يهم معرفة المجني عليه من قبل المتهم، فالسارق يعتدي على الذي يعرفه والذي لا يعرفه، لكل ذلك فإن المحكمة تلتفت عما ورد في مذكرة الدفاع المرفقة).

وحيث إن الحكم المطعون فيه – وعلى نحو ما سلف – قد أسس قضاءه حين دان الطاعن على ما نسب إليه على اعترافه استدلالا وما جاء بأقواله أنه كان رفقة باقي المتهمين عند قيامهم بالسرقة، وأنه كان متواجدا على مسرح الجريمة، حيث بقي بجانب السيارة عندما ذهب المتهم الأول والمتهم الثالث لسرقة أغنام المجني عليه، وكذلك من اعتراف المتهمين الأول والثالث بأن الطاعن كان معهما، ثم تولى الحكم الرد على ما دفع به دفاع الطاعن بأن موكله كان موقوفا على ذمة قضية أخرى، وأن شكوى المجني عليه كانت بذات التاريخ بأنه قول غير سديد ذلك أن المجني عليه ذكر أنه تأخر عن البلاغ، لأنه قام بالبحث عن أغنامه بالسوق ثم حضر إلى المركز للبلاغ عن ذلك، كما رد الحكم المطعون فيه على ما دفع به دفاع الطاعن من بطلان الإجراءات من قبض وحبس احتياطي بأن الطاعن لم يكن موقوفا على ذمة هذه القضية، ولم يتم حبسه احتياطيا، الأمر الذي يكون معه هذا الدفع غير ذي موضوع، كما أورد الحكم المطعون فيه ما يفيد توافر القصد الجنائي بحق الطاعن من قيامه رفقة المتهمين الآخرين بالسرقة قبل المرور على حظيرة المجني عليه، إذ أورد عند استعراضه للوقائع القول إن المتهم الطاعن ” أنكر سرقة أغنام المجني عليه واعترف بسرقة أغنام أخرى، وذكر سائق المركبة بأنه نقل أغنام المتهمين من منطقة سوق الخميس، ثم أخذ أغناماً أخرى للمتهمين من منطقة سيلين”.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس، ولا يظهر بعلامات خارجية، الأمر الذي يكون معه من حق القاضي إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف المتهم أو شهادة أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه وكان الحكم المطعون فيه، وعلى النحو الوارد بأسبابه، قد استدل على ثبوت الاتهام قبل الطاعن واشتراكه مع باقي المتهمين من تواجده على مسرح الجريمة، ومن اعترافه بالاشتراك معهم في سرقه أغنام قبل حضورهم لمكان الواقعة، وبما جاء بأقوال باقي المتهمين، واعترافهم بأن الطاعن كان معهم، واشترك في السرقة، وكان لما أورده أصل ثابت بالأوراق، وبما يكون معه الحكم وقد انتهى إلى توافر هذه النية لدى الطاعن ثم دانه عما نسب إليه وأنزل عليه عقوبة الجريمة التي اشترك فيها إعمالا لنص المادة 101 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، وبمنأى عما يصمه به الطاعن من قصور في التسبيب أو خطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي من هذا الوجه قد جاء في غير محله، ويستوجب الرفض. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد ما دفع به دفاع الطاعن من بطلان الإجراءات وما تضمنته من حبس احتياطي، ثم تولى الرد عليه بأن الطاعن لم يكن محبوسا على ذمة القضية موضوع الدعوى، ولم يتم القبض عليه، ولم تتضمن الأوراق ذلك، الأمر الذي يكون معه ما دفع به غير ذى موضوع، ويكون الحكم مبرأ مما يصمه به الطاعن من الإخلال بحق الدفاع، ويكون النعي برمته غير سديد، ويتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.