طعن جنائي رقم 56/ 53ق
- التصنيف: الجنائي
- ذات الصلة: وصف التهمة
- رقم الطعن: 56
- السنة القضائية: 53
- تاريخ الجلسة: 18 أبريل 2006
طعن جنائي رقم 56/ 53ق
خلاصة المبدأ
- تغيير وصف التهمة من سلطة محكمة الموضوع.
- لا يلزم لفت نظر المحكمة للمتهم إلى التغيير في وصف التهمة، إذا كان لا يمس الواقعة المتخذة أساسا للاتهام إلا إذا كان هذا التغيير يؤدى إلى وصف أشد لها – بيان ذلك.
الحكم
الوقائع/ اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر لأنهم بتاريخ 2004/6/15 و بدائرة قسم مكافحة المخدرات والتهريب طرابلس:-
الأول والثاني ” الطاعنان “:-
بوصفهما موظفين عامين ” رئيسي عرفاء بحرس الجمارك ” اختلسا مالا عاما، وذلك بأن اختلسا عدد ثلاثة وثلاثين رزمة من الورق المملوك لمصلحة الجمارك لأجل طباعتها كإقرارات جمركية وبيعها، على النحو الثابت بالأوراق
الثالث وحده:-
عد شريكا بالاتفاق معهما. وطلبت من غرفة الاتهام بمحكمة شمال طرابلس الابتدائية إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 1، 2، 3، 27، 35 من القانون رقم 2 لسنة 1979م بشأن الجرائم الاقتصادية، والغرفة قررت ذلك. والمحكمة قضت في الدعوى حضوريا ببراءة… “غير طاعن” مما نسب إليه ومعاقبة الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة سنة ونصف عما نسب إليهما
وهذا هو الحكم المطعون فيه.
الإجراءات
صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2005/8/4م وبتاريخ 2005/8/8 قرر المحكوم عليهما الطعن عليه بطريق النقض امام ضابط السجن وبتاريخ 2005/10/3 أودع محامي الطاعن الأول (…)، لدى قلم كتاب المحكمة التي اصدرت الحكم مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه، ولا يوجد في الأوراق ما يفيد إيداع الطاعن الثاني مذكرة بأسباب طعنه. وقدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني خلصت فيها إلى قبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا، وحددت جلسة 2006/4/4 م لنظر الطعن وفيها تلا المستشار المقرر تقرير التلخيص ونظرت الدعوى على النحو المثبت بمحضر الجلسة وعدلت النيابة عن رأيها حيث رأت قبول طعن الطاعن الأول شكلا ورفضه موضوعا، وعدم قبول طعن الطاعن الثاني شكلا، ثم حجزت للحكم بجلسة اليوم.
الأسباب
حيث إنه بالنسبة لشكل طعن الطاعن الثاني فإنه، وإن تم التقرير به في الميعاد إلا أنه لم تودع له أسباب كما تطلبه نص المادة 385 من قانون الإجراءات الجنائية، ولما كان التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به واعتباره مرفوعا إليها، وإيداع أسبابه هو شرط لقبوله وهما يكونان معا وحدة اجرائية واحدة لا يغني فيها أحدهما عن الآخر، بحيث تخلف أحدهما لعدم اتخاذه أصلا أو لعدم استيفائه للشروط المقررة قانونا صار الطعن غير مستوف للشكل المقرر له في القانون، الأمر الذي يتعين معه عدم قبول الطعن شكلا.
وحيث إن طعن الطاعن الأول قد استوفى الأوضاع المقررة له في القانون فهو مقبول شكلا، وحيث ينعى هذا الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع.
أولا: ان المحكمة المطعون في قضائها عدلت القيد والوصف للتهمة التي دين عنها الطاعن، إلى الوصف الأشد دون تنبيهه إلى هذا التعديل، حيث دانته وفقا لنص المادة 230 من قانون العقوبات بدلا من المادة 27 من قانون الجرائم الاقتصادية، وهو ما يعد مخالفة من المحكمة لنص المادة 281 اجراءات جنائية.
ثانيا: إن الطاعن دفع أمام المحكمة بانتفاء جريمة الاختلاس، وقدم الأدلة النافية لحصول الواقعة، إلا أنها لم ترد على الدفوع المتعلقة بذلك مما يعد قصورا في تسبيب حكمها.
ثالثا: تمسك الطاعن ودفاعه أمام المحكمة المذكورة بضرورة إيداع نتيجة الجرد لمخازن الجهة التابع لها الطاعن، وهو ما طلبته النيابة في مرحلة التحقيق وهو دفع جوهرى، إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفع، ولكل ذلك فالحكم معيب بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه سرد واقعة الدعوى بقوله ( تعرف المتهمان الثاني والثالث على بعضهما وبصدد قيام الثالث ببيع سيارته للأول، ثم ذهب الثاني إلى الثالث في منزله بمدينة العجيلات، وعرض عليه نموذج استمارة، وطلب منه طبع كمية كبيرة لعلاقته بأحد المطالع فقام الثالث بالحصول على عرض من مطبعة بالظهرة… بطبع الألف نسخة بعشرة دنانير، ثم اصطحب المتهم الثاني والثالث إلى منزل المتهم الأول “الطاعن” الذي قام بتسليمهما الأوراق التي سيتم طبعها 33 رزمة”، وقام الثالث بدوره بتسليمها إلى صاحب المطبعة… الذي أبلغ السائق (…)، بعملية طبع هذه الأوراق التي تتضمن نماذج للإقرارات الجمركية، فقام السائق المذكور بإبلاغ مدير الإدارة العامة للشؤون الفنية بمصلحة الجمارك… فانتقل إلى المطبعة وشاهد النموذج المقرر طبعه والأوراق المسلمة للمطبعة فقام بدوره بإبلاغ رئيس قسم مكافحة المخدرات والتهريب الجمركي بطرابلس، فتم تكليف دورية من أعضاء وحدة التحري للانتقال إلى المطبعة المذكورة حيث قاموا بضبط المتهم الثالث بداخل المطبعة، وتم فتح محضر جمع الاستدلالات بمعرفة النقيب (…)، وسأل المتهم الثالث (…)، عن مصدر حصول كل من المتهمين الثاني والثالث على الورق الخام المطلوب طباعته فأجاب قائلا: لا، وسئل عما إذا قد تسلم مبالغ مالية منهما الغرض طبع الاستمارات فأجاب قائلا نعم لقد تسلمت مبلغا قدره مائة وسبعون دينارا من المدعو (…) وتم اصطحاب المتهم الثالث إلى المطبعة في المساء من قبل أعضاء التحري، وكلف بالاتصال هاتفيا بالمتهم الثاني (…) للحضور إلى مقر المطبعة لتسلم المطبوعات وتسديد قيمتها فاعتذر، فاتصل هاتفيا بالمتهم الأول (…) فحضر وسلمه مبلغ 250 دينارا لدفعها للمطبعة مقابل الطباعة، وحينئذ تم ضبطه وضبط أقواله، وسئل عما إذا كان قد قام بتسليم المتهم الثالث 33 رزمة ورق فأجاب قائلا: نعم هذا صحيح الورق من مقاس 100سم ×70سم بصفتي أنا عضو بقسم القرطاسية وأقوم من حين إلى آخر بنقل مثل هذا النوع من الورق إلى مطبعة الجمارك، ومنذ حوالي أسبوعين قمت بنقل عدد 132 رزمة من هذا الورق إلى مطبعة الجمارك بواسطة سيارة نوع كانتر – حرس جمارك – بقيادة زميلي (…) وقبل وصولي للمطبعة المذكورة قمت بالتوجه أنا والمذكور إلى منزلي وعندها قمت بتنزيل عدد 33 رزمة وباقي الكمية 99 رزمة قمت بتسليمها إلى مطبعة الجمارك لغرض طبع كمية من استمارات الإقرار الجمركي… وسئل عن الكمية التي استولى عليها من الورق،والغرض من ذلك فأجاب قائلا: هو لغرض طباعتها بمعرفتنا بإحدى المطابع وبيعها للاستفادة من تمنها… أنا والمدعو (…) من خطط لهذه الفكرة لاقتسام المبلغ المتحصل عليه بعد عملية البيع بالتساوي وثمن بيعها في حدود خمسة آلاف دينار تقریبا نصيب المدعو (…) مبلغا وقدره 1500 د.ل مقابل هذه الكمية من الورق وأتعابه في إنهاء هذه العملية، وقمت بتسليمه مبلغ 250 دينارا لسداد قيمة ما تم طبعه من إقرارات جمركية….. و جاء في اقوال المتهم الأول… بمحضر تحقيق النيابة العامة اتفقت بحكم عملي والمتهم الثاني على احضار الورق وذلك بالاستيلاء عليه من مصلحة الجمارك وتسليمه للمتهم الثالث من أجل طباعته، وأن أقوم أنا والمتهم الثاني بدفع ثمن طباعته، وهذا ما تم فعلا إلى أن تم ضبطنا).
ثم انتقل الحكم إلى التدليل على إدانة الطاعنين وتعديل القيد والوصف في حقهما فأورد قوله:…… أما وقد ثبت باعتراف المتهم الأول “الطاعن” استدلالا وتحقيقا، وعلى النحو السالف بيان مضمون دليله في سياق الوقائع المتقدمة البيان قيامه هو والمتهم الثاني باحتجاز كمية من الورق المسلم إليهما لنقله إلى مطبعة مصلحة الجمارك، وذلك أثناء قيامهما بنقل هذا الورق، فقاما بنقله إلى منزل الأول حيث كان تسلمهما لهذا الورق بحكم وظيفتهما تسلما مؤقتا وعرضيا لغرض النقل فقط، وتحقق لدى كل منهما صفة الموظف العام، حيث أنيطت بهما مهمة عامة في خدمة هيئة عامة هي مصلحة الجمارك، وقاما بتغيير نيتهما من حيازة هذا المال المنقول المملوك لإدارة عامة من حيازة مؤقتة.. إلى حيازة ناقلة ملكيتهما بعدم تسليمه إلى مطبعة الجمارك، وإنما تم نقله إلى منزل المتهم الأول ثم إلى مطبعة خاصة، وقد اتجهت إرادتهما إلى هذا الفعل وذلك بغير وجه حق إضرارا بتلك الهيئة أو الإدارة.. المتمثل في انتقاص انتفاعها بما لها… فإن جريمة الاختلاس قائمة الأركان في حق كل من المتهمين الأول والثاني، ولما كانت مادة الاتهام الواردة بقرار الاتهام قد جاءت طبقا لقانون الجرائم الاقتصادية الذي يستوجب تحديد القيمة النقدية هذا المال، ولم تقم النيابة العامة بتقديم ما يفيد تحديدها، ولم
يرفق بالأوراق محاضر الجرد التي تبين هذه القيمة المالية فانه يستوجب تعديل قيد التهمة طبقا للمادة 281 من قانون الإجراءات الجنائية بالمادة 230 عقوبات لعدم ورود التقدير حيث تتضمن هذه المادة العقوبة على نفس فعل الاختلاس الواقع من الموظف العام دون حاجة إلى تنبيه دفاع المتهم إلى هذا التعديل باعتباره ينطبق على نفس الوقائع محل التحقيق الذي أجرته النيابة العامة، ويتضمن عقوبة أخف بعدم اشتماله على الغرامة المقررة في المادة 35 من قانون الجرائم الاقتصادية ))..
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بلفت نظر المتهم إلى التغيير في الوصف القانوني الذي تجريه على واقعة الدعوى ما دام هذا التغيير لا يمس الواقعة المتخذة أساسا للاتهام إلا إذا كان هذا التغيير إلى وصف أشد في القانون، وكان الذي يبين مما ساقه الحكم المطعون فيه – كما سلف ذكره – أن كل ما فعلته المحكمة المطعون في قضائها أنها طبقت على ذات الواقعة المسندة إلى الطاعن وهي اختلاس أموال عامة – وفقا لقرار الإحالة نص المادة 230 من قانون العقوبات المعاقب عليها بالسجن مطلقا بدلا من النص الخاص الوارد في المادة 27 من قانون الجرائم الاقتصادية الذي حدد للواقعة عقوبة أشد و هي السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات، دون أن يمس حكمها وقائع الدعوى التي تم على أساسها هذا الاختيار للنص القانوني، فإن هذا المسلك من الحكم المطعون فيه – وبغض النظر عن مخالفته لأحكام المواد 12، 1/76 و 231 مكرر عقوبات لئلا يضار الطاعن بطعنه – يعد تغييرا إلى وصف قانوني أخف عقوبة، لا تلتزم معه المحكمة بلفت نظر الطاعن إليه، فضلا عن أن ما اتبعته المحكمة هو في صالح الطاعن، ومن ثم فلا مصلحة له في النعى به، وهو ما يضحى معه هذا النعي في غير محله.
لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين ماهية الدفوع الجوهرية التي أثارها دفاعه أمام المحكمة المطعون في حكمها، ولم ترد عليها حتى يبين ما إذا كانت كذلك فتكون المحكمة ملزمة بالرد عليها أم هي عبارة عن دفاع موضوعي يكفي في شأنه الرد الضمني المستفاد من أدلة الإثبات التي عول عليها الحكم، وليس من مهمة هذه المحكمة أن تستعرض دفاع الطاعن لدى المحكمة المذكورة وتستخلص منه ما بعد دفاعا جوهريا من عدمه إذ إن ذلك من شأن الطاعن وحده الذي عليه أن يورد أوجه نعيه مفصلة وواضحة دون شائبة من غموض او ابهام حتى يتسنى لهذه المحكمة مناقشتها وبيان صحتها من فسادها، الأمر الذي يكون معه نعيه بان الحكم لم يرد على دفوعه التي سبق وأن أبداها أمام المحكمة المطعون في حكمها في غير محله كذلك.
لما كان ذلك، وكانت المحكمة المطعون في قضائها قد استندت في إدانتها للطاعن – كما سلف بيانه – على اعترافه بمحضري جمع الاستدلالات والنيابة العامة أنه وبرفقته الطاعن الثاني استوليا على رزم من الورق الذي كان مسلما لهما بحكم وظيفتهما ليستفيدا من ثمنه بعد طبعه كاستمارات للإقرار الجمركي، ورأت المحكمة أن في هذا الدليل ما يكفي لإدانة الطاعن دون الحاجة إلى انتظار ما يسفر عنه الجرد لمخازن الجهة المعتدى على أموالها من قبل موظفيها وهما الطاعنان، وهو ما يتضمن ردا ضمنيا على طلب الطاعن بإرفاق نتيجة الجرد سيما، وأنه لا ينازع في صدور هذا الاعتراف منه بمرحلتي الاستدلال والتحقيق، مما يكون معه لا محل لنعيه على الحكم المطعون فيه بأن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع.
وحيث إنه متى كان ذلك فإن الطعن يكون متعين الرفض موضوعا..
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول طعن الطاعن الثاني شكلا، وقبول طعن الطاعن الأول شكلا، ورفضه موضوعا.